الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأندلسيين؛ مع أن رواية ابن وهب عند اللخمي وغيره، فالأقسام ثلاثة:
الأول: أذن لها وصلاّها.
الثاني: صلاها ولَمْ يُؤذِّن لها، وقد تناولهما كلام المصنف وفاقاً لإطلاق اللخمي.
الثالث: أذّن لها ولم يُصلّها، وحَملُ كلام المصنف عليه غير سديد؛ لاتفاق رواية ابن وهب، ومفهوم نقل الثلاثة [8 / ب] عن أشهب، وقول بعض الأندلسيين عَلَى جواز أذانه لها ثانياً، ولا يعلم لهم مخالف، فتدبره. وبالله تعالى التوفيق.
[شروط صحة الصلاة]
شُرِطَ لِصَلاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وخَبَثٍ، وإِنْ رَعَفَ قَبْلَهَا ودَامَ أَخَّرَ لآخِرِ الاخْتِيَارِيِّ، وصَلَّى أَوْ فِيهَا وإِنْ عِيداً أَوْ جِنَازَةً وظَنَّ دَوَامَهُ لَهُ.
أَتَمَّهَا إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ.
قوله: (أَتَمَّهَا إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ) هذا الشرط لابد منه، ولا أعرفه فِي هذا الفرع بعينه إلاّ للشرمساحي؛ فإنه قال: فإن علم أنه لا ينقطع فلا معنى لقطع صلاته التي شرع فيها، وسواءً كان فِي بيته أو مسجد إِذَا كان محصباً، أو تراباً لا حصير عليه؛ لأن ذلك ضرورة، فيغسل الدم بعد فراغه، كما ترك الأعرابي يتمّ بوله فِي المسجد (1). انتهى. فإن كان فِي مسجد محصر (2) وخشي تلويثه قطع.
وأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ أَوْ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ لا جَسَدِهِ.
قوله: (وأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ أَوْ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ لا جَسَدِهِ) أي: إِذَا قلنا يتمها ولا يقطع، فإنه يجوز أن يوميء لخوف تأذي جسمه اتفاقاً، ولخوف تلطخ ثوبه. قال فِي " المقدمات ":
(1) حديث بول الأعرابي في المسجد أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6025)، كِتَاب الْأَدَبِ، باب الرفق في الأمر كله، ومسلم في صحيحه برقم (685) كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، والنسائي برقم (53) باب ترك التوقيت في الماء، وابن ماجه برقم (528) باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل، وأحمد، في المسند برقم (13007) من حديث أنس رضي الله عنه، وابن خزيمة برقم (293)، باب النهي عن البول في المساجد وتقذيرها، وابن حبان برقم (1401)، ذكر البيان بأن النجاسة المتفشية على الأرض إذا غلب عليها حتى أزال عينها طهرها.
(2)
أي مفروشاً بالحصير.
إجماعاً، وحكى غيره قولين: الجواز عن ابن حبيب وعدمه عن ابن مسلمة، وعَلَى الإيماء فقال فِي " تهذيب الطالب ": يوميء للركوع من قيام وللسجود من جلوس، وأما الخوف من تلطّخ بدنه فلا يبيح له الإيماء اتفاقاً؛ إذ الجسد لا يفسد. هذا تحصيله فِي " التوضيح "(1).
وإِنْ لَمْ يَظُنَّ ورَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ.
قوله: [(وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ورَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ) أي: الخمس العليا هذا ظاهر كلام الباجي خلاف ظاهر " المدوّنة "، بيّنه ابن عرفة فقال: وقول الباجي](2) عليا أنامل اليد اليسرى (3)، وقوله عن ابن نافع: عليا الأنامل الأربع قليل، يقتضي قصره عَلَى يد واحدة، وفيها فتله بأصابعه وأتمّ، فجاء بنصّ " المدوّنة " بعد كلام الباجي تنبيهاً عَلَى أن ظاهرها عدم الاقتصار عَلَى يدٍ واحدة ولذا قال أبو الحسن الصغير: فإن تخضّبت عليا أنامل اليسرى انتقل إِلَى عليا أنامل اليمنى، وقد قال الشارمساحي: وهو الذي يسميه المشارقة: مجهول الجلاب. وقيل: وأصابع اليمنى كذا فِي نسختي بالواو عَلَى الجمع.
