الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[38]
{إِنْ هُوَ} [المؤمنون: 38] يَعْنِي الرَّسُولَ، {إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} [المؤمنون: 38] بِمُصَدِّقِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
[39، 40]{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} [المؤمنون: 39]{قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40] أَيْ: عَنْ قَلِيلٍ وَ (مَا) صلة، {لَيُصْبِحُنَّ} [المؤمنون: 40] ليصيرن، {نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40] عَلَى كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ.
[41]
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} [المؤمنون: 41] يعني صيحة العذاب، {بِالْحَقِّ} [المؤمنون: 41] قِيلَ: أَرَادَ بِالصَّيْحَةِ الْهَلَاكَ. وَقِيلَ: صَاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ صَيْحَةً فَتَصَدَّعَتْ قلوبهم، {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} [المؤمنون: 41] وَهُوَ مَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مِنْ حَشِيشٍ وَعِيدَانِ شَجَرٍ، مَعْنَاهُ: صَيَّرْنَاهُمْ هَلْكَى فَيَبِسُوا يَبَسَ الْغُثَاءِ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 41]
[42]
{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ} [المؤمنون: 42] يعني: أقواما آخرين.
[44]
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44] يعني: مُتَرَادِفِينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا غَيْرَ مُتَوَاصِلِينَ، لِأَنَّ بَيْنَ كُلِّ نَبِيِّينَ زَمَانًا طَوِيلًا وَهِيَ فَعَلَى مَنَ الْمُوَاتَرَةِ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ وَاتَرْتُ الخبر إذا أَتْبَعْتُ بَعْضَهُ بَعْضًا وَبَيْنَ الْخَبْرَيْنِ مهملة. {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا} [المؤمنون: 44] بِالْهَلَاكِ، أَيْ: أَهْلَكْنَا بَعْضَهُمْ فِي إثر بعض، {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [المؤمنون: 44] يعني سَمَرًا وَقَصَصًا يَتَحَدَّثُ مَنْ بَعْدَهُمْ بِأَمْرِهِمْ وَشَأْنِهِمْ، وَهِيَ جَمْعُ أُحْدُوثَةٍ. وَقِيلَ: جَمْعُ حَدِيثٍ. قَالَ الْأَخْفَشُ: إِنَّمَا هُوَ فِي الشَّرِّ وَأَمَّا فِي الْخَيْرِ فَلَا يُقَالُ جَعَلْتُهُمْ أَحَادِيثَ وَأُحْدُوثَةً إِنَّمَا يُقَالُ صَارَ فُلَانٌ حَدِيثًا، {فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 44]
[قوله تعالى ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا]
وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ. . . . .
[45]
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [المؤمنون: 45] يعني بِحُجَّةٍ بَيِّنَةٍ مِنَ الْيَدِ وَالْعَصَا. وَغَيْرِهِمَا.
[46]
{إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا} [المؤمنون: 46] تَعَظَّمُوا عَنِ الْإِيمَانِ، {وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ} [المؤمنون: 46] متكبرين قاهرين بالظلم.
[47]
{فَقَالُوا} [المؤمنون: 47] يَعْنِي فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} [المؤمنون: 47] يَعْنِي: مُوسَى وَهَارُونَ، {وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47] مُطِيعُونَ مُتَذَلِّلُونَ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَنْ دَانَ لِلْمَلِكِ عَابِدًا لَهُ.
[48]
{فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ} [المؤمنون: 48] بِالْغَرَقِ.
[49]
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [المؤمنون: 49] التوراة، {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [المؤمنون: 49] أَيْ لِكَيْ يَهْتَدِيَ بِهِ قَوْمُهُ.
