الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كانوا ستمائة، {وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا} [الأحزاب: 26] وَهْمُ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِي، يُقَالُ: كَانُوا سبعمائة وخمسين، ويقال: سبعمائة.
[27]
{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} [الأحزاب: 27] بَعْدُ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي خَيْبَرَ، قَالَ قَتَادَةُ كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهَا مَكَّةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: فَارِسُ وَالرُّومُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: كُلُّ أَرْضٍ تُفْتَحُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 27]
[28]
قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28] مُتْعَةَ الطَّلَاقِ، {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]
[29]
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29] سبب الْآيَةِ أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلْنَهُ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا وَطَلَبْنَ مِنْهُ زِيَادَةً فِي النَّفَقَةِ وَآذَيْنَهُ بِغَيْرَةِ بعضهن على بعض فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ بَدَأَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ، وَكَانَتْ أَحَبَّهُنَّ إِلَيْهِ فَخَيَّرَهَا وَقَرَأَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ فَاخْتَارَتِ الله ورسوله والدار الآخرة، فرؤي الْفَرَحُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وتابعنها عَلَى ذَلِكَ (1) قَالَ قَتَادَةُ: فَلَمَّا اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ شَكَرَهُنَّ اللَّهُ على ذلك فَقَالَ: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52]
[30]
{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الأحزاب: 30] بمعصية ظاهرة وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ بِالْفَاحِشَةِ النُّشُوزُ وَسُوءُ الْخُلُقِ، {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ: (نُضَعِّفُ) بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِهَا، الْعَذَابَ نَصْبٌ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وفتح العين {الْعَذَابُ} [الأحزاب: 30] رَفْعٌ وَيُشَدِّدُهَا أَبُو جَعْفَرٍ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَشَدَّدَ أَبُو عَمْرٍو هَذِهِ وحدها لقوله:{ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: (يُضَاعَفُ) بِالْأَلِفِ وَفَتْحِ العين، {الْعَذَابُ} [الأحزاب: 30] رَفْعٌ، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ بَعَّدَ وَبَاعَدَ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو عُبَيْدَةَ: ضَعَّفْت الشَّيْءَ إِذَا جَعَلْتَهُ مثليه وضاعفته جَعَلْتَهُ أَمْثَالَهُ. {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [الأحزاب: 30] قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَ عَذَابُهَا عَلَى الله هاهنا وَتَضْعِيفُ عُقُوبَتِهِنَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لِشَرَفِهِنَّ كَتَضْعِيفِ عُقُوبَةِ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَتَضْعِيفِ ثَوَابِهِنَّ لِرَفْعِ مَنْزِلَتِهِنَّ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُنَّ أَشْرَفُ نِسَاءِ العالمين.
[قوله تعالى وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ]
صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا. . .
[31]
{وَمَنْ يَقْنُتْ} [الأحزاب: 31] يطع، {مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31] أي مثل أَجْرِ غَيْرِهَا، قَالَ مُقَاتِلٌ: مَكَانَ كل حسنة عشرين حسنة. {وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 31] حَسَنًا يَعْنِي الْجَنَّةَ.
[32]
{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ لَيْسَ قَدْرُكُنَّ عِنْدِي مِثْلَ قَدْرِ غَيْرِكُنَّ مِنَ النِّسَاءِ الصَّالِحَاتِ أَنْتُنَّ أَكْرَمُ عَلِيَّ وَثَوَابُكُنَّ أَعْظَمُ لَدَيَّ وَلَمْ يَقُلْ كَوَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْأَحَدَ عَامٌّ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكِّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [الْبَقَرَةِ: 285] وَقَالَ: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الْحَاقَّةِ: 47]{إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} [الأحزاب: 32] الله أَطِعْنَهُ، {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب: 32] لَا تَلِنَّ بِالْقَوْلِ لِلرِّجَالِ وَلَا تُرَقِّقْنَ الْكَلَامَ، {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32] أَيْ فُجُورٌ وَشَهْوَةٌ، وَقِيلَ: نِفَاقٌ، وَالْمَعْنَى لَا تَقُلْنَ قَوْلًا يَجِدُ مُنَافِقٌ أَوْ فَاجِرٌ بِهِ سَبِيلًا إِلَى الطَّمَعِ فَيُكِنَّ، وَالْمَرْأَةُ مَنْدُوبَةٌ إلى الغلظة في المنالة إِذَا خَاطَبَتِ الْأَجَانِبَ لِقَطْعِ الْأَطْمَاعِ، {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32] ما يوجبه الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ بِتَصْرِيحٍ وَبَيَانٍ مِنْ غَيْرِ خُضُوعٍ.
