الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الحجّ]
للمصنف - رحمه الله تعالى - تأليف عجيب فِي مناسك الحجّ أجاد فيه ما شاء.
فُرِضَ الْحَجُّ، وسُنَّتِ الْعُمْرَةُ مَرَّةً، وفِي فَوْرِيَّتِهِ وتَرَاخِيهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ خِلافٌ، وصِحَّتُهُمَا بِالإِسْلامِ فَيُحْرِمُ وَلِيٌّ عَنْ رَضِيعٍ، وجُرِّدَ قُرْبَ الْحَرَمِ، ومُطْبِقٍ لا مُغْمًى، والْمُمَيِّزُ بِإِذْنِهِ، وإِلا فَلَهُ تَحْلِيلُهُ، ولا قَضَاءَ بِخِلافِ الْعَبْدِ. وأَمْرُهُ مَقْدُورُهُ وإِلا نَابَ عَنْهُ، إِنْ قَبِلَهَا كَطَوَافٍ، لا كَتَلْبِيَةٍ، ورُكُوعٍ، وأَحْضَرَهُمُ الْمَوَاقِفَ وزِيَادَةُ نَفَقَةٍ عَلَيْهِ، إِنْ خِيفَ ضَيْعَةٌ، وإِلا فَوَلِيُّهُ كَجَزَاءِ صَيْدٍ، وفِدْيَةٍ بِلا ضَرُورَةٍ، وشَرْطُ وَجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضاً حُرِّيَّةٌ وتَكْلِيفٌ وَقْتَ إِحْرَامِهِ بِلا نِيَّةِ نَفْلٍ، ووَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ بِلا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ وأَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ ومَالٍ، لا (1) لأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لا يَنْكُثُ عَلَى الأَظْهَرِ، ولَوْ بِلا زَادٍ ورَاحِلَةٍ لِذِي صَنْعَةٍ تَقُومُ بِهِ، وقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ كَأَعْمَى بِقَائِدٍ، وإِلا اعْتُبِرَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا، وإِنْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِناً، أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ، أَوْ بِافْتِقَارِهِ، أَوْ تَرْكِ وَلَدِهِ، لِلصَّدَقَةِ، إِنْ لَمْ يَخْشَ هَلاكاً، لا بِدَيْنٍ أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ سُؤَالٍ مُطْلَقاً، واعْتُبِرَ مَا يُرَدُّ بِهِ، إِنْ خَشِيَ ضَيَاعاً، والْبَحْرُ كَالْبَرِّ، إِلا أَنْ يَغْلِبَ عَطْبُهُ، أُوْ يُضَيِّعَ رُكْنَ صَلاةٍ لِكَمِيْدٍ.
قوله: (لا لأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لا يَنْكُثُ عَلَى الأَظْهَرِ) الظهور راجع لنفي السقوط بأخذ ما قلّ لا لعدم النكث؛ فإن الظالم إِذَا عرف بالنكث لا يختلف فِي السقوط، وقد وجّه ابن يونس القول بالسقوط بأنه لا يؤمن أن يخفرهم، والقول بعدمه بأن الغالب عدم خفره. قال أبو اسحاق: وهذا أشبه، وبه قطع اللخمي فِي القليل وزاد أن ظاهر كلام عبد الوهاب أنه لا يسقط بكثير لا يجحف.
وأما ابن رشد فلم أجده له فِي " المقدمات " ولا فِي " البيان " ولا فِي " الأجوبة "، ولا عزاه له ابن عرفة ولا المصنف فِي " مناسكه " ولا فِي " توضيحه "؛ وإنما قال فِي قول ابن الحاجب:" وفِي سقوطه بغير المجحف قَوْلانِ، أظهرهما عدم السقوط "(2): وهو قول
(1) في أصل المختصر، والمطبوعة:(إلا).
(2)
جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:184.
الأبهري واختاره ابن العربي وغيره (1).
والْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ، إِلا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ، ورُكُوبِ بَحْرٍ، إِلا أَنْ تَخْتَصَّ بِمَكَانٍ، وزِيَادَةِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ. كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ بِفَرْضٍ، وفِي الاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ، أَوْ بِالْمَجْمُوعِ تَرَدُّدٌ.
قوله: [28 / أ](وزِيَادَةِ مَحْرَمٍ) مراده بالزيادة أنه زائد عَلَى ما ذكر فِي الرجل، كما قال ابن الحاجب: والمرأة كالرجل وزيادة استصحاب زوج أو ذي محرم (2)، إلّا أن ابن الحاجب صدّر به المستثنيات، فكان أمكن، فلو قال المصنف وصحبة محرم لكان أولى.
تنبيه:
قال فِي " التوضيح ": المحرم يشمل النسب والصهر والرضاع، لكن كره مالك سفرها مَعَ ربيبها؛ إما لفساد الزمان لضعف مدرك التحريم عند بعضهم، وعَلَى هذا فيلحق به سائر محارم الصهر ومحارم الرضاع، وإما لما بينهما من العداوة فسفرها معه تعريض لضيعتها، وهذا هو الظاهر، وقد صرّح ابن الجلاب وصاحب " التلقين " (3) بجواز سفر المرأة مَعَ محرمها من الرضاع فِي باب: الرضاع (4).
(1) نقل الحطاب كلام المؤلف هنا كالمقرر له، إلا أنه اعتذر عن المصنف بقوله:(رَأَيْت فِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ الْحَجِّ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ عَزَاهُ لِابْنِ رُشْدٍ ذَكَرَ فِيهِ قَوْلَيْنِ، وصَدَّرَ بِالْقَوْلِ بِعَدَمِ السُّقُوطِ مَا نَصُّهُ: والْأَوَّلُ أَوْلَى إنْ سَأَلَ يَسِيرًا أَوْ عَلِمَ عَدَمَ غَدْرِهِ قِيَاسًا عَلَى عَادِمِ الْمَاءِ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يُجْحَفُ بِهِ، وإِنْ أَجْحَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاؤُه. انْتَهَى. فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ وَقَفَ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ فَأَشَارَ إلَيْهِ) انظر: مواهب الجليل: 2/ 496. وانظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 3/ 53.
(2)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:184.
(3)
قال ابن الجلاب: (ولا بأس أن تسافر المرأة مع ابنها أو أبيها أو أخيها من الرضاعة
…
) وقال صاحب التلقين: (وتسافر المرأة مع مرضعها وكل من حرم بالولادة حرم بالرضاعة) انظر: التفريع لابن الجلاب: 1/ 435، والتلقين للقاضي عبد الوهاب: 1/ 354.
(4)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 3/ 56.
وصَحَّ بِالْحَرَامِ وعَصَى، وفُضِّلَ [حَجٌّ](1) عَنْ غَزْوٍ، إِلا لِخَوْفٍ، ورُكُوبٌ، ومُقَتَّبٌ (2) وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ كَصَدَقَةٍ، ودُعَاءٍ، وإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلاغٍ، فَالْمَضْمُونَةُ كَغَيْرِهِ، وتَعَيَّنَتْ فِي الإِطْلاقِ كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ، [20 / أ] ولَهُ بِالْحِسَابِ إِنْ مَاتَ ولَوْ بِمَكَّةَ، أَوْ صُدَّ والْبَقَاءُ لِقَابِلٍ، واسْتُؤْجِرَ مِنَ الانْتِهَاءِ ولا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ، وصَحَّ إِنْ لَمْ يُعَيَّنِ الْعَامَ، وتَعَيَّنَ الأَوَّلُ وعَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ، وعَلَى الْجَعَالَةِ، وحَجَّ عَلَى مَا فُهِمَ، وجَنَى إِنْ وَفَّى دَيْنَهُ ومَشَى، والْبَلاغُ إِعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءاً وعَوْداً بِالْعُرْفِ، وفِي هَدْيٍ وفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا، ورُجِعَ بِالسَّرَفِ، واسْتَمَرَّ إِنْ فَرَغَ أَوْ أَحْرَمَ، ومَرِضَ وإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ، وإِلا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ، إِلا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلاغِ، فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ ولَوْ قُسِمَ، وأَجْزَأَ إِنْ قُدِّمَ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ أَوْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ، ورُجِعَ بِقِسْطِهَا أَوْ خَالَفَ إِفْرَاداً لِغَيْرِهِ إِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمَيِّتُ، وإِلا فَلا كَتَمَتُّعٍ بِقَرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ.
