الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله عن إبراهيم؛ قال: (كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن) . (1)
ــ
بكسر العين، ووجه المشابهة بين قطع التميمة وعتق الرقبة: أنه إذا
قطع التميمة من إنسان
؛ فكأنه أعتقه من الشرك، ففكه من النار، ولكن يقطعها بالتي هي أحسن؛ لأن العنف يؤدي إلى المشاحنة والشقاق، إلا إن كان ذا شأن كالأمير، والقاضي، ونحوه ممن له سلطة؛ فله أن يقطعها مباشرة.
قوله: (كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن) ، وقد سبق أن هذا رأي ابن مسعود رضي الله عنه؛ فأصحابه يرون ما يراه.
قوله: (وله عن إبراهيم) ، وهو إبراهيم النخعي.
قوله: (كانوا) ، الضمير يعود إلى أصحاب ابن مسعود؛ لأنهم هم قرناء إبراهيم النخعي.
قوله: (التمائم) ، هي ما يعلق على المريض أو الصحيح، سواء من القرآن أو غيره للاستشفاء أو لاتقاء العين، أو ما يعلق على الحيوانات.
وفي هذا الوقت أصبح تعليق القرآن لا للاستشفاء، بل لمجرد التبرك والزينة؛ كالقلائد الذهبية، أو الحلي التي يكتب عليها لفظ الجلالة، أو آية الكرسي، أو القرآن كاملًا؛ فهذا كله من البدع.
(1) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الطب/ باب في تعليق التمائم والرقى.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الرقى والتمائم. الثانية: تفسير التولة. الثالثة: أن هذه الثلاثة كلها من الشرك من غير استثناء.
ــ
فالقرآن ما نزل ليستشفى به على هذا الوجه، إنما يستشفى به على ما جاء به الشرع.
قوله: الأولى: تفسير الرقى والتمائم، وقد سبق ذلك.
الثانية: تفسير التولة، وقد سبق ذلك، وعندي أن منها ما يسمى بالدبلة إن اعتقدوا أنها صلة بين المرء وزوجته.
الثالثة: أن هذه الثلاثة كلها من الشرك من غير استثناء، ظاهر كلامه حتى الرقى، وهذا فيه نظر؛ لأن الرقى «ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يرقي ويرقى» ، ولكنه لا يسترقي؛ أي: لا يطلب الرقية؛ فإطلاقها بالنسبة للرقى فيه نظر، وقد سبق للمؤلف رحمه الله أن الدليل خص منها ما خلا من الشرك، وبالنسبة للتمائم، فعلى رأي الجمهور فيه نظر أيضًا.
وأما على رأي ابن مسعود؛ فصحيح، وبالنسبة للتولة؛ فهي شرك بدون استثناء.
الرابعة: أن الرقية بالكلام الحق من العين والحمة ليس من ذلك. الخامسة: أن التميمة إذا كانت من القرآن؛ فقد اختلف العلماء؛ هل هي من ذلك أم لا؟ السادسة: أن تعليق الأوتار على الدواب عن العين من ذلك.
ــ
الرابعة: أن الرقية بالكلام الحق من العين أو الحمة ليس من ذلك.
قوله: (الكلام الحق) ، ضده الباطل، وكذا المجهول الذي لا يعلم أنه حق أو باطل.
والمؤلف رحمه الله تعالى خصص العين أو الحمة فقط استنادا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا رقية إلا من عين أو حمة» ، ولكن الصحيح أنه يشمل غيرهما؛ كالسحر.
الخامسة: أن التميمة إذا كانت من القرآن؛ فقد اختلف العلماء: هل هي من ذلك أم لا؟ قوله: (ذلك) المشار إليه: التمائم المحرمة.
وقد سبق بيان هذا الخلاف والأحوط مذهب ابن مسعود؛ لأن الأصل عدم المشروعية حتى يتبين ذلك من السنة.
السادسة: أن تعليق الأوتار على الدواب عن العين من ذلك، أي: من الشرك.
السابعة: الوعيد الشديد على من تعلق وترا. الثامنة: فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان.
ــ
(تنبيه) :
ظهر في الأسواق في الآونة الأخيرة حلقة من النحاس يقولون: إنها تنفع من الروماتيزم، يزعمون أن الإنسان إذا وضعها على عضده وفيه روماتيزم نفعته من هذا الروماتيزم، ولا ندري هل هذا صحيح أم لا؟ لكن الأصل أنه ليس بصحيح؛ لأنه ليس عندنا دليل شرعي ولا حسي يدل على ذلك، وهي لا تؤثر على الجسم؛ فليس فيها مادة دهنية حتى نقول: إن الجسم يشرب هذه المادة وينتفع بها؛ فالأصل أنها ممنوعة حتى يثبت لنا بدليل صحيح صريح واضح أن لها اتصالا مباشرا بهذا الروماتيزم حتى ينتفع بها.
السابعة: الوعيد الشديد على من تعلق وترا، وذلك لبراءة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن تعلق وترًا، بل ظاهره أنه كفر مخرج من الملة، قال تعالى:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3]، لكن قال أهل العلم: إن البراءة هنا براءة من هذا الفعل؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: «من غشنا؛ فليس منا» . الثامنة: فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان، لقول سعيد بن جبير:(كان كعدل رقبة) ، ولكن هل قوله حجة أو لا؟
إن قيل: ليس بحجة؛ فكيف يقول المؤلف: فضل ثواب من قطع تميمة
التاسعة: أن كلام إبراهيم لا يخالف ما تقدم من الاختلاف؛ لأن مراده أصحاب عبد الله بن مسعود.
ــ
من إنسان؟ !
فيقال: إنه إنما كان كذلك؛ لأنه إنقاذ له من رق الشرك؛ فهو كمن أعتقه، بل أبلغ.
فهو من باب القياس، فمن أنقذ نفسًا من الشرك؛ فهو كمن أنقذها من الرق لأنه أنقذه من رق الشيطان والهوى.
فائدة:
إذا قال التابعي: من السنة كذا؛ فهل يعتبر موقوفًا متصلًا ويكون المراد من السنة أي سنة الصحابة، أو يكون مرفوعًا مرسلًا.
وتقدم لنا أنه ينبغي أن يفصل في هذا، وإن التابعي إذا قاله محتجًّا به؛ فإنه يكون مرفوعًا مرسلًا، أما إذا قاله في سياق غير الاحتجاج؛ فهذا قد يقال: إنه من باب الموقوف الذي ينسب إلى الصحابي.
التاسعة: أن كلام إبراهيم النخعي لا يخالف ما تقدم من الاختلاف؛ لأن مراده أصحاب عبد الله بن مسعود، وليس مراده الصحابة، ولا التابعين عمومًا.