الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلا أَنْ تُسْقِطَهُ أَوْ تُمَكِّنَهُ، ولَوْ جَهِلَتِ الْحُكْمَ لا الْعِتْقَ، ولَهَا أَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى وصَدَاقِ الْمِثْلِ، أَوْ يُبِينَهَا لا بِرَجْعِيٍّ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الاخْتِيَارِ، إِلا لِتَأْخِيرٍ لِحَيْضٍ.
قوله: (إِلا أَنْ تُسْقِطَهُ) راجع لقوله: (ولِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ)
وإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا ودُخُولِهَا فَاتَتْ بِدُخُولِ الثَّانِي، ولَهَا إِنْ أَوْقَفَهَا تَأْخِيرٌ تَنْظُرُ فِيهِ.
قوله: (وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا ودُخُولِهَا فَاتَتْ بِدُخُولِ الثَّانِي) سقط من بعض النسخ (ودُخُولِهَا) وهو الصواب.
[الصداق]
(1)
الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ كَعَبْدٍ تَخْتَارُهُ هِيَ، لا هُوَ. وضَمَانُهُ وتَلَفُهُ واسْتِحْقَاقُهُ وتَعْيِيبُهُ أَوْ بَعْضِهِ كَالْبَيْعِ، وإِنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ، فَمِثْلُهُ، وجَازَ بِشَوْرَةٍ، وعَدَدٍ، مِنْ كَإِبِلٍ، أَوْ رَقِيقٍ، وصَدَاقِ مِثْلٍ ولَهَا الْوَسَطُ حَالاً. وفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ الرَّقِيقِ قَوْلانِ والإِنَاثُ مِنْهُ إَنْ أَطْلَقَ ولا عُهْدَةَ، وإِلَى الدُّخُولِ إِنْ عَلِمَ.
قوله: (ولا عُهْدَةَ) أي: ليس فِي رقيق الصداق عهدة سنة ولا ثلاث.
أَوِ الْمَيْسَرَةِ إِنْ كَانَ مَلِيَّاً، وعَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ لِفُلانٍ، أَوْ يَعْتِقَ أَبَاهَا عَنْهَا أَوْ عَنْ نَفْسِهِ. ووَجَبَ تَسْلِيمُهُ إِنْ تَعَيَّنَ، وإِلا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا وإِنْ مَعِيبَةً مِنَ الدُّخُولِ، والْوَطْءِ بَعْدَهُ، والسَّفَرِ إِلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ، لا بَعْدَ الْوَطْءِ إِلا أَنْ يُسْتَحَقَّ.
قوله: (أَوِ الْمَيْسَرَةِ إِنْ كَانَ مَلِيَّاً) كذا فِي سماع يحيى (2).
ولَوْ لَمْ يَغُرَّهَا عَلَى الأَظْهَرِ، ومَنْ بَادَرَ أُجْبِرَ لَهُ الآخَرُ، إِنْ بَلَغَ الزَّوْجُ وأَمْكَنَ وَطْؤُهَا، وتُمْهَلُ سَنَةً إِنِ اشْتُرِطَتْ لِتَغْرِبَةٍ أَوْ صِغَرٍ، وإِلا بَطَلَ، لا أَكْثَرَ، ولِلْمَرَضِ والصِّغَرِ الْمَانِعَيْنِ لِلْجِمَاعِ، وقَدْرَ مَا تُهَيِّئُ مِثْلُهَا أَمْرَهَا.
(1) زيادة من (ن 4).
(2)
انظر البيان والتحصيل، سماع يحيي، من كتاب أوله يشتري الدور والمزارع للتجارة: 5/ 28، ونص المسألة:(وقال في الرجل تزوج بصداق إلى ميسرة إنه إن كان ملياً يوم وقع النكاح بهذا الشرط، فالنكاح جائز، وله عليهم أن ينتظروه بقدر ما يراه من التوسعة على مثله، قال: وإن كان معسراً فموقع).
قوله: (ولَوْ لَمْ يَغُرَّهَا عَلَى الأَظْهَرِ) كذا قال ابن رشد فِي رسم العشور من سماع عيسى أنه أظهر الأقوال (1).