قوله: (وصَحَّ بِالْحَرَامِ وعَصَى)
أنشد المصنف فِي مناسكه لبعضهم:
إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتُ
…
فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ (3)
قال ابن جماعة الكناني فِي " رقائق الحجّ " قيل: إنه لأحمد بن حنبل، وبعده:
لا يقبل الله إلا كلّ طيبة
…
ما كلّ من حجّ بيت الله مبرور
وسُحت بـ: ضم الحاء عَلَى إحدى اللغتين، وهما قراءتان.
أَوْ هُمَا بِإِفْرَادٍ أَوْ مِيقَاتاً شُرِطَ.
قوله: (أَوْ مِيقَاتاً شُرِطَ) هو فِي حيز المنفيات، فإن جرّ فبالعطف عَلَى ما بعد الكاف، وإن نصب فبإضمار فعل ولا يصح عطفه عَلَى أفراداً؛ إذ هو فِي حيّز المثبتات.
وَفُسِخَتْ إِنْ عُيِّنَ الْعَامُ، وعُدِمَ.
قوله: (وفُسِخَتْ إِنْ عُيِّنَ الْعَامُ، وعُدِمَ) أي: وفسخت الإجارة إن عين العام وعدم
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر.
(2)
المُقْتَب بضم فسكون ففتح: رحل صغير. انظر: منح الجليل، للشيخ عليش: 2/ 201.
(3)
البيت لأبي الشمقمق. انظر: المستطرف في كل فن مستظرف "، للأبشيهي: 1/ 32.
فيه الحجّ، فالضمير فِي عدم للحجّ، والواو الداخلة عَلَيْهِ واو العطف أو واو الحال عَلَى تقدير: قد، والدليل عَلَى أن هذا مراده أنه قال في:" مناسكه "، واختلف إِذَا عينت السنة، هل تتعين وتنفسخ الإجارة بعدم الحجّ فِيهَا أم لا؟ فاقتصر هنا عَلَى القول بأنها تتعين إِذَا عينت.
كَغَيْرِهِ، وقَرَنَ، أَوْ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ وأَعَادَ، إِنْ تَمَتَّعَ، وهَلْ يُفْسَخُ إِنِ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ فِي الْمُعَيَّنِ، أَوْ إِلا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمِيقَاتِ، فَيُحْرِمَ عَنِ الْمَيِّتَ فَيُجْزِيهُ؟ تَأْوِيلانِ ومُنِعَ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ، وإِلا كُرِهَ كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وإِجَارَةِ نَفْسِهِ، ونَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنَ الثُّلُثِ، وحُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ إِنْ وَسِعَ وقَالَ يُحَجُّ بِهِ لا مِنْهُ، وإِلا فَمِيرَاثٌ كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ، أَوْ تَطَوَّعَ غَيْرٌ، وهَلْ إِلا أَنْ يَقُولَ يُحَجُّ عَنِّي بِكَذَا فَحِجَجٌ؟ تَأْوِيلانِ، ودُفِعَ الْمُسَمَّى، وإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ لِمُعَيَّنٍ لا يَرِثُ فُهِمَ إِعْطَاؤُهُ لَهُ، وإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ وَارِثٍ ولَمْ يُسَمِّ زِيدَ، إِنْ لَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُلُثُهَا ثُمَّ تُرُبِّصَ.
قوله: (كَغَيْرِهِ) أي: كما تنفسخ إِذَا تولى الفعل غير الأجير. قال فِي " توضيحه " لما ذكر القولين فِي تعلق الفعل بذمة الأجير: قد يخرج عليهما موت الأجير فِي الطريق، فعلى تعلقها بنفسه تنفسخ. انتهى (1). وأقرب منه لعبارته هنا قوله فِي " مناسكه "، وعَلَى التعيين فتبطل لغيره.
فإن قلت: يغني عن هذا قوله بعد: (ولَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ). قلت: هذا أصرح (2) فِي الفسخ.
فإن قلت: لعلّ مراده وفسخت إجارة مخالف الميقات المشترط إن عين العام وعدم العام أي: فات كغيره أي: كحجه فِي غير العام المعين؛ فإن ذلك لا يمنع من فسخ الإجارة.
قلت: هذا المحمل ربما يعضد بمطابقته لما فِي " الذخيرة " إذ قال فِيهَا ما نصّه: " ولو شرط عَلَيْهِ ميقاتاً فأحرم من غيره فظاهر المذهب لا يجزيه ويرد المال فِي الحجّ المعين إن فاته.
(1) انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 3/ 81.
(2)
في (ن 3): (أصح).
وقال الشافعي: لا يردّ وإن أحرم من الأقرب؛ لأن المقصود هو الحجّ (1).
لنا القياس عَلَى ما إِذَا استؤجر لسنة معينة فحجّ فِي غيرها (2). ولكن المحمل الأول أظهر لمحاِذَاته لما فِي " مناسكه "، فيفسر كلامه بكلامه؛ و [لأن استعمال](3) لفظ عدم فوات الحجّ أمكن من استعماله فِي فوات العام، ثم غير الأجير يشمل نائبه وأجير الوصي المخالف لمن عينه الميت (4)، وعَلَى الثاني حمل ابن راشد قول ابن الحاجب، فإن قلنا يتعين بطلت لغيره (5). وهو ظاهر والله تعالى أعلم.
ثُمَّ أُوجِرَ لِلضَّرُورَةِ فَقَطْ، غَيْرُ عَبْدٍ وصَبِيٍّ، وإِنِ امْرَأَةً ولَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ دَفَعَ لَهُمَا مُجْتَهِداً، وإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَا سَمَّى مِنْ مَكَانِهِ حُجَّ مِنَ الْمُمْكِنِ ولَوْ سَمَّاهُ.
قوله: (ثُمَّ أُوجِرَ لِلضَّرُورَةِ فَقَطْ، غَيْرُ عَبْدٍ وصَبِيٍّ) عطفه (6) بثم يعطي أنه من تمام ما قبله، ويعلم ضرورة عموم حكمه إذ لا وجه للخصوصية.
إِلا أَنْ يَمْنَعَ فَمِيرَاثٌ.
قوله: (إِلا أَنْ يَمْنَعَ فَمِيرَاثٌ) إشارة لما ذكره ابن رشد فِي رسم الجواب من سماع عيسى: أنّ أشهب وأصبغ قالا: يحجّ عنه من حيث وجد إلّا أن يقول: لا يحجّ عني إلّا من كذا (7)، كأن المصنف حمله عَلَى التفسير (8)، ولَمْ يذكر هذه الزيادة فِي " توضيحه " ولا فِي " مناسكه ".
وَلَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ لا الإِشْهَادُ، إِلا أَنْ يُعْرَفَ.
