الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من باب قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) وهكذا المسجد الحرام فيه حكم هذا، فإنه في الغالب مظنة الزحام وعدم القدرة على دفع المار؛ فلهذا رأى أهل العلم المسامحة في المسجد الحرام؛ لأنه - لا سيما أيام الحج - في الغالب لا يستطاع دفع المار، وهو معفو عنه إن شاء الله، وأما المسجد النبوي فقد يكون فيه زحام وقد لا يكون فيه زحام، وإذا كان فيه زحام شديد فالأمر مثل ما في المسجد الحرام، يعفى عنه لأجل المضرة والعجز وعدم القدرة.
(1) سورة التغابن الآية 16
188 -
حكم مرور الطفل غير المميز بين يدي الصف
س: ما الحكم إذ مر طفل دون الخامسة من عمره أمامنا في الصلاة، وإذا قمنا بمنعه يزيد في المرور، أو يجلس موضع السجود، أو على رأس المصلي خصوصا أقل من ثلاث سنين؟ فماذا يجب عمله مع مثل هذا الطفل أفيدونا مأجورين؟ (1)
(1) نشر في مجلة الدعوة، العدد (1689) في 13\1\ 1420هـ.
ج: الواجب رده؛ لعموم الأدلة الشرعية في ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:«إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1) » متفق عليه. ومعنى فليقاتله: فليدفعه بقوة. والله ولي التوفيق.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه برقم 509، ومسلم في كتاب الصلاة باب منع المار بين يدي المصلي برقم 505.
189 -
الجمع بين حديث:
«يقطع الصلاة الحمار والمرأة (1) » . . .
وبين حديت «أن عائشة كانت تنام أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي (2) »
س: كيف نجمع بين حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا يقطع الصلاة إلا المرأة والكلب الأسود والحمار، وبين حديث «أن عائشة رضي الله عنها كانت تنام أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي حتى إذا أراد أن يوتر غمزها فقامت (3) » ؟
(1) صحيح مسلم الصلاة (510) ، سنن الترمذي الصلاة (338) ، سنن النسائي القبلة (750) ، سنن أبي داود الصلاة (702) ، سنن ابن ماجه الصيد (3210) ، مسند أحمد (5/161) ، سنن الدارمي الصلاة (1414) .
(2)
صحيح البخاري الصلاة (508) ، صحيح مسلم الصلاة (512) ، سنن النسائي الطهارة (168) ، سنن أبي داود الصلاة (714) ، مسند أحمد (6/132) ، موطأ مالك النداء للصلاة (258) ، سنن الدارمي الصلاة (1413) .
(3)
صحيح البخاري الصلاة (508) ، صحيح مسلم الصلاة (512) ، سنن النسائي الطهارة (168) ، سنن أبي داود الصلاة (714) ، مسند أحمد (6/132) ، موطأ مالك النداء للصلاة (258) ، سنن الدارمي الصلاة (1413) .
ج: ليس بين الحديثين تخالف؛ لأن وجودها أمامه وهي في الفراش لا يسمى مرورا، وهكذا انسلالها من الفراش ليس مرورا.
س: ما حكم السترة وهل مرور الكلب والمرأة والحمار يقطع الصلاة؟ وما موقفنا من كلام عائشة رضوان الله عليها عندما قالت: أجعلتمونا كالكلاب والحمير؟
ج: السترة سنة مؤكدة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (1) » رواه أبو داود بإسناد جيد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره إذا سافر تنقل معه العنزة، وكان يصلي إليها عليه الصلاة والسلام، فهي سنة مؤكدة وليست واجبة، لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة.
وأما ما يقطع الصلاة فهو الحمار والكلب الأسود والمرأة البالغة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل، المرأة والحمار
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه برقم 697.
والكلب الأسود (1) » . أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، ورواه مسلم أيضا من حديث أبى هريرة رضي الله عنه بدون ذكر الأسود، والقاعدة أن المطلق يحمل على المقيد، وفي حديث ابن عباس: المرأة الحائض، أي البالغة، والصواب ما دل عليه الحديث أن هذه الثلاث تقطع.
وأما قول عائشة فهو من رأيها واجتهادها، قالت: بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، وذكرت أنها كانت تعترض بين يدي رسول الله وهو يصلى، وهذا ليس بمرور؛ لأن الاعتراض لا يسمى مرورا، وقد خفيت عليها رضي الله عنها السنة في ذلك ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فلو صلى إنسان إلى إنسان قدامه جالس أو مضطجع لم يضره ذلك، وإنما الذي يقطع هو المرور بين يدي المصلي من جانب إلى جانب، إذا كان المار واحدا من الثلاثة المذكورة بين يديه أو بينه وبين السترة. وإذا كانت المرأة صغيرة لم تبلغ أو الكلب ليس بأسود، أو مر شيء آخر كالبعير والشاة ونحوها فهذه كلها لا تقطع، لكن يشرع للمصلى ألا يدع شيئا يمر بين يديه وإن كان لا يقطع الصلاة؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم إلى
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي برقم 510.
شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1) » متفق على صحته.
وكان عليه الصلاة والسلام إذا أرادت البهيمة أن تمر بين يديه تقدم حتى تمر من خلفه، والخلاصة أن على المصلي أن يدفع المار حسب طاقته، ولكن لا يقطع الصلاة إلا هذه الثلاثة المتقدمة وهي المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود.
وحديث ابن عباس في ترك أتانه ترتع بين يدي بعض الصف، ليس بحجة في عدم قطع الصلاة بالحمار؛ لأنها مرت بين يدي بعض الصف والمأموم تبع الإمام لا يقطع صلاته مرور المرأة ولا غيرها، لأنه تابع للإمام فلا يقطع صلاته إلا ما يقطع صلاة الإمام، فلو مرت بين يدي الإمام أو المنفرد قطعت، فالحاصل أن كلام عائشة رضي الله عنها لا يعارض السنة، بل السنة مقدمة على رأي عائشة وعلى غير عائشة، وهذه قاعدة معلومة عند أئمة الأصول ومصطلح الحديث، والله يقول سبحانه:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (2)(3)
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه برقم 509، ومسلم في كتاب الصلاة باب منع المار بين يدي المصلي برقم 505.
(2)
سورة النساء الآية 59
(3)
سورة النساء، الآية 59.