المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌[باب يُرْفَعُ الْحَدَثُ وحُكْمُ الْخَبَثِ]

- ‌فصل [الأعيان الطاهرة]

- ‌فصل [حكم إزالة النجاسة]

- ‌فصل [فرائض الوضوء، وسننه، وفضائله]

- ‌[باب الاستنجاء]

- ‌فَصْل [نواقض الوضوء]

- ‌[موجبات الغسل]

- ‌[المسح عَلَى الخفين]

- ‌[فصل في التيمم]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل] [

- ‌[باب الصلاة]

- ‌فصل [الأذان والإقامة]

- ‌[شروط صحة الصلاة]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل: فَرَائِضُ الصَّلاةِ]

- ‌[سنن الصلاة ومكروهاتها]

- ‌فصل [القيام وبدله]

- ‌فصل [قضاء الفوائت]

- ‌[فصل فِي أحكام السهو]

- ‌[سجود التلاوة]

- ‌[فصل فِي صلاة النافلة]

- ‌[فصل فِي صلاة الجماعة]

- ‌فصل [فِي استخلاف الإمام]

- ‌[فصل فِي صلاة المسافر]

- ‌[فصل فِي صلاة الجمعة]

- ‌[فصل فِي صلاة الخوف]

- ‌[فصل فِي صلاة العيد]

- ‌[فصل فِي صلاة الكسوف]

- ‌[فصل فِي صلاة الاستسقاء]

- ‌[فصل فِي أحكام الجنائز]

- ‌[صلاة الجنازة]

- ‌[باب فِي الزكاة]

- ‌[زكاة الحرث]

- ‌[زكاة النقود]

- ‌[زكاة الدين]

- ‌[زكاة العروض]

- ‌[زكاة المعادن]

- ‌[فصل فِي مصارف الزكاة]

- ‌[فصل زكاة الفطر]

- ‌[باب الصيام]

- ‌[باب الاعتكاف]

- ‌[باب الحجّ]

- ‌فصل [محظورات الإحرام]

- ‌[موانع الحج]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الأطعمة والأشربة]

- ‌[باب الضحية والعقيقة]

- ‌[باب الأيمان والنذور]

- ‌[فصل في النذر]

- ‌[باب الجهاد]

- ‌[الجزية]

- ‌[المسابقة]

- ‌[باب النكاح]

- ‌[خصائص النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أحكام النكاح]

- ‌[فصل فِي الخيار]

- ‌[فصل]

- ‌[الصداق]

- ‌[نكاح التفويض]

- ‌[التنازع في الزوجية]

- ‌[الوليمة]

- ‌[القسم للزوجات]

- ‌فصل النشوز

- ‌[باب الطلاق]

- ‌[طلاق السنة]

- ‌[باب التخيير والتمليك]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌[باب الإيلاء]

- ‌[باب الظهار]

- ‌[باب اللعان]

- ‌[باب العدة]

- ‌[أحكام زوجة المفقود]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌[تداخل العدة والاستبراء]

- ‌[باب الرضاع]

- ‌[باب النفقة والحضانة]

- ‌[فصل في الحضانة]

الفصل: ‌[فصل في النذر]

أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا قَوْلانِ.

قوله: (أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا) ليس من تمام مسألة الهرة؛ وإنما هي مسألة ثالثة في أكل الطعام المحلوف على أكله بعد فساده، والقَوْلانِ فيها عن ابن القاسم في رسم إن أمكنني من سماع عيسى، وذكر اللخمي فيها عن مالك: الحنث، وعن سحنون: البر، واختار الحنث لوجهين:

أحدهما: حمله على العادة، والعادة أن يؤكل غير فاسد.

والثاني: أنه إذا فسد ذهب بعضه، ومن حلف على شيءٍ ليأكلنه لَمْ يبر إلا بأكل جميعه، فإن كان خبزاً رطباً فيبس فذلك أخف؛ لأن جميعه موجود.

إِلا أَنْ تَتَوَانَى، وفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لا كَسَوْتُهُمَا ونِيَّتُهُ الْجَمْعُ واسْتُشْكِلَ.