قوله: (ولَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ) ظاهره وإن لَمْ يعينه الميت بنص أو قرينة حال من صلاح (9) أو علم، وهو الذي استظهر به فِي " مناسكه ".
(1) انظر تفصيل الاستئجار في الحج عند الشافعي رحمه الله في " الأم ": 2/ 124 وما بعدها.
(2)
انظر الذخيرة، للقرافي: 3/ 198.
(3)
في (ن 1): (لاستعمال).
(4)
في (ن 3): (الميتة).
(5)
انظر جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:186.
(6)
في (ن 3): (عطف عليه).
(7)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 4/ 51، 52.
(8)
في (ن 1): (التفصيل).
(9)
في (ن 3): (صالح).
وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ (فِي مَنْ)(1) يَأْخُذُهُ فِي حَجِّهِ، ولا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ، ولَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ والدُّعَاءِ، ورُكْنُهُمَا الإِحْرَامُ، ووَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ لآخِرِ ذِي الْحِجَّةِ وكُرِهَ قَبْلَهُ كَمَكَانِهِ وفِي رَابِغٍ تَرَدُّدٌ، وصَحَّ ولِلْعُمْرَةِ أَبَداً إِلا لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ فَلِتَحَللهِ، وكُرِهَ بَعْدَهُمَا وقَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ ومَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ.
ونُدِبَ الْمَسْجِدُ كَخُرُوجِ ذِي التَّفْثِ لِمِيقَاتِهِ، ولَهَا ولِلْقِرَانِ الْحِلُّ، والْجِعِرَّانَةُ أَوْلَى، ثُمَّ التَّنْعِيمُ، وإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وسَعْيَهُ بَعْدَهُ، وأَهْدَى إِنْ حَلَقَ، وإِلا فَلَهُمَا ذُو الْحُلَيْفَةِ، والْجُحْفَةُ، ويَلَمْلَمُ، وقَرْنٌ، وذَاتُ عِرْقٍ، ومَسَاكِنُ دُونَهَا، وحَيْثُ حَاذَى وَاحِداً، [20 / ب] أَوْ مَرَّ ولَوْ بِبَحْرٍ، إِلا كَمِصْرِيٍّ يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَهُوَ أَوْلَى وإِنْ لِحَيْضٍ رُجِيَ رَفْعُهُ كَإِحْرَامِهِ أَوَّلَهُ، وإِزَالَةِ شَعَثِهِ، وتَرْكِ اللَّفْظِ بِهِ، والْمَارُّ بِهِ إن لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ، أَوْ كَعَبْدٍ فَلا إِحْرَامَ عَلَيْهِ، ولا دَمَ، وإِنْ أَحْرَمَ إِلا الضَّرُورَةَ الْمُسْتَطِيعَ، فتَأْوِيلانِ. ومُرِيدُهَا إِنْ تَرَدُّدٌ أَوْ عَادَلَهَا لأَمْرٍ، فَكَذَلِكَ، وإِلا وَجَبَ الإَحْرَامُ، وأَسَاءَ تَارِكُهُ، ولا دَمَ وإِنْ لَمْ يِقْصِدْ نُسُكاً، وإِلا رَجَعَ، وإِنْ شَارَفَهَا ولا دَمَ ولَوْ عَلِمَ، مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتاً، فَالدَّمُ كَرَاجِعٍ بَعْدَ إِحْرَامِهِ، ولَوْ أَفْسَدَ، لا فَاتَهُ.
قوله: (وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي مَنْ يَأْخُذُهُ فِي حَجِّهِ) الأظهر أنه يشير به لقول القرافي فِي " ذخيرته ": ولو كان الحجّ مضموناً لا معيناً مثل قوله: من يأخذ كذا فِي حجّة، ثم مات الآخذ ولَمْ يحرم، قام وارثه مقامه كسائر الإجارات، فإن مات بعد الإحرام فللوارث أن يحرم إن لَمْ تفت السنة المعينة أو فاتت غير المعينة، ويحرم من موضع شرط المستأجر أو من ميقاته، ولا يحتسب بما فعل (2) مورثه (3).
وقال الشافعي فِي الجديد: مثلنا، وفِي القديم يبني كبناء الولي عَلَى أفعال الصبي، والفرق أن الولي لَمْ يجدد (4) إحراماً، وإنما ناب فِي بعض الأفعال (5). انتهى، [28 / ب]
(1) في أصل المختصر والمطبوعة: (فيمن) والفصل عن إشارة المؤلف في الشرح.
(2)
في (ن 2): (يعمل).
(3)
في (ن 3): (موروثه).
(4)
في (ن 1): (يجد).
(5)
في (ن 3): (الأحوال)
وانظر: الذخيرة للقرافي: 3/ 196.
وكأنه يقول: وقام وارثه مقامه فِي قول المؤجر: من يأخذ كذا فِي حجة، فينبغي أن يكتب (فيمن) بقطع لفظ (فِي) عن لفظ (من) الواقعة عَلَى من يعقل.
وإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ.
قوله: (وإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ) تمامه فِي قوله: (مَعَ قولٍ أو فعل تعلقا به) وهذه طريقة ابن بشير وأتباعه، قال ابن عرفة: وفيه بمجرد النية طرق المازري وابن العربي وسند: ينعقد بها. اللخمي: كاليمين بها. ابن بشير: المذهب لا ينعقد بها، وفِي " المدوّنة ": من قال: أنا محرم يوم [أكلم](1) فلاناً فهو يوم يكلمه محرم (2). فقول ابن عبد السلام: لَمْ أر لمتقدم فِي انعقاده بمجرد النية نصاً: قصور.
وَإِنْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ، ولا دَمَ.
قوله: (وإِنْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ، ولا دَمَ) يشير به لقول ابن شاس: ولو اختلف العقد والنطق فالمعتبر العقد، وروى ما يشير إِلَى اعتبار النطق، فروى ابن القاسم فيمن أراد أن يهلّ بالحجّ مفرداً، فأخطأ فقرن أو تكلّم بالعمرة، فليس ذلك بشئ، وهو عَلَى حجّه. قال فِي " العتبية ": ثم رجع مالك فقال: عَلَيْهِ دم وقاله ابن القاسم (3)، زاد المصنف فِي " مناسكه ": ولعلّه لما حصل من الخلل بعدم المطابقة، والأول أقيس، ولابن يونس عن " العتبية " قال مالك: عَلَيْهِ دم (4). ويقع فِي بعض نسخ " النوادر " محوقاً (5) عَلَيْهِ قاله ابن عرفة وابن عبد السلام، وزاد فإيجابه الدم كالدليل عَلَى اعتبار القران، إذ لا موجب (6) له فِي الظاهر إلّا ذلك، ثم جوز احتمال عدم المطابقة وغير ذلك، وذكر المسألة فِي رسم صلي نهارا من سماع ابن القاسم، ولَمْ يذكر فِيهَا رجوعاً (7).
(1) في (ن 1): (يكلم).
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 2/ 80، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 473.
(3)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 3/ 133.
(4)
زيادة من (ن 1)، و (ن 4).
(5)
من الحوق، وهو الإطار المحيط بالشيء.
(6)
في (ن 3): (مجيب).
(7)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 3/ 455، 456.
وَإِنْ بِجِمَاعٍ مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ تَعَلَّقَا بِهِ بَيَّنَ أَوْ أَبْهَمَ، وصَرَفَهُ لِحَجٍّ والْقِيَاسُ لِقَرَانٍ.
