الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحرج والتعديل. وفي هذا المقام فوائد تتعلق بالرواة تركناها لطولها، فراجع الأصل. (1)
(الأدلة عند الشيعة)
(تتمة): اعلم أن الأدلة عندهم أربعة: كتاب، وخبر، وإجماع، وعقل.
أما (الكتاب) فهو القرآن المنزل الذي لم يبق حقيقا بأن يستدل به بزعمهمم الفاسد، لأنه لا اعتماد على كونه قرآنا إلا إذا أخذ بواسطة الإمام المعصوم، وليس القرآن المأخوذ من الأئمة موجودا في أيديهم، والقرآن المعروف غير معتد به عند أئمتهم بزعمهم، (2) وأنه لا يليق بالاستدلال به لوجهين:
الأول لما روى جماعة من الإمامية عن أئمتهم أن القرآن المنزل وقع فيه تحريف في كلماته عن مواضعها، بل قد أسقط منه بعض السور وترتيبه هذا أيضا غير معتد به لكونه متغيرا عن أصله، (3) وما هو موجود الآن في أيدي المؤمنين هو مصحف عثمان الذي كتبه وأرسل منه سبع نسخ إلى أطراف العالم وألجأ الناس على قبوله وقراءته على ما رتبه وآذى من خالف ذلك، فلا يصح التمسك به ولا يعتمد على نظمه من العام والخاص والنص ونحوها، لأنه يجوز أن يكون هذا القرآن الذي بين أيدينا كله أو أكثره منسوخا بالآيات أو السور التي أسقطت منه أو مخصوصا بها.
الثاني أن نقله هذا القرآن مثل ناقلي التوراة والأنجيل، لأن بعضهم كانوا منافقين كالصحابة العظام والعياذ بالله تعالى، وبعضهم كانوا مداهنين في الدين كعوام الصحابة فإنهم تبعوا رؤساءهم أي بزعمهم طمعا في زخارف الدنيا، فارتدوا عن الدين كلهم إلا أربعة أو ستة، فغيروا خطاب الله تعالى، (4) فجعلوا مثلا مكان «من المرافق»:{إلى المرافق} (5) ومكان «أئمة هي أزكى» : {أمة هي أربى من أمة} (6) فكما أن التوراة والإنجيل لا يعمل بهما أصلا فكذلك هذا القرآن، وكما أن التوراة والإنجيل نسخا بالقرآن المجيد فكذلك القرآن نسخت أشياء كثيرة منه ولا يعلم نواسخها إلا الأئمة الثلاثة. (7)
وأما (الخبر) فقد مر بيانه مفصلا فتذكر. ثم إن ناقل الخبر إما من الشيعة أو غيرهم، ولا اعتبار لغيرهم أصلا لأن الصدر الأول من غيرهم الذي هو منتهى الأسانيد كانوا
(1) ينظر السيوف المشرقة: لوحة 51/أ.
(2)
فهناك قرآنا آخر عند القائم والمنتظر الغائب منذ أكثر من ألف ومائتين وخمسين سنة ولما يظهر لا هو ولا قرآنه، فقد أخرج الكليني عن سالم بن سلمة قال:«قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز وجل على حده، وأخرج (المصحف) الذي كتبه علي عليه السلام وقال: أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله على محمد عليه السلام قد جمعته من اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم أبدا، إنما كان عليَّ أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه» . الكافي: 2/ 633.
(3)
مثاله قول الفيض الكاشاني: «إن الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة، وإن النور نيف ومائة آية والحجر تسعون ومائة آية
…
». تفسير الصافي: 1/ 37 - 38؛ وينظر الطبرسي، الاحتجاج: ص 53
(4)
هناك روايات كثيرة عندهم منها ما روى الطبرسي عن أبي ذر قال: «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فتحه أبو بكر خرج أول صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه عليه السلام وانصرف ثم أحضروا زيد بن ثابت - وكان قارئا للقرآن - فقال عمر: إن عليا جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف كتابا ونسقط منه ما كان فيه فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار، فأجابه زيد إلى ذلك
…
». الاحتجاج: ص 155 - 156.
(5)
روى الطوسي وغيره عن الهيثم بن عروة التميمي قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: {واغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} قال: ليس هكذا تنزيلها إنما تنزيلها: (اغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق)
…
». تهذيب الأحكام: 1/ 57؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة: 1/ 406.
