المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[نكاح التفويض] وجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ (1) والتَّحْكِيمِ عَقْدٌ بِلا ذِكْرِ مَهْرٍ - مختصر خليل - ومعه شفاء الغليل في حل مقفل خليل - جـ ١

[ابن غازي - خليل بن إسحاق الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌[باب يُرْفَعُ الْحَدَثُ وحُكْمُ الْخَبَثِ]

- ‌فصل [الأعيان الطاهرة]

- ‌فصل [حكم إزالة النجاسة]

- ‌فصل [فرائض الوضوء، وسننه، وفضائله]

- ‌[باب الاستنجاء]

- ‌فَصْل [نواقض الوضوء]

- ‌[موجبات الغسل]

- ‌[المسح عَلَى الخفين]

- ‌[فصل في التيمم]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل] [

- ‌[باب الصلاة]

- ‌فصل [الأذان والإقامة]

- ‌[شروط صحة الصلاة]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل: فَرَائِضُ الصَّلاةِ]

- ‌[سنن الصلاة ومكروهاتها]

- ‌فصل [القيام وبدله]

- ‌فصل [قضاء الفوائت]

- ‌[فصل فِي أحكام السهو]

- ‌[سجود التلاوة]

- ‌[فصل فِي صلاة النافلة]

- ‌[فصل فِي صلاة الجماعة]

- ‌فصل [فِي استخلاف الإمام]

- ‌[فصل فِي صلاة المسافر]

- ‌[فصل فِي صلاة الجمعة]

- ‌[فصل فِي صلاة الخوف]

- ‌[فصل فِي صلاة العيد]

- ‌[فصل فِي صلاة الكسوف]

- ‌[فصل فِي صلاة الاستسقاء]

- ‌[فصل فِي أحكام الجنائز]

- ‌[صلاة الجنازة]

- ‌[باب فِي الزكاة]

- ‌[زكاة الحرث]

- ‌[زكاة النقود]

- ‌[زكاة الدين]

- ‌[زكاة العروض]

- ‌[زكاة المعادن]

- ‌[فصل فِي مصارف الزكاة]

- ‌[فصل زكاة الفطر]

- ‌[باب الصيام]

- ‌[باب الاعتكاف]

- ‌[باب الحجّ]

- ‌فصل [محظورات الإحرام]

- ‌[موانع الحج]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الأطعمة والأشربة]

- ‌[باب الضحية والعقيقة]

- ‌[باب الأيمان والنذور]

- ‌[فصل في النذر]

- ‌[باب الجهاد]

- ‌[الجزية]

- ‌[المسابقة]

- ‌[باب النكاح]

- ‌[خصائص النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أحكام النكاح]

- ‌[فصل فِي الخيار]

- ‌[فصل]

- ‌[الصداق]

- ‌[نكاح التفويض]

- ‌[التنازع في الزوجية]

- ‌[الوليمة]

- ‌[القسم للزوجات]

- ‌فصل النشوز

- ‌[باب الطلاق]

- ‌[طلاق السنة]

- ‌[باب التخيير والتمليك]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌[باب الإيلاء]

- ‌[باب الظهار]

- ‌[باب اللعان]

- ‌[باب العدة]

- ‌[أحكام زوجة المفقود]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌[تداخل العدة والاستبراء]

- ‌[باب الرضاع]

- ‌[باب النفقة والحضانة]

- ‌[فصل في الحضانة]

الفصل: ‌ ‌[نكاح التفويض] وجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ (1) والتَّحْكِيمِ عَقْدٌ بِلا ذِكْرِ مَهْرٍ

[نكاح التفويض]

وجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ (1) والتَّحْكِيمِ عَقْدٌ بِلا ذِكْرِ مَهْرٍ بِلا وُهِبَتْ، وفُسِخَ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَهُ، وصُحِّحَ أَنَّهُ زِناً، واسْتَحَقَّتْهُ بِالْوَطْءِ، لا بِمَوْتٍ أَوْ طَلاقٍ، إِلا أَنْ يَفْرِضَ وتَرْضَى ولا تُصَدَّقُ فِيهِ بَعْدَهُمَا، ولَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ، ولَزِمَهَا فِيهِ، وتَحْكِيمِ الرَّجُلِ إِنْ فُرِضَ الْمِثْلُ، ولا يَلْزَمُهُ، وهَلْ تَحْكِيمُهَا أَوْ تَحْكِيمُ الْغَيْرِ كَذَلِكَ؟ أَوْ إِنْ فُرِضَ الْمِثْلُ لَزِمَهُمَا وأَقَلُّ لَزِمَهُ فَقَطْ وأَكْثَرُ فَالْعَكْسُ؟ أَوْ لا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجِ والْمُحَكَّمِ وهُوَ الأَظْهَرُ؟ تَأْوِيلاتٌ.

قوله: (وَلا تُصَدَّقُ فِيهِ بَعْدَهُمَا) أي: ولا تصدّق فِي الرضى بمفروض بعد الموت والطلاق.

