الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومَنَعَ حَدَثٌ: صَلاةً وطَوَافاً ومَسَّ مُصْحَفٍ وإِنْ بِقَضِيبٍ، وحَمْلَهُ وإِنْ بِعِلاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ إِلا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ وإِنْ عَلَى كَافِرٍ، لا دِرْهَمٍ وتَفْسِيرٍ ولَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ ومُتَعَلِّمٍ وإِنْ حَائِضاً وجُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ وإِنْ بَلَغَ.
قوله: (لا دِرْهَمٍ وتَفْسِيرٍ). ابن عبد السلام ولو كان مثل تفسير ابن عطية (1)، زاد فِي " التوضيح ": لأن المقصود منه ليس القرآن. (2) ابن عرفة، ومقتضى الروايات: لا بأس بالتفاسير غير ذات كتب الآي مطلقاً، وذات كتبها إن لَمْ تقصد وأطلق ابن شاس: الجواز (3).
وحِرْزٍ بِسَاتِرٍ، وإِنْ لِحَائِضٍ.
قوله: (وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ، وإِنْ لِحَائِضٍ). قال مالك فِي سماع أشهب من كتاب الصلاة: لا بأس بما تعلّقه الحائض والحبلى والصبي من القرآن، إن كان مما يكنه من قصبة حديد (4) أو جلد يخرز عليه، ابن رشد: أجازه فِي المرض، وأما فِي الصحة لما يتوقع من مرض أو عين فظاهر هذه الرواية إجازته، وهو أولى بالصواب، وقد روي عنه كراهته، والخيل والبهائم كالآدمي. انتهى (5). وإطلاق المصنف يتناول المريض والصحيح كما صوّب ابن رشد.
[موجبات الغسل]
يَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ، وإِنْ بِنَوْمٍ أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلا جِمَاعٍ ولَمْ يَغْتَسِلْ.
قوله: (أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلا جِمَاعٍ [6 / ب] ولَمْ يَغْتَسِلْ). فِي النسخة المقروءة عَلَى أبي عبد الله بن الفتوح: صوابه أو به ولَمْ يغتسل، وهذا يتمشى الكلام به ويكون المعنى: أنه
(1) ابن عطية: عبد الحق بن أبي بكر بن عطية، المتوفى سنة 542 هـ. له كتاب المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. انظر: كشف الظنون، لحاجي خليفة: 2/ 1613.
(2)
انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 385.
(3)
قال ابن شاس: (ويجوز مس كتاب التفسير والفقه والدرهم المنقوش وما كتب للدراسة كاللوح للصبيان
…
) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 50/ 1.
(4)
انتهى هنا السقط من: (ن 3).
(5)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 438، 439.
يجب الغسل بالمني وإن خرج بعد ذهاب اللذة بلا جماع، أو خرج بعد ذهاب اللذة بالجماع، والحالة أنه لَمْ يغتسل لذلك الجماع، ومفهومه أنه لو اغتسل للجماع لَمْ يعد الغسل لخروج المني، وبه صرّح فِي قوله:(كمن جامع فاغتسل ثم أمنى)، وبسط ذلك:
أن المسألة عَلَى وجهين أحدهما: أن يلتذّ بغير جماع ولا ينزل ثم ينزل. والثاني: أن يجامع ولَمْ ينزل ثم يغتسل ثم يخرج منه المني، فقيل: بالوجوب فيهما؛ لأنه مستند إِلَى لذة متقدمة، وقيل: لا فيهما؛ لعدم المقارنة؛ ولأن الجنابة فِي الثاني قد اغتسل لها، [والقول الثالث: التفرقة فيجب فِي الأول دون الثاني؛ لأنه فِي الثاني قد اغتسل لجنابته، والجنابة الواحدة لا يتكرر الغسل لها] (1). وقد ذكر اللخمي والمازري وغيرهما الثلاثة الأقوال، وكذا قرر ابن هارون قول ابن الحاجب: ولو التذّ ثم خرج بعد ذهابها جملة فثالثها إن كان عن جماع وقد اغتسل فلا يعيد (2)، وتبعه فِي " التوضيح (3) " واقتصر هنا عَلَى الثالث.