وأما المصنف فِي " التوضيح " فإنما حكى عنه قولين فِي كون الفتل باليمنى فقط أو باليسرى فقط، ومثل ما للباجي لابن يونس عن مالك فِي المجموعة، وجعله ابن عبد السلام [المذهب] (4) فقال: وقالوا بأنامله الأربع مع أنه كالمتبريء قال فِي " التوضيح ": أي يفتله بإبهامه وعليا أنامله الأربع (5).
فَإِنْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ قَطَعَ.
قوله: (فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ) جعل هنا الدرهم من حيّز اليسير، وجعله فِي
(1) انظر: المنتقى، للباجي: 1/ 378، والمقدمات الممهدات، لابن رشد: 1/ 29، وانظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 245. وانظر تفصيل التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 315، 316.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(3)
في (ن 4): (يسير)،ونصّ الباجي:(الأنامل العليا من أصابع يده) فليسا من نصّه.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.
(5)
انظر: المدوّنة، لابن القاسم: 1/ 137، والمنتقى، للباجي: 1/ 375، والتوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 315.
المعفوات من حيّز الكثير حيث قال: (ودُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا (1)). فجمع بين القولين. قال فِي " التوضيح " فإن زاد إِلَى الوسطى قطع. هكذا حكى الباجي، وحكى ابن رشد: أن الكثير هو الذي يزيد إِلَى الأنامل الوسطى بقدر الدرهم فِي قول ابن حبيب وأكثر منه فِي رواية ابن زياد. انتهى. وفهم ابن عرفة قول ابن رشد عَلَى التفسير للمذهب فقال: وقليل (2) غيرها كدم غيره، ويؤيده أن ابن يونس فسّر به رواية المجموعة السابقة، ونحوه لعبد الحق فِي النكت، ولغير واحد (3).
إن لَطَّخَهُ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ.
قوله: (إنْ لَطَّخَهُ أَوْ خَشِي تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ) أما إن لطخ الزائد جسده أو ثوبه فيقطع، وأما إن خشي تلوث مسجد، وكان المسجد مفروشاً فلا يجوز له الفتل أصلاً، بل يخرج من أول ما يرشح، حكاه فِي " الذخيرة " عن سند بن عنان قال: وإنما شرع الفتل فِي المسجد المحصّب غير المفروش حتى ينزل المفتول فِي خلال الحصباء (4).
وإِلا فَلَهُ الْقَطْعُ ونُدِبَ [له](5) الْبِنَاءُ، فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ لِيَغْسِلَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَانٍ مُمْكِنٍ قَرُبَ.
قوله: (وإِلا فَلَهُ الْقَطْعُ ونُدِبَ الْبِنَاءُ) أي: فإن لَمْ يرشح فقط بل سال أو قطر ولَمْ يتلطخ منه بكثير فالقطع مباح والبناء مندوب، تغليباً للعمل، هذا قول مالك، وعكس ابن القاسم تغليباً للقياس؛ إلاّ أنه قال: يقطع بسلام أو كلام، فإن ابتدأ وم يتكلّم أعاد الصلاة حكاه فِي " المقدمات "(6).
(1) هذا فيما مرّ في إزالة النجاسة.
(2)
في الأصل، و (ن 2)، و (ن 3):(قائل).
(3)
انظر: المنتقى، للباجي، ولفظه:(وإن زاد على ذلك إلى الأنامل التي تليها فلينصرف): 1/ 375، وانظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 1/ 30، والتوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 315.
(4)
انظر: الذخيرة، للقرافي: 2/ 84.
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
(6)
انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 32.
ويَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلا عُذْرٍ [6 / ب] أوَ يَطَأُ نَجَساً ويَتَكَلَّمْ ولَوْ سَهْواً إنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ واسْتَخْلَفَ الإِمَامُ وفِي بِنَاءِ الْفَذِّ خِلافٌ وإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إِلا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ وأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وأَمْكَنَ وإِلا فَالأَقْرَبُ إلَيْهِ وإِلا بَطَلَتْ ورَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ ولَوْ بِتَشَهُّدٍ، وإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ ابْتَدَأَ ظُهْراً بِإِحْرَامٍ وسَلَّمَ وانْصَرَفَ إِنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلامِ إِمَامِهِ لا قَبْلَهُ.
قوله: (ويَسْتَدْبِرُ قِبْلَةً بِلا عُذْرٍ) كذا صرح به ابن العربي وهو المفهوم من كلام اللخمي وسند.
وفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقاً لأَوَّلِ الْجَامِعِ وإِلا بَطَلَتَا.
