الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب النكاح]
افتتح هذا الباب بخواصه [41 / ب]عليه السلام تبعاً لابن شاس، واعتمد ابن شاس نقل كلام ابن العربي في " أحكام القرآن " عند قوله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} ، وعليه اعتمد القرطبي أَيْضاً في تفسير الآية، وللقرطبي والمصنف بعض زيادة على ما في " الأحكام "(1)، وهذه الخواص ثلاث: وجوب، وحرمه، وإباحة كما رتبها هنا، وجلّها (2) ظاهر من القرآن والسنة قال ابن العربي: وفيها متفق عليه ومختلف فيه.
[خصائص النبي صلى الله عليه وسلم]
خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الضُّحَى، والأَضْحَى، والتَّهَجُّدِ والْوِتْرِ بِحَضَرٍ، والسِّوَاكِ وتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ، وطَلاقِ مَرْغُوبَتِهِ، وإِجَابَةِ الْمُصَلِّي (3).
قوله: (وإِجَابَةِ الْمُصَلِّي) الأصل [فيه](4) ما في " الموطأ " وصحيح مسلم أنه عليه السلام لما دعا أُبَيَّاً وهو في الصلاة فلم يجبه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم يقل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} ؟ [الأنفال: 24] ونحوه في البخاري عن أبي سعيد بن المعلى (5)، وفي أحكام ابن العربي في هذه الآية قال الشافعي: في حديث أبيّ دليل على أن الفعل الفرض والقول الفرض إذا أُتي به في الصلاة [لا يبطلها](6) لأمره عليه السلام له بالإجابة وإن كان في الصلاة، وبينا في غير موضع أن هذه الآية دليل على وجوب إجابته عليه السلام وتقديمها على الصلاة، وهل تبقى الصلاة معها أو تبطل مسألة أخرى.
(1) انظر أحكام القرآن، لابن العربي، في تفسير الآية، فقد رتب عليها ثمان وعشرون مسألة: 3/ 588، وما بعدها، وانظر: تفسير القرطبي: 14/ 210.
(2)
في (ن 1): (جهلها).
(3)
قلت: بسط القول في هذا الباب بما لا مزيد عليه الإمام المناوي في كتابه: الفتوحات السبحانية " وهو بتحقيقنا مقابلاً على تسع نسخ، جاري طباعته.
(4)
ما بين المعكوفتين زيادة: من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).
(5)
أخرجه مالك في الموطأ (رواية يحي الليثي) برقم (186) في كتاب الصلاة، ما جاء في أم القرآن، والبخاري برقم (4204)، كتاب التفسير، ما جاء في فاتحة الكتاب، والحديث لم أقف عليه في صحيح مسلم.
(6)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).
وَالْمُشَاوَرَةِ، وقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ، وإِثْبَاتِ عَمَلِهِ، ومُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ.
[قوله: (والْمُشَاوَرَةِ) المَتِّيْطِي: إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور في الحروب وفيما ليس فيه حكم بين الناس. وقيل له: أن يشاور في الأحكام؛ قال أحمد بن نصر: وهذه غفلة عظيمة](1).
وتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ، وأَكْلِهِ كَثُومٍ، أَوْ مُتَوَكِّئاً، وإِمْسَاكِ كَارِهَتِهِ، وتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ، ونِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ أَوِ الأَمَةِ، ومَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ.
قوله: (وتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ) لَمْ يذكره ابن العربي في سورة الأحزاب ولا ابن شاس، وقال القرطبي: كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا رأى منكراً أنكره وأظهره؛ لأن إقراره لغيره على ذلك يدلّ على جوازه. ذكره صاحب " البيان "(2). انتهى، وقد استوفى الكلام على تغيير المنكر في حقّ سائر الناس في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب السلطان (3).
وفي " إرشاد " أبي المعالي: لا يكترث بقول الروافض (4): إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موقوفان على ظهور الإمام.
ونَزْعِ لأمَتِهِ (5) حَتَّى يُقَاتِلَ، والْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ وخَائِنَةِ الأَعْيُنِ والْحُكْمِ بَيْنَهُ وبَيْنَ مُحَارِبِهِ ورَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ [30 / ب] وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ وبِاسْمِهِ وإِبَاحَةِ الْوِصَالِ ودُخُولِ مَكَّةَ بِلا إِحْرَامٍ وبِقِتَالٍ.
قوله: (ونَزْعِ لأمَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ، والْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ وخَائِنَةِ الأَعْيُنِ والْحُكْمِ بَيْنَهُ
(1) ما بين المعكوفتين مكررفي (ن 4).
(2)
انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي: 14/ 211.
(3)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 9/ 360، وما بعدها.
(4)
الرافضة إحدى فرق الشيعة، سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر، وهم مجمعون على أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على استخلاف علي بن أبي طالب باسمه، وأظهر ذلك وأعلنه، وأن أكثر الصحابة ضلوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. . .إلخ، وهم فرق متعددة. انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري، ص:5.
(5)
اللأْمَةُ: السّلاح، وهي الدرع، ولأْمةُ الحربِ: أَداتها، وقد يترك الهمز تخفيفاً. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 12/ 532.
وبَيْنَ مُحَارِبِهِ) كذا وقع في أكثر النسخ، وكذا نقله (1) في " الشامل "، وهو خطأ من مخرج المبيضة لا شكّ فيه؛ وإنما الصواب ونزع لأمته حتى يقاتل (2) أو يحكم الله بينه وبين محاربه، والمن ليستكثر، وخائنة الأعين، وكذا هو في بعض النسخ المصححة، ولا يصحّ غيره (3)، ولفظ ابن العربي وابن شاس: وحرم عليه إذا لبس لأمته أن يخلعها أو يحكم الله بينه وبين محاربه (4)، أي: حتى يحكم الله، فـ:(أو) بمعنى حتى كقولهم: [حتي](5) لأنتظرنه أو يجيء، وكذلك هو في الحديث بلفظ (أو)، وبهذا يظهر لك أن حكم الله بينه وبين محاربه أعم من القتال، ولو أسقط المصنف ذكر القتال لكان أولى.