والرِّضَا بِدُونِهِ لِلْمُرَشَّدَةِ ولِلأَبِ، ولَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ، ولِلْوَصِيِّ قَبْلَهُ، لا الْمُهْمَلَةِ، وإِنْ فَرَضَ فِي مَرَضِهِ فَوَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ، وفِي الذِّمِّيَّةِ والأَمَةِ قَوْلانِ، ورَدَّتْ زَائِدَ الْمِثْلِ إِنْ وَطِئَ، ولَزِمَ إِنْ صَحَّ.

قوله: (وَالرِّضَا بِدُونِهِ) عطف عَلَى فاعل جاز.

لا إِنْ أَبْرَأَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ، أَوْ أَسْقَطَتْ فَرْضاً (2) قَبْلَ وُجُوبِهِ، ومَهْرُ الْمِثْلِ مَا يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ فِي هَا بِاعْتِبَارِ دِينٍ، وجَمَالٍ، وحَسَبٍ، ومَالٍ، وبَلَدٍ.

قوله: (لا إِنْ أَبْرَأَتْ (3) قَبْلَ الْفَرْضِ، أَوْ أَسْقَطَتْ فَرْضاً قَبْلَ وُجُوبِهِ) أما التي أبرأت قبل الفرض فقال ابن الحاجب: تخرج عَلَى الإبراء عما جرى بسبب وجوبه دونه (4). قال فِي " التوضيح ": اختلف هل يلزم نظراً لتقدّم سبب الوجوب، وهو هنا (5) العقد أم لا؟ لأنها أسقطت حقّها قبل وجوبه كالشفيع يسقط الشفعة قبل الشراء، فِيهِ قَوْلانِ، وكالمرأة تسقط نفقة المستقبل عن زوجها هل يلزمها؟ لأن سبب وجوبها قد وجد أو لا يلزمها؛

(1) نكاح التفويض كما عرّفه ابن عرفة (نِكَاحُ التَّفْوِيضِ مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ ولَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ لِحكم) انظر: مواهب الجليل، للحطاب: 3/ 514.

(2)

في المطبوعة: (شرطاً) ولها أشار المؤلف بعد، وعليها أكثر الشروح.

(3)

في (ن 3): (إلا برأت).

(4)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:280.

(5)

في (ن 1): (هذا).

ص: 469

لأنها لَمْ تجب بعد، قَوْلانِ، حكاهما ابن راشد، وكعفو المجروح عما يؤول إليه الجرح، وكإجازة الورثة الوصية للوارث، أو إجازتهم أكثر من الثلث للأجنبي فِي مرض الموصي، وأمثلة هذا كثيرة، أما إن لَمْ يجر سبب الوجوب فلا يعتبر باتفاق، حكاه القرافي. انتهى.

وأما التي أسقطت فرضاً قبل وجوبه فلعلّه أشار بها لمسقطة النفقة التي تقدّم ذكرها.

وفِي بعض النسخ أو أسقطت (1) شرطاً قبل وجوبه، ولا شكّ أنه من النظائر المنخرطة فِي هذا السلك، وقد عدّه القاضي ابن عبد السلام منها، ولكنّ المشهور فِي ذات الشرط أن إسقاطها إياه قبل وجوبه يلزمها، وبذلك قطع المصنف فِي فصل الرجعة إذ قال:(وَلا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا بِخِلَافِ ذَاتِ، الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته)، وبسبب (2) السؤال عن الفرق بين هاتين المسألتين قال مالك لابن الماجشون أتعرف دار قدامة (3)؟ وقد صرّح ابن عبد السلام بأن بعض نظائر هذا الأصل أقوى من بعض (4).

وأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لأَبٍ، لا الأُمِّ، والْعَمَّةِ.

قوله: (وأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لأَبٍ، لا الأُمِّ، والْعَمَّةِ) لفظ العمة معطوف عَلَى أخت وكأنه قال: وعمة [47 / أ] شقيقة أو لأبّ فإنها معتبرة بخلاف (5) الأم إن لَمْ تكن من نسب الأب، وبهذا التقدير يوافق ما لابن رشد فِي رسم الطلاق من سماع القرينين، ولا أعلم أحداً فرّق بين الأخت والعمّة (6).

(1) في (ن 2): (وأسقطت).

(2)

في (ن 3): (وسبب).

(3)

هي قصة طريفة في علاقة المربي بتلاميذه ومتعلميه، جرت بين الإمام مالك رحمه الله، وبين ابن الماجشون حيث سأله عن الفرق بين خيار الأمة التي تعتق وخيار الزوجة، فقال له الفرق دار قدامة معرضاً به قال ابن رشد: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالِكًا مَا فَرَّقَ بَيْنَ الْحُرَّةِ والْأَمَةِ وإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ خِيَارٍ وَجَبَ بِالشَّرْعِ بِشَرْطٍ وخِيَارٍ جَعَلَهُ الزَّوْجُ بِاخْتِيَارِهِ بِشَرْطٍ. انظر: التاج والإكليل، للمواق: 4/ 103

(4)

عقّب الحطاب رحمه الله على المؤلف هنا بأن ما حمل عليه كلام المصنف غير صحيح، وأحال على ما شرحه في " فصل: المفقود والمطلقة " في توجيه كلام المصنف. انظر: مواهب الجليل: 3/ 516، و4/ 160.

