الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا (1) بيض سلق بنجس: فقال ابن القاسم وابن وهب: لا تؤكل بيضة طبخت مع أخرى فيها فرخ لسقيها إياها، وقال اللخمي: تؤكل السليمة عَلَى أحد قولي مالك فِي اللحم وصوّبه؛ لأن صحيح البيض لا ينفذه مائع
وأمّا فخّار بغواص فحكى الباجي فِي تطهير آنية الخمر يطبخ ماء فيها: روايتين، هذا تحصيل ابن عرفة؛ إلا أنه فِي النسخ التي بأيدينا عزى مثل قول ابن اللباد لسماع ابن القاسم، وإنما هو فِي سماع أصبغ بلاغ عن مالك (2).
فإن قلت: ما الذي درج عليه المؤلف؟
قلت: عدم طهورية الجميع مطلقاً فإن قلت قد يتلمح من قوله: (ولَحْمٌ طُبِخَ [4 / ب] وزَيْتُونٌ مُلِّحَ) أن ما وقع فيهما بعد الطبخ والملح لا يضر، فكأنه عَلَى القول الثالث فيهما؟
قلت: يأبى ذلك اعتماده فِي " التوضيح " تشهير ابن بشير عدم الطهورية فِي هذا الأصل قال: وبناه عَلَى خلاف فِي شهادة (3).
فصل [حكم إزالة النجاسة]
هَلْ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ ولَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وبَدَنِهِ ومَكَانِهِ لا طَرَفَ حَصِيرِهِ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ إِنْ ذَكَرَ وقَدَرَ؟، وإِلا أَعَادَ الظُّهْرَيْنِ لِلاصْفِرَارِ؟ خِلافٌ.
وسُقُوطُهَا فِي صَلاةٍ مُبْطِلٌ.
قوله: (وسُقُوطُهَا فِي صَلاةٍ مُبْطِلٌ) أي: وسقوط النجاسة عليه وهو فِي الصلاة مبطل لها، قال سحنون: من ألقي عليه ثوبٌ نجس فِي الصلاة، ثم سقط عنه فأرى أن يبتديء. قال الباجي: وهذا عَلَى رواية ابن القاسم (4).
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 3).
(2)
انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 198.
(3)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 281.
(4)
انظر في هذه المسألة: المدوّنة، لابن القاسم: 1/ 98، وتهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 189، وانظر كلام الباجي في: المنتقى: 1/ 285، والنوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 210 وما بعدها، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 41، وانظر ما ساقه ابن رشد في المقدمات الممهدات في حكم الرعاف: 1/ 31.
كَذِكْرِهَا فِيهَا.
قوله: (كَذِكْرِهَا فِيهَا) أي: كما أن ذكر نجاسة فِي الصلاة بثوب أو بدن مبطل لها، وهو مذهب " المدوّنة " فيقطع. قال فِي غيرها: ولو كان مأموماً، وهو تفسير، وكلُّ هذا إِذَا كان الوقت متسعاً، وأما مع ضيقه فقال ابن هارون: لا يختلفون فِي التمادي إِذَا خشي فوات الوقت؛ لأن المحافظة عَلَى الوقت أولى من النجاسة.
وعلى هذا لو رآها وخشي فوات الجمعة أو الجنازة أو العيدين لتمادي لعدم قضاء هذه الصلوات، وفِي الجمعة نظر إِذَا قلنا إنها بدل، وقال فِي " التوضيح ": واقتضى قوله: (كذكرها فيها) أن مجرد الذكر مبطل؛ فعلى هذا لو ذكرها أو رآها فيها فهمَّ بالقطع ثم نسي فتمادى لبطلت، وكذا نصّ عليه ابن حبيب.
قال فِي " التوضيح ": وهو الجاري عَلَى مذهب " المدوّنة "، واختار ابن العربي عدم البطلان.
لا قَبْلَهَا.
قوله: (لا قَبْلَهَا) أي: لا إن رآها قبل الدخول فِي الصلاة، فإن ذلك لا أثر له فِي البطلان، ولكنه كمن لَمْ يرها عَلَى المعروف فيعيد فِي الوقت (1).
أَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا وعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ (2)، وبَلَلِ بَاسُورٍ فِي يَدٍ إِنْ كَثُرَ الرَّدُّ، أَوْ ثَوْبٍ وثَوْبِ مُرْضِعَةٍ تَجْتَهِدُ، ونُدِبَ لَهَا ثَوْبٌ لِلصَّلاةِ، ودُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقاً، وقَيْحٍ، وصَدِيدٍ، وبَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ وأَثَرِ ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ، ومَوْضِعِ حِجَامَةٍ، مُسِحَ. فَإِذَا بَرِئَ غَسَلَ وإِلا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ، وبِالإِطْلاقِ، وكَطِينِ مَطَرٍ.
