المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع في الأحكام الفقهية - مختصر التحفة الاثني عشرية - جـ ١

[محمود شكري الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المختصر السيد محمود شكري الآلوسي

- ‌الباب الأول في ذكر‌‌ فرق الشيعةوبيان أحوالهم وكيفية حدوثهم وتعداد مكائدهم

- ‌ فرق الشيعة

- ‌(الشيعة المخلصون)

- ‌(الشيعة التفضيلية)

- ‌(الشيعة السبية)

- ‌(الشيعة الغلاة)

- ‌(فرق الشيعة الغلاة)

- ‌‌‌(السبئية)

- ‌(السبئية)

- ‌(المفضلية)

- ‌(السريغية)

- ‌(البزيعية)

- ‌(المغيرية)

- ‌(الجناحية)

- ‌(البيانية)

- ‌(المنصورية)

- ‌(الغمامية)

- ‌(الأموية)

- ‌(التفويضية)

- ‌(الخطابية)

- ‌(المعمرية)

- ‌(الغرابية)

- ‌(الذبابية)

- ‌(الذمية)

- ‌(الاثنينية)

- ‌(الخمسية)

- ‌(النصيرية)

- ‌(الإسحاقية)

- ‌(العلبائية)

- ‌(الرزامية)

- ‌(المقنعية)

- ‌(فرق الشيعة الإمامية)

- ‌(الحسنية)

- ‌(النفسية)

- ‌(الحكمية)

- ‌(السالمية)

- ‌(الشيطانية)

- ‌(الزرارية)

- ‌(البدائية، المفوضة، اليونسية)

- ‌(الباقرية)

- ‌(الحاصرية)

- ‌(الناووسية)

- ‌(العمارية)

- ‌(المباركية)

- ‌(الباطنية)

- ‌(القرامطة)

- ‌(الشمطية)

- ‌(الميمونية)

- ‌(الخلفية)

- ‌(البرقعية)

- ‌(الجنابية)

- ‌(السبعية)

- ‌(المهدوية)

- ‌(الأفطحية)

- ‌(المفضلية)

- ‌(الممطورية)

- ‌(الموسوية)

- ‌(الرجعية)

- ‌(الإسحاقية)

- ‌(الأحمدية)

- ‌(الاثنا عشرية)

- ‌(الجعفرية)

- ‌(الشيخية أو الأحمدية)

- ‌(الرشتية الكشفية)

- ‌(البابية)

- ‌(القرتية)

- ‌مكائد الرافضة

- ‌الأولى

- ‌الثانية

- ‌الثالثة

- ‌الرابعة

- ‌الخامسة

- ‌السادسة

- ‌السابعة

- ‌الثامنة

- ‌التاسعة

- ‌العاشرة

- ‌الحادية عشر

- ‌الثانية عشر

- ‌الباب الثاني في بيان أقسام أخبار الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم وطبقات أسلافهم وما يتبع ذلك في بيان أقسام أخبار الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم وطبقات أسلافهم وما يتبع ذلك

- ‌في ذكر أقسام أخبارهم

- ‌(الأدلة عند الشيعة)

- ‌(في ذكر أحوال رجالهم وطبقاتهم)

- ‌الطبقة الأولى

- ‌الطبقة الثانية

- ‌الطبقة الثالثة

- ‌الطبقة الرابعة

- ‌الطبقة الخامسة

- ‌الطبقة السادسة

- ‌الطبقة السابعة

- ‌(ادعاء كل فرق الشيعة أنهم على مذهب أهل البيت)

- ‌(اختلاف أهل السنة)

- ‌الباب الثالث في الإلهيات

- ‌الباب الرابع في النبوة

- ‌الباب الخامس في الإمامة

- ‌(في إبطال ما استدل به الرافضة على مذهبهم)

- ‌(الآيات القرآنية)

- ‌(الأدلة الحديثية)

- ‌(الدلائل العقلية)

- ‌تتمة لبحث الإمامة

- ‌(كثرة اختلاف الشيعة)