(5)

في (ن 1): (خلاف).

(6)

صوب الحطاب ما للمؤلف هنا، وأفاض في تفصيل إجماله فطالعه في: مواهب الجليل: 3/ 516. وشرحه الخرشي بأن الوافي قوله: (وأخت) ينبغي أن تكون بمعنى أو.

ص: 470

وفِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ، واتَّحَدَ الْمَهْرُ، إِنِ اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ.

قوله: (وفِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ) شامل لكلّ نكاحٍ فاسد كما قال فِي " الجواهر ": والوطء فِي النكاح الفاسد يوجب صداق المثل باعتبار يوم الوطء، لا يوم العقد (1)، وهو (2) مقتضى تقرير ابن عبد السلام لقول ابن الحاجب: ومهر المثل فِي الفاسد يوم الوطء (3). إِلا أن المصنف فِي " التوضيح " خصصه فقال: يعني أن نكاح التفويض (4) الفاسد يخالف نكاح التفويض الصحيح؛ فإن الصحيح يعتبر فِيهِ مهر المثل يوم العقد، والفاسد يعتبر فِيهِ يوم الوطء، واستغنى ابن الحاجب عن ذكر حكم الصحيح بالمفهوم عَلَى ما علم من عادته، وظاهر المذهب كمفهوم كلامه.

وقيل: يعتبر فِي الصحيح يوم البناء إن دخل، ويوم الحكم إن لَمْ يدخل، وبنوا الاختلاف عَلَى الخلاف فِي هبة (5) الثواب إِذَا فاتت، هل تجب قيمتها يوم القبض أو يوم الهبة؟ وفرقوا هنا عَلَى المشهور كما فرقوا بين صحيح البيع وفاسده.

وإِلا تَعَدَّدَ كَالزِّنَى بِهَا أَوْ بِالْمُكْرَهَةِ، وجَازَ بِشَرْطِ أَنْ لا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ، أَوْ كِسْوَةٍ ونَحْوِهِمَا.

قوله: (وَإِلا تَعَدَّدَ كَالزِّنَى بِهَا أَوْ بِالْمُكْرَهَةِ) الضمير فِي بها يعود عَلَى غير العالمة، ولولا تمثيله بهاتين الصورتين لكان كلامه مشكلاً؛ لأنه شرط فِي اتحاد المهر الشبهة واتحادها، ثم قال: وإِلا فيدخل فِيهِ ما إِذَا انتفت الشبهة وكان الوطء زناً محضاً، ومن صور الزنا المحض ما لا يجب فِيهِ المهر فلا يصدق. قوله:(وإِلا تعدد)، كذا قال فِي:" توضيحه " فِي عبارة ابن الحاجب (6) تبعاً لابن عبد السلام.

(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 481.

(2)

في (ن 1): (وهي).

(3)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:280.

(4)

في (ن 2): (التعويض).

(5)

في (ن 1): (الهبة).

(6)

عبارة ابن الحاجب: (ومهر المثل في الفاسد من يوم الوطء وإذا اتحدت الشبهة اتحد المهر كالغالط بغير العالمة وإلا ففي كل وطاة مهر كالزنى بغير العالمة والمكرهة) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 280.

ص: 471

ولَوْ شَرَطَ أَنْ لا يَطَأَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ لَزِمَ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى الأَصَحِّ، لا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي لا أَتَسَرَّى، ولَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِ شُرُوطٍ، ولَوْ لَمْ يَقُلْ إِنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْهَا. وَهَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَزِيَادَتُهُ كَنِتَاجٍ [35 / أ] وغَلَّةٍ ونُقْصَانُهُ لَهُمَا وعَلَيْهِما؟ أَوْ لا؟ خِلافٌ، وعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ والْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا، ونِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، ولا يُرَدُّ الْعِتْقُ، إِلا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ، ثُمَّ إِنْ طَلَّقَهَا عَتَقَ النِّصْفُ بِلا قَضَاءٍ وتَشَطَّرَ، ومَزِيدٌ بَعْدَ الْعَقْدِ.

قوله: (وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لا يَطَأَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ لَزِمَ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى الأَصَحِّ، لا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي لا أَتَسَرَّى) أما مسألة لا أتسرى فمعروفة، وهذا الذي ذكر فِيهَا هو قول سحنون، ونحى إليه ابن لبابة ولَمْ يتابعا عَلَيْهِ، وأما مسألة أن لا يطأ فلم أقف عَلَيْهَا عَلَى هذا الوجه لأحدٍ بعد مطالعة مظان (1) ذلك من " النوادر "، وأسمعة " العتبية "، و " نوازل " ابن سهل، و " المتّيطية " و " طرر " ابن عات، و " مختصر " ابن عرفة، والذي يقوى فِي نفسي أن لفظ يطأ مصحّف من لفظ يتخذ إذ الياء فِي أولهما، والتاء والخاء قد تلتبسان بالطاء وقرنها والذال إِذَا علقت قد تلتبس بالألف، وإن لفظ لزم صوابه: لَمْ يلزم فسقط لَمْ وحرف المضارعة.

