الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزن فَعَّال، وجر الميم، {لَا يَعْزُبُ} [سبأ: 3] لَا يَغِيبُ، {عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ} [سبأ: 3] أَيْ مِنَ الذَّرَّةِ، {وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: 3]
[4]
{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ} [سبأ: 4] يعني الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [سبأ: 4] حَسَنٌ يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ.
[5]
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا} [سبأ: 5] في إبطال أدلتنا، {مُعَاجِزِينَ} [سبأ: 5] يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَفُوتُونَنَا، {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} [سبأ: 5] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ. {أَلِيمٌ} [سبأ: 5] بِالرَّفْعِ هَاهُنَا وَفِي الْجَاثِيَةِ عَلَى نَعْتِ الْعَذَابِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْخَفْضِ عَلَى نَعْتِ الرِّجْزِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الرِّجْزُ سُوءُ الْعَذَابِ.
[6]
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [سبأ: 6] يَعْنِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، {الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [سبأ: 6] يعني القرآن، {هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6] يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، {وَيَهْدِي} [سبأ: 6] يَعْنِي الْقُرْآنَ، {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سبأ: 6] وَهُوَ الْإِسْلَامُ.
[7]
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سبأ: 7] مُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ مُتَعَجِّبِينَ مِنْهُ، {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ} [سبأ: 7] أي يخبركم يَعْنُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، {إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 7] قُطِّعْتُم كُلَّ تَقْطِيعٍ وَفُرِّقْتُم كُلَّ تَفْرِيقٍ وَصِرْتُم تُرَابًا {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سبأ: 7] يَقُولُ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جديد.
[قوله تعالى أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ]
الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ. . .
[8]
{أَفْتَرَى} [سبأ: 8] أَلِفُ اسْتِفْهَامٍ دَخَلَتْ عَلَى أَلِفِ الْوَصْلِ وَلِذَلِكَ نَصَبَتْ، {عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8] يَقُولُونَ: أَزَعَمَ كَذِبًا أَمْ بِهِ جُنُونٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ:{بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} [سبأ: 8] من الحق في الدنيا.
[9]
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [سبأ: 9] فَيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ حَيْثُ كَانُوا فَإِنَّ أَرْضِي وَسَمَائِي مُحِيطَةٌ بِهِمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ أَقْطَارِهَا وَأَنَا الْقَادِرُ عَلَيْهِمْ، {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ} [سبأ: 9] قرأ الكسائي {نَخْسِفْ بِهِمُ} [سبأ: 9] بِإِدْغَامِ الْفَاءِ فِي الْبَاءِ، {أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} [سبأ: 9] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: إِنْ يَشَأْ يَخْسِفْ أَوْ يُسْقِطْ، بِالْيَاءِ فِيهِنَّ لذكر الله من قبل، قرأ الْآخَرُونَ بِالنُّونِ فِيهِنَّ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ} [سبأ: 9] أَيْ فِيمَا تَرَوْنَ مِنَ السَّمَاءِ والأرض، {لَآيَةً} [سبأ: 9] تَدُلُّ عَلَى قُدْرَتِنَا عَلَى الْبَعْثِ {لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [سبأ: 9] تَائِبٍ رَاجِعٍ إِلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ.
[10]
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا} [سبأ: 10] يَعْنِي النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ، وَقِيلَ: الْمُلْكُ. وَقِيلَ: جَمِيعُ مَا أُوتِيَ مِنْ حُسْنِ الصَّوْتِ وَتَلْيِينِ الْحَدِيدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا خُصَّ بِهِ، {يَا جِبَالُ} [سبأ: 10] أَيْ وَقُلْنَا: يَا جِبَالُ، {أَوِّبِي} [سبأ: 10] أي سبحي، {مَعَهُ} [سبأ: 10] إذا سبح، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَصْلُهُ مِنَ التَّأْوِيبِ فِي السَّيْرِ وَهُوَ أَنْ يَسِيرَ النهار كله فينزل ليلا بِالتَّسْبِيحِ مَعَهُ. وَقَالَ وَهْبٌ: نَوِّحِي معه، {وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10] عُطِفَ عَلَى مَوْضِعِ الْجِبَالِ، لِأَنَّ كُلَّ مُنَادَى فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَسَخَّرْنَا وَأَمَرْنَا الطَّيْرَ أَنْ تُسَبِّحَ مَعَهُ. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ: وَالطَّيْر بِالرَّفْعِ رَدًّا عَلَى الْجِبَالِ أي أوبي أنت والطير {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10] حَتَّى كَانَ الْحَدِيدُ فِي يَدِهِ كالشمع والعجين يعمل فيه مَا يَشَاءُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ ولا ضرب مطرقة.