إِلا أَنْ يَحْلِفَ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ لا لِحَيْضٍ [34 / أ]، وإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أُجِّلَ لإِثْبَاتِ عُسْرِهِ ثَلاثَةَ أَسَابِيعَ، ثُمَّ تُلُوِّمَ بِالنَّظَرِ، وعُمِلَ بِسَنَةٍ وشَهْرٍ وفِي التَّلَوُّمِ لِمَنْ لا يُرْجَى وصُحِّحَ وعَدَمِهِ تَأْوِيلانِ، ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ ووَجَبَ نِصْفُهُ، لا فِي عَيْبٍ وتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ، وإِنْ حَرُمَ ومَوْتِ وَاحِدٍ، وإِقَامَةِ سَنَةٍ، وصُدِّقَتْ فِي خَلْوَةِ الاهْتِدَاءِ، وإِنْ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ. وفِي نَفْيِهِ وإِنْ سَفِيهَةً وأَمَةً والزَّائِرُ مِنْهُمَا وإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ أُخِذَ، إِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً، وهَلْ إِنْ أَدَامَ الإِقْرَارَ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ؟ أَوْ إِنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا؟ تَأْوِيلانِ، وفَسَدَ إِنْ نَقَصَ عَنْ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةً، أَوْ مُقَوَّمٍ بِهِمَا، وأَتَمَّهُ إِنْ دَخَلَ، وإِلا فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ.
قوله: (إِلا أَنْ يَحْلِفَ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ) ليس هذا بمرويٍ عن مالك كما قيل، ولكن قال ابن عات: قال المشاور: إن طلب الزوج الأب بالابتناء بزوجته فمطله، وحلف الزوج بالطلاق أو بالعتق لابد أن أبتني بزوجتي الليلة، قضي له بذلك عَلَى الأب؛ لأنه حق له عَلَيْهِ كما يقضى لها عَلَيْهِ بالنفقة من وقت طلبها له بالبناء، وحقه فِي البناء أقوى من حقّها فِي النفقة، وفِي منعه من البناء منعه من الاستمتاع بها، وهذا مما لا يجوز له.
ابن عرفة: وسمعت بعض قضاة شيوخنا يحكيه لا بقيد المطال. انتهى؛ وكذا لَمْ يقيده المصنف بذلك ولا يكون اليمين بطلاق أو عتاق.
أَوْ بِمَا لا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وحُرٍّ، أَوْ بِإِسْقَاطِهِ.
قوله: (أَوْ بِمَا لا يُمْلَكُ) هو وما بعده من الأنكحة الفاسدة معطوف عَلَى فعل الشرط من قوله: (وفسد إن نقص) أي: وفسد إن نقص عن ربع دينار أو تزوّجها [46 / أ] بما لا يملك أو تزوّجها بإسقاطه .. إلى آخر ما ذكر، فالتشريك (2) بين هذه المعاطيف فِي مطلق الفساد (3)، وأما صفة قيود الفسخ ومحلّه فلكلّ مقامٍ مقال.
(1) انظر: البيان والتحصيل، ونصه:(هل للمرأة إذا استحق الصداق من يدها بعد الدخول بها أن تمنع زوجها من التمادي على وطئها حتى يوفيها حقها؟ أم ليس لها ذلك، وتتبعه بدينها؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك لها غرها أو لم يغرها، وهو ظاهر رواية أشهب عن مالك، وهو أظهر الأقوال. أ. هـ): 4/ 445 / 446.
(2)
في (ن 3): (فالشريك).
(3)
في (ن 3): (الفاسد).
أَوْ كَقِصَاصٍ.
قوله: (أَوْ كَقِصَاصٍ) دخل تحت الكاف التزويج بالقرآن؛ فإنه مما لا يتمول، وأما تعليمه فقال فِي آخر المعاطيف:(فِيهِ قَوْلانِ).
أَوْ آبِقٍ، أَوْ دَارِ فُلانٍ، أَوْ سَمْسَرَتِهَا.
قوله: (أَوْ آبِقٍ، أَوْ دَارِ فُلانٍ، أَوْ سَمْسَرَتِهَا) معطوفات عَلَى لفظ قصاص، فالكاف معها مقدرة.
أَوْ بَعْضُهُ لأَجَلٍ مَجْهُولٍ، أَوْ لَمْ يُقَيَّدِ الأَجَلُ، أَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً، أَوْ بِمُعَيَّنٍ بَعِيدٍ كَخُرَاسَانَ مِنَ الأَنْدَلُسِ. وجَازَ كَمِصْرَ مِنَ الْمَدِينَةِ لا بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ، إِلا الْقَرِيبَ جِدَّاً، وضَمِنَتْهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إِنْ فَاتَ أَوْ بِمَغْصُوبٍ عَلِمَاهُ لا أَحَدُهُمَا، أَوْ بِاجْتِمَاعٍ مَعَ بَيْعٍ كَدَارٍ دَفَعَتْهَا هِيَ أَوْ أَبُوهَا، وجَازَ مِنَ الأَبِ فِي التَّفْوِيضِ، وجَمْعُ امْرَأَتَيْنِ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لإِحْدَاهُمَا.
