الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
131 -
شروط التوبة
س: سائل يقول: لقد ارتكبت كثيرا من المعاصي والمحرمات والآن أشعر بالذنب وأخيرا يقول: دلوني على الطريق الصحيح لأني أبحث عن التوبة وبودي أن أقلع عن هذا إن شاء الله؟ (1)
ج: أيها السائل اعلم أن رحمة الله أوسع وأن إحسانه عظيم وأنه جل وعلا هو الجواد الكريم وهو أرحم الراحمين وهو خير الغافرين سبحانه وتعالى، واعلم أيضا أن الإقدام على المعاصي شر عظيم وفساد كبير وسبب لغضب الله ولكن متى تاب العبد إلى ربه توبة صادقة تاب الله عليه، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم مرات كثيرة عن الرجل يأتي كذا ويأتي كذا من الهنات والمعاصي الكثيرة ومن أنواع الكفر ثم يتوب فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«التوبة تهدم ما كان قبلها والإسلام يهدم ما كان قبله (2) » وفي لفظ آخر: «الإسلام يجب ما كان قبله
(1) من برنامج نور على الدرب، الشريط رقم 59
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهم ما قبله برقم 121 بلفظ: '' أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ''.
والتوبة تجب ما كان قبلها (1) » يعني تمحوها وتقضي عليها، فعليك أن تعلم يقينا أن التوبة الصادقة النصوح يمحو الله بها الخطايا والسيئات حتى الكفر، ولهذا يقول سبحانه:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) فعلق الفلاح في التوبة، وقال سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (3) و {عَسَى} (4) من الله واجبة، المعنى أن التائب التوبة النصوح يغفر له سيئاته ويدخله الله الجنة فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى.
فعليك يا أخي بالتوبة الصادقة، ولزومها والثبات عليها والإخلاص لله في ذلك، وأبشر بأنها تمحو ذنوبك ولو كانت كالجبال.
وشروط التوبة ثلاثة: الندم على الماضي مما فعلت ندما
(1) سبق تخريجه.
(2)
سورة النور الآية 31
(3)
سورة التحريم الآية 8
(4)
سورة التحريم الآية 8
صادقا، والإقلاع من الذنوب، ورفضها وتركها مستقبلا طاعة لله وتعظيما له، والعزم الصادق ألا تعود في تلك الذنوب، هذه أمور لا بد منها، أولا: الندم على الماضي منك والحزن على ما مضى منك، الثاني: الإقلاع والترك لهذه الذنوب دقيقها وجليلها، الثالث: العزم الصادق ألا تعود فيها فإن كان عندك حقوق للناس، أموال أو دماء أو أعراض فأدها إليهم، هذا أمر رابع من تمام التوبة، عليك أن تؤدي الحقوق التي للناس إن كان قصاصا تمكن من القصاص إلا أن يسمحوا بالدية، إن كان مالا ترد إليهم أموالهم، إلا أن يسمحوا، إن كان عرضا كذلك تكلمت في أعراضهم، واغتبتهم تستسمحهم، وإن كان استسماحهم قد يفضي إلى شر فلا مانع من تركه، ولكن تدعو لهم وتستغفر لهم، وتذكرهم بالخير الذي تعلمه منهم في الأماكن التي ذكرتهم فيها بالسوء، ويكون هذا كفارة لهذا، وعليك البدار قبل الموت، قبل أن ينزل بك الأجل، عليك البدار، والمسارعة، ثم الصبر والصدق، يقول الله سبحانه وتعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (1)
(1) سورة آل عمران الآية 135