[50، 51]{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50] دَلَالَةً عَلَى قُدْرَتِنَا، وَلَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ، قِيلَ: مَعْنَاهُ شَأْنُهُمَا آيَةٌ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَعَلْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا آيَةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} [الكَهْفِ: 33]{وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} [المؤمنون: 50] الرَّبْوَةُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْأَرْضِ، وَاخْتَلَفَتِ الْأَقْوَالُ فِيهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: هِيَ دِمَشْقٌ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمُقَاتِلٍ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: غُوطَةُ دِمَشْقَ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هِيَ الرَّمَلَةُ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَكَعْبٍ. وَقَالَ كَعْبٌ: هِيَ أَقْرَبُ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ مِصْرُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَرْضُ فلسطين. {ذَاتِ قَرَارٍ} [المؤمنون: 50] أَيْ: مُسْتَوِيَةٍ مُنْبَسِطَةٍ وَاسِعَةٍ يَسْتَقِرُّ عليها ساكنوها. {وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] فَالْمَعِينُ الْمَاءُ الْجَارِي الظَّاهِرُ الَّذِي تَرَاهُ الْعُيُونُ، مَفْعُولٌ مَنْ عَانَهُ يعنيه إذا أدركه البصر. قوله:{يا أَيُّهَا الرُّسُلُ} [المؤمنون: 51] قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ والكلبى وجماعة: أراد بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْعَرَبِ فِي مُخَاطَبَةِ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ عِيسَى وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ جَمِيعَ الرُّسُلِ عليهم السلام، {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51] أي الحلالات،
{وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51] الصَّلَاحُ هُوَ الِاسْتِقَامَةُ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ، {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]
[52]
{وَإِنَّ هَذِهِ} [المؤمنون: 52] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَإِنَّ بِكَسْرِ الْأَلِفِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَخَفَّفَ ابْنُ عَامِرٍ النُّونَ وَجَعَلَ إِنَّ صِلَةً مَجَازُهُ وهذه {أُمَّتُكُمْ} [المؤمنون: 52] قرأ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى مَعْنَى وَبِأَنَّ هَذَا تَقْدِيرُهُ بِأَنَّ هَذِهِ أَمَتُّكُمْ، أَيْ مِلَّتُكُمْ وَشَرِيعَتُكُمُ الَّتِي أنتم عليها، {أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: 52] أَيْ مِلَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ الْإِسْلَامُ؟ {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52] أَيْ: اتَّقُونِي لِهَذَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَمَرْتُكُمْ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ الْمُرْسَلِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ فَأَمْرُكُمْ وَاحِدٌ {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52] فاحذروني وَقِيلَ: هُوَ نَصْبٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، أَيِ: اعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ أُمَتُّكُمْ أَيْ مِلَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا ربكم فاتقون.
[53]
{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ} [المؤمنون: 53] دينهم، {بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 53] تَفَرَّقُوا فَصَارُوا فِرَقًا يَهُودًا وَنَصَارَى ومجوسا، {زُبُرًا} [المؤمنون: 53] أَيْ: فِرَقًا وَقِطَعًا مُخْتَلِفَةً، وَاحِدُهَا زَبُورٌ وَهُوَ الْفِرْقَةُ وَالطَّائِفَةُ، وَمِثْلُهُ الزُّبْرَةُ وَجَمْعُهَا زُبَرٌ، وَمِنْهُ. {زُبَرَ الْحَدِيدِ} [الكَهْفِ: 96] أَيْ: صَارُوا فِرَقًا كَزُبَرِ الْحَدِيدِ. وَقَرَأَ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ (زُبَرًا) بِفَتْحِ الْبَاءِ، قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ:(زُبُرًا) أَيْ: كُتُبًا يَعْنِي دَانَ كُلُّ فَرِيقٍ بِكِتَابٍ غَيْرِ الْكِتَابِ الَّذِي دَانَ بِهِ الْآخَرُونَ. وَقِيلَ: جَعَلُوا كُتُبَهُمْ قِطَعًا مُخْتَلِفَةً آمَنُوا بِالْبَعْضِ وَكَفَرُوا بِالْبَعْضِ، وَحَرَّفُوا الْبَعْضَ {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ} [المؤمنون: 53] أي: بما عندهم منهم الذين، {فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] مُعْجَبُونَ وَمَسْرُورُونَ.
[54]
{فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} [المؤمنون: 54] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي كُفْرِهِمْ وَضَلَالَتِهِمْ، وَقِيلَ: عَمَايَتِهِمْ، وَقِيلَ: غَفْلَتِهُمْ {حَتَّى حِينٍ} [المؤمنون: 54] إِلَى أَنْ يَمُوتُوا.
[55]
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ} [المؤمنون: 55] مَا نُعْطِيهِمْ وَنَجْعَلُهُ مَدَدًا لَهُمْ مِنَ الْمَالِ وَالْبَنِينَ فِي الدُّنْيَا.
[56]
{نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} [المؤمنون: 56] أي: نجعل لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ وَنُقَدِّمُهَا ثَوَابًا لِأَعْمَالِهِمْ لِمَرْضَاتِنَا عَنْهُمْ، {بَل لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: 56] أَنَّ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ لَهُمْ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُسَارِعِينَ فِي الْخَيْرَاتِ فَقَالَ:
[57]
{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} [المؤمنون: 57] أَيْ: خَائِفُونَ، وَالْإِشْفَاقُ: الْخَوْفُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ خَائِفُونَ مِنْ عِقَابِهِ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: الْمُؤْمِنُ مَنْ جَمَعَ إِحْسَانًا وَخَشْيَةً وَالْمُنَافِقُ مَنْ جَمَعَ إِسَاءَةً وَأَمْنًا.
[58]
{وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 58] يُصَدِّقُونَ.
[59]
{وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون: 59]
[60]
{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} [المؤمنون: 60] أَيْ: يُعْطُونَ مَا أُعْطُوا مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أنها كانت تقرأ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} [المؤمنون: 60] أَيْ: يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا مِنْ أعمال البر، {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] أَنَّ ذَلِكَ