- ‌(اختلاف الإمامية في أئمتهم)

- ‌الباب السادس في بعض عقائد الإمامية المخالفة لعقائد أهل السنة

- ‌العقيدة الأولى

- ‌العقيدة الثانية

- ‌العقيدة الثالثة

- ‌الباب السابع في الأحكام الفقهية

- ‌صفة الوضوء والغسل والتيمم

- ‌(مسائل تتعلق بالصلاة)

- ‌مسائل الصوم والاعتكاف

- ‌مسائل الزكاة

- ‌مسائل الحج

- ‌مسائل الجهاد

- ‌مسائل النكاح والبيع

- ‌مسائل التجارة

- ‌مسائل الرهن والدين

- ‌مسائل الغصب والوديعة

- ‌مسائل العارية

- ‌مسائل اللقيط

- ‌مسائل الإجارة والهبة والصدقة والوقف

- ‌مسائل النكاح

- ‌مسائل المتعة

- ‌مسائل الرضاع والطلاق

- ‌مسائل الإعتاق والأيمان

- ‌مسائل القضاء

- ‌مسائل الدعوى

- ‌مسائل الشهادة والصيد والطعام

- ‌مسائل الفرائض والوصايا

- ‌مسائل الحدود والجنابات

- ‌الباب الثامن مطاعنهم في الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة المكرمين وحضرة الصديقة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌المطاعن الأولى في حق الصديق الأجل

- ‌المطاعن الثانية في حق الفاروق رضي الله عنه

- ‌المطاعن الثالثة في حق ذى النورين وثالث العمرين رضي الله عنه

- ‌المطاعن الرابعة في حق أم المؤمنين وحبيبة حبيب رب العالمين عائشة الصديقة وزوج مفخر العوالم على الحقيقة

- ‌مطاعنهم في الصحابة رضي الله تعالى عنهم على سبيل العموم

- ‌(وقعة الجمل)

- ‌(وقعة صفين)

- ‌الباب التاسع في ذكر ما اختص بهم ولم يوجد في غيرهم من فرق الإسلام

- ‌(في ذكر بعض خرافاتهم)

- ‌(القول بالتقية)

- ‌(الأنبياء وولاية علي)

- ‌(في‌‌ مشابهتهم لليهودوالنصارى)

- ‌ مشابهتهم لليهود

- ‌(مشابهتهم للنصارى)

- ‌(مشابهتهم للصابئين)

- ‌(مشابهتهم للمشركين)

- ‌(مشابهتهم للمجوس)

- ‌(خاتمة)

- ‌خاتمة:

الفصل: ‌الباب السابع في الأحكام الفقهية

الفرق الإسلامية فكلهم مخلدون في النار فمن ههنا علم أن أهل السنة أيضا مخلدون في النار عندهم مه أنهم يحبون الأمير ويعتقدون أن حبه جزء الإيمان فانتقضت قاعدة محبة الأمير طردا وعكسا. ويخالف ذلك أيضا ما رواه ابن بابويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «والذي بعثني لايعذب بالنار موحد أبدا» (1) وروى الطبرسي في (الاحتجاج) عن الحسن بن علي أنه قال: من أخذ بما عليه أهل القبلة الذي ليس فيه اختلاف ورد علم ما اختلف فيه إلى الله سلم ونجا من النار ودخل الجنة. (2) وروى الكليني بإسناده صحيح عن زرارة قال: قالت لأبي عبد الله: أصلحك الله (3) أرأيت من صام وصلى وحج واجتنب المحارم وحسن ورعه ممن لا يعرف ولا ينصب؟ قال: إن الله يدخله الجنة برحمته. (4)

فهذه الأخبار الثلاثة دالة بالصراحة على نجاة أهل السنة. وكذلك تدل على إبطال قول الجمهور من الروافض وقول صاحب التقويم. وكلام ابن نوبخت المنجم الذي كان في الأصل مجوسيا ولم يطلع على قواعد الإسلام بعد أيضا باطل لا أصل له لأن الأعراف ليس دار الخلد بل أهله يمكثون فيه مدة قليلة ثم يدخلون الجنة كما هو الأصح عند المسلمين.