قوله: (إِلا أَنْ تَتَوَانَى) أي إلا أن تتراخى المرأة في قبولها من الزوج حتى خطفتها الهرة. قال في سماع أبي زيد من كتاب: الأيمان بالطلاق: وإن توانت قدر ما لو أرادت أن تأخذها وتحرزها دون الهرة فعلت فهو حانث (1).

[فصل في النذر]

النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ كُلِّفَ ولَوْ غَضْبَانَ، وإِنْ قَالَ إِلا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْراً مِنْهُ، بِخِلافِ إِنْ شَاءَ فُلانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ، وإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ كَللهِ عَلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ، ونُدِبَ الْمُطْلَقُ، وكُرِهَ الْمُكَرَّرُ وفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ، ولَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لا غَيْرُ، وصِيَامٌ بِثَغْرٍ، وثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ إِلا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ بِمَا لِي فِي كَسَبِيلِ اللهِ وهُوَ الْجِهَادُ، والرِّبَاطُ بِمَحَلٍّ خِيفَ وأُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ إِلا لِتَصَدُّقِهِ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ، وكَرَّرَ إِنْ أَخْرَجَ، وإِلا فقَوْلانِ.

قوله: (إِلا لِتَصَدُّقِهِ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ) الضمير في به للمال، وهذا الفرع في " النوادر " و " النكت "، ولهما عزاه أبو الحسن الصغير وتبعه في " التوضيح "، وفي بعض النسخ:(كتصدق) بالكاف فيدخل تحت الكاف من نذر صدقة ماله، فظنّ لزوم جميعه،

(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 6/ 327.

ص: 398

فأخرجه، ثم أراد الرجوع في ثلثيه، بعد صيرورته بيد الغير، فهو شبه التصدق على معين من هذا الوجه، وهذا الفرع وإن لَمْ يكن مذكوراً في مشاهير الكتب فعليه حمل ابن راشد قول ابن الحاجب: فلو أخرجه ففي مضيه قَوْلانِ (1)، وعضده في " التوضيح " بأنه المأخوذ من كلام ابن بشير. انتهى (2).

ولفظ ابن بشير: " اختلف المذهب فيمن تصدق بجميع ماله، هل يمضي فعله أم لا؟ ثم قال بعد كلام: "

وإنما الخلاف المتقدم إذا أخرج جميعه هل يمضي فعله أم لا "؟، وحمله ابن عرفة على الصدقة [38 / ب] المجردة من النذر واليمين، وبه فسّر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب، وليس هذا شبه المعين في الصورة فلا يندرج تحت الكاف.

وَمَا سَمَّى وإِنْ مُعَيَّناً أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ، وبَعْثُ فَرَسٍ وسِلاحٍ لِمَحَلِّهِ إَنْ وَصَلَ وإِنْ لَمْ يَصِلْ بِيعَ وعُوِّضَ كَهَدْيٍ ولَوْ مَعِيباً عَلَى الأَصَحِّ، ولَهُ فِيهِ إِذَا بِيعَ الإِبْدَالُ بِالأَفْضَلِ، وإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ.

قوله: (وَمَا سَمَّى وإِنْ مُعَيَّناً أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ)(مَا سَمَّى) معطوف على فاعل (لَزِمَ) وجملة (أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ) صفة لمعين، وجعل المعين غاية؛ لأنه الذي يمكن إتيانه على الجميع، فالجزء ولو كثر كتسعة أعشار أحرى.