فإن قلت: فأي فائدة فِي تصويب ابن الفتوح؛ مع أن من جامع ولَمْ يغتسل ذمته عامرة بالغسل وإن لَمْ ينزل؟
قلت: فائدته فِي المفهوم، إلا أن التصريح به يضعفها، ولكلام المصنف محمل آخر ذكرناه فِي التي بعدها (4).
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 4).
(2)
انظر جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:60.
(3)
قال في التوضيح: (هذه المسألة على وجهين: أحدهما أن يجامع ولم ينزل، ثم يغتسل ثم يخرج منه المني. والثاني أن يلتذ بغير جماع، ولا ينزل ثم ينزل فقيل بالوجوب، لأنه مستند إلى لذة مقدمة. وقيل: لا فيهما لعدم المقارنة، ولأن الجنابة في الأول قد اغتسل لها. والثالث التفرقة، فيجب في الثاني دون الأول؛ لأنه في الأول قد اغتسل لجنابته والجنابة الواحدة لا يتكرر لها الغسل. وقد ذكر اللخمي والمازري وغيرهما الثلاثة الأقوال هكذا. وهكذا كان شيخنا رحمه الله يقرر هذا المحل وكذلك قرره ابن هارون) انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 387، 388.
(4)
أشكل هذا الموطن على شراح المختصر الآخرين، واستشكلوا كلام صاحب المختصر، قال الحطاب بعد استشكاله:(هذا أولى ما يعتذر به عن كلام المصنف وإن كان فيه بعد فغيره مما اعتذر به أشد تكلفا. . . ولِذَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِهِ " ولَمْ يَغْتَسِلْ " وهُو إصْلَاحٌ بِتَكَلُّفٍ) انظر: مواهب الجليل: 1/ 306، 307. ووقع هذا الإصلاح لصاحب التاج والإكليل وقال بعد شرحه:(والقصد كشف المنقول، وأما تحقيق المناط، أعني تنزيل المنقول على لفظ المؤلف فما غيري بدوني في ذلك) انظر: التاج والإكليل، لمحمد بن يوسف: 1/ 306. وقال الدردير في شرحه: (قوله: ولم يغتسل لا مفهوم له) انظر: الشرح الكبير، للدردير: 1/ 127، وانظر استشكال الدسوقي أيضا في حاشيته على الشرح الكبير: 1/ 127.
لا بِلا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ ويَتَوَضَّأُ كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى ولا يُعِيدُ الصَّلاةَ، وبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ لا مُرَاهِقٍ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعٍ فِي فَرْجٍ وإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ ومَيِّتٍ، ونُدِبَ لِمُرَاهِقٍ كَصَغِيرَةٍ وطِئَهَا بَالِغٌ لا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ، ولَوِ الْتَذَّتْ.
قوله: (لا بِلا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ ويتوضأ كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى ولا يُعِيدُ الصَّلاةَ) اقتصر فِي الثلاثة عَلَى القول بالوضوء؛ لقول ابن القصار (1) فيما ذكر الباجي عنه: أن وجوبه ظاهر المذهب، فأما الأولان فلا يتوهم فيهما إعادة الصلاة، وأما الثالث فمحلّ (2) الخلاف فِي إعادتها، لكن اقتصر عَلَى القول بعدم الإعادة؛ لأنه الذي اختاره المازري وابن رشد
…
وغيرهما، لكونه لا يحكم له بالاعتبار إلاّ بعد الخروج.
قال ابن رشد: وللقول بإعادة الصلاة وجه عَلَى بعد، وهو ما يخشى أن يكون انفصل الماء من موضعه، وصار إِلَى قناة الذكر بعد أن اغتسل لمجاوزة الختان؛ فصار بذلك جنباً، فصلى ثم خرج الماء بعد. قاله فِي سماع عيسى.