‌الباب السابع في الأحكام الفقهية

اعلم أن المؤلف (5) قدم بعض بدعهم وأحكامهم الشنيعة قبل أن يشرع في أحكامهم الفقهية على قبح حالهم فقال:

أول أحكامهم إحداثهم عيد غدير خم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة وتفضيله على عيدي الفطر والأضحى وتسميته بالعيد الأكبر، (6) كل ذلك صريح المخالفة للشريعة. (7)

الثاني إحداثهم عيد أبيهم (8)(بابا شجاع الدين) الذي لقبوا به (أبا لؤلؤة المجوسي)(9)

(1) الأمالي: ص 295؛ التوحيد: ص 29؛ الفتال، روضة الواعظين: 1/ 42.

(2)

الاحتجاج: ص 287.

(3)

ودعاؤه له بأن يصلحه الله اعتراف منه باحتمال أن يكون منه عكس ذلك وهو ينافي العصمة التي يدعونها لأبي عبد الله وآبائه.

(4)

الكافي: 2/ 20.

(5)

مؤلف أصل الكتاب عبد العزيز الدهلوي.

(6)

أخرج الطوسي عن محمد بن أحمد بن أبي بصير قال: «كنا عند الرضا عليه السلام والمجلس غاص بأهله، فتذاكروا يوم الغدير فأنكره بعض الناس فقال الرضا:

يا ابن بصير أين ما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه السلام فإن الله يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر

». تهذيب الأحكام: 6/ 24؛ ابن طاوس، الإقبال: ص 468؛ العاملي، وسائل الشيعة: 14/ 388. وينظر: الأميني، الغدير: 1/ 282.

(7)

وهو من إحداث البويهيين، قال المقريزي:«عيد الغدير لم يكن عيدا مشروعا ولا عمله أحد من سلف الأمة المقتدى بهم، وأوّل ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه سنة 352هـ فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا» . الخطط المقريزية: 2/ 222؛ وانظر البداية والنهاية:11/ 243.

(8)

تسمية العامة من الإمامية كما في بحار الأنوار: 95/ 198.

(9)

أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة. ينظر تاريخ الطبري: 2/ 559.

ص: 208

القاتل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في اليوم التاسع من ربيع الأول بزعمهم. (1) روى علي بن مظاهر الواسطي (2) عن أحمد بن إسحاق (3) أنه قال: هذا اليوم يوم العيد الأكبر ويوم المفاخرة، ويوم التبجيل، ويوم الزكاة العظمى، ويوم البركة، ويوم التسلية. (4) وهذا أحمد (5) أول من أحدث في الإسلام هذا العيد وتبعه إخوانه، ثم نسبوا هذا العيد للأئمة كذبا وافتراء كما هو دأبهم في كل المذهب، مع أن هذا العيد في الأصل من اعيد المجوس، وهم فرحوا فيه حين استمعوا خبر شهادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد أخيهم المجوسي المذكور. (6) مع أن شهادته كانت في اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة بلا اختلاف، ودفنه غرة المحرم، (7) فلو كان الأئمة يتعبدون بهذا العيد لم يبدلوا اليوم. والشيعة معترفون بأن هذا العيد لم يكن في زمن الأئمة وإنما أحدثه أحمد المذكور.

الثالث: تعظيمهم (يوم النيروز) الذي هو من أعياد المجوس. (8) قال ابن فهد في (المهذب) إنه أعظم الأيام، وقد صح عن أمير المؤمنين أن أحدا قد جاءه يوم النيروز بالحلوى والفالوذج فسأله: لم أتيت به؟ فقال: اليوم يوم النيروز، قال رضي الله عنه: نيروزنا كل يوم ومهرجاتنا كل يوم. (9) وهذه إشارة إلى نكتة لطيفة أن حسن النيروز إنما هو الشمس تتوجه من معدل النهار بحركتها الخاصة على سكان العروض الشمالية وتقربهم، وبهذا تظهر

(1) الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه طعن: «يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين» . تاريخ الطبري: 2/ 561. لكن عند الإمامية تأريخ آخر، قال المجلسي: «ما ذكر من أن مقتله كان في ذي الحجة هو المشهور بين فقهائنا الإمامية». بحار الأنوار: 98/ 118.