قوله: (وإِنْ بِجِمَاعٍ) هذا راجع لقوله: (وإنما ينعقد بالنية) يعني أنه ينعقد بالنية، وإن وقعت فِي حال الجماع وكذا قال سند، وزاد: ويلزمه التمادي والقضاء، قال القرافي: وفِي كلامه ما يدل عَلَى أنه متفق عَلَيْهِ بين أهل المذهب (1).
تنبيه:
سلّم المصنف هذا مَعَ أنه يقول: لا ينعقد بمجرد النية بل لابد معها من قول أو فعل تعلّقا به، فتأمله.
وَإِنْ نُسِيَ فَقِرَانٌ، ونَوَى الْحَجَّ وبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ.
قوله: (وإِنْ نُسِيَ فَقِرَانٌ، ونَوَى الْحَجَّ وبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ) أي: إِذَا أحرم بمعين ثم نسي ما أحرم به أهو عمرة أم إفراد أم قران؛ فإنه يأخذ بالأحوط فيعمل عَلَى أنه قران، فإن كان الواقع فِي نفس الأمر العمرة فقد انطوى عَلَيْهَا الحجّ، وإن كان الواقع الإفراد فصورته وصورة القران واحدة، وإن كان الواقع القران فهو المأتي به، ثم لا يقنع بهذا حتى يحدث نية الحجّ الآن ليتمّ القران، إن كان الواقع فِي نفس الأمر هو العمرة، فيكون عَلَى هذا التقدير قد أردف الحجّ عَلَى العمرة قبل الطواف، وهو معنى قوله ونوى الحجّ.
فما ذكر من العمل عَلَى القران قاله أشهب، وما ذكر من زيادة إحداث نية الحجّ قاله أحمد بن مُيسّر، واختاره أبو اسحاق، وقال ابن يونس: صواب. وقال ابن بشير: هو نفس قول أشهب.
وقال اللخمي هذا [لمثل المدنيين](2) لخروجهم مرة للعمرة ومرة للحج، وأما المغربي فلا يعرف غير الحجّ، وأما قوله:(وبرىء منه فقط) فظاهره أن ذمته لا تبرأ، وإن جاء بهذا
(1) نص القرافي في الذخيرة: (نقل سند أن الإحرام ينعقد منه وهو يجامع، ويلزمه التمادي والقضاء ولم يحك خلافاً بل ذكر ما يدل على الاتفاق على ذلك من المذاهب). انظر: الذخيرة، للقرافي: 3/ 220.
(2)
في (ن 3): (المثل للمذنيين).
الاحتياط إلا من الحجّ دون العمرة، وكأنه عَلَى هذا فهم قول ابن الحاجب: عمل عَلَى الحجّ والقران. إذ قال مفسراً له: أي يحتاط لهما، بأن ينوي الحجّ إذ ذاك ويطوف ويسعى بناءً عَلَى أنه قارن (1)، ويهدي للقران ويأتي بالعمرة لاحتمال أن يكون إنما أحرم أولاً بعمرة (2). وتبعه فِي " الشامل " فقال: ولو نسي ما أحرم به نوى الحجّ وتمادى قارناً فطاف وسعى، وإِذَا أتم اعتمر (3). انتهى فليتأمل.
كَشَكِّهِ أَفْرَدَ أَوْ تَمَتَّعَ، وأَلْغَى عُمْرَةٌ عَلَيْهِ كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ، ورَفْضُهُ، وفِي كَإِحْرَامِ زَيْدٍ تَرَدُّدٌ، ونُدِبَ إِفْرَادٌ، ثُمَّ قِرَانٌ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا وقَدَّمَهَا، أَوْ يُرْدِفَهُ بِطَوَافِهَا، إِنْ صَحَّتْ.
قوله: (كَشَكِّهِ أَفْرَدَ أَوْ تَمَتَّعَ) ليس بمثال لأصل المسألة؛ فإن الذي قبله نسي ما أحرم به من كلّ الوجوه، وهذا جزم أنه لَمْ يحرم بعمرة ولا قران، وشكّ هل أحرم بالإفراد أو التمتع، فإنما شبّهه به فِي الأخذ بالأحوط، ونحو هذا لابن عبد السلام فِي تشبيه ابن الحاجب، فيحتاط بأن يطوف ويسعى لأنهما يشترك فيهما الحجّ والعمرة، ولا يحلق لاحتمال أن يكون أحرم بحجّ، فيكون حلاقه قبل رمي جمرة العقبة، ثم عَلَيْهِ هدي لتأخير الحلاق؛ لاحتمال أن يكون فِي العمرة.
قال ابن الحاجب: وينوي الحجّ (4). قال ابن عبد السلام: يعني بعد فراغه من السعي، ثم قال: وهذا لا يحتاج إليه باعتبار قصد براءة الذمة؛ لأنه إن كان فِي نفس الأمر فِي حج فهو متمادٍ عَلَيْهِ، وإن كان فِي عمرة فالمطلوب إنما هو تصحيحها، وقد حصل جميع أركانها وإنما أمره بذلك ندباً ليوفي ما نواه إن كان قد نواه وهو [التمتع](5)؛ لأنه حينئذ يكون قد أتى بأحد جزئيّ التمتع وهو العمرة، وبقي الجزء الآخر وهو الحجّ؛ ولهذا لما
(1) في (ن 3): (قرآن).
(2)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 3/ 133
(3)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:190.
(4)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 190، 191.
(5)
في (ن 1): (المتمتع).
فرض اللخمي المسألة فيمن شكّ [هل](1) أفرد أو اعتمر؟ لَمْ يذكر إنشاء الحجّ، وتبعه عَلَى ذلك غير واحد.
وكَمَّلَهُ، ولا يَسْعَى وتَنْدَرِجُ.
قوله: (وكَمَّلَهُ، ولا يَسْعَى) أي: إِذَا أردفه فِي طواف العمرة الصحيحة فإنه يكمل الطواف ولا يسعي؛ لأن من أنشأ الحجّ من مكة لا يسعى إلا بعد طواف الإفاضة. [29 / أ]
وكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لا بَعْدَهُ، وصَحَّ بَعْدَ سَعْيٍ، وحَرُمَ الْحَلْقُ وأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ ولَوْ فَعَلَهُ، ثُمَّ تَمَتُّعٌ بِأَنْ يَحُجَّ بَعْدَهَا وإِنْ بِقِرَانٍ، وشَرْطُ دَمِهِمَا عَدَمُ إِقَامَةٍ بِمَكَّةَ أَوْ ذِي طُوًى وَقْتَ فِعْلِهِمَا وإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، لا انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا، أَوْ قَدِمَ بِهَا يَنْوِي الإِقَامَةَ، ونُدِبَ لِذِي أَهْلَيْنِ، وهَلْ إِلا أَنْ يُقِيمَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ؟ تَأْوِيلانِ.
قوله: (وكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لا بَعْدَهُ) النفي راجع للإرداف فهو مقابل لقوله: (أو يردفه بطوافها) وليس براجع للكراهة، فقد صرّح فِي " المدوّنة " أن من أردف الحجّ بعد أن طاف وركع ولَمْ يسع، أو سعى بعض السعي كره له ذلك فإن فعل مضى عَلَى سعيه ثم يحل ويستأنف الحجّ (2). قال يحيي بن عمر: إن شاء.