فإن قلت: إنما فرّع الباجي القول بإعادة الصلاة عَلَى القول بالغسل، كما هو ظاهر كلام ابن رشد، وعَلَى ذلك درج ابن الحاجب وغيره (3)، فقد كان المصنف فِي غنيً عن قوله:(ولا يعيد الصلاة) لاقتصاره عَلَى القول بالوضوء.
قلت: قد فرّعه اللخمي عَلَى القول بعدم الغسل أيضاً فقال: واختلف بعد القول: أن لا غسل فِي ذلك فِي: وجوب الوضوء، وفي (4) إعادة الصلاة، فقال مالك فِي " المجموعة "، وفِي سماع ابن القاسم: ليس فِي ذلك إلاّ الوضوء ويعيد الصلاة، ثم كمّل بقية الأقوال، إلاّ أن ما نسبه لسماع ابن القاسم لَمْ يوجد فيه كما ذكر ابن عرفة.
(1) ما نقله الباجي هو عن ابن المواز لا ابن القصار كما في المنتقى. انظر: المنتقى، للباجي: 1/ 407.
(2)
في الأصل: (فمحمل).
(3)
نص ابن الحاجب بتمامه: (ولو التذ ثم خرج بعد ذهابها جملة فثالثها إن كان عن جماع وقد اغتسل فلا يعيد، وعلى وجوبه لو كان صلى ففي الإعادة قولان، وعلى النفي ففي الوضوء قولان) انظر جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:60.
(4)
في (ن 1)، و (ن 3):(ولا في).
تفريع:
قال فِي " " النوادر ": ومن " المجموعة " قال مالك من رواية علي وابن القاسم وابن وهب وابن نافع فِي: الجنب يغتسل ثم يخرج منه بقية منى وقد بال أو لَمْ يبل، فليغسل ذلك وليتوضأ. قال عنه ابن القاسم: وليعد الصلاة. ابن يونس: وقال عنه ابن حبيب: إنما عليه الوضوء. عبد الحق: وروى ابن حبيب: خروج مائه من فرجها بعد غُسلها كبولها، ويمكن أن يكون المصنف ألمّ برواية " النوادر " هذه إذ قال قبل: (أو بعد ذهاب لذة بلا جماع لَمْ يغتسل)؛ بحيث يتناول صورتين إحداهما ألا يخرج مع اللذة شيء من المني فلا ينطبق عليها قوله: (ولَمْ يغتسل)، والأخرى: أن يخرج معها بعض المني وتبقى منه بقية، وإليها يرجع قوله:(ولَمْ يغتسل)، ومفهومه أنه لو اغتسل للخارج من المني مع اللذة لَمْ يعد الغسل لخروج البقية، كما فِي هذه الرواية (1).
وبِحَيْضٍ ونِفَاسٍ بِدَمٍ، واسْتُحْسِنَ وبِغَيْرِهِ لا بِاسْتِحَاضَةٍ ونُدِبَ لاِنْقِطَاعِهِ ويَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذُكِرَ وصَحَّ قَبْلَهَا وقَدْ أَجْمَعَ عَلَى الإِسْلامِ لا الإِسْلامُ إِلا لِعَجْزٍ، وإِنْ شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ وأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ كَتَحَقُّقِهِ.
ووَاجِبُهُ نِيَّةٌ ومُوَالاةٌ كَالْوُضُوءِ وإِنْ نَوَتِ الْحَيْضَ والْجَنَابَةِ أَواحدهُمَا نَاسِيَةً لِلآخَرِ أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ والْجُمُعَةَ أَوْ نِيَابَةً عَنِ الْجُمُعَةِ حَصَلا، وإِنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ أَوْ قَصَدَ نِيَابَةً [4 / ب] عَنْهَا انْتَفَيَا، وتَخْلِيلُ شَعَرٍ وضَغْثُ مَضفُورِهِ لا نَقْضُهُ ودَلْكٌ ولَوْ بَعْدَ الْمَاءِ أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوِ اسْتِنَابَةٍ، وإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ.