فصواب الكلام عَلَى هذا: ولو شرط أن لا يتخذ أم ولد أو سرية لَمْ يلزم فِي السابقة منهما، ويكون قوله:(لا فِي أم ولد) سابقة فِي لا أتسرى إثباتا؛ لأن النفي إِذَا نفى النفي عاد إثباتاً، وبهذا يستقيم الكلام، ويكون موافقاً للمشهور فِي المسألتين كما ستراه بحول الله تعالى.

ففي " النوادر " روى يحيي بن يحيي عن ابن القاسم فيمن شرط لزوجته أن كلّ جارية يتسررها (2) عَلَيْهَا فهي حرة وللرجل أمهات أولاد فيطأهن بعد ذلك أنهن يعتقن؛ لأن وطأه تسرر. وقاله أصبغ وأبو (3) زيد ابن أبي الغمر (4)، وقال سحنون: لا شيء عَلَيْهِ فِي

(1) في (ن 3): (مكان).

(2)

في (ن 3): (يستررها).

(3)

في (ن 1): (ابن).

(4)

انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: 5/ 29، 30.

ص: 472

أمهات أولاده، وإنما يلزمه الشرط فيما يستقبل من الملك، وأنكر هذه الرواية، قال ابن حبيب عن أصبغ وابن القاسم مثل ما روى يحيي بن يحيي، وقال: وأما لو قال فكل جارية اتخذها (1) عليك حرة فلا شيء عَلَيْهِ فيمن عنده قبل الشرط وذلك عَلَيْهِ فيمن يستقبل اتخاذهن، قال: وسواء علمت بمن عنده أو لَمْ تعلم؛ لأن الاتخاذ فعل واحد إِذَا اتخذ جارية فقد اتخذها وليس عودته إلى وطئها اتخاذاً، والعودة إلى المسيس تسرر؛ لأن التسرر الوطء فهو يتكرر، والاتخاذ كالنكاح يشترط أن لا ينكح عَلَيْهَا فلا شيء عَلَيْهِ فيمن عنده، وعَلَيْهِ فيمن ينكح من ذي قبل، وقاله ابن القاسم وأصبغ. انتهى بلفظه.

وقد تضمّن التفريق بين التسري والاتخاذ وعَلَيْهِ يحوم المصنف، إِلا أنه قدّم وأخّر، وفِي المتيطية زيادة بيان أن الخلاف فِي الصورتين ولكن تعاكس فيهما (2) المشهور أن عَلَى حسب ما صوّبنا فِي كلام المصنف، وبنقل ذلك تتم الفائدة، قال فيمن التزم أن لا يتسرى: اختلف إِذَا كانت له سرية قبل النكاح هل له أن يطأها أم لا؟

فذهبت طائفة إلى أن له وطأها (3)، وذهبت طائفة أخرى إلى أنّه ليس له وطؤها، فوجه الأول أنّه إنما التزم أن لا يتخذ سرية فيما يستقبل، ووجه الثاني - وهو الأظهر - أن لا يمس سرره [سرر أمة](4) فيما يستقبل، فهذا إن وَطأها فقد مسّ سررها إِلا أن يشترط التي فِي ملكه قبل تاريخ النكاح. ثم قال فِي الذي التزم أَيْضاً أن لا يتسرى: إِذَا كان له أمهات أولاد تقدّم اتخاذه إياهن قبل نكاحه فوطأهن بعد ذلك، فاختلف: هل يلزمه الشرط أم لا؟

فروى يحيي عن ابن القاسم فِي " العتبية " أنه يلزمه الشرط؛ لأن التسري (5) هو الوطء، ولأن التي تشترط أن لا [47 / ب] يتسرى معها إنما أرادت أن لا يمسّ معها غيرها وقاله أبو زيد وأصبغ، وقال سحنون: لا شيء عَلَيْهِ فِي أمهات أولاده قال ابن لبابة: قول سحنون جيّد، وقال بعض الموثقين: قول ابن القاسم أصحّ عند أهل النظر، وقاله أبو

(1) في (ن 3): (أخذها).

(2)

في (ن 1): (فيه).

(3)

في (ن 2): (يطأها).

(4)

ما بين المعكوفتين زيادة: من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).

(5)

في الأصل، و (ن 1)، و (ن 3):(التسرر).

ص: 473

إبراهيم واختاره ابن زرب ولَمْ ير قول سحنون شيئاً وبه قال القاضي أبو الأصبغ بن سهل قال فضل: وهذا بخلاف شرطه أن لا يتخذ أم ولدإذا (1) هو لَمْ يقل ولا يتسرى ثم تظهر (2) له أم ولد قديمة من قبل عقد النكاح فإن أم الولد القديمة فِي هذا كالزوجة القديمة لا قيام للزوجة عَلَيْهِ بوطئها، ولا حجة لها فِي منعه منها، وإنما لها ذلك فيما يتخذ من أمهات الأولاد بعد عقد نكاحها.

