الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَخَلَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ. {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40] يعني: يَنْصُرُ دِينَهُ وَنَبِيَّهُ، {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]
[41]
{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج: 41] قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا مِنْ صِفَةِ ناصريه ومعنى مكناهم نَصَرْنَاهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ حَتَّى يَتَمَكَّنُوا في البلاد قال: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. قال الحسن: هَذِهِ الْأُمَّةُ {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41] يعني: آخَرُ أُمُورِ الْخَلْقِ وَمَصِيرُهُمْ إِلَيْهِ يَعْنِي يُبْطَلُ كُلُّ مُلْكٍ سِوَى مُلْكِهِ فَتَصِيرُ الْأُمُورُ إِلَيْهِ بِلَا منازع ولا مدع.
[42]
قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} [الحج: 42] يُعَزِّي نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، {فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ} [الحج: 42]
[43]
{وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ} [الحج: 43]
[44]
{وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} [الحج: 44] يعني: أَمْهَلْتُهُمْ وَأَخَّرْتُ عُقُوبَتَهُمْ، {ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} [الحج: 44] عاقبتهم، {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} [الحج: 44] يعني: إِنْكَارِي، أَيْ: كَيْفَ أَنْكَرْتُ عَلَيْهِمْ مَا فَعَلُوا مِنَ التَّكْذِيبِ بِالْعَذَابِ وَالْهَلَاكِ يُخَوِّفُ بِهِ مَنْ يُخَالِفُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ويكذبه.
[45]
{فَكَأَيِّنْ} [الحج: 45] فكم {مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} [الحج: 45] بِالنُّونِ وَالْأَلِفِ عَلَى التَّعْظِيمِ، {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [الحج: 45] يعني: وأهلها ظالمون، {فَهِيَ خَاوِيَةٌ} [الحج: 45] ساقطة {عَلَى عُرُوشِهَا} [الحج: 45] على سقوفها، {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} [الحج: 45] يعني وَكَمْ مِنْ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ مَتْرُوكَةٍ مُخْلَاةٍ عَنْ أَهْلِهَا {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: 45] قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: رَفِيعٌ طَوِيلٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ: شَادَ بِنَاءَهُ إِذَا رَفَعَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ: مُجَصَّصٌ مِنَ مشيد، وهو الجص.
[46]
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [الحج: 46] يَعْنِي: كَفَّارَ مَكَّةَ فَيَنْظُرُوا إِلَى مَصَارِعِ الْمُكَذِّبِينَ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الحج: 46] يَعْنِي: مَا يُذْكَرُ لَهُمْ مِنْ أَخْبَارِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46] ذَكَرَ الَّتِي فِي الصُّدُورِ تَأْكِيدًا كَقَوْلِهِ: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الْأَنْعَامِ: 38] مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَمَى الضَّارَّ هُوَ عَمَى الْقَلْبِ، فَأَمَّا عَمَى الْبَصَرِ فَلَيْسَ بِضَارٍّ فِي أَمْرِ الدِّينِ، قَالَ قَتَادَةُ: الْبَصَرُ الظَّاهِرُ بُلْغةٌ وَمُتْعَةٌ وَبَصَرُ الْقَلْبِ هُوَ الْبَصَرُ النَّافِعُ.
[قوله تعالى وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ]
وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. . . . .
[47]
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} [الحج: 47] نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ حَيْثُ قَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ. {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} [الحج: 47] فأُنجز ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ. {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ السِّتَّةِ الَّتِي خَلَقَ الله فيها السماوات وَالْأَرْضَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبْشِرُوا يا معاشر صَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَذَلِكَ مِقْدَارُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ» (1) قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هذه أيام الآخرة: وقوله: (مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ يَسْتَعْجِلُونَ بِالْعَذَابِ، وَإِنَّ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ عَذَابِهِمْ فِي الْآخِرَةِ أَلْفُ سَنَةٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إن يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الْعَذَابِ الَّذِي اسْتَعْجَلُوهُ فِي الثِّقَلِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالشِّدَّةِ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، فَكَيْفَ تَسْتَعْجِلُونَهُ هَذَا كَمَا يُقَالُ: أَيَّامُ الْهُمُومِ طِوَالٌ، وَأَيَّامُ السُّرُورِ قِصَارٌ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ يَوْمًا عِنْدَهُ وَأَلْفَ سَنَةٍ فِي الْإِمْهَالِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ مَتَى شَاءَ أَخَذَهُمْ لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ بِالتَّأْخِيرِ فَيَسْتَوِي فِي قُدْرَتِهِ وُقُوعُ مَا يَسْتَعْجِلُونَ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ وَتَأَخُّرِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ.