وكُرِهَ بَعْثُهُ وأُهْدِيَ بِهِ، فَإِنْ عَجِزَ عُوِّضَ الأَدْنَى، ثُمَّ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُصْرَفُ فِيهَا إِنْ احْتَاجَتْ، وإِلا تُصُدِّقَ بِهِ، وأَعْظَمَ مَالِكٌ أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ لأَنَّهُ وِلايَةٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم والْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ ولَوْ لِصَلاةٍ وخَرَجَ مَنْ بِهَا وأَتَى بِعُمْرَةٍ كَمَكَّةَ، أَوِ الْبَيْتِ، أَوْ جُزْئِهِ لا غَيْرُ، إِنْ لَمْ يَنْوِ نُسُكاً مِنْ حَيْثُ نَوَى، وإِلا حَلَفَ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ حَنَثَ بِهِ، وتَعَيَّنَ مَحَلٌّ اعْتِيدَ ورَكِبَ فِي الْمَنْهَلِ، ولِحَاجَةٍ كَطَرِيقٍ قُرْبَى اعْتِيدَتْ، وبَحْراً اضْطُرَّ لَهُ، لا اعْتِيدَ عَلَى الأَرْجَحِ، لِتَمَامِ الإِفَاضَةِ وسَعْيِهَا.

قوله: (وأُهْدِيَ بِهِ) مبني لما لَمْ يسم فاعله، فهو أعم من أن يفعل ذلك ربّ الثوب أو غيره.

(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:241.

(2)

انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 4/ 445. وانظر كلام ابن الحاجب في جامع الأمهات، ص: 241.

ص: 399

وهَلْ اخْتُلِفَ هَلْ يُقَوِّمُهُ أَوّلا (1) نَدْباً، أَوِ التَّقْوِيمِ إِذَا كَانَ بِيَمِينٍ؟ تَأْوِيلاتٌ.

قوله: (وهَلْ اخْتُلِفَ هَلْ يُقَوِّمُهُ أَوّلا نَدْباً، أَوِ التَّقْوِيمِ إِذَا كَانَ بِيَمِينٍ؟ تَأْوِيلاتٌ) كلام معقد كرَّر فيه هل مرتين، قابل كل واحدة منهما بأو العاطفة ولا النافية، على طريق التلفيف كأنه قال: وهل اختلف أم لا؟، فقيل له: في أي شيءٍ يختلف؟ فقال: هل يقومه على نقد نفسه أم لا؟، فقيل له: إذا قلنا بترك التقويم فعلى أيّ وجه؟ فقال: ندباً، ثم كمل بالتأويل الثالث. فقال: أو التقويم إن كان بيمين. هذا ما انقدح لي في تمشيته ولعلّك ينقدح لك أجلى منه (2). على أن استعمال (أو) معادلة لـ (هل) فيه ما فيه عند أهل اللسان، إلا أنه شائع بين الفقهاء، وهذا المختصر مشحون به، وبعد فهمك اللفظ لا يخفاك تنزيل كلام الشيوخ عليه، وما جرى في عبارة الشارح من قوله:(هل يجوز أن يقومه على نفسه ابتداءً)؟ يقتضي أنه يضبط (أوّلاً) الأول بتشديد الواو ظرفاً؛ لتفسيره إياه بقوله: (ابتداءً). والله سبحانه أعلم.

ورَجِعَ وأَهْدَى إِنْ رَكِبَ كَثِيراً بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ، أَوِ الْمَنَاسِكَ والإِفَاضَةِ نَحْوَ الْمِصْري قَابِلاْ فَيَمْشِي مَا رَكِبَ فِي مِثْلِ الْمُعَيَّنِ، وإِلا فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ إِنْ ظَنَّ أَوَّلاً الْقُدْرَةَ، وإِلا مَشَى مَقْدُورَهُ.

قوله: (نَحْوَ الْمِصْري) هو فاعل رجع.

ورَكِبَ وأَهْدَى فَقَطْ كَأَنْ قَلَّ ولَوْ قَادِراً كَالإِفَاضَةِ فَقَطْ.

قوله: (كَالإِفَاضَةِ فَقَطْ) كذا ذكر في " المدونة " أنه إذا مشى في حجّه كله وركب في الإفاضة فقط لَمْ يعد ثانية وأهدى (3) قال ابن محرز معنى: قوله: " وركب في الإفاضة ":

(1) في النسخة المطبوعة، وأصل المختصر:(أو لا) مركبة من (أو) و (لا)، وضبطها على إشارة المؤلف في اسنتاجه عن الشارح الشيخ بهرام.