(6)
الكافي: 1/ 292؛ تفسير القمي: 1/ 389.
(7)
أخرج البخاري بإسناده عن عبد العزيز بن رفيع قال: «دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس رضي الله عنهما فقال له شداد بن معقل: أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين، قال ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين» . صحيح البخاري، في كتاب فضائل القرآن، باب من قال لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين: 4/ 1917. قال ابن حجر معلقا على الحديث: «هذه الترجمة للرد على من زعم أن كثيرا من القرآن ذهب لذهاب حملته، وهو شيء اختلقه الروافض لتصحيح دعواهم أن التنصيص على إمامة علي واستحقاقه الخلافة عند موت النبي صلى الله عليه وسلم كان ثابتا في القرآن، وأن الصحابة كتموه، وهي دعوى باطلة، لأنهم لم يكتموا: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى .. » وغيره من الظواهر التي قد يتمسك بها من يدعي إمامته، كما لم يكتموا ما يعارض ذلك أو يخصص عمومه أو يقيد مطلقه. وقد تلطف المصنف في الاستدلال على الرافضة بما أخرجه عن أحد أئمتهم، الذي يدعون إمامته، وهو محمد بن الحنفية، وهو ابن علي بن أبي طالب، فلو كان هناك شيء ما يتعلق بابيه، لكان أحق الناس بالاطلاع عليه، وكذلك ابن عباس فإنه ابن عم علي - رضي الله تعالى عنهما -، وأشد الناس له لزوما واطلاعا على حاله». فتح الباري: 9/ 65.
مرتدين ومحرفين كتاب الله تعالى ومعادين أهل بيت النبوة. (1) فلا بد أن يكون من الشيعة وبين الشيعة اختلاف كثير في أصل الإمامية وتعيين الأئمة وعددهم، ولا يمكن إثبات قول من أقوالهم إلا بالخبر، لأن كتاب الله تعالى لا اعتماد عليه، ومع ذلك فهو ساكت عن هذه الأمور، فلو توقف ثبوت الخبر وحجته على ثبوت ذلك القول لزم الدور الصريح وهو محال.
وأما (الإجماع) فباطل أيضا، لأن كونه حجة ليس بالأصالة بل لكون قول المعصوم في ضمنه، فمدار حجيته على قول المعصوم لا على نفس الإجماع، وثبوت عصمة المعصوم وتعيينه إما بخبره أو بخبر معصوم آخر، فقد جاء الدور الصريح أيضا. (2)
وأيضا إجماع الصدر الأول والثاني - يعني قبل حدوث الاختلاف في الأمة - غير معتبر، لأنهم أجمعوا على: خلافة أبي بكر وعمر، وحرمة المتعة، وتحريف الكتاب، ومنع ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وغضب فدك من البتول. (3) وبعد حدوث الاختلاف في الأمة وتفرقهم بفرق مختلفة كيف يتصور الإجماع، ولا سيما في المسائل الخلافية المحتاجة إلى الاستدلال وإقامة الحجة القاطعة.
وأما (العقل) فهو باطل أيضا لأن التمسك به إما في الشرعيات أو غيرها، فإن كان في الشرعيات فلا يصح التمسك به عند هذه الفرقة أصلا، لأنهم منكرون أصل القياس ولا يقولون بحجيته. وأما غير الشرعيات فيتوقف العقل على تجريجه عن شوائب الوهم والإلف والعادة والاحتراز عن الخطأ في الترتيب والفكر في صورة الأشكال، وهذه الأمور لا تحصل إلا بإرشاد إمام، لأن كل فرقة من طوائف بني أدم يثبتون بعقولهم أشياء وينكرون أشياء اخر، وهم متخالفون فيما بينهم بالأصول والفروع، ولا يمكن الترجيح بالعقل فقط، فالتمسك إذن بقول الإمام، ومع ذلك لا يمكن إثبات الأمور الدينية بالعقل الصرف لأنه عاجز عن معرفتها تفصيلا بالإجماع. نعم يمكنه معرفتها إذا كان مستمدا من الشريعة.
(1) لأن الصحابة ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم باعتقاد الشيعة عدا ثلاثة منهم. روى الكليني عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: «كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي» . الكافي: 8/ 245؛ المجلسي، بحار الأنوار: 22/ 333.