(2)

علي بن حسن بن أحمد بن مظاهر الحلي، زين الدين، من تلامذة فخر الدين بن الحلي، ومن شيوخ الحر العاملي، نسب له صاحب الذريعة (مقتل عمر بن الخطاب)، مات في أواخر القرن الثامن الهجري. مستدرك أعيان الشيعة: 7/ 166؛ أمل الآمال: 2/ 178؛ الذريعة: 1/ 236، 7/ 102، 15/ 289، 22/ 34.

(3)

أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري، أبو علي القمي، كان الرسول بين القميين وأئمتهم فيأتي إليهم ويأخذ المسائل عنهم، ذكره الكليني فيمن رأى إمام الشيعة الغائب في كتاب الحجة من الكافي، وقال شيخ الطائفة:«وقد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة أصلا ومنهم أحمد بن إسحاق» !، له:(كتاب علل الصوم) و (مسائل الرجال). رجال النجاشي: 1/ 234. الطوسي، الغيبة: ص 414.

(4)

نقل المجلسي عن الواسطي بإسناد متصل عن محمد بن العلاء الهمداني ويحيى بن محمد بن جريج قالا: «تنازعنا في ابن الخطاب فاشتبه علينا أمره فقصدنا أحمد بن إسحاق القمي صاحب أبي الحسن العسكري عليه السلام بمدينة قم وقرعنا عليه الباب، فخرجت إلينا صبية عراقية من داره، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول بعيده فإنه يوم عيد

فلما خرج وسألاه عنه هذا اليوم - وكان التاسع من شهر ربيع الأول - فقال دخلت في مثل هذا اليوم على سيدي أبي الحسن علي بن محمد العسكري، فقال: إني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما، وكان يوم التاسع من شهر ربيع الأول قال أمير المؤمنين: هذا يوم الاستراحة

» الخ. بحار الأنوار: 31/ 125 - 128.

(5)

أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد القمي الأحوص شيح الشيعة القميين ووافدهم زعموا أنه لقى من الأئمة أبا جعفر الثاني وأبا الحسن وكان خاصة أبي محمد، وزعموا أنه حصل على الشرف الأعظم برؤية صاحب الزمان الذي يدعون له بان يعجل الله فرجه. فهو موضع الثقة من الشيعة بل فوق ذلك.

(6)

هذا العيد من اختراع أحمد الواسطي، فليس في كتب الإمامية المتقدمة رواية منسوبة إلى الأئمة تخص هذا العيد.

(7)

{ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا} .

(8)

بوب العاملي بابا في كتابه الوسائل (8/ 172) بعنوان: (استحباب صلاة يوم النيروز والغسل فيه والصوم ولبس أنظف الثياب والطيب وتعظيمه وصب الماء فيه) وبوب له المجلسي أيضا في كتابه وأخرج عن المعلى بن خنيس عن الصادق أنه قال: «إذا كان النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك وتكون ذلك اليوم صائما» . بحار الأنوار: 59/ 101. ومع ذلك لديهم نهي الرسول عن أعياد المشركين فقد أخرج النوري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى أبدلكم بيومين يوم النيروز والمهرجان الفطر والأضحى». مستدرك الوسائل: 6/ 32.

