الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتلك
الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله
، ولا تكون لمن أشرك بالله، وحقيقته أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع؛ ليكرمه، وينال المقام المحمود.
ــ
وبهذا يبطل قول من قال: إن العقل في الدماغ، ولا ينكر أن للدماغ تأثيرا في الفهم والعقل، لكن العقل في القلب، ولهذا قال الإمام أحمد:"العقل في القلب، ولا اتصال في الدماغ".
ومن قال كلمة الإخلاص خالصا من قلبه؛ فلا بد أن يطلب هذا المعبود بسلوك الطرق الموصلة إليه؛ فيقوم بأمر الله ويدع نهيه.
قوله: " فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص "؛ لأن من أشرك بالله قال الله فيه: " {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} ".
قوله: " وحقيقته أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص؛ فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ".
وحقيقته، أي: حقيقة أمر الشفاعة، أي الفائدة منها: أن الله عز وجل أراد أن يغفر للمشفوع له، ولكن بواسطة هذه الشفاعة.
والحكمة من هذه الواسطة بينها بقوله: " ليكرمه وينال المقام المحمود "، ولو شاء الله لغفر لهم بلا شفاعة، ولكنه أراد بيان فضل هذا الشافع وإكرامه أمام الناس، ومن المعلوم أن من قبل الله شفاعته؛ فهو عنده بمنزلة عالية؛ فيكون في هذا إكرام للشافع من وجهين:
فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشافعة بإذنه في مواضع، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل الإخلاص والتوحيد، انتهى كلامه.
ــ
الأول: إكرام الشافع بقبول شفاعته.
الثاني: ظهور جاهه وشرفه عند الله تعالى.
قوله: " المقام المحمود " أي: المقام الذي يحمد عليه وأعظم الناس في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الله وعده أن يبعثه مقاما محمودا، ومن المقام المحمود: أن الله يقبل شفاعته بعد أن يتراجع الأنبياء أولو العزم عنها.
ومن يشفع من المؤمنين يوم القيامة؛ فله مقام يحمد عليه على قدر شفاعته.
قوله: " فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك "، هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
"ما" اسم موصول؛ أي: التي كان فيها شرك.
قوله: " وقد أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع "، ومن ذلك قوله:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، وقوله:{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23]، وقوله:{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26] .
قوله: " وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل الإخلاص والتوحيد ".
أما أهل الشرك؛ فإن الشفاعة لا تكون لهم؛ لأن شفعاءهم هي الأصنام، وهي باطلة.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيات. الثانية: صفة الشفاعة المنفية. الثالثة: صفة الشفاعة المثبتة. الرابعة: ذكر الشفاعة الكبرى وهي المقام المحمود. الخامسة: صفة ما يفعله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يبدأ بالشفاعة بل يسجد، فإذا أذن له؛ شفع.
ــ
وجه إدخال باب الشفاعة في كتاب التوحيد: أن الشفاعة الشركية تنافي التوحيد، والبراءة منها هو حقيقة التوحيد.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيات، وهي خمس، وسبق تفسيرها في حالها.
الثانية: صفة الشفاعة المنفية، وهي ما كان فيها شرك، فكل شفاعة فيها شرك؛ فإنها منفية.
الثالثة: صفة الشفاعة المثبتة، وهي شفاعة أهل التوحيد بشرط إذن الله تعالى ورضاه عن الشافع والمشفوع له.
الرابعة: ذكر الشفاعة الكبرى، وهي المقام المحمود، وهي الشفاعة في أهل الموقف أن يقضي بينهم، وقول الشيخ:"وهي المقام المحمود"؛ أي: منه
الخامسة: صفة ما يفعله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يبدأ بالشفاعة بل يسجد، فإذا أذن له؛
السادسة: من أسعد الناس بها؟ السابعة: أنها لا تكون لمن أشرك بالله. الثامنة: بيان حقيقتها.
ــ
شفع، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، وهو ظاهر، وهذا يدل على عظمة الرب وكمال أدب النبي صلى الله عليه وسلم.
السادسة: من أسعد الناس بها؟ هم أهل التوحيد والإخلاص من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه.
ولا إله إلا الله معناها: لا معبود حق إلا الله، وليس المعنى: لا معبود إلا الله؛ لأنه لو كان كذلك؛ لكان الواقع يكذب هذا، إذ إن هناك معبودات من دون الله تعبد وتسمى آلهة، ولكنها باطلة، وحينئذ يتعين أن يكون المراد لا إله حق إلا الله.
ولا إله إلا الله تتضمن نفيا وإثباتا، هذا هو التوحيد؛ لأن الإثبات المجرد تعطيل محض، فلو قلت: لا إله معناه عطلت كل إله، ولو قلت: الله إله ما وحدت؛ لأن مثل هذه الصيغة لا تمنع المشاركة، ولهذا قال الله تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163] لما جاء الإثبات فقط أكده بقوله: واحد.
السابعة: أنها لا تكون لمن أشرك بالله، لقوله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] وغير ذلك مما نفى الله فيه الشفاعة للمشركين، ولقوله صلى الله عليه وسلم:" خالصا من قلبه ".
الثامنة: بيان حقيقتها، وحقيقتها: أن الله تعالى يتفضل على أهل الإخلاص؛ فيغفر لهم بواسطة من أذن له أن يشفع ليكرمه وينال المقام المحمود.