قال بعض الموثقين: ونزلت هذه المسألة فأفتى فِيهَا أبو عمر الباجي بهذا قال: ويحتمل أن يلزمه الشرط فِيهَا وإن كانت قديمة لما شرط من أن لا يتخذ أم ولد. انتهى، وذكر ابن عرفة أن هذا هو الذي يأتي عَلَى تعليل ابن القاسم بأن القصد بالشرط ألا يجمع معها غيرها.

فإن قلت: فقد نوع المصنف الاتخاذ إلى اتخاذ أم الولد والسرية عَلَى ما صوبتم، ولَمْ يتكلّم فِي التسري إِلا عَلَى من كانت له أم ولدسابقة عكس ما نقلتم عن " المتيطية "؟

قلت: لعلّ المصنف يرى أن الأمر فِي ذلك وَاحد وإنما القصد التفريق بين الاتخاذ والتسري.

تنبيه:

قد ظهر من هذا أن: لا يتسرى. أشدّ من: لا يتخذ؛ لتعاكس المشهور فيهما، وأما لا (3) يطأ فهو أشد من: لا يتسرى. باعتبار ما فقد. قال ابن عات: قال ابن نافع: إنما التسري عندنا للاتخاذ وليس الوطء، فإن وطء جارية لا يريد اتخاذها للولد فلا شيء عَلَيْهِ إِلا أن يكون الشرط أن وَطء جارية فيلزمه ونحوه. روى علي (4) بن زياد، وقد أنكره المدنيون (5).

(1) في (ن 3): (إذ).

(2)

في (ن 1)، و (ن 3):(ظهر).

(3)

في (ن 1): (ألا).

(4)

في (ن 1): (عن).

(5)

أطال المؤلف المسألة تفصيلاً وتفريعاً، واقتصر فيها الخرشي، وقال:(وَكَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ جَيِّدٌ فَعَلَيْك بِهِ)، وتعقّبه العدوي بعد ذكر كلام ابن غازي قائلاً:(لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ غَازِيٍّ بَعِيدٌ، وإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْفِقْهِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ جَيِّداً) انظر: شرح الخرشي وحاشية العدوي عليه: 4/ 337، 338، ونقله الحطاب ملخصاً له كالمقرر والمقتصر عليه، انظر: مواهب الجليل: 3/ 519.

ص: 474

وهَدِيَّةٌ اشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا قَبْلَهُ، ولَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ بِالطَّلاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ، وضَمَانُهُ إِنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا، وإِلا فَمِنَ الَّذِي فِي يَدِهِ، وتَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ مِنَ الزَّوْجِ، وهَلْ مُطْلَقاً وعَلَيْهِ الأَكْثَرُ؟ أَوْ إِنْ قَصَدَتِ التَّخْفِيفَ؟ تَأْوِيلانِ. ومَا اشْتَرَتْهُ مِنْ جِهَازِهَا وإِنْ مِنْ غَيْرِهِ، وسَقَطَ الْمَزِيدُ فَقَطْ بِالْمَوْتِ، وفِي تَشْطِيرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وقَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ لا شَيْءَ لَهُ وإِنْ لَمْ تَفُتْ إِلا أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَأْخُذَ الْقَائِمَ مِنْهَا، لا إِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ، رِوَايَتَانِ. وفِي الْقَضَاءِ بِمَا يُهْدَى عُرْفاً، قَوْلانِ، وصُحِّحَ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ وتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ والْعَبْدِ وفِي أُجْرَةِ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ قَوْلانِ، وعَلَى الْوَلِيِّ أَوِ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ لِبَلَدِ الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ، إِلا لِشَرْطٍ ولَزِمَهَا التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ.

قوله: (وَلَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ) أي من الولي، والجملة معترضة بين العامل والمعمول.

إِنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ، وقُضِيَ لَهُ إِنْ دَعَاهَا لِقَبْضِ مَا حَلَّ.

قوله: (إِنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ) أي: إن سبق القبض البناء كان حالاً أو مؤجّلاً فحل.

إِلا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئاً فَيَلْزَمُ، ولا تُنْفِقُ مِنْهُ وَ [لا](1) تَقْضِي دَيْناً، إِلا الْمُحْتَاجَةُ، وكاَلدِّينَارِ.

قوله: (إِلا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئاً فَيَلْزَمُ) أي سواءً كان أقل مما قبضته أو أكثر كما إِذَا جرى بذلك عرفٌ، وعَلَيْهِ يتفرع ما ذكر بعد من المطالبة بجهازها عند موتها، وإِلا فالتي لا تتجهز بأزيد من صداقها لا يتصور فِيهَا هذه المطالبة فتأمله.

ولَوْ طُولِبَ بِصَدَاقِهَا لِمَوْتِهَا، فَطَالَبَهُمْ بِإِبْرَازِ جِهَازِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ عَلَى الْمَقُولِ، ولأَبِيهَا بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا لِلتَّجْهِيزِ، وفِي بَيْعِهِ الأَصْلَ قَوْلانِ، وقُبِلَ دَعْوَى الأَبِ فَقَطْ فِي إِعَارَتِهِ لَهَا فِي السَّنَةِ بِيَمِينٍ، وإِنْ خَالَفَتْهُ الابْنَةُ، لا إِنْ بَعُدَ ولَمْ يُشْهِدْ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَفِي ثُلُثِهَا، واخْتَصَّتْ بِهِ إِنْ أُورِدَ بِبَيْتِهَا، أَوْ أَشْهَدَ لَهَا، أَوِ اشْتَرَاهُ الأَبُ لَهَا، ووَضَعَهُ عِنْدَ كَأُمِّهَا. وإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاَق أَوْ مَا يُصْدِقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ، وبَعْدَهُ أَوْ بَعْضَهُ، فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ، إِلا أَنْ تَهَبَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ.