[11]
{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] دُرُوعًا كَوَامِلَ وَاسِعَاتٍ طِوَالًا تَسْحَبُ فِي الْأَرْضِ، {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: 11] واسرد نَسْجُ الدُّرُوعِ، يُقَالُ لِصَانِعِهِ: السَّرَّادُ وَالزَّرَّادُ، يَقُولُ: قَدِّرِ الْمَسَامِيرَ فِي حَلَقِ الدِّرْعِ أَيْ لَا تَجْعَلِ الْمَسَامِيرَ دِقَاقًا فَتُفْلِتُ وَلَا غِلَاظًا فَتَكْسِرُ الْحَلَقَ، وَيُقَالُ: السَّرْدُ الْمِسْمَارُ فِي الْحَلْقَةِ، يُقَالُ: دِرْعٌ مَسْرُودَةٌ أَيْ مَسْمُورَةُ الْحَلَقِ، وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ اجْعَلْهُ عَلَى الْقَصْدِ وَقَدْرِ الحاجة، {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [سبأ: 11] يُرِيدُ دَاوُدَ وَآلَهُ، {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: 11]
[12]
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ} [سبأ: 12] أَيْ وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ الريحُ بالرفع أي سخر له الريحُ، {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: 12] أَيْ سَيْرُ غُدُوِّ تِلْكَ الرِّيحِ الْمُسَخَّرَةِ لَهُ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَسَيْرُ رَوَاحِهَا مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَكَانَتْ تَسِيرُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سبأ: 12] أَيْ أَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ النُّحَاسِ، والقطر النحاس {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [سبأ: 12] بِأَمْرِ رَبِّهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَخَّرَ اللَّهُ الْجِنَّ لِسُلَيْمَانَ وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ فِيمَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ، {وَمَنْ يَزِغْ} [سبأ: 12] أي يعدل، {مِنْهُمْ} [سبأ: 12] من الجن، {عَنْ أَمْرِنَا} [سبأ: 12] الَّذِي أَمَرْنَا بِهِ مِنْ طَاعَةِ سُلَيْمَانَ، {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبأ: 12] فِي الْآخِرَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل وَكَّلَ بِهِمْ مَلَكًا بِيَدِهِ سَوْطٌ مِنْ نَارٍ فَمَنْ زَاغَ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِ سُلَيْمَانَ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَحْرَقَتْهُ.
[13]
{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ} [سبأ: 13] أي مساجد والأبنية المرتفعة قوله: {وَتَمَاثِيلَ} [سبأ: 13] أَيْ كَانُوا يَعْمَلُونَ لَهُ تَمَاثِيلَ أَيْ صُوَرًا مِنْ نُحَاسٍ وَصُفْرٍ وَشَبَّةٍ وَزُجَاجٍ وَرُخَامٍ. وَقِيلَ: كَانُوا يصورون السباع والطير. وَقِيلَ: كَانُوا يَتَّخِذُونَ صُوَرَ الْمَلَائِكَةِ والأنبياء والصالحين في المسجد لِيَرَاهَا النَّاسُ فَيَزْدَادُوا عِبَادَةً، وَلَعَلَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً فِي شَرِيعَتِهِمْ، كَمَا أَنَّ عِيسَى كَانَ يَتَّخِذُ صُوَرًا مِنَ الطِّينِ فَيَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طيرا بإذن الله. {وَجِفَانٍ} [سبأ: 13] أَيْ قِصَاعٍ وَاحِدَتُهَا جَفْنَةٌ، {كَالْجَوَابِ} [سبأ: 13] كَالْحِيَاضِ الَّتِي يُجْبَى فِيهَا الْمَاءُ أي يجمع واحدتها جابية {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} [سَبَأٍ: 13] أَيْ وَقُلْنَا: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا، مَجَازُهُ: اعْمَلُوا يَا آلَ دَاوُدَ بِطَاعَةِ اللَّهِ شُكْرًا لَهُ عَلَى نِعَمِهِ، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] أَيِ الْعَامِلُ بِطَاعَتِي شُكْرًا لِنِعْمَتِي قِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ آلِ دَاوُدَ هُوَ دَاوُدُ نَفْسُهُ. وَقِيلَ: دَاوُدُ وسليمان وأهل بيته.
[14]
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} [سبأ: 14] أَيْ عَلَى سُلَيْمَانَ، قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: كَانَ سُلَيْمَانُ عليه السلام يَتَجَرَّدُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، وَالشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَأَقَلَّ مِنْ ذلك وأكثر وَكَانَتِ الْجِنُّ تُخْبِرُ الْإِنْسَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ أَشْيَاءَ وَيَعْلَمُونَ مَا فِي غَدٍ، ثُمَّ دَخَلَ الْمِحْرَابَ فَقَامَ يُصَلِّي مُتَّكِئًا عَلَى عصاه فمات قائما وكانت الْجِنُّ يَعْمَلُونَ تِلْكَ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي حَيَاتِهِ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ حَيٌّ وَلَا يُنْكِرُونَ احْتِبَاسَهُ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى النَّاسِ لِطُولِ صَلَاتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَمَكَثُوا يَدْأَبُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ حَوْلًا كَامِلًا حَتَّى أَكَلَتِ الْأَرَضَةُ عَصَا سُلَيْمَانَ، فَخَرَّ مَيِّتًا فعلموا بموته فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} [سبأ: 14] وهي الأرضة التي، {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14] يعني عصاه {فَلَمَّا خَرَّ} [سبأ: 14] أَيْ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ، {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} [سبأ: 14] أَيْ عَلِمَتِ الْجِنُّ وَأَيْقَنَتْ، {أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 14] أَيْ فِي