(2)

استحسن الخرشي كلام الشارح هنا، ونقله مختصراً له في شرح العبارة، ثم قال:(هَذَا زُبْدَةُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) انظر: شرح الخرشي: 3/ 506، 507.

(3)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي:، والنص اختصره المؤلف، ونصه بتمامه:(وإذا مشى حجّه كله وركب في الإفاضة فقط، أو مرض في طريقه فركب الأميال أو البريد أو اليوم ومشى البقية لم يعد ثانية وأهدى) وانظر: المدونة، لابن القاسم: 3/ 77، 78.

ص: 400

ركب في رجوعه من منى إلى مكة [أبو الحسن الصغير: أي في سيره إلى الإفاضة من منى إلى مكة](1).

وكَعَامٍ عُيِّنَ، ولْيَقْضِهِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ.

قوله: (ولْيَقْضِهِ) لماّ ذكر أن من ركب في العام المعين لا يرجع، بيّن أن من لَمْ يمش فيه أو مشي وتراخى حتى فاته لابد له من قضائه، يريد إذا فاته لغير عذر. قال ابن بشير: إن أطال في الطريق حتى جاوزه العام المعين فقد أثم في التأخير، ويلزمه القضاء على أصل المذهب.

قال ابن عرفة: ومقابل المعروف في قول ابن الحاجب: على المعروف (2)، لا أعرفه، وتركه لنسيان أو عذر كالصوم والاعتكاف كذلك.

وكَإِفْرِيقِيٍّ وكَأَنْ فَرَّقَهُ ولَوْ بِلا عُذْرٍ، وفِي لُزُومِ الْجَمِيعِ بِمَشْيِ عَقَبَةٍ ورُكُوبِ أُخْرَى تَأْوِيلانِ.

قوله: (وكَإِفْرِيقِيٍّ) بالواو عطفاً على قوله: (كَأَنْ قَلَّ (3))، فهي إحدى النظائر التي يجب فيها الهدي بلا رجوع.

وَالْهَدْيُ وَاجِبٌ إِلا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَنَدْبٌ، ولَوْ مَشَى الْجَمِيعُ ولَوْ [28 / أ] أَفْسَدَ أَتَمَّهُ ومَشَى فِي قَضَائِهِ مِنَ الْمِيقَاتِ، وإِنْ فَاتَهُ جَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ ورَكِبَ فِي قَضَائِهِ، وإِنْ حَجَّ نَاوِياً نَذْرَهُ وفَرْضَهُ مُفْرِداً أَوْ قَارِناً أَجْزَأَ عَنِ النَّذْرِ، وهَلْ إِنْ لَمْ يَنْذُرْ حَجَّاً؟ تَأْوِيلانِ، وعَلَى الضَّرُورَةِ جَعْلُهُ فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْفَوْرِ.

قوله: (والْهَدْيُ وَاجِبٌ إِلا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَنَدْبٌ (4)) أي: والهدي المذكور واجب سواءً كان مما يجب معه الرجوع، أو مما لا يجب معه الرجوع إلّا فيمن شهد المناسك راكباً فإنه مندوب. قال ابن يونس: في هذا قال ابن المَوَّاز: قال مالك: ويهدي أحبّ إليّ

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 4).

(2)

انظر جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 239، ونصه ". . . فإن كان معيناً ففاته أثم وعليه قضاؤه على المعروف ".

(3)

في (ن 1): (أقل).

(4)

في (ن 1)، و (ن 3):(فمندوب).

ص: 401

من غير إيجاب، ولَمْ يره في الهدي (1) مثل من عجز في الطريق. ابن يونس: يريد عجزاً يوجب عليه العودة فيه أم لا. قال ابن القاسم: لأن بعض الناس لَمْ يوجب عليه العودة في المشي إذا بلغ مكة وطاف، ورأى أن مشيه قد تم، وأرخص له في الركوب إلى عرفة، فلذلك عندي لَمْ يوجب عليه مالك الهدي.

