الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاث تجويفات: تجويف فوق الكل يتصل بالمثانة وهو ميزاب البول، وتجويف دونه أضيق متصل بالأمعاء تخرج منه الريح أحيانا، وتجويف تحت الكل يدخل الذكر فيه وقت الجماع وهو متصل بفم الرحم يخرج منه الحيض والنفاس والولد، فلا تكون في هذا التجويف نجاسة أصلا إلا في أيام الحيض والنفاس، وحينئذ يكون الجماع حراما، بخلاف الدبر فإن له تجويفا واحدا متصلا ببعض الأمعاء التي هي معدن البراز والنجاسة الغليظة.
مسائل المتعة
إنهم يحسبون متعة النساء خير العبادات وأفضل القربات، (1) ويوردون في فضائلها أخبارا كثيرة موضوعة مفتراة. (2) وعندهم متعة الخلية جائزة بالإجماع، ومتعة المشركة والمجوسية سواء كانت خلية أو محصنة جائزة إذا تحركت ألسنتهن بقول لا إله إلا الله وإن لم يكن في قلوبهن من معناها شيء (3).
وكذلك يجوزون المتعة الدورية، وإن كان الاثنا عشرية ينكرون هذا التجويز، ولكن يقول محققوهم إنها ثابتة في كتبنا لا يجوز إنكارها، وصورتها أن يستمتع جماعة من امرأة واحدة ويقرروا الدور والنوبة لكل منهم، فيجامعها من له النوبة من تلك الجماعة في نوبته، مع أن خلط الماءين في الرحم لا يجوز في شريعة من الشرائع إذ لا يثبت حينئذ نسب العلوق إلى أحد منهم. والحال حفظ النسب مما به الامتياز بين الإنسان والحيوان.
وإذا تأمل العاقل في أصل المتعة يجد فيها مفاسد مكنونة كلها تعارض الشرع، منها تضييع الأولاد، فإن أولاد الرجل إذا كانوا منتشرين في كل بلدة ولا يكونون عنده فلا يمكنه أن يقوم بترتيبهم فينشأون من غير تربية كأولاد الزنا، ولو فرضنا أولئك الأولاد إناثا يكون الخزي أزيد، لأن نكاحهن [أن يكون](4) لا يمكن بالأكفاء أصلا.
ومنها احتمال وطء موطوءة الأب بالمتعة أو النكاح أو بالعكس بل وطء البنت وبنت البنت وبنت الابن والأخت وبنت الأخت وغيرهن من المحارم في بعض الصور خصوصا في مدة طويلة، وهو أشد المحظورات، لأن العلم بحبل امرأة المتعة في مدة
(1) روى المفيد عن الصادق أنه قال: «ما من رجل تمتع ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكا يستغفرون له إلى يوم القيامة ويلعنون متجنبيها إلى أن تقوم الساعة» . المتعة: ص 9؛ خلاصة الإيجاز: ص 43؛ وأخرجها العاملي في (باب استحباب المتعة) وسائل الشيعة: 21/ 61.
(2)
بل وينسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من الدين المتعة
…
». الكليني، الكافي: 6/ 439.
(3)
قال العاملي: «المتعة لا تنحصر في عدد أو نصاب وإنها تصح بالكتابية» . اللمعة الدمشقية: 5/ 284 - 285.
(4)
زيادة من السيوف المشرقة
شهر واحد أو أزيد لا يكون حاصلا لا سيما إن وقعت المتعة في السفر ويكون السفر أيضا طويلا ويتفق في كل منزل الشغل بالمتعة الجديدة ويتعلق الولد في كل منها وتولد جارية من بعد العلوقات ويرجع هذا الرجل إلى ذلك الطريق بعد خمسة عشر عاما مثلا أو يمر إخوته أو بنوه في تلك المنازل فيفعلون بتلك البنات متعة أو ينكحونهن.
ومنها عدم تقسيم ميراث مرتكب المتعة مرات كثيرة، إذ لا يكون ورثته معلومين ولا عددهم ولا أسماؤهم ولا أمكنتهم فلزم تعطيل أمر الميراث. وكذلك لزم تعطيل ميراث من ولد بالمتعة فإن آباءهم وإخوتهم مجهولون، ولا يمكن تقسيم الميراث ما لم يعلم حصر الورثة في العدد، ويمتنع تعيين سهم من الأسهم ما لم تعلم صفات الورثة من الذكورة والأنوثة والحجب والحرمان.
وبالجملة فالمفاسد المترتبة على المتعة مضرة جدا ولا سيما في الأمور الشرعية كالنكاح والميراث، فلهذا حصر الله سبحانه أسباب حل الوطء في شيئين: النكاح الصحيح وملك اليمين؛ لأن الاختصاص التام الحاصل بين المرء وزوجته بسبب هذين العقدين ليحفظ الولد ويعلم الإرث، قال تعالى {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} وعقب هذا في الموضعين بقوله {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وظاهر أن امرأة المتعة ليست بزوجة - وإلا تحققت لوازم الزوجية فيها من الإرث والعدة والطلاق والنفقة والكسوة وغيرها - وليست هي أيضا بملك يمين وإلا لجاز بيعها وهبتها وإعناقها. وقد اعترف فقهاء الشيعة بأن الزوجية بين المرء وامرأة المتعة لا تكون متحققة، وقال ابن بابويه في كتاب (الاعتقادات) (1) إن أسباب حل المرأة عندنا أربعة: النكاح وملك اليمين، والمتعة، والتحليل. (2) وقال تعالى {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} فلو كانت المتعة والتحليل جائزين لم يأمر بالاستعفاف. وقال تعالى {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم - إلى قوله - ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم} فلو جازت المتعة والتحليل لما كان خوف العنت (3) والحاجة إلى نكاح الإماء وإلى الصبر في ترك نكاحهن متحققا.