قوله: (وإِلا بَطَلَتَا) أي بطلت الصلاتان الأولى غير الجمعة، إن ظن بقاءه أو شكّ ولَمْ يرجع. الثانية:[الجمعة](1) إن خالف فيها ما أمر به فلم يرجع للجامع أو رجع فجاوز أول الجامع، هذا أعم ما يحمل عليه، وأمّا مجاوزة المكان القريب الممكن فِي المسألة السابقة فلا يتناوله لتقدمه فِي قوله أولا:([وإلا] (2) بطلت).
ولا يَبْنِي بِغَيْرِهِ كَظَنِّهِ فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ.
قوله: (كظنه فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ) كذا فِي آخر الصلاة الأول من " المدوّنة " قال فيها:
ومن انصرف من الصلاة لحدث أو رعاف ظن أنه أصابه ثم تبين أنه لا شيء به ابتداءً (3). انتهى، ونقْله عن غير " المدوّنة " قصور، وعليه: لو كان إماماً ففي صحة صلاة مأمومه. ثالثها إن كان لا يمكنه علم كذي ظلمة.
ومَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ.
قوله: (ومَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ). هذا الذي شهره ابن رشد فِي سماع أشهب
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من ن 4.
(3)
انظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 273. ونصّ المدونة: (الرجل يكون في الصلاة، فيظن أنه قد أحدث أو رعف فينصرف ليغسل الدم عنه أو ليتوضأ، ثم تبين له بعد ذلك أنه لم يصبه من ذلك شيء؟ قال: يرجع يستأنف الصلاة، ولا يبني) انظر: المدونة: 1/ 104.
من كتاب الصلاة قال: كما لا يفسد صيامه، بخلاف الذي يستقيء طائعاً. انتهى (1). وكأنه حمل قوله فِي " المدوّنة ": ومن تقيأ عامداً أو غير عامد ابتدأ الصلاة (2)[جملة](3) على غير المغلوب، وفِي بعض المقيّدات [9 / أ] أن نصّ " المدوّنة " فِي هذا مشكل، إلا أن يريد الكثير أو النجس أو المردود بعد إمكان الطرح، وفِي بعضها أنه قيل لأبي الحسن الصغير: لعله أراد أنه إِذَا ذهب للقيء لا يعود للبناء كما فِي الرعاف؟ فقال: صواب إلاّ أن الشيوخ حملوه عَلَى خلاف ذلك. انتهى.
ويعضد ما صوّبه قوله بعده: ولا يبني إلاّ فِي الرعاف، وأن أشهب خالف فيه، وكذا نقول هنا: أن غير المغلوب مندرج فِي قول المصنف، ولا يبني بغيره، وصرّح به فِي السهو إذ قال: وبتعمد كسجدة أو نفخ أو أكل أو شرب أو قيء، وقد استوفينا النقول عَلَى هذه المسألة فِي وضعنا عَلَى " المدوّنة " المسمى " بتكميل التقييد وتحليل التعقيد "(4). وبالله تعالى التوفيق.
وإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وقَضَاءٌ لِرَاعِفٍ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ أَواحداهُمَا، أَوْ لِحَاضِرٍ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ [صَلاةِ](5) مُسَافِرٍ، أَوْ خَوْفٍ بِحَضَرٍ، قَدَّمَ الْبِنَاءَ وجَلَسَ فِي آخِرَةِ الإِمَامِ ولَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ.
قوله: (لِرَاعِفٍ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ أَو احداهُمَا) يريد: وكذلك الناعس والغافل والمزحوم ونحوهم إِذَا كانوا مسبوقين، ذكره ابن عبد السلام، فلو قال: لكراعف بزيادة الكاف لكان (6) أشمل.
(1) انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 472.
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 203، ونص المدونة:(مَنْ قَاءَ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ فِي الصَّلَاةِ اسْتَأْنَفَ ولَمْ يَبْنِ، ولَيْسَ هُو بِمَنْزِلَةِ الرُّعَافِ عِنْدَهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الرُّعَافِ يَبْنِي وهَذَا لَا يَبْنِي) 1/ 38.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 4).
(4)
نقل الحطاب كلام ابن غازي، وكأنه رأى في عبارة المدونة ما رآه ابن غازي. انظر: مواهب الجليل: 1/ 495.
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر.
(6)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 2)، وقد نحا الدسوقي مثل ما للشارح هنا فقال: فالأولى أن يقول: لكراعف في رباعية كعشاء أدرك منها مع الإمام الوسطيين وفاتته الأولى قبل دخوله معه، ورعف في الرابعة فخرج لغسله ففاتته). انظر: الشرح الكبير، للدردير: 1/ 208.