وحَجَّ مِنْ عَامِهِ، ولِلْمُتَمَتِّعِ عَدَمُ عَوْدٍ لِبَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهَا ولَوْ بِالْحِجَازِ لا أَقَلَّ، وفِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا فِي وَقْتِهِ، وفِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا عَنْ وَاحِدٍ تَرَدُّدٌ، ودَمُ الْمُتَمَتِّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ، وأَجْزَأَ قَبْلَهُ، ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا سَبْعاً بِالطُّهْرَيْنِ، والسَّتْرِ، وبَطَلَ بِحَدَثٍ بِنَاءٌ، وجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ وخُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ عَنِ الشَّاذِرْوَانِ، وسِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ، ونَصَبَ الْمُقَبِّلُ قَامَتَهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، وابْتَدَأَ إِنْ قَطَعَ لِجَنَازَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ إِنْ فَرَغَ سَعْيُهُ، وقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ.
قوله: (وحَجَّ مِنْ عَامِهِ) الأوجه فيه أن يكون مصدراً منوناً مرفوعاً عطفاً عَلَى قوله: (عدم إقامة).
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(2)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 394.
ونُدِبَ كَمَالُ الشَّوْطِ، وبَنَى إِنْ رَعَفَ،، أَوْ عَلِمَ بِنَجِسٍ، وأَعَادَ رَكْعَتَيْهِ بِالْقُرْبِ، وعَلَى الأَقَلِّ إِنْ شَكَّ، وجَازَ بِسَقَائِفَ (1) لِزَحْمَةٍ، وإِلا أَعَادَ، ولَمْ يَرْجِعْ لَهُ، ولا دَمَ، ووَجَبَ كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ إِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْحِلِّ ولَمْ يُرَاهِقْ، ولَمْ يُرْدِفْ بِحَرَمٍ، وإِلا سَعَى بَعْدَ [21 / أ] الإِفَاضَةِ، وإِلا فَدَمٌ إِنْ قَدَّمَ ولَمْ يُعِدْ.
قوله: (وبَنَى إِنْ رَعَفَ) لو قال: كإن رعف. بزيادة الكاف لكان أعم فائدة.
ثُمَّ السَّعْيُ سَبْعاً بَيْنَ الصَّفَا والْمَرْوَةِ مِنْهُ الْبَدْءُ مَرَّةً والْعَوْدُ أُخْرَى، وصِحَّتُهُ بِتَقْدِيمِ طَوَافٍ، ونَوَى فَرْضِيَّتَهُ، وإِلا فَدَمٌ، ورَجَعَ إِنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ مُحْرِماً، وافْتَدَى لِحَلْقِهِ، وإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِحَجٍّ، فَقَارِنٌ كَطَوَافِ الْقُدُومِ إِنْ سَعَى بَعْدَهُ، واقْتَصَرَ، والإِفَاضَةَ إِلا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ، ولا دَمَ حِلاً إِلا مِنْ نِسَاءٍ وصَيْدٍ، وكُرِهَ الطِّيبُ [وَاعْتَمَرَ](2)، والأَكْثَرُ إِنْ وَطِئَ، ولِلْحَجِّ حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ سَاعَةً لَيْلَةَ النَّحْرِ، ولَوْ مَرَّ إِنْ نَوَاهُ، أَوْ بِإِغْمَاءٍ قَبْلَ الزَّوَالِ. أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ بِعَاشِرٍ فَقَطْ لا الْجَاهِلُ كَبَطْنِ عُرْنَةَ، وأَجْزَأَ بِمَسْجِدِهَا بِكُرْهٍ وصَلَّى ولَوْ فَاتَ.
والسُّنَّةُ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ، ولا دَمَ ونُدِبَ بِالْمَدِينَةِ لِلْحُلَيْفِيِّ، ولِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ مَكَّةَ بِذِي طُوًى، ولِلْوُقُوفِ ولُبْسُ إِزَارٍ ورِدَاءٍ ونَعْلَيْنِ، وتَقْلِيدُ هَدْيٍ، ثُمَّ إِشْعَارُهُ، ثُمَّ رَكْعَتَانِ، والْفَرْضُ مُجْزِئٍ يُحْرِمُ [الرَّاكِبُ](3) إِذَا اسْتَوَى، والْمَاشِي إِذَا مَشَى، وتَلْبِيَةٌ وجُدِّدَتْ لِتَغَيُّرِ حَالٍ، وخَلْفَ صَلاةٍ، وهَلْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلطَّوَافِ؟ خِلافٌ وإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ إِنْ طَالَ، وتَوَسُّطٌ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ، وفِيهَا، وعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ وإِنْ بِالْمَسْجِدِ لِرَوَاجِ مُصَلَّى عَرَفَةَ ومُحْرِمُ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ ومُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ وفَائِتِ الْحَجِّ لِلْحَرَمِ ومِنَ الْجِعِرَّانَةِ والتَّنْعِيمِ لِلْبُيُوتِ ولِلطَّوَافِ الْمَشْيُ، وإِلا فَدَمٌ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ، وتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ، وفِي الصَّوْتِ قَوْلانِ.
قوله: (مِنْهُ الْبَدْءُ مَرَّةً والْعَوْدُ أُخْرَى) كأنه يحوم بهذا عَلَى إفادة حكمين أحدهما: أن الابتداء من الصفا. والثانية: أن البدء شوط والعود شوط، فكأنه قال: منه البدء فِي حال كونه مرة ثم استأنف فقال: والعود إليه مرة أخرى، فالعود مبتدأ وأخرى خبر، وهو
(1) أي: سقائف المسجد.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.
(3)
ما بين المعكوفتين زيادة من المطبوعة.
كقوله فِي " المناسك ": يعدّ البداءة شوطاً، والرجعة شوطاً فذلك أربع وقفات عَلَى الصفا وأربع عَلَى المروة.
ولِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ، ثُمَّ عَوْدٍ ووَضْعاً عَلَى فِيهِ، ثَّم كَبَّرَ والدُّعَاء بِلا حَدٍّ، ورَمَلُ رَجُلٍ فِي الثَّلاثَةِ الأُوَلِ، ولَوْ مَرِيضاً، وصَبِيَّاً حُمِلا، ولِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ، ولِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ ورُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا كامْرأَةٍ إن خَلا وإِسْرَاعٌ بَيْنَ الأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ، ودُعَاءٌ وفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ ووُجُوبِهِمَا تَرَدُّدٌ ونُدِبَا كَالإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ والإِخْلاصِ، وبِالْمَقَامِ، ودُعَاءٌ بِالْمُلْتَزَمِ.
قوله: (وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ، ثُمَّ عَوْدٍ ووَضْعاً عَلَى فِيهِ، ثَّم كَبَّرَ) مقتضى عطفه التكبير بثم أنه لا يأتي به إلا عند تعذر ما قبله، وعَلَى هذا حمل فعلى هذا [لا يجمع](1) بين الاستلام (2) والتكبير، وكأنه نسبه فِي " التوضيح " لظاهر " المدوّنة " وليس كذلك، بل قال فِيهَا: ولا يدع التكبير كلما حإِذَاهما فِي طواف واجب أو تطوع (3).
وفي الرسالة: ويستلم الركن كلما مر به كما ذكرنا ويكبر (4). وكذا فِي غيرهما.
تكميل:
في بعض نسخ ابن الحاجب: بخلاف الركنين اللذين يليان الحجّر فإنه يكبّر فقط، هكذا بزيادة التكبير (5). فقال ابن عرفة: وقول ابن الحاجب: يكبّر لهما لا أعرفه.
واسْتِلامُ الْحَجَرِ والْيِمِانُيِّ بَعْدَ الأَوَّلِ، واقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: (واسْتِلامُ الْحَجَرِ والْيِمِانُيِّ بَعْدَ الأَوَّلِ) أي: بعد الشوط الأول منهما معاً، فإنه
(1) في (ن 1): (ألا يجتمع).
(2)
في (ن 3): (الاستسلام).