قوله: (أَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا)، يقبل صورتين إحداهما ما فِي " الذخيرة " عن
(1) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 189، والنوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 217،، والمقدمات الممهدات، لابن رشد: 1/ 33 وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:42.
(2)
قال الحطاب: الْمُسْتَنْكِحَ يصحّ فيه فتح الكاف وكسرها، والشك الْمُسْتَنْكِحَ هو الذي يأتي صاحبه كثيراً في الوضوء والصلاة وغيرها. انظر: مواهب الجليل: 1/ 143.
أبي (1) العباس الإبياني قال: إِذَا كان أسفل نعله نجاسة فنزعه ووقف عليه جاز كظهر حصير، والثانية: ما ذكر المازري عن بعضهم: أن من علم بنعله نجاسة وهو فِي الصلاة فأخرج رجله دون تحريك صحت صلاته.
قلت: لكن يرجّح أنه أراد الأولى فقط اقتصاره عليها فِي " التوضيح "(2)، وتقييده هنا النجاسة بالأسفلية، وكونه لَمْ يشترط عدم التحريك، وعدم مناقضة ما تقدم فِي سقوطها وذكرها فيها (3). والله سبحانه أعلم
وإِنِ اخْتَلَطَتِ الْعَذِرَةُ بِالْمُصِيبِ، لا إِنْ غَلَبَتْ، وظَاهِرُهَا الْعَفْوُ، ولا إِنْ أَصَابَ عَيْنَهَا، وذَيْلِ امْرَأَةٍ مُطَالٍ لِلسِّتْرِ ورِجْلٍ بُلَّتْ يَمُرَّانِ بِنَجِسٍ يَابِسٍ يَطْهُرَانِ بِمَا بَعْدَهُ، وخُفٍّ ونَعْلٍ مِنْ رَوَثِ دَوَابَّ، وبَوْلِهَا إِنْ دُلِكَا لا غَيْرِهِ، فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ لا مَاءَ مَعَهُ، ويَتَيَمَّمُ، واخْتَارَ اللَّخْمِيُّ (4) إِلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ، وفِي غَيْرِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلانِ، ووَاقِعٍ عَلَى مَارٍّ، وإِنْ سَأَلَ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ. وكَسَيْفٍ صَقِيلٍ لإِفْسَادِهِ مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ، وأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَأْ، ونُدِبَ إِنْ تَفَاحَشَ كَدَمِ بَرَاغِيثَ إِلا فِي صَلاةٍ.
قوله: (وَلا إِنْ أَصَابَ عَيْنَهَا) إنما أخّرَه لئلا ينطبق عليه قوله: (وظاهرها العفو)، وقد قال فِي " التوضيح ": يبعد وجود الخلاف فِي ذلك (5).
ويَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجِسِ بِلا نِيَّةٍ بِغَسْلِهِ إِنْ عُرِفَ، وإِلا فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَكُمَّيْهِ بِخِلافِ ثَوْبَيْهِ فَيَتَحَرَّى بِطَهُورٍ مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ ولا يَلْزَمُ عَصْرُهُ مَعَ زَوَالِ [3 / أ] طَعْمِهِ، لا لَوْنٍ ورِيحٍ عَسُرَا (6) والْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ نَجِسَةٌ، ولَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلاقِي مَحَلِّهَا، وإِنْ شَكَّ فِي إِصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ
(1) في (ن 2)، و (ن 3):(ابن) والمثبت هو الصحيح المعروف في اسمه، توفي الإبياني سنة: 352هـ. انظر: ترجمته في: طبقات الفقهاء، لأبي إسحاق الشيرازي: 1/ 160.
(2)
قال في التوضيح: (قال أبي العباس الأبياني، إذا كانت أسفل نعليه نجاسة فنزعه، ووقف عيه، جاز كظهر حصير) انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 313.
(3)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 211، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:42.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، ويغني عنه قوله:(واختار)؛ فهي في مصطلح المصنف للخمي.
(5)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 298.
(6)
في أصل المختصر لدينا: (عصراً).
نَضْحُهُ، وإِنْ تَرَكَ أَعَادَ الصَّلاةَ كَالْغُسْلِ، وهُوَ رَشٌّ بِالْيَدِ بِلا نِيَّةٍ لا إِنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ أَوْ فِيهِمَا.
قوله: (بِخِلافِ ثَوْبِهِ فَيَتَحَرَّى)، هذا الذي صحح ابن العربي، وفِي " النوادر عن سحنون وابن الماجشون يصلي بهما، وعن ابن (1) مسلمة يصلي بها ما لَمْ تكثر، هذا تحصيل ابن عرفة قال فِي " التوضيح ": والفرق عَلَى المشهور بين الأواني والثياب خفَّة النجاسة للاختلاف فيها، بخلاف الأواني، إذ لا خلاف فِي اشتراط المطلق فِي رفع الحدث.