قوله: (وَلَوْ طُولِبَ بِصَدَاقِهَا لِمَوْتِهَا، فَطَالَبَهُمْ بِإِبْرَازِ جِهَازِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ عَلَى الْمَقُولِ)

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر.

ص: 475

أشار بهذا لما ذكر الإمام المازري فِي بعض فتاويه وذلك أنه سئل عن رسم مضمنه أنهم يعرفون فلاناً، وصهره فلاناً، وأن فلاناً لما زوجه ابنته البكر فلانة بصداق جملته كذا - شرط فِي عقد النكاح أن يجهزها بألفي دينار مهدوية قال الشهود: ونعلم أن عادة المهدوية (1) وزرويلة أن من زوج ابنته البكر وهو ذو مال يلتزم من الجهاز ما يقابل به الصداق المسمى، ومن الناس من يشترط ومنهم من يعتمد عَلَى العادة من غير شرط، والمتعاقدان متفاهمان لذلك بالعادة ونعلم أن العادة بزرويلة إِذَا توفي الوالد وقام الزوج وطلب ما يقابل صداقه فإنه يقضى به؟

فأجاب: هذا أمر تعمّ به البلوى، وينبغي أن يكشف الشهود عن قولهم إن الآباء يلتزمون ما يقابل الصداق، وربما أجحفوا عَلَى أنفسهم بقدر هممهم فِيهِ، فهذه العادة به صحيحة؛ لكن قد يكون ذلك يفعلونه بقدر الأنفة والهمة التي تعمّ سائر الآباء إِلا من شذ منهم من أهل الخسة، أو يفعلونه لأنهم يرونه لازماً لهم كالدين، فيجبرون عَلَيْهِ إن أبوا، فهذا الثاني إن صحّت الشهادة به فهو المنظور فِيهِ.

وأما الوجه الأول فلا يقضى به إِلا عَلَى تخريج خلاف فِي المذهب، ذكره ابن المَوَّاز فِي " هدية العرس " التي اشتهر فعلها عَلَى وجه المكارمة فقيل: لا يقضى بها؛ لأنها تفعل للمكارمة، فإذا قضينا بها فكأننا استندنا للعادة وخالفناها.

وقيل يقضى بها كالمشترطة، وهذا وإن كان فِيهِ معاوضة فلابد من تحقيق الشهادة عَلَى نحو ما قلنا؛ لأن أصل الشريعة عدم إلزام المرأة وأبيها جهازاً، والصداق عوض عن البضع وهو المقصود، ولو كان عوضاً عن الانتفاع بالجهاز وهو مجهول لكان فاسداً؛ لكن الأصل البضع وما سواه تبع، وفِي المذهب رواية شاذة غريبة: أنه ليس عَلَى المرأة تجهيز بصداقها، فأحرى ما سواه، وأظنّها فِي " وثائق " ابن العطار، والرواية الأخرى تتجهز بالصداق خاصة، والجهازات الكائنة الآن خارجة عن مقتضى الروايات، فإذا كانت العادة تقتضيها فينبغي أن تتحقق، وقد نزلت هنا نازلة عجيبة [48 / أ] منذ خمسين

(1) في الأصل، (ن 1):(المهدية).

ص: 476

عاماً (1) فاختلف فِيهَا شيخاي وهي: إِذَا ماتت الزوجة البكر قبل الدخول بها، فلمّا طلب الأبّ الصداق طلب الزوج الميراث من القدر الذي تتجهز به، فأفتى عبد الحميد بأن ذلك ليس عَلَى الأب، وأفتى اللخمي بأن ذلك (2) عَلَيْهِ، وكان الشيخ الأول يقول: هب أن الآباء يفعلون ذلك فِي حياة بناتهم رفعاً لقدرهن وتكبيراً لشأنهن وحرصاً عَلَى الحظوة عند الزوج، فإذا وقع موت الابنة فعلى من يجهز؟ ولا تقاس عادة عَلَى عادة، وقد تكلمت مع اللخمي لما خاطبني فِي هذه المسألة وسألني عن وجهها (3)؟ فأجبته (4) بما تقدّم، وجرى بيننا كلام طويل. انتهى مقصودنا منه.