(3)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 397، وانظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 3/ 168، 169.
(4)
انظر: الثمر الداني، للآبي الأزهري، ص:368.
(5)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:194. وما أشار له المؤلف هو المثبت في نسخة ابن الحاجب التي رجعنا إليها.
سنة وكذا فِي " الجواهر "(1) وإليه رد فِي " التوضيح " ما (2) فِي " المدوّنة " من القطع باستلامهما فِي الشوط الأول والتخيير فيما بعده منهما (3) عَلَى أن المصنف سقط له ذكر اليماني فِي السنة.
ودُخُولُ مَكَّةَ نَهَاراً، والْبَيْتِ، ومِنْ كِدَاءٍ لِمَدَنِيٍّ.
قوله: (والْبَيْتِ) أي: وندب دخول البيت، زاد فِي " مناسكه " وليحذر (4) أمرين:
أحدهما: أن بعضهم وضع فِي وسط البيت مسماراً أسموه سرة الدنيا، وحملوا العامة عَلَى أن يكشف أحدهم سرته ثم يضعها عَلَيْهِ، وربما فعلت ذلك المرأة الجسيمة.
والثاني: أنهم وضعوا فِي الجدار المقابل للباب شيئاً سموه العروة الوثقى، وهو عال يقاسي عَلَيْهِ العوام مشقة حتى يصلوا إليه، ويركب بعضهم فوق بعض، وربما كان ذلك بين النساء والرجال - قاتل الله فاعلهما - ونبهنا عَلَى هذا، وإن كانا قد بطلا فِي هذا الزمان والحمد لله؛ خوفاً أن يعاد.
وَالْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وخُرُوجُهُ مِنْ كُدًى.
قوله: (والْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) زاد فِي " مناسكه ": ويستحب أن يستحضر عند رؤية البيت ما أمكنه من الخشوع والتذلل. وعن الشبلي أنه غشي عَلَيْهِ عند رؤية البيت فأفاق فأنشد:
هَذِهِ دَارُهُمْ وأَنْتَ مُحِبٌّ
…
مَا بَقَاءُ الدُّمُوعِ فِي الآمَاقِ
وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ وبِالْمَسْجِدِ، ورَمَلُ مُحْرِمٍ مِنْ كَالتَّنْعِيمِ أَوِ بِالإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ، لا تَطَوُّعٍ ووَدَاعٍ.
قوله: (ورُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ) تصوره ظاهر، وصيغة العموم فِي الطواف هنا، وفِي قوله قبل:(وفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْنِ لِلطَّوَافِ أو وجوبهما تَرَدُّدٌ).
(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 279.
(2)
في (ن 3): (بما).
(3)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 3/ 168، 169.
(4)
في (ن 1): (يعذر).
تقتضي شمول طواف التطوع، وقد بنى القرافي فِي " ذخيرته " عَلَى هذا نكتة بديعة فإنه قال: قال اللخمي: ويركع الطائف لطواف التطوع كالفرض، فإن لَمْ يركع حتى طال أو انتقض وضوءه استأنفه، فإن شرع فِي أسبوع (1) آخر قطعه وركع، فإن أتمه أتى لكل أسبوع بركعتين وأجزأه؛ لأنه أمر اختلف فيه، ومقتضى المذهب أن أربعة أسابيع طول تمنع الإصلاح وتوجب الاستئناف
ثم قال القرافي: فهذا الكلام من اللخمي وإطلاقه الإجزاء ووجوب الاستئناف يشعر بأن الشروع فِي طواف التطوع يوجب الإتمام كالصلاة والصوم، وهو ظاهر من المذهب وكلام شيوخه، وعَلَى هذا تكون المسائل التي يجب التطوع فِيهَا بالشروع سبعاً: الحجّ، والعمرة، والصلاة، والصوم، والاعتكاف، والإئتمام، والطواف، ولا يوجد لها ثامن، وقول المالكية: يجب تكميله محمول عَلَى هذا، وقد نصّوا عَلَى أن الشروع فِي تجديد الوضوء وغيره من قراءة القرآن وبناء المساجد والصدقات
…
وغيرها من [القربات](2) لا يجب إتمامها [29 / ب] بالشروع فِيهَا. انتهى (3).
وأنشد شيخنا الأستاذ أبو عبد الله الصغير قال: أنشدنا الفقيه أبو عبد الله العكرمي قال: أنشدنا الإمام ابن عرفة:
صَلاةٌ وصَوْمٌ ثمَّ حَجٌ وعُمْرَةٌ
…
عُكُوفٌ طَوافٌ وائتِمَامٌ تحتَّمَا
وفي غَيْرِهَا كَالْوقْفِ والطُّهْرِ خَيّرْن
…
فَمَن شَاءَ فلْيَقْطَعْ ومَنْ شَاءَ تَمْمَا
يعني بالوقف (4): بناء [الأوقاف كالمساجد](5) والقناطر (6) والسقّايات وحفر الآبار
…
وغير ذلك، إلّا أن ما نسب القرافي للخمي من أن مقتضى المذهب: أن أربعة أسابيع طول: فيه نظر حسبما بسطناه فِي: " تكميل التقييد وتحليل التعقيد " وحسبي الله ولا أزيد.
(1) المراد من الأسبوع سبعة أشواط.
(2)
في (ن 1): (القرابات).
(3)
انظر الذخيرة، للقرافي: 3/ 249.
(4)
في (ن 1): (في الوقف)، وفي (ن 3):(بالأوقاف).
(5)
في (ن 3): (المساجد).
(6)
في (ن 1)، و (ن 3)، و (ن 3):(القناطير).
وَكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ، ونَقْلُهُ ولِلسَّعْيِ شُرُوطُ [21 / ب] الصَّلاةِ، وخُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ يُخْبِرُ بِالْمَنَاسِكِ وخُرُوجُهُ لِمِنىً قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ، وبَيَاتُهُ بِهَا، وسَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ، ونُزُولُهُ بِنَمِرَةَ، وخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ، ثُمَّ أُذِّنَ، وجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ إِثْرَ الزَّوَالِ، ودُعَاءٌ وتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ، ووُقُوفُهُ بِوُضُوءٍ، ورُكُوبُهُ بِهِ، ثُمَّ قِيَامٌ إِلا لِتَعَبٍ، وصَلاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ، وبَيَاتُهُ بِهَا، وإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ، وجَمَعَ وقَصَرَ، إِلا لأَهْلَهَا، كَمِنىً وعَرَفَةَ، وإِنْ عَجَزَ فَبَعْدَ الشَّفَقِ، إِنْ نَفَرَ مَعَ الإِمَامِ، وإِلا فَكُلٌّ لِوَقْتِهِ، وإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ أَعَادَهُمَا، وارْتِحَالُهُ بَعْدَ الصُّبْحِ، مُغَلِّساً، ووُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يُكَبِّرُ ويَدْعُو للإِسْفَارِ واسْتِقْبَالُهُ بِهِ.
قوله: (وكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ، ونَقْلُهُ) معطوفان عَلَى المندوبات لا عَلَى المنفي قبلهما، أما شربه فذكره غير واحد، وفِي " الذخيرة " عن ابن حبيب: استحبّ الإكثار من شرب ماء زمزم والوضوء منه ما أقام به. قال ابن عباس: وليقل إِذَا شرب: اللهم إنّي أسألك علماً نافعاً وشفاءً من كلّ داء، قال: وهو لما شرب له، وقد جعله الله تعالي لإسماعيل عليه السلام ولأمه هاجر طعاماً وشراباً. انتهي (1).