قال: ونصّ سند عَلَى أنه يتحرى فِي الثوبين عند عدم ما يغسلهما به، خلاف ظاهر كلام ابن شاس وابن الحاجب. انتهي (2).
وقد أغفلوا كلهم حتى ابن عرفة ما فِي سماع أبي زيد بن أبي الغمر من كتاب الصلاة، ونصّه: " قال ابن القاسم فيمن حضرته الصلاة فِي سفر وليس معه إلا ثوبان أصابت إحدهما نجاسة لا يدري أيهما هو؟ قال: يصلي فِي أحدهما ثم يعيد فِي الآخر مكانه.
وقد بلغني عن مالك أنه قال: يصلي فِي واحد منهما ويعيد ما كان فِي الوقت إن وجد ثوباً، كما قال فِي الثوب يعني الواحد: ولست أنا أرى ذلك؛ ولكن يصلي فِي أحدهما ثم يعيد فِي الآخر مكانه، ثم لا إعادة عليه فِي وقت ولا غيره، وإن وجد غيرهما.
قال ابن رشد: قول ابن القاسم استحسان؛ لأنه إِذَا صلى بأحد الثوبين ثم أعاد بالآخر مكانه فقد تيقن أن إحدى صلاتيه قد حصلت بثوبٍ طاهر، وفيه نظر؛ لأنه إِذَا صلى فِي أحدهما عَلَى أن يعيد فِي الآخر، فلم يعزم فِي صلاته فيه عَلَى أنها فرضه إِذَا صلى بنية الإعادة، فحصلت النية غير مخلصة فيها للفرض، وكذلك إِذَا أعادها فِي الآخر لَمْ تخلص النية فِي إعادته للفرض؛ لأنه إنما نوى أنها صلاته إن كان هذا الثوب هو الثوب الطاهر،
(1) في (ن 2): (أبي).
(2)
قال ابن شاس: (ولو أصاب بعض ثوبه نجاسة، ولم يعلم موضعها، لم يجز التحري، وغسل جميعه بخلاف الثوبين؛ لأن أصلهما الطهارة، فيستند اجتهاده إليها، والأصل في الواحد النجاسة بعد الإصابة) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 111، وقال ابن الحاجب:(ويتحرى في الثياب) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:42. وانظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 311.
وقول مالك [أصحّ](1) وأظهر من جهة (2) النظر والقياس؛ لأنه يصلي فِي أحدهما عَلَى أنه فرضه فتجزئه صلاته، إذ لو لَمْ يكن له غيره فصلى به وهو عالم بنجاسته لأجزأته صلاته، ثم إن وجد فِي الوقت ثوباً طاهراً أعاد استحباباً. انتهى.
وانظر: هل يمكن أن يكون معنى قول مالك: يصلي فِي واحد منهما بعد أن يتحراه. والإعادة الوقتية لا تنافيه، فيقرب القَوْلانِ من القولين، وفِي هذه الرواية مستند لسند فِي اختصاص التحري بالضرورة (3). والله سبحانه أعلم.
وهَلِ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ، أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ؟ خِلافٌ.
قوله: (وهَلِ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ خِلافٌ) وسكت عن البقعة
قال ابن عرفة: قال بعض شيوخ شيوخنا: والبقعة تغسل اتفاقاً؛ ليسر الانتقال المحقق. وقال [5 / أ] بعض شيوخنا الفاسيين: كالجسد، ونقله عن " قواعد " عياض. انتهى.
قلت: بل ظاهر " قواعد " عياض أن البقعة كالثوب، [وبغسلها اتفاقاً قطع الشرمساحي](4).
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.
(2)
في الأصل: (جملة).
(3)
انظر السماع المذكور في البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 180، 181، والنوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 91، و1/ 215، وانظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:42.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.
قال في المدوّنة، لابن القاسم:(سمعت مالكا يقول: الدنس في الجسد وفي الثوب سواء) انظر: المدوّنة، لابن القاسم: 1/ 34، وقال في النوادر والزيادات، لابن أبي زيد:(يغسل ما أصاب من الجسد): 1/ 79، وانظر تفصيل المسألة في: المنتقى، للباجي: 1/ 318، و1/ 408، والمعونة، للقاضي عبد الوهاب: 1/ 57، وقال في البيان والتحصيل، لابن رشد:(وهو أصله أي مالك أن ما شك في نجاسته من الأبدان فلا يجزيء فيه إلا الغسل بخلاف الثياب) هـ: 1/ 81، وفي جامع الأمهات، لابن الحاجب:(النضح). انظر جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:39.