الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب من الشرك النذر لغير الله
وقول الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] .
ــ
النذر لغير الله مثل أن يقول: لفلان علي نذر، أو لهذا القبر علي نذر، أو لجبريل علي نذر، يريد بذلك التقرب إليهم، وما أشبه ذلك.
والفرق بينه وبين المعصية: أن النذر لغير الله ليس لله أصلا، ونذر المعصية لله، ولكنه على معصية من معاصيه، مثل أن يقول: لله علي نذر أن أفعل كذا وكذا من معاصي الله؛ فيكون النذر والمنذور معصية، ونظير هذا الحلف بالله على شيء محرم، والحلف بغير الله؛ فالحلف بغير الله مثل: والنبي لأفعلن كذا وكذا، ونظيره النذر لغير الله، والحلف بالله على محرم؛ مثل: والله؛ لأسرقن، ونظيره نذر المعصية، وحكم النذر لغير الله شرك؛ لأنه عبادة للمنذور له، وإذا كان عبادة؛ فقد صرفها لغير الله فيكون مشركا.
وهذا النذر لغير الله لا ينعقد إطلاقا، ولا تجب فيه كفارة، بل هو شرك تجب التوبة منه؛ كالحلف بغير الله؛ فلا ينعقد، وليس فيه كفارة.
وأما نذر المعصية؛ فينعقد، لكن لا يجوز الوفاء به، وعليه كفارة يمين؛ كالحلف بالله على المحرم ينعقد، وفيه كفارة.
وقد ذكر المؤلف في هذا الباب آيتين:
الأولى: قوله: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} ، هذه الآية سيقت لمدح الأبرار، {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} [الانسان:5] .
وقوله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270] .
ــ
ومدحهم بهذا يقتضي أن يكون عبادة؛ لأن الإنسان لا يمدح ولا يستحق دخول الجنة إلا بفعل شيء يكون عبادة.
ولو أعقب المؤلف هذه الآية بقوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] ؛ لكان أوضح؛ لأن قوله: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} أمر، والأمر بوفائه يدل على أنه عبادة؛ لأن العبادة ما أمر به شرعا.
وجه استدلال المؤلف بالآية على أن النذر لغير الله من الشرك: أن الله تعالى أثنى عليهم بذلك، وجعله من الأسباب التي بها يدخلون الجنة، ولا يكون سببا يدخلون به الجنة إلا وهو عبادة؛ فيقتضي أن صرفه لغير الله شرك.
الآية الثانية قوله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ} .
(ما) : شرطية، وأنفقتم: فعل الشرط، وجوابه:{فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} .
قوله: {مِنْ نَفَقَةٍ} ، بيان ل (ما) في قوله: ما أنفقتم، والنفقة: بذل المال، وقد يكون في الخير، وقد يكون في غيره.
قوله: {أَوْ نَذَرْتُمْ} ، معطوف على قوله:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ} .
قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} ، تعليق الشيء بعلم الله دليل على أنه محل جزاء؛ إذ لا نعلم فائدة لهذا الإخبار بالعلم إلا لترتب الجزاء عليه، وترتب الجزاء عليه يدل على أنه من العبادة التي يجازى الإنسان عليها، وهذا وجه استدلال المؤلف بهذه الآية.
* * *