ولا يخفى جنوحه (5) لفتيا عبد الحميد، وقال فِي " المعْلم " فِي قوله عليه السلام: " تنكح المرأة لمالها

" (6) حجة لقولنا: أن المرأة إِذَا رفع الزوج فِي صداقها ليسارها ولأنها تسوق إلى بيتها من الجهاز ما جرت عادة أمثالها به، وجاء الأمر بخلافه أن للزوج مقالاً فِي ذلك ويحط من الصداق الزيادة التي زادها لأجل الجهاز عَلَى الأصحّ عندنا إذا (7) كان المقصود من الجهاز فِي حكم التبع لاستباحة البضع كمن اشترى سلعتين فاستحقّ أدناهما فإن البيع ينتقض فِي قدر المستحقة خاصة. انتهى وقبله ابن عات.

وسئل ابن رشد عما إِذَا ماتت الزوجة قبل الابتناء بها، فذهب والدها إلى أن يأخذ ميراثه فِي ابنته من صداقها نقده وكيله، وفِي السياقة التي ساقها إليه زوجها، وأبى الأب أن يبرز من ماله ذلك القدر الذي كان يبرز لها لو (8) كانت حيّة؟.

(1) هذا من تمام كلام المازري.

(2)

في (ن 3): (ذلك ليس) وهو غير مراد بدليل ما قبله وما بعده.

(3)

في (ن 1): (زوجها).

(4)

في الأصل: (فأخبئته).

(5)

المازري أي: مخالفاً لخاله اللخمي.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه برقم (4802)، كتاب النكاح، باب الأَكْفَاءِ فِى الدِّينِ، ومسلم في صحيحه برقم (1466)، كتاب الرضاع، باب اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ ذَاتِ الدِّينِ.

(7)

في الأصل، و (ن 1)، و (ن 2):(إذ).

(8)

في (ن 1): (ولو).

ص: 477

فأجاب: إِذَا أبى الأب أن يبرز لها من ماله ما يكون ميراثاً عنها القدر الذي يجهز به مثلها إلى مثله عَلَى ما نقدها، وساق إليها فلا يلزم الزوج إِلا صداق مثلها عَلَى أن لا يكون جهازها إِلا بقيمة نقدها. انتهى.

وقال قبلها - فِي (أجوبته) فيمن ساق لزوجته (1) سياقة عند عقد النكاح وطلب من أبيها أن يشورها (2) بشورة (3) تقاوم سياقته إذ العرف جارٍ عندهم بذلك، فأبى الأب - ما نصّه:(إِذَا أبى الأب أن يجهزها إليه بما جرى به العرف والعادة أن يجهز به مثلها إلى مثله عَلَى ما نقدها وساق إليها كان بالخيار بين أن يلتزم النكاح أو يردّه عن نفسه فيستردّ ما نقد ويسقط عنه ما أكلا (4) وساق) (5). انتهى.

ومن فتاوى شيخ شيوخنا أبي محمد عبد الله العبدوسي: الذي جرى به العمل عندنا فِي أغنياء الحاضرة إجبار الأبّ أن يجهز ابنته بمثلي نقدها، فإذا نقدها الزوج عشرين جهّزها (6) الأب بأربعين، عشرين من نقدها وعشرين زيادة من عنده وهذا إنما هو إِذَا فات بالدخول، وأما إن طلب الزوج هذا قبل الابتناء فلا يجبر الأب عَلَى ذلك، ويقال للزوج إما أن ترضى أن يجهزها لك بنقدها خاصة وإِلا فطلّق ولا شيء عليك، وبهذا القضاء وعَلَيْهِ العمل انتهى، وبه مضى الحكم فِي ابنه أحمد اللمتوني (7) محتسب فاس فِي عصرنا هذا.

(1) في الأصل، و (ن 1)، و (ن 2):(لزوجه).

(2)

في (ن 3): (يشاورها).

(3)

في (ن 2): (شورة). الشورة: الحسن والهيئة واللباس. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 4/ 434.

(4)

في (ن 1)، و (ن 3):(ما أكلأ).

(5)

انظر نص الفتوى في المعيار المعرب، للونشريسي: 3/ 453.

(6)

في (ن 3): (فجهزها).

(7)

في (ن 3): (ابنة أحمد اللمتواني).

ص: 478

كَعَطِيَّةٍ لِذَلِكَ فَفُسِخَ، وإِنْ أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يُنْكِحُهَا بِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ ويُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ وإِنْ وَهَبَتْهُ لأَجْنَبِيٍّ وقَبَضَهُ ثُمَّ طَلَّقَ اتَّبَعَهَا ولَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إِلا إنْ تُبَيِّنَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ، وإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، أُجْبِرَتْ هِيَ، والْمُطَلِّقُ، إِنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلاقِ، وإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى كَعَبْدٍ، أَوْ عَشَرَةٍ ولَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي، فَلا نِصْفَ لَهَا، ولَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لا إِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ، أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي، فَنِصْفُ مَا بَقِيَ وتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ.

قوله: (كَعَطِيَّةٍ لِذَلِكَ فَفُسِخَ (1)) خصّ الفسخ الجبري تنبيهاً عَلَى أن الطلاق الاختياري أحرى.

ويَرْجِعُ إِنْ أَصْدَقَهَا مَنْ تَعْلَمُ بِعِتْقِهِ [35 / ب] عَلَيْهَا.