ومن الغرائب ما حدثنا به شيخنا الفقيه الحافظ أبو عبد الله القوري المكناسي قال: حدثنا الحاجّ أبو عبد الله بن (غزوان)(2) المكناسي أنه سمع الإمام الأوحد الرباني أبا عبد الله البلالي بالديار المصرية يرجح حديث " الباذنجان لما أكل له "(3) عَلَى حديث: " ماء زمزم لما شرب له "(4). قال: وهذا خلاف المعروف، وأما نقل ماء زمزم ففي " مسلك السالك
(1) انظر الذخيرة للقرافي: 3/ 245.
(2)
في (ن 4): (عزوز).
(3)
قال ابن حجر: (عن ابن عباس رضي الله عنهما: كنا في وليمة رجل من الأنصار، فأتى بطعام فيه باذنجان، فقال رجل من القوم: يا رسول الله، الباذنجان يهيج المرارة، وييبس اللسان، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم باذنجان في لقمة، فأعاد الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الباذنجان شفاء من كل داء ولا داء فيه ". . . . والمتن موضوع) انظر: لسان الميزان، لابن حجر: 4/ 33. وقال السيوطي في شرح سنن ابن ماجه: (جازف من قال إن حديث " الباذنجان لما أكل له " أصح من " زمزم لما شرب له " فإن حديث الباذنجان موضوع. انتهى بتصرف منه 1/ 220.
(4)
انظر: المسند، لأحمد بن حنبل برقم (14892) 3/ 357، من حديث جابر رضي الله عنه، وسنن ابن ماجه برقم (3062)، كتب المناسك، باب الشرب من زمزم: 2/ 1018. قال ابن حجر فيه: (إرساله أصح وله شاهد من حديث جابر. . . وزعم الدمياطي أنه على رسم الصحيح، وهو كما قال من حيث الرجال؛ إلا أن سويداً وإن خرّج له مسلم، فإنه خلّط، وطعنوا فيه، وقد شذ بإسناده) انظر: فتح الباري، لابن حجر: 3/ 493.
فِي عمل المناسك " لقاسم بن أحمد الحضرمي الطرابلسي: يستحبّ أن يتزود منه إِلَى بلده؛ لما فِي الترمذي عن عائشة - رضي الله تعالي عنها - أنها كانت تحمل من ماء زمزم، وتخبر أنه عليه الصلاة والسلام كان يحمله (1).
وَلا وُقُوفَ بَعْدَهُ ولا قَبْلَ الصُّبْحِ، وإِسْرَاعٌ بِبَطُّنِ (2) مُحَسِّرٍ (3)، ورَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وَصُولِهِ وإِنْ رَاكِباً، والْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا، وحَلَّ بِهَا غَيْرُ نِسَاءٍ وصَيْدٍ، وكُرِهَ الطِّيبُ وتَكْبِيرُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وتَتَابُعُهَا، ولَقْطُهَا، وذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ، وطَلَبُ بَدَنَتِهِ لَهُ لِلْحَلْقِ، ثُمَّ حَلْقُهُ ولَوْ بِنَوْرَةٍ، إِنْ عَمَّ رَأْسَهُ، والتَّقْصِيرُ مُجْزٍ، وهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ تَأْخُذُ قَدْرَ الأُنْمُلَةِ، والرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ، وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ، إِنْ حَلَقَ، وإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَدَمٌ، بِخِلافِ الصَّيْدِ كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ، أَوِ الإِفَاضَةِ لِلْمُحْرِمِ، ورَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ أَوِ الْجَمِيعِ لِلَّيْلِ، وإِنْ لِصَغِيرٍ لا يُحْسِنُ الرَّمْيَ، أَوْ عَاجِزٍ، ويَسْتَنِيبُ فَيَتَحَرَّى وَقْتَ الرَّمْيِ، ويُكَبِّرُ، وأَعَادَ إِنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ مِنَ الرَّابِعِ، وقَضَاءُ كُلٍّ إِلَيْهِ، واللَّيْلُ قَضَاءٌ، وحُمِلَ مُطِيقٌ، ورَمَى، ولا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ، وتَقْدِيمِ الْحَلْقِ أَوِ الإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ لا إِنْ خَالَفَ فِي غَيْرٍ، وعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلاثاً، وإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ، أَوْ لَيْلَتَيْنِ إِنْ تَعَجَّلَ.
قوله: (ولا وُقُوفَ بَعْدَهُ) أي: بعد الإسفار.
وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ أَوْ مَكِّيَّاً قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنَ الثَّانِي فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ، ورُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفَ، ويَأْتِيَ الثَّالِثَ فَيَرْمِي لِيَوْمَيْنِ.
قوله: (فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ) كذا ذكره ابن المواز رواية عن مالك قال أبو محمد:
وقول ابن حبيب: يرمي له إثر رميه للذي قبله. خلاف قول مالك وأصحابه.
(1) انظر: سنن الترمذي برقم (963)، كتاب الحج، باب حمل ماء زمزم، وقال: " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه: 3/ 295.
(2)
في الأصل لدينا: (الأخضرين فوق الرمل ودعاء وفي نسيته ركعتن)، وهي غير موجودة بالمطبوع ولا في الشروح الأخرى، وهي مقحمة تجافي السياق، غير بينة المعنى.
(3)
بَطنُ مُحسِّرٍ: بضم الميم وفتح الحاء وتشديد السين وكسرها، هو وادي المُزْدَلفة. انظر: معجم البلدان، لياقوت الحموي: 1/ 449.
وتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ، وتَرْكُ التَّحْصِيبِ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ، ورَمَى كُلَّ يَوْمٍ الثَّلاثَ، وخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ مِنَ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ.
قوله: (وتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ) جاءت الرخصة فِي الحديث فِي تقديم الضعفة فِي محلين أحدهما: من عرفة إِلَى المزدلفة، والآخر من المزدلفة إِلَى منى، وقد [ترجم لهما] (1) البخاري معاً فقال: باب: " من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إِذَا غاب القمر "، ثم خرّج عن سالم كان عبد الله بن عمر يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك فإِذَا قدموا رمووا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص فِي أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
وعن ابن عباس: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم من جمع بليل. وعنه أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة فِي ضعفة أهله (3).
وعن عبد الله مولى أسماء عن أسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي، فصلّت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ساعة ثم قالت: يابني هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت فارحلوا فرحلنا، فمضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح بمنزلها فقلت لها: يا هنتاه ما أرانا إلّا قد غلّسنا فقالت: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن (4).
[وعن عائشة قالت: استأذنت سودة النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع وكانت ثقيلة ثبطة فأذن لها](5).
وعن عائشة أَيْضاً: نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة الناس، وكانت امرأة بطيئة فأذن لها، فدفعت قبل حطمة الناس وأقمنا حتى أصبحنا نحن
(1) في (ن 3): (ترجحهما).
(2)
أخرجه البخاري برقم (1592).
(3)
أخرجه البخاري برقم (1594).
(4)
أخرجه البخاري برقم (1595)
(5)
زيادة من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).
ثم دفعنا بدفعه، فلأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت سودة أحب إلي من مفروح به (1).
وخرّج مسلم عن أم حبيبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بها من جمع بليل (2). وأكثر هذه الأحاديث فِي الدفع من مزدلفة إِلَى منى، وهذا هو المطروق عند أهل المذهب كما قال فِي " المدوّنة ": ويستحبّ للرجل أن يدفع من المشعر الحرام بدفع الإمام لا يتعجّل قبله، وواسع للنساء والصبيان أن يتقدموا أو يتأخروا (3).