[33]
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَعَاصِمٌ {وَقَرْنَ} [الأحزاب: 33] بِفَتْحِ الْقَافِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا فَمَنْ فَتْحَ الْقَافَ فَمَعْنَاهُ: اقْرَرْنَ أَيْ الْزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قررت بالمكان أقر قرا، ويقال: قَرَرْتُ أَقَرُّ وَقَرَرْتُ أَقِرُّ وَهُمَا لغتان،
(1) أي بقية نسائه، انظر فتح الباري 8 / 519 مسلم (1475) 2 / 1105 - 1108، الطبري 21 / 156 شرح السنة 9 / 215.
فَحُذِفَتِ الرَّاءُ الْأُولَى الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ لِثِقَلِ التَّضْعِيفِ وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الْقَافِ كَقَوْلِهِمْ: فِي ظللت ظلت وَمَنْ كَسَرَ الْقَافَ فَقَدْ قِيلَ: هُوَ مِنْ قَرَرْتُ أَقَرُّ مَعْنَاهُ اقْرَرْنَ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَحُذِفَتِ الْأُولَى وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى الْقَافِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقِيلَ: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ أَمَرٌ مِنَ الْوَقَارِ كَقَوْلِهِمْ مِنَ الْوَعْدِ عِدْنَ وَمِنَ الْوَصْلِ صِلْنَ أَيْ كُنَّ أَهْلَ وَقَارٍ وَسُكُونٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: وَقَرَ فُلَانٌ يَقِرُ وُقُورًا إِذَا سَكَنَ وَاطْمَأَنَّ، {وَلَا تَبَرَّجْنَ} [الأحزاب: 33] قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: التَّبَرُّجُ هُوَ التَّكَسُّرُ وَالتَّغَنُّجُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: هُوَ التَّبَخْتُرُ. وَقِيلَ: هُوَ إِظْهَارُ الزِّينَةِ وَإِبْرَازُ الْمَحَاسِنِ لِلرِّجَالِ، {تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] اخْتَلَفُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى. قَالَ الشَّعْبِيُّ: هِيَ مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هِيَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ ذَلِكَ فِي زمن نمرود الجبار، وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ، وَكَانَتْ أَلْفَ سنة. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى مَا ذَكَرْنَا وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى قَوْمٌ يَفْعَلُونَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ. وَقِيلَ: قَدْ تُذْكَرُ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أُخْرَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} [النَّجْمِ: 50] وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أُخْرَى. قوله تعالى: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: 33] أَرَادَ بِالرِّجْسِ الْإِثْمَ الَّذِي نَهَى اللَّهُ النِّسَاءَ عَنْهُ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي عَمَلَ الشَّيْطَانِ وَمَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا، وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي السُّوءَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الرِّجْسُ الشَّكُّ، وَأَرَادَ بِأَهْلِ الْبَيْتِ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُنَّ فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَلَا قَوْلَهُ:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} [الأحزاب: 34] وَذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعَيْنَ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّهُمْ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ والحسن والحسين، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حَرُمَ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وآل جعفر وآل عباس.
[34]
قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} [الأحزاب: 34] أي القرآن، {وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي السَّنَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَحْكَامُ الْقُرْآنِ وَمَوَاعِظُهُ. {إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 34] أَيْ لَطِيفًا بِأَوْلِيَائِهِ خَبِيرًا بِجَمِيعِ خَلْقِهِ.
[35]
قَوْلُهُ عز وجل: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] الْآيَةَ. وَذَلِكَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ ذكر الرِّجَالَ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَذْكُرِ النِّسَاءَ بِخَيْرٍ، فَمَا فِينَا خَيْرٌ نذكر به، إنا نخاف ألا يَقْبَلَ اللَّهُ مِنَّا طَاعَةً فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ} [الأحزاب: 35] المطيعين