وعَجَّلَ الإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ إِنْ قَيَّدَ بِيَوْمِ كَذَا.

قوله: (وعَجَّلَ الإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ إِنْ قَيَّدَ بِيَوْمِ كَذَا) هذا شامل للحجّ والعمرة.

كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقاً، إِنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً لا الْحَجِّ والْمَشْيِ فَلأَشْهُرِهِ إِنْ وَصَلَ.

قوله: (كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقاً) مراده بالإطلاق ضد التقييد؛ لاندراج المقيدة فيما قبل، فلو قال: مطلقة لكان أبين، وربما صح كسر اللام من قوله:(مطلِقاً) على أنه حال (2) من مضاف محذوف، أي كناذر العمرة حال كونه مطلقاً غير مقيد، وبهذا تعلم أن قوله: لا الحج خاص بالمطلق دون المقيد، وأن كلامه قد اشتمل على أربع صور: حج وعمرة مقيّدان، وحج وعمرة مطلقان.

وإِلا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ عَلَى الأَظْهَرِ.

قوله: (وإِلا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ عَلَى الأَظْهَرِ) لَمْ أقف عليه لابن رشد، بل لابن يونس ومثله لابن عبد السلام إذ قال: قيّد قوله في " المدونة ": لا يلزمه إحرام الحجّ إلّا في أشهر الحج (3) بما إذا أمكن وصوله إلى مكة من موضع الحلف، إن خرج في أشهر الحج، فهذا هو الذي له التأخير بالإحرام، وأما إذا كان لا يصل إلى مكة إذا خرج من موضع الحلف، فهذا يجب عليه الخروج قبل أشهر [الحج](4)، ثم اختلف هل يخرج محرماً قبل أشهر الحج أو يخرج حلالاً؟ [39 / أ] فإذا دخلت عليه أشهر الحج أحرم سواء وصل إلي الميقات أم لا.

(1) في (ن 1): (الهدم).

(2)

في (ن 3): (حال محذوف من. . .) وهو خطأ والمثبت هو الصواب.

(3)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 3/ 363.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

ص: 402

والأول هو مذهب [ابن](1) أبي زيد، والثاني مذهب ابن القابسي (2)، والظاهر مذهب أبي محمد؛ لأن المنذور هو الإحرام بالعمرة أو الحجّ لا الخروج إليهما، فإذا وجب تعجيل المنذور وجب تعجيل الإحرام.

وَلا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ، أَوْ بَابِهَا.

قوله: (ولا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ، أَوْ بَابِهَا) فاعل يلزم ضمير يعود على النذر معلقاً وغير معلق، ويأتي التفصيل في التي بعدها.

أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ.

قوله: (أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ)[أي: وكذا لا يلزمه شيء إذا قال مثلاً: كل مال أكتسبه](3) صدقة إن كلّمت فلاناً. قال ابن رشد في رسم إن أمكنني من سماع عيسى: إذا حلف بصدقة ما يفيده أو يكسبه أبداً فلا شيء عليه باتفاق، وفي حلفه بصدقة ما يفيده أو يكسبه إلى مدة ما أو في بلدٍ ما قَوْلانِ. وأما إذا قال كلّ مال أملكه إلى كذا صدقة إن فعلت كذا، ففيه خمسة أقوال؛ من أجل أن لفظة أملك تصلح للحال والاستقبال، فعلى تخليصه للاستقبال قَوْلانِ:

أحدهما: لا شيء عليه. والثاني: يلزمه إخراج جميع ما يملك إلى ذلك الأجل.

وعلى حمله على الحال والاستقبال معاً ثلاثة أقوال:

أحدها: يلزمه إخراج ثلثه الساعة (4)، وجميع ما يفيده إلى الأجل (5). والثاني: ثلثهما.

والثالث: ثلث ماله الساعة فقط، وهذا كله في اليمين.

[وأما إذا نذر أن يتصدق بجميع ما يفيده أبداً فيلزمه أن يتصدق بثلث ذلك قولاً](6) واحداً، وأما إذا نذر أن يتصدق بجميع ما يفيده إلى أجل أو في بلد لزمه إخراج جميع ذلك

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن 2)، و (ن 3):(القاسم).