(2)
قال المقتول الأول: «الإجماع: وهو الحجة، والمعتبر فيه قول المعصوم عندنا، وإنما تظهر الفائدة في إجماع الطائفة مع عدم تمييز المعصوم بعينه، فعلى هذا لو قدر خلاف واحد أو ألف معروفو النسب فلا عبرة بهم، ولو كانوا غير معروفين قدح بالإجماع» . الفوائد والقواعد: ص 217. ومن هذا يتضح أن الإجماع عند الإمامية هو قول المعصوم، إذن هم في الحقيقة ليس عندهم إجماع؛ لأنهم لا يجمعون على شيء، وإنما الإجماع هو قول رجل واحد لا أكثر! فلو اتفق مائة من علماء الإمامية على مسألة، وعارضهم اثنين من الفقهاء عليها وكان قول المعصوم مع الاثنين، فلا يعتبر برأي المائة. معالم الدين: ص 169.
(3)
لو لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة» لكان ميراثه غير منحصر في البتول بل يشاركها فيه عمه صلى الله عليه وسلم وأزواجه ومنهن بنت أبي بكر وبنت عمر
وههنا فائدة جليلة لها مناسبة مع هذا المقام، وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إني تارك فيكم الثقلين، فإن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدى أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وهذا الحديث ثابت عند الفريقين أهل السنة (1) والشيعة، وقد علم منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا في المقدمات الدينية والأحكام الشرعية بالتمسك بهذين العظيمى والقدر والرجوع إليهما في كل أمر، فمن كان مذهبه مخالفا لهما في الأمور الشرعية اعتقادا وعملا فهو ضال، ومذهبه باطل وفاسد لا يعبأ به. ومن جحد بهما فقد غوى، ووقع في مهاوي الردى.
وليس المتمسك بهذين الحبلين المتينين إلا أهل السنة، لأن كتاب الله ساقط عند الشيعة عن درجة الاعتبار كما سبق قريبا بيانه، وقد روى الكليني (2) عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله «إن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر الف آية» (3) وروى عن محمد بن [أبي] نصر (4) عنه أنه قال:«كان في {لم يكن} (5) اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء أبائهم» . (6) وروى عن سالم بن سلمة (7) قال: «قرأ رجل على أبي عبد الله وأنا أسمعه حروفا من القرآن ليس مما يقرأه الناس فقال أبو عبد الله: مه، اكفف عن هذه القراءة واقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم اقرأ كتاب الله على حده» (8)
وروى الكليني وغيره عن الحكم بن عتيبة (9) قال: قرأ علي بن الحسين (10)«وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ولا محدَّث» قال: وكان علي بن أبي طالب محدثا. وروى عن [زيد] بن الجهم الهلالي (11) وغيره عن أبي عبد الله أن {أمة هي أربى من أمة} ليس كلام الله، بل محرف عن موضعه، والمنزل «أئمة هي أزكى من أئمتكم»
وقد تقرر عندهم أن «سورة الولاية» سقطت، وكذا أكثر سورة الأحزاب فإنها كانت مثل سورة الأنعام فأسقط منها فضائل أهل البيت وأحكام إمامتهم. (12) وأسقط لفظ «ويلك» قبل قوله تعالى {لا تحزن
(1) بل ضعفه الإمام أحمد وابن تيمية.
(2)
الكليني عندهم كالبخاري عند المسلمين. فإذا كانت هذه أكاذيب الكليني ورجاله فكيف برواياتهم الأخرى!
(3)
أخرجه الكليني، الكافي: 2/ 631. ومعلوم أن القرآن (6236) آية.
(4)
التصحيح من الكافي. قال عنه النجاشي: «وكان عظيم المنزلة عندهما وله كتب» ، مات سنة 221هـ. رجال النجاشي: 1/ 202؛ تنقيح المقال: 1/ 77.
(5)
سورة البينة
(6)
الكافي: 2/ 631؛ تفسير الصافي: 1/ 36.
(7)
ذكره أبو داود في قسم الموثقين من كتابه (رقم 658). معجم رجال الحديث: 9/ 22.
(8)
الكليني، الكافي: 2/ 633؛ تفسير الصافي: 1/ 36.