قوله: (وَيَرْجِعُ إِنْ أَصْدَقَهَا مَنْ تَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا) فِي بعض النسخ يعلم بالياء - المثناة من أسفل، فيكون موافقاً لقول ابن الحاجب: وهو عالم (2)، وإن خالفه فِي التوضيح؛ إذ قال: لَمْ يرجع بشيء عَلَى الأصحّ، وعَلَى هذا فقصد المصنف التنبيه عَلَى الوجه المشكل؛ لأنه إِذَا لَمْ يعلم كان أحرى أن يرجع عَلَيْهَا، يريد وهي عالمة، وربما يتلمح ذلك من قوله بعد:(وإن علم) أي: الولي دونها، وفِي بعض النسخ (تعلم) بالمثناة من فوق، فيكون قد شرط فِي رجوعه عَلَيْهَا علمها هي، فمتى علمت رجع عَلَيْهَا سواء علم هو أم لَمْ يعلم، ومتى لَمْ تعلم هي لَمْ يرجع عَلَيْهَا سواءً علم هو أم لَمْ يعلم، فهذه أربع صور، صورتان فِي المنطوق، وصورتان فِي المفهوم، وقد ذكر اللخمي جميعها.

وحاصل ما عنده فِيهَا: أنها إن علمت أنه قريبها دونه رجع عَلَيْهَا، وفِي عكسه لا يرجع عَلَيْهَا، واختلف فِي رجوعها عَلَيْهِ وإن علما جميعاً أو جهلا ثم علما رجع عَلَيْهَا واستحسن مالك مرة عدم رجوعه، وإن جهلا جميعاً فهو أبين فِي عدم الرجوع كهلاكه بأمر من الله - تعالى - وتنزيل ما فِي هذه النسخة عَلَى كلام اللخمي سهل، إِلا أنه فِي بعض الصور بالاتفاق، وفِي بعضها عَلَى قول (3).

(1) في (ن 3): (فيفسخ).

(2)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 282، ونصه بتمامه:(ولو أصدقها من يعتق عليها وهو عالم لم ترجع بشيء على الأصح).

(3)

شرح الحطاب رحمه الله المسألة، وأطال فيها ثم ختمها بقوله:(وكلام ابن غازي على هذه المسألة جيد والله أعلم). انظر: مواهب الجليل: 3/ 513.

ص: 479

وهَلْ إِنْ رُشِّدَتْ وصُوِّبَ، أَوْ مُطْلَقاً إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ؟ تَأْوِيلانِ.

قوله: (وهَلْ إِنْ رُشِّدَتْ وصُوِّبَ، أَوْ مُطْلَقاً إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ؟ تَأْوِيلانِ) هذا راجع للعتق (1) والمصوب لاختصاص العتق بالرشيدة: [48 / ب] عياض وابن يونس وأبو الحسن الصغير، والمقيّد للقول بالإطلاق بعدم علم الولي هو ابن رشد، ويأتي كلامه.

وإِنْ عَلِمَ دُونَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا، وفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلانِ، وإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَلا كَلامَ لَهُ.

قوله: (وإِنْ عَلِمَ دُونَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا، وفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلانِ) الضمير فِي علم وفِي عَلَيْهِ للولي، وهذا الكلام قسيم قوله: إن لَمْ يعلم الولي، وأشار بهذا كلّه لقول ابن رشد فِي رسم قطع الشجر أول سماع ابن القاسم مقتصراً عَلَى طريقة ابن حبيب فِي العتق: لا اختلاف (2) بينهم إِذَا تزوجها عَلَى أبيها أو عَلَى أخيها أو عَلَى من يعتق عَلَيْهَا فِي أن النكاح جائز، ويعتق عَلَيْهَا علما أو جهلا، أو علم أحدهما دون الآخر بكراً كانت أو ثيبا، قال (3) ابن حبيب فِي " الواضحة " وهذا فِي البكر إِذَا لَمْ يعلم الأب أو الوصي، وأما إِذَا علم فلا يعتق عَلَيْهَا.

واختلف: هل يعتق عَلَيْهِ هو أم لا؟ عَلَى قولين (4). انتهى. إِلا أن المصنف اشترط انفراده بالعلم دونها وليس ذلك فِي عبارة ابن رشد فتأمله، وانظر إِذَا لَمْ يعتق عَلَيْهَا وفرعنا عَلَى القول بعدم عتقه عَلَى الولي أَيْضاً ما الحكم.

وإِنْ أَسْلَمَتْهُ فَلا شَيْءَ لَهُ، إِلا أَنْ تُحَابِيَ فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الأَرْشِ، والشَّرِكَةُ فِيهِ، وإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا فَأَقَلَّ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلا بِذَلِكَ، وإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وبِأَكْثَرَ فَكَالْمُحَابَاةِ.

قوله: (وإِنْ أَسْلَمَتْهُ فَلا شَيْءَ لَهُ، إِلا أَنْ تُحَابِيَ) هذا أعمُّ من أن يكون فِي يده أو فِي يدها.

(1) في (ن 3): (للمعتق).

(2)

في (ن 1)، و (ن 3):(لاختلاف).

(3)

في (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3):(قاله).

(4)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 4/ 274، 275.

ص: 480