(9)

أخرجها البيهقي في السنن الكبرى: 9/ 235؛ البخاري في التاريخ الكبير: 4/ 200؛ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 13/ 326. ومن الإمامية ابن حيون في دعائم الإسلام: 2/ 328؛ النوري في مستدرك الوسائل: 6/ 353

ص: 209

الحرارة في الأبدان والأجسام وتثور النامية وتحصل للنفس النباتية نضارة. وهذا المعنى متحقق في طلوعها كل يوم لأن الشمس إذا تمر بالحركة الأولى - التي هي أسرع الحركات وأظهرها - من دائرة الأفق وتنفض على سكان الأرض نورها وتجلي قوة البصر وتجعل الروح منتعشا وتقع الارتفاقات الخاصة بالإنسان من الزراعة والتجارة والصناعة والحرفة بسببها أحسن وأكثر وتبدو الحياة بعد الموت كقوله تعالى {وجعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا} وقوله تعالى {وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا} فهذا الوقت أحق وأولى بالتعبد، بل إن تأمل العاقل يمكن أن يدري أن الفصول الأربعة تتحقق في مدة دورة ليلة ونهار، فمن وقت الصباح إلى نصف النهار فصل الربيع فحينئذ تكون الخضروات في الطراوة والأزهار وتكون الورود والأزهار منكشفة ناضرة ضاحكة ومزاج الحيوانات في النشاط، وإذا بلغت الشمس قريب دائرة نصف النهار فكأنما وصلت بالحركة الخاصة رأس السرطان فيبرز الصيف حيث يظهر اليبس والعطش في الأجسام ويذبلها حرها، وإذا قربت إلى الغروب صار حكمها كحكم الخريف، وإذا مضى نصف الليل وانتقلت الشمس من الانحطاط إلى الارتفاع فكأنما وصلت رأس الجدي فيبدو حكم الشتاء ويتقاطر الطل كالبرد.

الرابع: تجوز علمائهم السجود للسلاطين الظلمة، فإن باقرا المجلسي (1) وعلماءهم الآخرين (2) قرروها لهم، وهو صريح المخالفة للقواعد الشرعية، (3) لأن السجدة لغير الله تعالى على وجه العبادة أو التعظيم كفر وشرك بدليل قوله تعالى {لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون} وقوله تعالى {ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون} وغيرها من الآيات الدالة على انحصار السجدة في حق الخالق العليم بالغيب والشهادة خصوصا في الشريعة المحمدية. والتمسك بسجدة الملائكة لآدم ههنا في غاية الفساد، إذ لا يمكن أن تقاس أحكام البشر على أحكام الملك، وبسجود إخوة يوسف فإنه لم يكن أولا سجودا مصطلحا، (4) وثانيا إنما يصلح التمسك

(1) محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود، من أشهر كتبه (بحار الأنوار) مات سنة 1111هـ. روضات الجنات: ص 114؛ الذريعة: 2/ 237، 12/ 261.

(2)

بحار الأنوار: 12/ 339.

(3)

بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم «لو كنت آمرا أحدا بالسجود لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» ، وقد أجمع أعلام الملة الإسلامية على أن السجود لغير الله كفر يخرج فاعله من ملة الإسلام مع العلم بتحريمه.

(4)

الجامع لأحكام القرآن: 1/ 289.

ص: 210

بشرائع من قبلنا إذا لم يأت في شريعتنا نسخها وهذا الحكم منسوخ في شريعتنا قطعا. وإلا لكان الحق بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولنشرع الآن في المسائل الفقهية:

منها أنهم يقولون بطهارة الماء الذي استنجي به ولم يطهر المحل واختلطت أجزاء النجاسة بالماء حتى زاد وزن الماء بذلك، قال ابن المطهر الحلي في (المنتهى): إن طهارة ماء الاستنجاء وجواز استعماله مرة أخرى من إجماعيات الفرقة. (1)

وهذا الحكم مخالف لقواعد الشريعة لقوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث} أي أكلها وأخذها واستعمالها. ولا شك في كون هذا الماء نخسا خبيثا؛ ولروايات الأئمة، فقد روى صاحب (قرب الإسناد) (2) وصاحب كتاب (المسائل) (3) عن علي بن جعفر أنه قال سألت أخي موسى بن جعفر عن جرة فيها ألف رطل من ماء وقع فيه أوقية بول هل يصح شربه أو الوضوء منه؟ قال: لا، النجس لا يجوز استعماله. (4)

والعجب أن مذهب الاثني عشرية في الماء إذا كان أقل من كر ينجس بوقوع النجاسة فيه، (5) فتنجيس مثل هذا الماء القليل جدا بطريق الأولى.