[48]
{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا} [الحج: 48] يعني أَمْهَلْتُهَا، {وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ} [الحج: 48]
(1) أخرجه أبو داود في العلم 5 / 255 قال المنذري: في إسناده المعلى بن زياد وفيه مقال.
[49]
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الحج: 49]
[50]
{فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الحج: 50] الرِّزْقُ الْكَرِيمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَدًا. وَقِيلَ: هُوَ الْجَنَّةُ.
[51]
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا} [الحج: 51] يعني عَمِلُوا فِي إِبْطَالِ آيَاتِنَا، {مُعَاجِزِينَ} [الحج: 51] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو معجزين بالتشديد ههنا وفي سورة سبأ يعني مُثَبِّطِينَ النَّاسَ عَنِ الْإِيمَانِ، وَقَرَأَ الآخرون {مُعَاجِزِينَ} [الحج: 51] بالألف يعني مُعَانِدِينَ مُشَاقِّينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ. مَعْنَاهُ ظَانِّينَ وَمُقَدِّرِينَ أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَنَا بِزَعْمِهِمْ ألا بَعْثَ وَلَا نُشُورَ وَلَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ، وَمَعْنَى يُعْجِزُونَنَا أَيْ يفوتوننا فلا نقدر عليهم، {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحج: 51] وَقِيلَ: مُعَاجِزِينَ مُغَالِبِينَ يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ.
[52، 53] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ} [الحج: 52] وَهُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ عيانًا، {وَلَا نَبِيٍّ} [الحج: 52] وهو الذي يكون نُبُوَّتُهُ إِلْهَامًا أَوْ مَنَامًا، وَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ، وَلَيْسَ كُلُّ نَبِيٍّ رسولا {إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} [الحج: 52] قَالَ بَعْضُهُمْ. أَيْ: أَحَبَّ شَيْئًا واشتهاه وحدث به نفسه مما لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52] يعني مُرَادِهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حديثه ما وجد إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا تَمَنَّى أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ قَوْمُهُ وَلَمْ يَتَمَنَّ ذَلِكَ نَبِيٌّ إِلَّا أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ مَا يَرْضَى بِهِ قَوْمُهُ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ. وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ قالوا: معنى قوله {تَمَنَّى} [الحج: 52] يعني تَلَا وَقَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى ألقى الشيطان في أمنيته يعني في تلاوته، {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [الحج: 52] أَيْ: يُبْطِلُهُ وَيُذْهِبُهُ، {ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: 52] فَيُثْبِتُهَا، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً} [الحج: 52 - 53] أي: محنة وبلية، {لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج: 53] شك ونفاق، {وَالْقَاسِيَةِ} [الحج: 53] يعني: الجافية، {قُلُوبِهِمْ} [الحج: 53] عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ} [الحج: 53] المشركين {لَفِي شِقَاقٍ} [الحج: 53] ضلال، {بَعِيدٍ} [الحج: 53] أَيْ: فِي خِلَافٍ شَدِيدٍ.
[54]
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [الحج: 54] التَّوْحِيدَ وَالْقُرْآنَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: التَّصْدِيقَ بنسخ الله تعالى، {أَنَّهُ} [الحج: 54] يعني: الَّذِي أَحْكَمَ اللَّهُ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ هُوَ {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ} [الحج: 54] أي: يعتقدون أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ، {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 54] يعني: فَتَسْكُنَ إِلَيْهِ قُلُوبُهُمْ، {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 54] أَيْ: طَرِيقٍ قَوِيمٍ هُوَ الْإِسْلَامُ.
[55]
{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} [الحج: 55] يعني فِي شَكٍّ مِمَّا أَلْقَى الشَّيْطَانُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مِنْهُ أَيْ مِنَ الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: مِنَ الدِّينِ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ. {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} [الحج: 55] يَعْنِي: الْقِيَامَةَ. وَقِيلَ: الْمَوْتُ {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: 55] قَالَ الضَّحَّاكُ وَعِكْرِمَةُ: عَذَابُ يَوْمٍ لَا لَيْلَةَ