وأما الدفع من عرفة إِلَى المزدلفة فهو الذي تعطيه عبارة المصنف إذ قال: (للمزدلفة) ولَمْ يقل من المزدلفة، وهو غير مطروق عند أهل المذهب حتى قال [سحنون](4) معللاً للفرق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدّم ضعفة بني هاشم من المزدلفة ولَمْ يقدمهم من عرفة؛ فدل أن الوقوف بعرفة ليلاً فرض. انتهى [30 / أ].
فلعلهم لَمْ يأخذوا بحديث ابن عمر، و (5) ردّوه بالتأويل إلي هذا، ولئن سُلّم ما قاله المصنف، فلابد أن يقيد بأن يكون تقديمهم بعد إدراك جزءٍ من الليل، واللام فِي قوله:(لِلْمُزْدَلِفَةِ) لانتهاء الغاية تتعلق بتقديم أو بالرد، ولعلنا تعدينا هنا طورنا، وجهلنا قدرنا فلنمسك [العنان](6). والله تعالى المستعان.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (1592) إلى (1597) في كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون، ويقدم إذا غاب القمر.
(2)
أخرجه مسلم برقم (1292)، كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن.
(3)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 417.
(4)
في (ن 2)، و (ن 3):(أبو إسحاق).
(5)
في (ن 2)، و (ن 3):(أو).
(6)
ما بين المعكوفتين زيادة من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).
وَصِحَّتُهُ، بِحَجَرٍ كَحَصَى الْخَذْفِ، ورَمْيٍ وإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ عَلَى الْجَمْرَةِ، وإِنْ أَصَابَتْ غَيْرَهَا، إِنْ ذَهَبَتْ بِقُوَّةٍ، لا دُونَهَا وإِنْ أَطَارَتْ غَيْرَهَا [من الحصيات](1)، ولا طِينٍ ومَعْدِنٍ، وفِي إِجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ، وبِتَرَتُّبِهِنَّ وأَعَادَ مَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ، ومَا بَعْدَهَا فِي [22 / أ] يَوْمِهَا فَقَطْ ونُدِبَ تَتَابُعُهُ، فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ، يُعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الأُوَلِ، وإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ، اعْتُدَّ بِسِتٍّ مِنَ الأُولَى، وأَجْزَأَ عَنْهُ وعَنْ صَبِيٍّ آخَرَ ولَوْ حَصَاةً حَصَاةً، ورَمَى الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وإِلا إِثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ، ووُقُوفُهُ إِثْرَ الأُوْلَيَيْنِ قَدْرَ إِسْرَاعِ الْبَقَرَةِ، وتَيَاسُرُهُ فِي الثَّانِيَةِ وتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ، وطَوَافُ الْوَدَاعِ إِنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ، لا كَالتَّنْعِيمِ، وإِنْ صَغِيراً، وتَأَدَّى بِالإِفَاضَةِ والْعُمْرَةِ، ولا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى، وبَطَلَ بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ بِمَكَّةَ لا بِشُغْلٍ خَفَّ، ورَجَعَ لَهُ، إِنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ، وحُبِسَ الْكَرِيُّ، والْوَلِيُّ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ وقَدْرُهُ، وقُيِّدَ إِنْ أَمِنَ.
قوله: (وصِحَّتُهُ، بِحَجَرٍ كَحَصَى الْخَذْفِ، ورَمْيٍ وإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ عَلَى الْجَمْرَةِ، وإِنْ أَصَابَتْ غَيْرَهَا، إِنْ ذَهَبَتْ بِقُوَّةٍ، لا دُونَهَا وإِنْ أَطَارَتْ غَيْرَهَا لَهَا، ولا طِينٍ ومَعْدِنٍ) أي: وشرط صحة الرمي أن يكون بحجّر لا بغيره [وأن يكون الحجّر مثل حصى الخذف فِي القدر، وأن يرمي به رمياً، ولا يضعه وضعا، فلفظ رمى بالجر](2) عطفاً عَلَى حجر، ويجزئ الحجر وإن [كان](3) متنجساً، وأن يقع الحجر عَلَى الجمرة، ولا يشترط أن يصيب أصل أرض الجمرة بل يجزئ وإن وقع عَلَى ما عَلَيْهَا من الحصى، كما يجزئ إِذَا أصابت غير الجمرة بشرط أن تذهب بقوة الرمي، ولا تجزئ إِذَا وقعت دون الجمرة كما قال:(لا دونها وإن أطارت (4) غيرها [من الحصيات](5)).
أي: للجمرة ولا يجزئ الطين والمعدن. وفِي " الذخيرة ": ظاهر المذهب منع الطين والمعادن المتطرقة كالحديد وغير المتطرقة كالزرنيخ، وقاله الشافعي وابن حنبل،
(1) في أصل المختصر والمطبوعة: (لها)، وكذا هي في شروح المختصر الأخرى، والمثبت عن نسخة المؤلف.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من: (ن 3).
(3)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).
(4)
في (ن 3): (طارت).
(5)
في أصل النص المشروح عند المؤلف، وأصل النص الخليلي:(غيرها لها).
وقال أبو حنيفة: يجوز بكلّ ما هو من الأرض، وسلم منع الدراهم والدنانير (1)، وجوّزه داود الظاهري بكلّ شئ حتى بالعصفور الميت. (2) انتهى.
وإنما شققت كلام المصنف هنا، وإن لَمْ يكن فيه إشكال لسقوطه من بعض نسخ الشارح.
والرِّفْقَةُ، فِي كَيَوْمَيْنِ، وكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ كَأَنْ يُقَالُ لِلإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ، أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ صلى الله عليه وسلم.
قوله: (والرِّفْقَةُ، فِي كَيَوْمَيْنِ) فِي " الموازية " عن مالك إن كان مثل يومين حبس كريهاً ومن معه، وإن كان أكثر فكريها فقط (3).
ورُقِيُّ الْبَيْتِ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ عليه الصلاة والسلام بِنَعْلٍ، بِخِلافِ الطَّوَافِ والْحِجْرِ، وإِنْ قَصَدَ بِطَوَافِه نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ، لَمْ يُجِزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وأَجْزَأَ السَّعْيُ عَنْهُمَا كَمَحْمُولَيْنِ فِيهِمَا.
…
قوله: (وَرُقِيُّ الْبَيْتِ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ مِنْبَرِهِ عليه الصلاة والسلام بِنَعْلٍ) رقي البيت صعوده، وعَلَيْهِ أي: عَلَى ظهره، وكأنه عبّر بالرقي دون الدخول ليشعر باجتناب النعلين فِي ابتداء الصعود له أو لظهره أو للمنبر.
(1) انظر: فيما يجوز به الرمي عند الحنفية: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لزين بن إبراهيم بن محمد: 2/ 370، وما للشافعية: المجموع، للنووي: 8/ 143، وما للحنابلة: المغني لابن قدامة: 3/ 217.
(2)
انظر: الذخيرة، للقرافي: 3/ 264.
(3)
المسألة في المرأة التي يعرض الحيض وهي في رفقة، فإن الرفقة تحبس لها نحو اليوم واليومين، وما كان أكثر يحبس المكري لها دون الرفقة، فكان الأقرب أن يتعرض المؤلف لقول المصنف من قوله:(حُبِسَ الْكَرِيُّ .. إلخ) ونقل كلام مالك رحمه الله المواق عن الاستذكار، لابن عبد البر، لا الموازية: 4/ 373، وكلام ابن المواز في الاستذكار: لست أعرف حبس الكري كيف يحبس وحده يعرضه بقطع الطريق عليه، فكأن ابن المواز يتعقب كلام الإمام رحمه الله.