الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولمسلم عن جابر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من لقي الله لا يشرك به شيئا
دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار» .
ــ
نفسي على شيء كما جاهدتها على الإخلاص) .
فالشرك أمره صعب جدا ليس بالهين، ولكن ييسر الله الإخلاص على العبد، وذلك بأن يجعله الله نصب عينيه، فيقصد بعمله وجه الله لا يقصد مدح الناس أو ذمهم أو ثناءهم عليه؛ فالناس لا ينفعونه أبدًا، حتى لو خرجوا معه لتشييع جنازته لم ينفعه إلا عمله، قال صلى الله عليه وسلم:«يخرج مع الميت أهله وماله وعمله؛ فيرجع اثنان: أهله وماله، ويبقى عمله» .
وكذلك أيضًا من المهم أن الإنسان لا يفرحه أن يقبل الناس قوله؛ لأنه قوله، لكن يفرحه أن يقبل الناس قوله إذا رأى أنه الحق لأنه الحق، لا أنه قوله، وكذا لا يحزنه أن يرفض الناس قوله لأنه قوله؛ لأنه حينئذ يكون قد دعا لنفسه، لكن يحزنه أن يرفضوه لأنه الحق، وبهذا يتحقق الإخلاص.
فالإخلاص صعب جدا، إلا أن الإنسان إذا كان متجهًا إلى الله اتجاهًا صادقًا سليمًا على صراط مستقيم؛ فإن الله يعينه عليه، وييسره له.
قوله: (من) . شرطية تفيد العموم، وفعل الشرط:(لقي)، وجوابه قوله:(دخل الجنة) ، وهذا الدخول لا ينافي أن يعذب بقدر ذنوبه إن كانت عليه
ذنوب؛ لدلالة نصوص الوعيد على ذلك، وهذا إذا لم يغفر الله له؛ لأنه داخل تحت المشيئة.
قوله: (لا يشرك) . في محل نصب على الحال من فاعل (لقي) .
قوله: (شيئا) . نكره في سياق الشرط؛ فيعم أي شرك حتى ولو أشرك مع الله أشرف الخلق، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم دخل النار؛ فكيف بمن يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من الله، فيلجأ إليه عند الشدائد، ولا يلجأ إلى الله، بل ربما يلجأ إلى ما دون الرسول صلى الله عليه وسلم؟! وهناك من لا يبالي بالحلف بالله صادقا أم كاذبا، ولكن لا يحلف بقوميته إلا صادقا، ولهذا اختلف فيمن لا يبالي بالحلف بالله، ولكنه لا يحلف بملته أو بما يعظمه إلا صادقا، فلزمته يمين؛ هل يحلف بالله أو يحلف بهذا؟
فقيل: يحلف بالله ولو كذب، ولا يعان على الشرك، وهو الصحيح.
وقيل: يحلف بغير الله؛ لأن المقصود الوصول إلى بيان الحقيقة، وهو إذا كان كاذبًا لا يمكن أن يحلف، لكن نقول: إن كان صادقًا حلف ووقع في الشرك.
مسألة: هل يلزم من دخول النار الخلود لمن أشرك؟
هذا بحسب الشرك، إن كان الشرك أصغر كما دلت على ذلك النصوص؛ فإنه لا يلزم من ذلك الخلود في النار، وإن كان أكبر؛ فإنه يلزم منه الخلود في النار.
لكن لو حملنا الحديث على الشرك الأكبر في الموضعين في قوله: «من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة» ، وفي قوله:«ومن لقي الله يشرك به شيئًا»
فيه مسائل: الأولى: الخوف من الشرك. الثانية: أن الرياء من الشرك. الثالثة: أنه من الشرك الأصغر.
ــ
«دخل النار» ؛ وقلنا: من لقي الله لا يشرك به شركًا أكبر دخل الجنة، وإن عذب قبل الدخول في النار بما يستحق؛ فيكون مآله إلى الجنة، ومن لقيه يشرك به شركًا أكبر دخل النار مخلدًا فيها لم نحتج إلى هذا التفصيل.