ومنها حكمهم بطهارة الخمر (6) كما نص عليه ابن بابويه (7) والجعفي (8) وابن عقيل. (9)

وهذا الحكم مخالف لصريح الآية {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} والرجس في اللغة أشد النجاسة وأغلظها، كما ورد في حق الخنزير فإنه رجس. ولروايات الأئمة الموجودة في كتب الشيعة. فقد روى صاحب (قرب الإسناد) وصاحب كتاب (المسائل) وأبو جعفر الطوسي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لا تصل في الثوب قد أصابه الخمر.

(1) هذا في كتبهم مثل شرائع الإسلام: 1/ 22؛ مختلف الشيعة: 1/ 236.

(2)

كتاب (قرب الإسناد إلى صاحب الأمر) لعبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك الحميري القمي قال عنه النجاشي: «شيخ القميين ووجههم» ، مات نحو سنة 300هـ. رجال النجاشي: 2/ 18.

(3)

مسائل علي بن جعفر. تقدم.

(4)

مسائل جعفر بن علي: ص 198. وأخرجها الهمداني في مصباح الفقيه: 1/ 30 - 31؛ والعاملي في وسائل الشيعة: 1/ 156

(5)

روى الكليني عن أبي بصير قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون مقداره؟ قال: إذا كان الماء ثلاثة أشبار في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض، فذلك الكر من الماء» . الكافي: 3/ 3؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: 1/ 42.

(6)

نبه الشيخ محمد نصيف في هامش نسخته على أن القول بطهارة الخمر ذهب إليه الظاهرية وبعض الشافعية. انظر شرح المهذب.

(7)

قال: «لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته» . من لا يحضره الفقيه: 1/ 73.

(8)

الذريعة: 3/ 343.

(9)

نقل الحلي اختلافهم في هذه المسألة فقال: «وقال أبو علي بن أبي عقيل: من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما؛ لأن الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا لأنهما نجسان

» الخ. مختلف الشيعة: 1/ 469.

ص: 211

ومنها الحكم بطهارة المذي. (1) وهو مخالف للحديث الصحيح المتفق عليه. (2) روى الراوندي عن موسى بن جعفر عن آبائه عن علي أنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي فقال «يغسل طرف ذكره» . (3) وفي الصحيحين روى عن علي قال: كنت رجلا مذاء فكنت أستحي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان أبنته، فأمرت المقداد فسأله فقال «يغسل ذكره ويتوضأ» وكذا روى الترمذي عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي بواسطة المقداد - عن المذي فقال «من المذي الوضوء، ومن المني الغسل» (4) وقد أورد أبو جعفر الطوسي أيضا روايات صريحة في نجاسة المذي، ولكن ليس له العمل والفتوى على ذلك.

ومنا القول بعدم انتقاض الوضوء بخروج المذي، (5) مع أنهم يروون عن الأئمة خلاف ذلك. روى الطوسي عن [علي] (6) بن يقطين عن أبي الحسن أنه قال: المذي منه الوضوء. (7) روى الراوندي عن علي قال لأبي ذر أسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي فسأل فقال: «يتوضأ وضوءه للصلاة» (8)

ومنها قولهم الودي، وهو بول غليظ جزما. والبول نجس بإجماع الشرائع. (9)

ومنها حكمهم بعد انتقاض الوضوء من خروج الودي (10) مع أنه مخالف لرواية الأئمة روى الراوندي عن علي مرفوعا: الودي فيه الوضوء. (11) روى غيره عن أبي عبد الله مثل ذلك. (12)