وما قالت الشيعة إن قوله تعالى {فما استمعتم به منهن فآتوهن
(1) قال ابن بابويه في مكان آخر: «اعلم أن وجوه النكاح الذي أمر بها الله عز وجل أربعة أوجه: نكاح الميراث
…
نكاح المتعة
…
ملك اليمين
…
نكاح التحليل». فقه الرضا: ص 232 - 233.
(2)
نكاح التحليل عند الإمامية: «هو أن يحل الرجل أو المرأة فرج الجارية مدة معلومة، فإن كانت لرجل فعليه قبل تحليلها أن يستبرئها بعد أن تنقضي أيام التحليل، وإن كانت لامرأة استغنى عن ذلك» . فقه الرضا: ص 233.
(3)
أخرج الكليني عن أبي بصير قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن المتعة فقال: نزلت في القرآن» . الكافي: 5/ 448؛ وينظر أبواب المتعة في وسائل الشيعة: 21/ 5 وما بعدها.
أجورهن فريضة} نزل في حل المتعة (1) فغلط محض، ونسبة روايته إلى ابن مسعود وغيره من الصحابة محض افتراء، وإن نقل في تفاسير أهل السنة (2) غير المعتبرة أيضا فإنه خلاف نظم القرآن وكل تفسير كذلك ليس بمسموع ولا مقبول ولو كان من رواية صحابي، لأنه سبحانه بين أولا المحرمات بقوله تعالى {حرمت عليكم أمهاتكم - إلى قوله - والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} ثم قال {وأحل لكم ما وراء ذلكم} أى غير المحرمات المذكورة، ولكن بشرط أن تبتغوا بأموالكم من المهور والنفقات، فبطل بهذا الشرط تحليل الفروج وإعارتها، فإنها منفعة محضة بلا حرج، ثم قال {محصنين غير مسافحين} (3) يعني في حال كونكم مخصصين أزواجكم بأنفسكم ومحافظين لهن لكي لا يرتبطن بالأجانب ولا تقصدوا بهن محض قضاء شهوتكم وصب مائكم واستبراء أوعية المني. فبطلت المتعة بهذا القيد أصلا، لأن امرأة المتعة كل شهر تحت صاحب، بل كل يوم في حجر ملاعب.
ثم فرع على النكاح قوله {فما استمتعتم به منهن} الآية، يعني إذا قررتم الصداق في النكاح فإن تمتعتم به منهن بالدخول والوطء يلزمكم تمام المهر وإلا فنصفه، فقطع هذه الآية عما قبلها وحملها على الاستئناف باطل صريح باعتبار العربية، لأن الفاء تأبى القطع والابتداء، بل تجعل ما بعدها مربوطا بما قبلها. (4)
وما يروون أن عبد الله بن مسعود كان يقرأ هذه الآية مع ضم «إلى أجل» بعد {منهن} فغير صحيح لأن هذه الرواية لم توجد في كتاب من كتب أهل السنة المعتبرة، (5) ولو سلمنا ثبوتها في قراءة منسوخة فهي لا تستعمل في إثبات الأحكام مع كون القراءة المشهورة المتواترة تخالفها. (6) ولو سلمنا ذلك لا نسلم دلالتها على المتعة أيضا لأن لفظ {إلى أجل مسمى} متعلق بالاستمتاع لا بنفس العقد، والمدة المتعينة في المتعة إنما تكون متعلقة بنفس العقد لا بالاستمتاع، فصار معنى الآية هكذا: فإن تمتعتم بالمنكوحات إلى مدة معينة فأدوا مهورهن تماما. وفائدة زيادة هذه العبارة دفع ما عسى أن يتوهم أن وجوب تمام المهر معلق بمضي تمام مدة النكاح كما اشتهر في العرف أن ثلث المهر يعجل والثلثين يجعلان مؤجلين إلى بقاء النكاح، فهذا التأجيل يحصل بتصرف المرأة واختيارها،
(1) روى ذلك الكليني، الكافي: 5/ 448؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: 7/ 250؛ تفسير العياشي: 1/ 233.
(2)
ينظر ما قاله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: 5/ 130؛ وابن كثير في التفسير: 1/ 475.
(3)
قال الزجاج: «المسافحة والسافح الزانيان اللذان لا يمتنعان من أحد» . روح المعاني: 5/ 4.
(4)
روح المعاني: 5/ 5.
(5)
قال الطبري: «وأما ما روي عن أُبي بن كعب وابن عباس من قراءتها: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)، فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين، وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئا لم يأت الخبر القاطع» . تفسير الطبري: 5/ 13.
(6)
وهو ما أقر به الخوئي حيث قال: «هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف» . البيان: ص 165.