الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى]
قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ. . .
[31]
{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} [العنكبوت: 31] مِنَ اللَّهِ بِإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، {قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} [العنكبوت: 31] يَعْنِي قَوْمَ لُوطٍ، وَالْقَرْيَةُ سَدُومُ، {إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ} [العنكبوت: 31]
[32]
{قال} [العنكبوت: 32] إِبْرَاهِيمُ لِلرُّسُلِ، {إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا} [العنكبوت: 32] قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ} [العنكبوت: 32] قرأ حمزة والكسائي ويعقوب: (لَنُنْجِيَهُ) بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ، {وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت: 32] أَيِ الْبَاقِينَ فِي الْعَذَابِ.
[33]
{وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا} [العنكبوت: 33] ظَنَّ أَنَّهُمْ مِنَ الْإِنْسِ، {سِيءَ بِهِمْ} [العنكبوت: 33] حزن بهم، {وَضَاقَ بِهِمْ} [العنكبوت: 33] بِمَجِيئِهِمْ {ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ} [العنكبوت: 33] مِنْ قَوْمِكَ عَلَيْنَا، {وَلَا تَحْزَنْ} [العنكبوت: 33] بِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُمْ، {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت: 33] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَيَعْقُوبُ: مُنَجُّوكَ بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ.
[34]
{إِنَّا مُنْزِلُونَ} [العنكبوت: 34] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِالتَّشْدِيدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ، {عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا} [العنكبوت: 34] عذابا، {مِنَ السَّمَاءِ} [العنكبوت: 34] قَالَ مُقَاتِلٌ: الْخَسْفُ وَالْحَصْبُ، {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [العنكبوت: 34]
[35]
{وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا} [العنكبوت: 35] مِنْ قَرْيَاتِ لُوطٍ، {آيَةً بَيِّنَةً} [العنكبوت: 35] عبرة ظاهرة، {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 35] يَتَدَبَّرُونَ الْآيَاتِ تَدَبُّرَ ذَوِي الْعُقُولِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْآيَةُ الْبَيِّنَةُ هي آثَارُ مَنَازِلِهِمُ الْخَرِبَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي أُهْلِكُوا بِهَا أَبْقَاهَا اللَّهُ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ ظُهُورُ الْمَاءِ الْأَسْوَدِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.
[36]
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [العنكبوت: 36] أَيْ وَأَرْسَلَنَا إِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا، {فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} [العنكبوت: 36] أي واخشوا الْيَوْمَ الْآخِرَ، {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [العنكبوت: 36]
[37]
{فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [العنكبوت: 37]
[38]
{وَعَادًا وَثَمُودَ} [العنكبوت: 38] أي وأهلكنا عادا وثمود، {وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ} [العنكبوت: 38] يَا أَهْلَ مَكَّةَ، {مِنْ مَسَاكِنِهِمْ} [العنكبوت: 38] مَنَازِلِهِمْ بِالْحِجْرِ وَالْيَمَنِ، {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [العنكبوت: 38] عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} [العنكبوت: 38] قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَقَتَادَةُ: كَانُوا مُعْجَبِينَ فِي دِينِهِمْ وَضَلَالَتِهِمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى، وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ مُسْتَبْصِرِينَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانُوا عقلاء ذوي بصائر.
[قوله تعالى وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ]
مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ. . .
[39]
{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} [العنكبوت: 39] أي وأهلكنا هَؤُلَاءِ، {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ} [العنكبوت: 39] بِالدَّلَالَاتِ، {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} [العنكبوت: 39] أَيْ فَائِتِينَ مِنْ عَذَابِنَا.
[40]
{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} [العنكبوت: 40] وَهُمْ قَوْمُ لُوطٍ، وَالْحَاصِبُ الرِّيحُ التي
تحمل الحصا وَهِيَ الْحَصَا الصِّغَارُ، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} [العنكبوت: 40] يَعْنِي ثَمُودَ، {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ} [العنكبوت: 40] يَعْنِي قَارُونَ وَأَصْحَابَهُ، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت: 40] يَعْنِي قَوْمَ نُوحٍ وَفِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 40]
[41]
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} [العنكبوت: 41] أي الْأَصْنَامَ يَرْجُونَ نَصْرَهَا وَنَفْعَهَا، {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} [العنكبوت: 41] لِنَفْسِهَا تَأْوِي إِلَيْهِ، وَإِنَّ بَيْتَهَا في غاية الضعف والوهن ، لَا يَدْفَعُ عَنْهَا حَرًّا وَلَا بردا فكذلك الْأَوْثَانُ لَا تَمْلِكُ لِعَابِدِيهَا نَفْعًا وَلَا ضَرًّا. {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41]
[42]
{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت: 42] قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَعَاصِمٌ يَدْعُونَ بِالْيَاءِ لِذِكْرِ الْأُمَمِ قَبْلَهَا، وَقَرَأَ الآخرون بالتاء.
[43]
{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ} [العنكبوت: 43] الأشباه والمثل كلام ساتر يَتَضَمَّنُ تَشْبِيهَ الْآخِرِ بِالْأَوَّلِ يُرِيدُ أَمْثَالَ الْقُرْآنِ الَّتِي شَبَّهَ بِهَا أَحْوَالَ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَحْوَالِ كفار الأمم المتقدمة، {نَضْرِبُهَا} [العنكبوت: 43] نبينها، {لِلنَّاسِ} [العنكبوت: 43] قال عطاء ومقاتل: لِكُفَّارِ مَكَّةَ، {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] مَا يَعْقِلُ الْأَمْثَالَ إِلَّا الْعُلَمَاءُ الذين يعقلون عن الله، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَا هَذِهِ الآية فقال:«الْعَالِمُ مَنْ عَقِلَ عَنِ اللَّهِ فعمل بطاعته واجتنب سخطه» .
[44]
قَوْلُهُ عز وجل: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [العنكبوت: 44] أَيْ لِلْحَقِّ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ} [العنكبوت: 44] في خلقها، {لَآيَةً} [العنكبوت: 44] لدلالة {لِلْمُؤْمِنِينَ} [العنكبوت: 44] عَلَى قُدْرَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ.
[45]
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} [العنكبوت: 45] يَعْنِي الْقُرْآنَ، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] الْفَحْشَاءُ مَا قُبِّحَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْمُنْكَرُ مَا لَا يُعْرَفُ فِي الشَّرْعِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: فِي الصَّلَاةِ مُنْتَهَى وَمُزْدَجَرٌ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَمَنْ لَمْ تَأْمُرْهُ صَلَاتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَهُ عن المنكر يزدد بصلاته بالمعروف ولم تنهه عن منكر لَمْ يَزْدَدْ بِصَلَاتِهِ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فَصَلَاتُهُ وَبَالٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى صَاحِبَهَا عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ مَا دَامَ فِيهَا. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالصَّلَاةِ الْقُرْآنَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] أي بقراءتك. وقيل: أراد أن يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ فَالْقُرْآنُ ينهاه عن الفحشاء والمنكر قَوْلُهُ عز وجل: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] أَيْ ذِكْرُ اللَّهِ أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ، قال رسول والله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُنْبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لكم من إنفاق الذهب والورق وخير "