(9)
هو أبو محمد الحكم بن عتيبة الكوفي الكندي مولاهم الزيدي البتري النحاس، ذكره ابن أبي حاتم وقال عنه:«مجهول» ، قال ابن الجوزي:«إنما قال أبو حاتم مجهول؛ لأنه ليس يروي الحديث، وإنما كان قاضيا بالكوفة» . لسان الميزان: 2/ 336. وليس هو الحكم بن عتيبة بن سنان الكوفي الذي ذكر في كتب الرجال عند أهل السنة وحديثه مخرج في الكتب الستة كما في تهذيب التهذيب: 2/ 372. وقد خلط الإمامية بين الحكم بن النحاس قاضي الكوفة وبين ابن سنان الفقيه والمحدث، حيث قال الحلي:«مذموم كان من فقهاء العامة وكان بتريا» . أعيان الشيعة: 6/ 209. ولم يخرّج أهل السنة حديثا لابن النحاس، بينما خرج له الإمامية في كتبهم الأربعة أكثر من أربعين حديثا منها ما رواه الكليني بسنده عن الحكم بن عتيبة عن الباقر أنه قال: «إن في الجنة نهرا يغتسل فيه جبرائيل عليه السلام كل غداة ثم يخرج منه فينتفض فيخلق الله عز وجل من كل قطرة ملكا». الكافي: 8/ 282.
(10)
علي بن الحسين بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب زين العابدين أبو الحسين الهاشمي المدني - رضي الله تعالى عنه - كان مريضا يوم كربلاء فقال عمر بن سعد: لا تعرضوا لهذا، روى عن أبيه وعمه الحسن وعائشة وأبي هريرة وابن عباس وآخرين قال الزهري:«ما رأيت أحدا كان أفقه من علي بن الحسين لكنه قليل الحديث» ، وكان من أفضل أهل بيته وأحبهم إلى عبد الملك، وهو الإمام الرابع عند الإمامية، مات في ربيع الأول سنة 94هـ. طبقات ابن سعد: 5/ 211؛ تذكرة الحفاظ: 1/ 74؛ تهذيب التهذيب: 7/ 268.
(11)
في الأصل (محمد بن الجهم) والتصحيح من الكافي.
(12)
تقدم النقل من كتبهم
إن الله معنا} (1) وكذا أسقط لفظ «بعلي بن أبي طالب» بعد قوله تعالى {وكفى الله المؤمنين القتال} (2) وكذا لفظ «آل محمد» الواقع بعد «ظلموا» من قوله تعالى {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} (3) إلى غير ذلك من الهذيانات والأقوال الترهات.
وأما العترة الشريفة فهي بإجماع أهل اللغة تقال لأقارب الرجل، (4) والشيعة ينكرون نسبة بعض العترة كرقية وأم كلثوم ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، (5) ولا يعدون بعضهم داخلا العترة كالعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاده وكالزبير بن صفية عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل يبغضون أكثر أولاد فاطمة رضى الله تعالى عنهم ويسبونهم كزيد بن علي بن الحسين الذي كان عالما كبيرا متقيا واستشهد على يد المروانية، وكذا يحيى ابنه وكذا إبراهيم وجعفر ابني موسى الكاظم، (6) ولقبوا الثاني بالكذاب مع أنه كان من كبار أولياء الله تعالى وأخذ منه أبو يزيد البسطامي الطريقة، وأخْذه إياها من جعفر الصادق غلط. (7)
ولقبوا أيضا جعفر بن علي أخا الإمام الحسن العسكري بالكذاب، (8) ويعتقدون أن الحسن بن الحسن المثنى (9) وابنه عبد الله المحض وابنه محمدا الملقب بالنفس الزكية ارتدوا وحاشاهم من كل سوء. وكذلك يعتقدون في إبراهيم بن عبد الله وزكريا بن محمد الباقر ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (10) ومحمد بن القاسم بن الحسن (11) ويحيى بن عمر (12) الذي كان من أحفاد زيد بن علي بن الحسين، وكذلك يعتقدون في جماعة حسنيين وحسينيين كانوا قائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين، إلى غير ذلك من الأمور الشنيعة التي يعتقدونها في حق العترة المطهرة مما هو مذكور في الأصل، نعوذ بالله من جميع ذلك، ونبرأ إليه جل شأنه من سلوك هاتيك المسالك. فقد بان لك أن الدين عند هذه الطائفة الشنيعة قد انهدم بجميع أركانه وانقض ما تشيد من محكم بنيانه، حيث أن كتاب الله تعالى قد سبق لك واعتقادهم فيه وعدم اعتمادهم على ظاهره وخافيه، ولا يمكنهم أيضا التمسك بالعترة المطهرة بناء على زعمهم الفاسد من أن بعضهم كانوا كفرة، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الأبواب الآتية بيان مخالفتهم للثقلين في كل مسألة
(1) بل زعم شيطان الطاق الذي يسمونه «مؤمن آل محمد» أن الآية كلها ليست من القرآن. انظر (الفصل) لابن حزم 4: 181 وتعليقنا على (العواصم من القواصم) ص 69
(2)
تفسير القمي: 2/ 189؛ الطبرسي، جوامع الجامع: 3/ 309.