وصَفِيِّ الْمَغْنَمِ والْخُمْسِ، ويُزَوِّجُ لِنَفْسِهِ ومَنْ شَاءَ، وبِلَفْظِ الْهِبَةِ، وزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ، وبِلا مَهْرٍ، ووَلِيٍّ، وشُهُودٍ وبِإِحْرَامٍ، وبِلا قَسْمٍ، ويَحْكُمُ لِنَفْسِهِ ووَلَدِهِ.
قوله: (وصَفِيِّ الْمَغْنَمِ والْخُمْسِ) قال الهروي (6): في الحديث (إن أعطيتم الخمس وسهم النبي صلى الله عليه وسلم الصفي فأنتم آمنون)(7) قال الشعبي: الصفي علق بتخييره النبي صلى الله عليه وسلم من المغنم ومنه كانت صفية. ابن العربي: من خواصه عليه السلام صفي المغنم والاستبداد بخمس الخمس، أو الخمس ومثله لابن شاس، وكأنه إشارة إلى قولين أحدهما: الاستبداد [بخمس الخمس](8)، والثاني: الاستبداد بجميع الخمس، فاقتصر المصنف على الثاني ولو اقتصر على الأول لكان أولى؛ لأنه أشهر عند أهل السير.
(1) في (ن 1): (نقل).
(2)
في (ن 3): (يقاتلا).
(3)
نقل كلام الشارح هنا بنصه: الحطاب مستحسناً له، ومقرراً. انظر: مواهب الجليل: 5/ 12، واعتمده أيضا الخرشي في شرحه: 4/ 112، وقال المواق في: التاج والإكليل: (وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وبَيْنَ مُحَارِبِهِ) هَذَا الْفَرْعُ مِنْ خَطَأِ الْمَخْرَجِ مِنْ الْمُبَيَّضَةِ لِأَنَّهُ قَسِيمُ قَوْلِهِ: " وَنَزْعِ لَامَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ " أ. هـ، انظر: التاج والإكليل، للمواق: 3/ 399.
(4)
انظر: الجامع لأحكام القرآن، لابن العربي: 3/ 598.
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 2).
(6)
في (ن 3): (الجوهري).
(7)
أخرجه أحمد في المسند برقم (20759)، من حديث الأعرابي 5/ 78، والبيهقي في السنن الكبري برقم (13146) في كتاب النكاح، باب ما أبيح له من سهم الصفي.
(8)
في (ن 1): (بخمس الخمس أو الخمس).
وفي سماع أصبغ: إنما والي الجيش كرجلٍ منهم له مثل الذي لهم وعليه مثل الذي عليهم. ابن رشد: لا حقّ للإمام من رأس الغنيمة عند مالك وجلّ أهل العلم، والصفي مخصوص به عليه السلام بإجماع العلماء إلا أبا ثور فإنه رآه لكلّ إمام، وكذا لا حقّ له في الخمس إلا الاجتهاد في قسمه لقوله عليه السلام:(مالي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه (1) إلا الخمس، والخمس مردود عليكم) (2).
ومن أهل العلم من ذهب إلى أن الخمس مقسوم على الأصناف المذكورين في الآية بالسواء وأن سهمه عليه السلام للخليفة بعده.
ويَحْمِي لَهُ.
قوله: (ويَحْمِي لَهُ) هذا من زياداته على ما لابن (3) العربي وابن شاس، وقد ثبت أنه عليه السلام حمى النقيع - بالنون - وأنه قال عليه السلام:" لا حمى إلا لله ورسوله "(4) فلعلّ القائل بالاختصاص حمله على ظاهره وهو خلاف ما فسّره به الباجي إذ قال: يريد أنه ليس لأحد أن ينفرد عن المسلمين بمنفعة [42 / أ] تخصّه، وإنما الحمى لحقّ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أو من يقوم مقامه من خليفة وذلك إنما هو [فيما] (5) كان في سبيل الله تعالى والنظر في دين نبيه عليه السلام ذكره آخر جامع " الموطأ " عند قول عمر رضي الله تعالى عنه: والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله تعالى ما حميت عليهم من بلادهم شبراً (6).
(1) في (ن 3): (هذا).
(2)
أخرجه مالك في الموطأ برقم (977)، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الغلول. وأحمد في المسند برقم (6900) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأبو داود في السنن برقم (2694)، كتاب الجهاد، باب فدء الأسير بالمال، وحسنه الألباني، وانظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 3/ 72.
(3)
في (ن 3): (ابن).
(4)
أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (136)، باب الحمى، والبيهقي في السنن الكبرى برقم (11585) باب كَرَاهِيَةِ قَطْعِ الشَّجَرِ بِكُلِّ مَوْضِعٍ حَمَاهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، وقال البيهقي: قوله: " حمى النقيع من قول الزهري؛ ولذا وهّم البخاري هذا الحديث. انظر: السنن الكبرى، للبيهقي: 6/ 146.
(5)
في (ن 3): (إنما).
(6)
انظر: المنتقى، للباجي: 7/ 396، 397، وهو في باب الأقضية لا كتاب الجامع، وفي نسخة من الموطأ برقم (1822)، كتاب دعوة المظلوم، باب ما يتقى من دعوة المظلوم.