الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن أرادت الثاني فله أن يخصّ بيومها من شاء، وتبعه فِي " التوضيح "، ونص اللخمي هبتها عَلَى ثلاثة أوجه، فإن أسقطت يومها ولَمْ تخصّ به أحداً عاد القسم أثلاثاً، وإن خصّت به واحدة كان لها ويبقى القسم أرباعاً. وقد وَهبت سودة يومها لعائشة (1)، فكان لها يومان، وقال بعض أهل العلم: إن وَهبت الزوج كان بالخيار بين: أن يسقط حقه فِيهِ ويكون القسم أثلاثاً، أو يخصّ به واحدة ويكون أرباعاً. ابن عرفة: ظاهر قوله: قال بعض العلماء: أن المذهب خلافه وهو مقتضى قول ابن الحاجب وابن شاس، فإن وَهبت الزوج قدرت كالعدم ولا يخصص هو (2)، وفِيهِ نظر؛ لاحتمال كونه كهبة أحد الشفعاء حقّه للمبتاع، وكهبة أحد غرماء المفلس حقّه له فيستغرقه من سواه، واحتمال كونه كهبة أحد أولياء القتيل حقّه للقاتل، والأول أظهر، والثاني أجرى عَلَى شرائه ذلك.
فصل النشوز
(3)
ووَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا إِنْ ظَنَّ إِفَادَتَهُ، وبِتَعَدِّيهِ [36 / ب] زَجَرَهُ الْحَاكِمُ وسَكَّنَهُمَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ، وإِنْ أَشْكَلَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ، وإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْ أَهْلِهِمَا إِنْ أَمْكَنَ، ونُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ.
قوله: (وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ) أي: فإن كان الضرر بتعدّيه تولى الحاكم زجره باجتهاده كما تولى الزوج زجرها حين كان الضرر منها، فإن كان منهما معاً وعلم فالزاجر الإمام. قاله ابن عبد السلام.
وبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ، وسَفِيهٍ، وامْرَأَةٍ، وغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ، ونَفَذَ طَلاقُهُمَا، وإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ والْحَاكِمُ ولَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا.
قوله: (وبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ) يشمل الكافر والفاسق والصبي والعبد.
(1) أخرجه البخاري برقم (2453) كتاب الهبة وفضلها، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها
…
ومسلم في صحيحه برقم (1463)، كتاب الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها.
(2)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 491، وانظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 286.
(3)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 4).
لا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا، وتَلْزَمُ إِنِ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ.
قوله: (لا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا) أكثر بالرفع عطفاً عَلَى طلاقها و (أوقعا) فِي موضع الصفة له، والعائد المفعول المحذوف أي: ولا ينفذ أكثر من واحدة أوقعاه، وكأنه نبه بالصفة عَلَى أن هذا بعد الوقوع، وأما فِي الابتداء فلا يجوز أن يوقعا أكثر من واحدة كما صرّح به المَتِّيْطِي.
ولَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ (1)، ولَوْ لَمْ تَشْهَدِ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ، وعَلَيْهِمَا الإِصْلاحُ، وإِنْ تَعَذَّرَ وإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلا خُلْعٍ والْعَكْسُ ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا، أَوْ خَالَعَاهُ بِنَظَرِهِمَا، وإِنْ أَسَاءَا [مَعاً](2)، فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الطَّلاقُ بِلا خُلْعٍ، أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ وعَلَيْهِ الأَكْثَرُ؟ تَأْوِيلانِ، وأَتَيَا الْحَاكِمَ فَأَخْبَرَاهُ.
قوله: (ولَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ، ولَوْ لَمْ تَشْهَدِ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ) هذا مفرع عَلَى قوله: (وبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ) وعَلَى مفهوم قوله: (إِنْ أَشْكَلَ) وهناك ذكره فِي " التوضيح "، فالضمير فِي (لها) مفرد مؤنث عائد عَلَى الزوجة، والإشارة إلى قول المَتِّيْطِي قرب آخر باب الشروط، ولو لَمْ يشترط الزوج لزوجه شرط فِي الضرر فشهد الشهود أنه يضر بها فِي نفسها وما لها، فهل يكون لها القيام بذلك عَلَيْهِ أم لا؟
حكى ابن الهندي فِي النسخة الكبرى من " وثائقه " فِي ذلك قولين:
أحدهما: أن ذلك لها وتطلّق المرأة نفسها. قال: ويعضد هذا القول قوله عليه السلام: " لا ضرر ولا ضرار "(3)، ولو لَمْ يكن للمرأة ذلك لكان كالإجبار لها عَلَى احتمال الضرر، ومن قال بهذا القول يقول ذلك لها وإن لَمْ يشهد بتكرر الضرر، فيستوي فِي هذا القول من شرط ومن لَمْ يشترط.
(1) في المطبوعة: (بالضرر البين).
(2)
ما بين المعكوفتين زيادة: من المطبوعة.
(3)
الموطأ برقم (1429)،كتاب القراض، باب القضاء في المرفق، سنن البيهقي برقم (11166)، كتاب الصلح، باب لا ضرر ولا ضرار.
والثاني: أنها ليس لها أن تطلّق نفسها إِذَا لَمْ يشترط ذلك لها وبعقده (1) بيمين حتى يشهد بتكرر الضرر، فإذا شهد بذلك وَجب للسلطان النظر لها ويطلق عَلَيْهِ. المَتِّيْطِي: ونحو [50 / أ] هذا القول لأبي محمد بن أبي زيد فِي مسائله.
ونَفَّذَ حُكْمَهُمَا ولِلزَّوْجَيْنِ إِقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ، وفِي الْوَلِيَّيْنِ والْحَاكِمِ تَرَدُّدٌ، ولَهُمَا إِنْ أَقَامَهُمَا الإِقْلاعُ، مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ ويَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ وإِنْ طَلَّقَا واخْتَلَفَا فِي الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ فَلا طَلاقَ.
قوله: (ونَفَّذَ حُكْمَهُمَا) هو كقول المَتِّيْطِي فِي نص الوثيقة: فأمضى أي القاضي حكم الحكمين المذكورين عَلَى هذين الزوجين وأنفذه. وبالله تعالى التوفيق.
(1) في (ن 3): (ويعقد).