الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا نَزَعَهُمَا أَوْ أَعْلَيَيْهِ أَو أحدهُمَا بَادَرَ لِلأَسْفَلِ كَالْمُوَالاةِ، وإِنْ نَزَعَ رِجْلاً وعَسُرَتِ الأُخْرَى، وضَاقَ الْوَقْتُ فَفِي تَيَمُّمِهِ أَوْ مَسْحِهِ عَلَيْهِ أَوْ إِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ وإِلا مُزِّقَ، أَقْوَالٌ.
ونُدِبَ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ ووَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ ويُسْرَاهُ تَحْتَهَا ويُمِرُّهُمَا لِكَعْبَيْهِ وهَلِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ أَوِ الْيُسْرَى فَوْقَهَا تَأْوِيلانِ، ومَسْحُ أَعْلاهُ وأَسْفَلِهِ، وبَطَلَتْ إِنْ تَرَكَ أَعْلاهُ لا أَسْفَلَهُ فَفِي الْوَقْتِ [المختار](1).
قوله: (أَو أحدهُمَا) أي: أحد [المنفردين أو أحد الأعليين، فإِذَا نزع](2) أحد المنفردين نزع الآخر وغسل الرجلين، وإِذَا نزع أحد الأعليين مسح الذي تحته فقط، هذا قول ابن القاسم فِي المسألتين، ومقتضى سماع أشهب: ألا يجب خلع الخفّ الآخر فِي المسألتين، وقال ابن حبيب: لابد من خلعه فِي المسألتين، فهي ثلاثة أقوال قد حصّلها ابن رشد فِي سماع أشهب (3).
[فصل في التيمم]
يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ وسَفَرٍ أُبِيحَ، لِفَرْضٍ ونَفْلٍ، وحَاضِرٌ صَحَّ لِجَنَازَةٍ إِنْ تَعَيَّنَتْ، وفَرْضٍ غَيْرِ جُمُعَةٍ، ولا يُعِيدُ لا سُنَّةٍ، إِنْ عَدِمُوا مَاءً كَافِياً أَوْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضاً، أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ أَوْ عَطَشَ، مُحْتَرَمٍ مَعَهُ.
قوله: (ولا يُعِيدُ) أي لا يعيد حاضر الفرض الذي صلاه بالتيمم إِذَا وجد الماء، فهو كقوله فِي " المدوّنة ": ولا إعادة عليه إِذَا توضأ بعد ذلك فِي وقتٍ ولا غيره، ولمالك قول فِي الحضري: أنه يعيد إِذَا توضأ (4).
أَوْ بِطَلَبِهِ تَلَفَ مَالٍ أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ، وهَلْ إِنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ؟ خِلافٌ.
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(3)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 96، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 137، و1/ 143، 144.
(4)
انظر: المدوّنة، لابن القاسم: 1/ 44، والنوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 109، 110، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:67.
قوله: (أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ) يعني الاختياري، قال ابن رشد فِي رسم عبد استأذن من سماع عيسى: القول بأن من خاف طلوع الشمس تيمم: هو عَلَى القول بأن الصبح ليس لها وقت ضرورة، وأما عَلَى القول بأن لها وقت ضرورة - وهو الإسفار - فإنما يعالج طلب الماء ما لَمْ يخف أن يسفر؛ لأن الذي لا يجد الماء ينتقل إِلَى التيمم إِذَا خشي أن يفوته وقت الاختيار. انتهى (1). وأمّا ما قاله ابن عسكر (2) في " الإرشاد ": من اعتبار الضروري هنا غير معروف.
[5 / أ] وجَازَ جِنَازَةٌ وسُنَّةٌ ومَسُّ مُصْحَفٍ وقِرَاءَةٌ وطَوَافٌ ورَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إِنْ تَأَخَّرَتْ.