ومنها حكمهم بأن للذكر الاستبراء بعد ثلاث مرات بالتحريك، فما خرج بعد ذلك فطاهر وغير ناقض للوضوء أيضا. (13) وهذا الحكم مخالف لصريح الشرع إذ الخارج من السبيلين نجس وناقض للوضوء، والاستبراء لا دخل له في الطهارة اللاحقة وعدم انتقاض الوضوء ولا تأثير له في ذلك. وأيضا مخالف لروايات الأئمة. روى ابن عيسى عن أبي جعفر أنه كتب إليه: هل يجب الوضوء إذا خرج من ذكر بعد الاستبراء؟ قال: نعم. (14)

ومنها أن زرق الديك والدجاج طاهر عندهم، (15) مع أن نجاسته ثبتت بنصوص الأئمة في كتبهم المعتبرة. روى محمد بن الحسن الطوسي عن فارس أنه كتب رجل إلى

(1) تقدم. قال الطوسي: «المذي والودي لا ينقضان الوضوء ولا يغسل منهما ثوب» . الخلاف: 1/ 37. وقال الحلي: «اتفق أكثر علمائنا على أن المذي لا ينقض الوضوء ولا أعلم فيه مخالفا إلا ابن الجنيد فإنه قال: إن خرج عقيب شهوة ففيه الوضوء». مختلف الشيعة: 1/ 260.

(2)

متفق عليه بين أهل السنة والإمامية

(3)

الراوندي، النوادر: ص 45؛ النوري، مستدرك الوسائل: 1/ 237.

(4)

صحيح الجامع: رقم 5910.

(5)

قال الطوسي: «فأما المذي والودي فإنهما لا ينقضان الوضوء، والذي يدل على ذلك

». وروى عن زيد الشحام قال: «قلت: لأبي عبد الله المذي ينقض الوضوء؟ قل: لا ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد، إنما هو بمنزلة البزاق والمخاط» . تهذيب الأحكام: 1/ 17.

(6)

في الأصل يعقوب بن يقطين، والتصحيح من كتاب الطوسي.

(7)

أخرجها الطوسي في تهذيب الأحكام: 1/ 19. وعلق في كتابه الآخر: «ويمكن أن نحمله على ضرب من التقية؛ لأن ذلك مذهب أكثر العامة». الاستبصار: 1/ 95. ويعني بالعامة أهل السنة.

(8)

النوادر: ص 45؛ النوري، مستدرك الوسائل: 1/ 237. لكن السائل هو المقداد بن الأسود،

(9)

كما قال ابن إدريس في السرائر: 1/ 116.

(10)

أخرج الطوسي عن الصادق قال: «الودي لا ينقض الوضوء إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق» . تهذيب الأحكام: 1/ 21

(11)

النوادر: ص 45؛ النوري، مستدرك الوسائل: 1/ 327.

(12)

أخرج الطوسي عن ابن سنان عن أبي عبد الله قال: «ثلاث يخرجن من الإحليل وهن: المني فمنه الغسل، والودي فمنه الوضوء لأنه يخرج من دريدة البول» تهذيب الأحكام: 1/ 20؛ الاستبصار: 1/ 94. وترك الطوسي هذه الروايات الصحيحة وأخذ برواية حريز المقطوعة التي رويت (عمن أخبره) عن الصادق.

(13)

أخرج الكليني عن ابن مسلم قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل بال ولم يكن معه ماء؟ قال: يعصر أصل ذكره إلى طرف ذكره ثلاث مرات وينتر طرفه، فإن خرج منه بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل» . الكافي: 3/ 19؛ والطوسي في تهذيب الأحكام: 1/ 356.

(14)

تهذيب الأحكام: 1/ 28؛ الاستبصار: 1/ 49. وعلق في الاستبصار قائلا: «يجوز أن يكون محمولا على ضرب من الاستحباب أو على التقية؛ لأن ذلك مذهب كثير من العامة».

(15)

السرائر: 1/ 78؛ شرائع الإسلام: 1/ 69.

ص: 212