فيه مسائل:
الأولى: الخوف من الشرك. لقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} ، ولقوله:{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} .
الثانية: أن الرياء من الشرك؛ لحديث: « (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) . فسئل عنه فقال (الرياء) » ، وقد سبق بيان أحكامه بالنسبة إلى إبطال العبادة.
الثالثة: أنه من الشرك الأصغر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عنه قال: (الرياء) ، فسماه شركًا أصغر، وهل يمكن أن يصل إلى الأكبر؟
ظاهر الحديث لا يمكن؛ لأنه قال: (الشرك الأصغر)، فسئل عنه؛ فقال:(الرياء) .
الرابعة: أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين. الخامسة: قرب الجنة والنار. السادسة: الجمع بين قربهما في حديث واحد. السابعة: أنه من لقيه يشرك به شيئًا؛ دخل النار، ولو كان من أعبد الناس.
ــ
لكن في عبارات ابن القيم رحمه الله أنه إذا ذكر الشرك الأصغر قال: كيسير الرياء؛ فهذا يدل على أن كثيره ليس من الأصغر، لكن إن أراد بالكمية؛ فنعم؛ لأنه لو كان يرائي في كل عمل لكان مشركًا شركًا أكبر لعدم وجود الإخلاص في عمل يعمله، أما إذا أراد الكيفية؛ فظاهر الحديث أنه أصغر مطلقاً.
الرابعة: أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين. وتؤخذ من قوله: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» ، ولأنه قد يدخل في قلب الإنسان من غير شعور لخفائه وتطلع النفس إليه، فإن كثيرًا من النفوس تحب أن تمدح بالتعبد لله.
الخامسة: قرب الجنة والنار. لقوله: «من لقي الله لا يشرك به شيئاً؛ دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئًا؛ دخل النار» .
السادسة: الجمع بين قربهما في حديث واحد. (من لقي الله لا يشرك به شيئًا
…
) الحديث.
السابعة: أن من لقيه يشرك به شيئًا دخل النار، ولو كان من أعبد الناس. تؤخذ من العموم في قوله:(من لقي الله) ؛ لأن (من) للعموم، لكن إن كان شركه أكبر؛ لم يدخل الجنة وإن كان أعبد الناس؛ لقوله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة: 72.] وإن كان أصغر؛ عذب
الثامنة: المسألة العظيمة سؤال الخليل له ولبنيه وقاية عبادة الأصنام. التاسعة: اعتباره بحال الأكثر؛ لقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم: 36] . العاشرة: فيه تفسير (لا إله إلا الله) كما ذكره البخاري. الحادية عشرة: فضيلة من سلم من الشرك.
ــ
بقدر ذنوبه ثم دخل الجنة.
الثامنة: المسألة العظيمة سؤال الخليل له ولبنيه وقاية عبادة الأصنام. تؤخذ من قوله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} .
التاسعة: اعتباره بحال الأكثر؛ لقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} . وفيه إشكال؛ إذ المؤلف يقول: بحال الأكثر، والآية:{كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} وفرق بين كثير وأكثر، ولهذا قال تعالى في بني آدم:{وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70.] ؛ فلم يقل على أكثر الخلق، ولا على الخلق؛ فالآدميون فضلوا على كثير ممن خلق الله، وليسوا أكرم الخلق على الله، ولكنه كرمهم.
العاشرة: فيه تفسير لا إله إلا الله كما ذكره البخاري. الظاهر أنها تؤخذ من جميع الباب؛ لأن لا إله إلا الله فيها نفي وإثبات.
الحادية عشرة: فضيلة من سلم من الشرك. لقوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} ، وقوله:«من لقي الله لا يشرك به شيئًا؛ دخل الجنة» .