وسُنَنُهُ: غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلاً وصِمَاخُ أُذُنَيْهِ ومَضْمَضَةٌ واسْتِنْشَاقٌ.
قوله: (واسْتُحْسِنَ وبِغَيْرِهِ) أي: بغير دم. وأصل المسألة فِي سماع أشهب: أن من ولدت دون دم اغتسلت. فقال اللخمي: هذا استحسان (2)؛ لأنه للدم لا للولد، ولو اغتسلت لخروج الولد دون الدم لَمْ يجزها، وقال ابن رشد: معنى سماع أشهب دون دمٍ
(1) انظر المسألة في: التفريع، لابن الجلاب: 1/ 26، والمنتقى، للباجي: 1/ 407، والنوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 67، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 160، ومسائل ابن رشد: 2/ 811.
(2)
في الأصل: (الاستحسان).
كثير إذ خروجه بلا دمٍ معه ولا بعده محال عادة، هذا تحصيل ابن عرفة. قال: ونقل ابن الحاجب نفيه روايةً، وابن بشير قولاً، لا أعرفه (1).
وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الأَذَى، ثُمَّ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً وأَعْلاهُ ومَيَامِنِهِ وتَثْلِيثُ رَأْسِهِ وقِلَّةُ الْمَاءِ بِلا حَدٍّ كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ ووُضُوئِهِ لِنَوْمٍ لا تَيَمُّمٍ ولَمْ يَبْطُلْ إلا بِجِمَاعٍ، وتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الأَصْغَرِ، والْقِرَاءَةَ إلا كَآيَةٍ لِتَعَوُّذٍ ونَحْوِهِ، ودُخُولَ مَسْجِدٍ، ولَوُ مُجْتَازاً، كَكَافِرٍ، وإِنْ أَذِنَ مُسْلِمٌ. ولِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ ورَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ.
قوله: (لا تَيَمُّمٍ). يعني: أن الجنب العاجز عن الوضوء لا يؤمر بالتيمم، بناءً عَلَى أن الوضوء للنشاط لا لتحصيل طهارة، وهو قول مالك فِي " الواضحة "(2).
ويُجْزِئُ عَنِ الْوُضُوءِ وإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ جَنَابَتِهِ، وغَسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ، ولَوْ نَاسِياً لِجَنَابَتِهِ كَلُمْعَةٍ مِنْهَا، وإِنْ عَنْ جَبِيرَةٍ.
قوله: (وَيُجْزِئُ عَنِ الْوُضُوءِ وإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ [7 / أ] جَنَابَتِهِ)، يعني: أنه يجزئه الغسل عن الوضوء، فتجزئه نية الأكبر عن الأصغر، فإِذَا اغتسل لجنابته فذكر أنه إنما عليه الوضوء أجزأه، وكذا نصّ عليه اللخمي، زاد ابن عرفة وخرج عَلَى ترك الترتيب، وأجزأه غسل الرأس عن مسحه (3).
(1) انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 138، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 397، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:61.
(2)
الذي وقفت عليه في الواضحة من كلام ابن حبيب: (حدثني أصبغ بن الفرج عن ابن وهب عن مالك عن أبي سعيد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تيمم جداراً. قال عبد الملك: وليس ذلك عندنا إلا على التيمم للنوم من الجنابة إذا لم يحضره الماء)، وفي النوادر والزيادات: قال ابن حبيب: وإذا لم يجد الجنب الماء فلا ينام حتى يتيمم. انظر: النوادر والزيادات: 1/ 85.
(3)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 64، وجامع الأمهات، لابن الحاجب ونصه:(ويجزيء الغسل عن الوضوء) ص: 63.