قوله: (وجَازَ جِنَازَةٌ وسُنَّةٌ ومَسُّ مُصْحَفٍ وقِرَاءَةٌ وطَوَافٌ ورَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إنْ تَأَخَّرَتْ). ظاهره أن هذه الأشياء يجوز أن تصلى بعد الفرض والنفل بتيممها، كما عند ابن الحاجب، إلاّ إنه زاد عليه ذكر الجنازة وعبّر عن ما دون الفرض من الصلوات بالسنة فتكون الرغيبة والنافلة أحرى.
فإن قلت: أما السنة فما دونها بعد الفرض فجوازها ظاهر، وكذلك بعد النفل، فقد ذكر فِي " النوادر ": عن ابن القاسم: أنه لا بأس أن يوتر بتيمم النفل (3)، وأما الجنازة إِذَا تعيّنت فكيف يصليها بتيمم غيرها؟ وأما الطواف فقد أطلقه هنا كابن الحاجب وهو يقول فِي " التوضيح ": ينبغي أن يقيّد بطواف النفل (4)، وقال ابن عرفة: ونقل ابن الحاجب الطواف بعد الفرض كالنفل لا أعرفه فِي واجبه فكيف به بعد النفل!.
(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 147، 148
(2)
هو: عبد الرحمن بن محمد بن عسكر، شهاب الدين، البغدادي، المالكي، له التصانيف الحسنة المفيدة، منها كتاب " المعتمد والعمدة " في الفقه، وكتاب " الإرشاد "، وله في الحديث وغيره تآليف مشهورة، توفي سنة: 732 هـ. انظر ترجمته في: الدرر الكامنة، لابن حجر: 3/ 135، وشذرات الذهب، لابن العماد، 3/ 102.
(3)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 119.
(4)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 427.، وانظر: جامع الأمهات، ص: 69، ونصه: (ولو نوى فرضاً جاز النفل بعده وكذلك الطواف وركعتاه).
قلت: لعل قوله بعد هذا: (لا فرض آخر) أعم من أن يكون [أحد](1) الخمس أو جنازة تعينت أو طوافاً واجباً، فيكون قيداً لما أطلق هنا فِي الجنازة والطواف، وليس فِي قوله بعد:(وبطل الثاني ولو مشتركة) ما يبعده ولابد، عَلَى أنّي لا أذكر الآن من صرّح بجواز التبعية فِي الجنازة لفرضٍ أو نفل تعينت أم لا؟
فإن قلت: قوله: (إن تأخرت)؛ إنما يحسن اشتراطه فِي تيمم الفرض لا تيمم النفل؟
قلت: يمكن أن يكون مفهومه بالنسبة لتيمم الفرض مفهوم مخالفة، وبالنسبة لتيمم النفل مفهوم موافقة يفرقه ذهن السامع، ولَمْ يصرح المصنف بشرط الاتصال وهو منصوص فِي سماع أبي زيد، ولا يشترط نية النافلة عند تيمم الفريضة، وقد ذكره ابن رشد (2).
لا فَرْضٌ آخَرَ وإِنْ قَصْداً وبَطَلَ الثَّانِي ولَوْ مُشْتَرَكَةً، لا بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ ولَزِمَ مُوَالاتُهُ.
قوله: (لا فَرْضٌ آخَرَ وإِنْ قَصْداً وبَطَلَ الثَّانِي ولَوْ مُشْتَرَكَةً) أي: لا يصلي بتيمم فرض فرضاً آخر وإن قصد الفرضين معاً بالتيمم الأول، فإن فعل بطل الفرض الثاني وأعاده أبداً، وصحّ الأول، قال ابن عبد السلام: ولا يقال إنه لما نوى [فرضين](3) ولا يستباح به إلا فرض واحد صار كأنه تيمم غير مشروع؛ لأن المقصود الأهم من النية استباحة [7 / ب] العبادة، وفعله فرضاً أو فرضين من لواحق التيمم، وأحد الفرضين منفصلٌ عن الآخر، والأول عبادة مستقلة بنفسها بخلاف من نوى فِي الذبيحة أن يجهز حتى يبين الرأس، أي: فإنه مختلف فيه، وما ذكر من بطلان الفرض الثاني هو ظاهر قول ابن القاسم فِي سماع أبي زيد، وهو قول مُطرِّف وابن الماجشون، وعَلَى هذا اقتصر ابن عرفة فِي عزوه، ونسبه فِي " النوادر " لابن القاسم من رواية ابن المواز مطلقاً، سواءً كانتا مشتركتي الوقت أم لا.
