الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن الواجب اتباعه والسير على منهاجه، وأن الأعمال لا تقبل إلا بالأمرين: الإخلاص لله، والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
8 -
توحيد الربوبية
أنكره شواذ لا عبرة بهم
س: الشيوعيون والملاحدة في عصرنا ينكرون وجود الله، ألا يعتبر هذا إنكارا لتوحيد الربوبية، خلاف ما قاله بعض أهل العلم، بأن أحدا من الكفار لم ينكر توحيد الربوبية؟ (1)
ج: ذكر العلماء أن توحيد الربوبية أمر معترف به عند الأمم، وإنما أنكره شواذ من الناس لا عبرة بهم، منهم المجوس حيث قالوا: إن هناك إلهين: النور والظلمة، وأن النور أعظم من الظلمة، وأنه خلق الخير، وأن الظلمة خالقة الشر، وأما إنكار الآلهة بالكلية فهذا قد قاله مكابرة فرعون، وهكذا الفلاسفة الأقدمون.
والملاحدة معروفون بأنهم يرون الأفلاك آلهة، وأن لها حركتها المعروفة، لكن جمهور المشركين وعامتهم يقرون بالرب،
(1) نشر في (مجلة الدعوة) العدد (1648) بتاريخ 8 ربيع الأول 1419 هـ.
وأن هناك ربا خلق ورزق وهو في العلو، وإنما تقربوا إليه بما فعلوا من الشركيات.
وكفار قريش أنكروا المعاد، وهم يقرون بأن الله ربهم وخالقهم، ولكنهم أشركوا في العبادة وأنكروا المعاد، وقالوا:{مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} (1) ، وأنكروا الجنة والنار، فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم وإلى غيرهم من الجن والإنس بإرشادهم إلى الحق، وإنكار ما هم عليه من الباطل، فاتبعه من أراد الله له السعادة، وكفر به الأكثرون كغيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام، كما قال تعالى:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (2)، وقال تعالى:{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (3) ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
(1) سورة الجاثية الآية 24
(2)
سورة يوسف الآية 103
(3)
سورة سبأ الآية 20
9 -
لا تزهدوا في الحق لقلة السالكين ولا تغتروا بالباطل لكثرة الهالكين (1)
إن التقوى كلمة جامعة تجمع الخير كله وحقيقتها أداء ما أوجب الله، واجتناب ما حرمه الله على وجه الإخلاص له والمحبة والرغبة في ثوابه والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى ووعدهم عليها بتيسير الأمور وتفريج الكروب وتسهيل الرزق وغفران السيئات والفوز بالجنات. قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (2)، وقال تعالى:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (3) .
فيا معشر المسلمين راقبوا الله سبحانه وبادروا إلى التقوى في جميع الحالات، وحاسبوا أنفسكم في جميع أقوالكم وأعمالكم ومعاملاتكم، وتداركوا أنفسكم وتوبوا إلى ربكم، وتفقهوا في دينكم، وبادروا إلى أداء ما أوجب عليكم واجتنبوا ما حرم الله
(1) نشرت في جريدة الندوة، العدد (12033) بتاريخ 8 \ 2 \ 1419 هـ.
(2)
سورة الحج الآية 1
(3)
سورة القلم الآية 34
لتفوزوا بالعز والأمن والهداية والسعادة في الدنيا والآخرة، واحذروا من الانكباب على الدنيا وإيثارها على الآخرة.
قال بعض السلف رحمهم الله: لا تزهد في الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطل لكثره الهالكين.
وأوصي إخواني المسلمين بخمسة أمور:
الأول: الإخلاص لله وحده في جميع القربات القولية والعملية والحذر من الشرك كله دقيقه وجليله، وهذا أوجب الواجبات وأهم الأمور.
الثاني: التفقه في القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والتمسك بهما وسؤال أهل العلم عن كل ما أشكل عليكم في أمر دينكم، والحذر من اتباع الهوى، وعليكم بالتمسك بالحق والدعوة إليه والحذر مما خالفه للفوز بخيري الدنيا والآخرة.
الثالث: إقامة الصلوات الخمس والمحافظة عليها في الجماعة، فإنها من أهم الواجبات وأعظمها بعد الشهادتين، وهي عمود الدين والركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أول شيء يحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة.
الرابع: العناية بالزكاة والحرص على أدائها كما أوجب الله، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة، أما غير المكلف من المسلمين كالصغير والمجنون فالواجب على وليه العناية بإخراج زكاة ماله كلما حال عليه الحول؛ لعموم الأدلة من الكتاب والسنة، والدالة على وجوب الزكاة في مال المسلم مكلفا كان أو غير مكلف.
الخامس: يجب على كل مكلف من المسلمين أن يطيع الله ورسوله في كل ما أمر الله ورسوله، كصيام رمضان وحج البيت مع الاستطاعة وسائر ما أمر الله به ورسوله، وأن يعظم حرمات الله، ويتفكر فيما خلق لأجله وأمر به، ويحاسب نفسه في ذلك دائما، فإن كان قد قام بما أوجب عليه فرح بذلك وحمد الله عليه وسأله الثبات، وأخذ حذره من الكبر والعجب وتزكية النفس، وإن كان قد قصر فيما أوجب الله عليه بادر إلى التوبة الصادقة والندم والاستقامة على أمر الله، والإكثار من الذكر والاستغفار والضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله، والتوبة من سالف الذنوب والتوفيق لصالح
القول والعمل، ومتى وفق العبد لهذا الأمر العظيم فذلك عنوان سعادته ونجاته في الدنيا والآخرة.
فاتقوا الله عباد الله وعظموا أمره ونهيه وبادروا بالتوبة إليه من جميع ذنوبكم، واعتمدوا عليه وحده وتوكلوا عليه فإنه خالق الخلق ورازقهم، ونواصيهم بيده سبحانه، لا يملك أحدهم لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
قدموا - رحمكم الله - حق ربكم وحق رسوله على حق غيره، وطاعة غيره كائنا من كان، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، وأحسنوا الظن بالله وأكثروا من ذكره واستغفاره، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.