(3)
تفسير القمي: 2/ 125؛ الطبرسي، جوامع الجامع: 3/ 175.
(4)
(5)
ذكر الإمامية أن رقية وزينب لم تكونا بنات النبي صلى الله عليه وسلم بل بنات لأخت خديجة، وأنه صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة وهي عذراء، كما ذكر ذلك ابن شهر آشوب المازندراني، وعزاه إلى الطوسي والمرتضى، حيث قال:«إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بها [خديجة] وكانت عذراء وإن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة بنت أخت خديجة» . مناقب آل أبي طالب: 1/ 137.
(6)
هو جعفر بن موسى الكاظم، أبو عبد الله، لقبه الشيعة بالكذاب لادعائه الإمامة بعد أخيه الحسن، (ت 271هـ). عمدة الطالب في أنساب أبي طالب: ص199. والإمامية يروون الروايات في تكذيبه ولعنه وينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم رغم أنه من سادات أهل البيت، فقد أخرج الطوسي عن أبي خالد الكابلي قال دخلت على سيدي علي بن الحسين زين العابدين فقلت له: «يا سيدي كيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟ فقال حدثني أبي عن أبيه: أن رسول الله قال: إذا ولد أبني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فسموه الصادق، فإن الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعي الإمامة اجتراءً على الله وكذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله، المدعي لما ليس له بأهل، المخالف على أبيه والحاسد لأخيه، ذلك الذي يكشف سر الله عند غيبة ولي الله». الاحتجاج: ص 318؛ وأخرجه أيضا القطب الراوندي، الخرائج: 1/ 268؛ المجلسي، بحار الأنوار: 50/ 277.
(7)
توفي جعفر الصادق سنة 147هـ أي قبل ولادة البسطامي
(8)
هو أبو عبد الله جعفر بن علي بن محمد الهادي العسكري، اتهمه الإمامية بالفسق وشرب الخمر، لأنه أخذ تركة أخيه بعد موته وأنكر أن يكون له ولد، مات سنة 271هـ. دائرة المعارف الشيعية العامة: 7/ 196. ويدعي الإمامية أنه طمع بميراث أخيه، ولذلك أخفى الحسن العسكري خبر مولد ابنه عن الناس، قال الطوسي: «لأن الحسن عليه السلام كان كالمحجور عليه وكان الوالد يخاف عليه لما علم وانتشر من مذهبهم أن الثاني عشر هو القائم بالأمر، لإزالة الدول فهو المطلوب لا محالة، وخاف عليه أيضا من أهله كجعفر أخيه الذي طمع في الميراث والأموال، فلذلك أخفاه ووقعت الشبهة في ولادته». الغيبة: ص 76.
(9)
هو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، أبو محمد، حدث عن أبيه وعبد الله بن جعفر، قليل الرواية مع صدقه وجلالته، كان على الصدقة في خلافة علي رضي الله عنه، توفي سنة 99هـ. سير أعلام النبلاء: 4/ 483؛ البداية والنهاية: 9/ 170.
(10)
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، يروي عن جماعة من التابعين، قتل بالمدينة سنة 145هـ. الثقات: 7/ 363؛ الجرح والتعديل: 7/ 295.
(11)
محمد بن القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن الزكي الثالث. عمدة الطالب. ص 157.
(12)
يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، خرج سنة 250هـ بالكوفة، فتغلب على الكوفة، ودعا إلى الرضا من آل محمد وقوي أمره، وفي رجب من تلك السنة اقتتل مع الحسين بن إسماعيل، وقتل وبعث برأسه إلى الخليفة العباسي في سامراء، فقالت الجارودية، إنه لم يمت، وسيعود ليملأها عدلا كما ملئت جورا. الفصل: 4/ 137؛ الملل والنحل: 1/ 159؛ البداية والنهاية: 11/ 5.