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(2)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 119، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 212، 213، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:69.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
قال الباجي: وهو [الذي](1) يناظر عليه أصحابنا، وقد نقل هذا فِي " التوضيح "، وأشار بقوله:(ولو مشتركة)(2) إِلَى قول أصبغ: إن كانتا مشتركتين أعاد الثانية فِي الوقت وإلاّ أعادها أبداً؛ وعليه فقيل: المعتبر الوقت الضروري، وقيل الاختياري، حكاهما ابن رشد فِي سماع أبي زيد (3).
وَقَبُولُ هِبَةِ مَاءٍ لا ثَمَنٍ أَوْ قَرْضُهُ وأَخْذُهُ بِثَمَنٍ اعْتِيدَ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وإِنْ بِذِمَّتِهِ وطَلَبَهُ لِكُلِّ صَلاةٍ، ولَوْ تَوَهَّمَهُ لا تَحَقَّقَ عَدَمُهُ طَلَباً لا يَشُقُّ بِهِ كَرُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ، أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ إنْ جَهِلَ بُخْلَهُمْ بِهِ ونِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلاةِ ونِيَّةُ أَكْبَرَ إنْ كَانَ، ولَوْ تَكَرَّرَتْ ولا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وتَعْمِيمُ وَجْهِهِ وكَفَّيْهِ لِكُوعَيْهِ ونَزَعُ خَاتَمِهُ. وصَعِيدٌ طَهُرَ كَتُرَابٍ وهُوَ الأَفْضَلُ، ولَوْ نُقِلَ وثَلْجٍ وخَضْخَاضٍ وفِيهَا: جَفَّفَ يَدَيْهِ، رُوِيَ بِجِيمٍ وخَاءٍ، وجِصٍّ لَمْ يُطْبَخْ، وبِمَعْدِنٍ غَيْرِ نَقْدٍ وجَوْهَرٍ.
قوله: (أَوْ قَرْضُهُ) لا أعرف عند أحدٍ من أهل المذهب هذا الفرع، إلاّ أن ابن عبد السلام لما تكلّم عَلَى من يبيع منه الماء بغير غبن، وهو محتاج لنفقة سفره، وأنه لا يلزمه قال: وإن كان مليا ببلده إلا أن يجد من يسلفه فيلزمه، ولها نظائر. انتهى. فإن كان المصنف لهذا أشار؛ فالضمير فِي قوله:(قَرْضُهُ) يعود عَلَى الثمن، وهو معطوف عَلَى المثبت لا المنفي، والمعنى: ولزمه قبول سلف ثمن يشتري به الماء إِذَا بُذل له ولَمْ يعجز عن القضاء لخفّة المنة فِي ذلك، وعَلَى هذا لو عطفه بالواو لكان أولى. والله تعالى أعلم.
ومَنْقُولٍ كَشَبٍّ ومِلْحٍ ولِمَرِيضٍ حَائِطُ لَبَنٍ، أَوْ حَجَرٍ. لا بِحَصِيرٍ وخَشَبٍ، وفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ. فَالآيِسُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ، والْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ أَوْ وُجُودِهِ وَسَطَهُ، والرَّاجِي آخِرَهُ. وفِيهَا تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ لِلشَّفَقِ. وسُنَّ تَرْتِيبُهُ، وإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ. ونُدِبَ تَسْمِيَةٌ، وبَدْءٌ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ إِلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ لآخِرِ الأَصَابِعِ، ثُمَّ يُسْرَاهُ كَذَلِكَ.
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(2)
في (ن 3): (مشتركتي الوقت).
(3)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 117، والمنتقى، للباجي: 1/ 427،، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 212، 213.