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(4)

في (ن 3): (ثله السعة).

(5)

في (ن 1): (أجل).

(6)

ما بين المعكوفتين زيادة من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).

ص: 403

قولاً واحداً؛ لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} [النحل: 91]، {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: 75]، {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]، وقوله عليه السلام:" من نذر أن يطيع الله فليطعه "(1) وإن كان لَمْ ينص في " المدونة " وغيرها على التفرقة في هذا بين النذر واليمين؛ فالوجه عندي حمل هذه المسائل على اليمين دون النذر، وإنما يستويان في صدقة الرجل بجميع ما يملك من المال؛ لقوله عليه السلام لأبي لبابة وقد نذر أن ينخلع من جميع ماله:" يجزيك الثلث من جميع ذلك "(2). انتهى مختصراً (3).

وقد قبله ابن عبد السلام وابن عرفة، وبه يفسر كلام المصنف هنا.

أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ.

قوله: (أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ) ما للمدونة فيه واللخمي وابن عبد السلام معروف (4). قال ابن عرفة: ونذر شيء لميت صالح معظم في نفس الناذر لا أعرف فيه نصاً، وأرى إن قصد مجرد كون الثواب للميت تصدق به بموضع الناذر، وإن قصد الفقراء الملازمين لقبره أو زاويته تعيّن لهم إن أمكن وصوله لهم.

أَوْ مَالُ غَيْرٍ، إِنْ لَمْ يُرِدْ إِنْ مَلَكَهُ، أَوْ عَلَيَّ نَحْرُ فُلانٍ ولَوْ قَرِيباً، إِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ، أَوْ يُنَوِّهُ أَوْ يَذْكُرْ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ، والأَحَبُّ حِينَئِذٍ كَنَذْرِ الْهَدْيِ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ كَنَذْرِ الْحَفَاءِ أَوْ حَمْلَ فُلانٍ إِنْ نَوَى التَّعَبَ، وإِلا رَكِبَ وحَجَّ بِهِ بِلا هَدْيٍ، وأَلْغَى عَلَيَّ الْمَسِيرُ، والذِّهَابُ، والرُّكُوبُ لِمَكَّةَ، ومُطْلَقُ الْمَشْيِ ومَشْيٌ لِمَسْجِدٍ، وإِنْ لاعْتِكَافٍ، إِلا لِقَرِيبٍ جِدَّاً فقَوْلانِ تَحْتَمِلُهُمَا ومَشْيٌ لِلْمَدِينَةِ، أَوْ إِيلْيَاءَ إِنْ لَمْ يَنْوِ صَلاةً بِمَسْجِدِهِمَا، أَوْ يُسَمِّهِمَا، فَيَرْكَبُ. وهَلْ إِنْ كَانَ بِبَعْضِهَا، أَوْ إِلا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ؟ خِلافٌ، والْمَدِينَةُ أَفْضَلُ ثُمَّ مَكْةُ.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6318)، كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، والترمذي برقم (1526) كتاب النذور والأيمان، باب من نذر أن يطيع الله فليطعه.

(2)

أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين برقم (6658) من حديث أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه.

(3)

انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: 3/ 209، وما بعدها، وهي مسألة طويلة قال ابن رشد:(.. وهي نحو خمسين مسألة ..)، وقد وقعت في رسم البراءة لا رسم إن أمكنني كما أشار المؤلف.

(4)

قال في التاج والإكليل في الاستدال بما للمدونة مما عناه المؤلف: (. . . من قال لله علي إن أنحر بدنة أين ينحرها؟ قال: بمكة قلت: وكذلك إذا قال: لله علي هدي؟ قال: ينحره أيضا بمكة. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: لله علي أن أنحر جزوراً. أين ينحره؟ أو لله علي جزور أين ينحره؟ قال: ينحره في موضعه الذي هو فيه) انظر: التاج والإكليل، للمواق: 3/ 340، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 479.

ص: 404