وهَلْ وإِنْ شَرَطَ تَزْوِيجَ الأُخْرَى، أَوْ إِنْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ؟ قَوْلانِ.
ولا يُعْجِبُ جَمْعُهُمَا، والأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ والْفَسْخِ قَبْلَهُ وصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدُ، لا الْكَرَاهَةِ، أَوْ تَضَمَّنَ إِثْبَاتُهُ رَفْعَهُ كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِهِ، وبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ، أَوْ بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ، أَوْ بِأَلْفٍ، وإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَأَلْفَانِ بِخِلافِ أَلْفٍ. وإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَأَلْفَانِ. ولا يَلْزَمُ الشَّرْطُ وكُرِهَ، ولا الأَلْفُ الثَّانِيَةُ، إِنْ خَالَفَ كَإِنْ أَخْرَجْتُكِ فَلَكِ أَلْفٌ. أَوْ أَسْقَطَتْ أَلْفاً قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ، إِلا أَنْ تُسْقِطَ مَا تَقَرَّرَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِلا يَمِينٍ مِنْهُ، أَوْ كَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجُكَ أُخْتِي بِمِائَةٍ، وهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ، وإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَصَرِيحُهُ.
قوله: (أَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً) حكى ابن رشد فِي سماع أصبغ من جامع البيوع اتفاق المذهب عَلَى فسخ النكاح لأجل بعيد، وذكر فِي حدّه أربعة أقوال:
الأول: ما فوق العشرين. الثاني ما فوق الأربعين. الثالث: لا يفسخ إِلا فِي الخمسين والستين. الرابع: لا يفسخ إِلا فِي السبعين والثمانين، وكلامه مشبع فقف عَلَيْهِ (1).
(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 8/ 40: 43.
وفُسِخَ فِيهِ وإِنْ فِي وَاحِدَةٍ، وعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الأَمَةِ أَبَداً، ولَهَا فِي الْوَجْهِ، ومِائَةٍ وخَمْرٍ، أَوْ مِائَةٍ نَقْداً ومِائَةٍ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ الأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى، وصَدَاقِ الْمِثْلِ. ولَوْ زَادَ عَلَى الْجَمِيعِ.
قوله: (وَفُسِخَ فِيهِ وإِنْ فِي وَاحِدَةٍ، وعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الأَمَةِ أَبَداً) لا يخفى أن أبداً متعلق بفسخ.
وقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ الْمَعْلُومِ إِنْ كَانَ فِيهِ، وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً فِيمَا إِذَا سَمَّى لإِحْدَاهُمَا، ودَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وفِي مَنْعِهِ بِمَنَافِعَ، وتَعْلِيمِهَا قُرْآناً، وإِحْجَاجِهَا.
قوله: (وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ الْمَعْلُومِ إِنْ كَانَ فِيهِ) هو كقول ابن الحاجب: فإن كان معها تأجيل معلوم قدر صداق المثل به (1). قال فِي " التوضيح ": كما لو تزوّجها بثلاثمائة، [مائة](2) معجلة، ومائة إلى سنة، ومائة إلى موت أو فراق، فيقدر صداق المثل به أي: بالمؤجل إلى الأجل المعلوم فلا ينقص صداق مثلها عن المائة المعجّلة والمائة المؤجلة إلى سنة، إن نقص عنهما، فإذا زاد عَلَى الثلاث (3) مائة كان لها الزائد عَلَى قول مالك، أما إن زاد عَلَى المائة المعجّلة والمائة المؤجلة إلى سنة، فلها الزائد حالاً مع المائة الحالّة، وتبقى المائة إلى أجلها.
ويَرْجَعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ.
قوله: (وَيَرْجَعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ) عبارة اللخمي أبين من هذه إذ قال: قال ابن القاسم فِي " العتبية " فِي النكاح عَلَى الإجارة: يفسخ قبل، ويثبت بعد ولها صداق المثل ويرجع عَلَيْهَا بقيمة عمله، فقول المصنف:(للفسخ) إن أراد لفسخ الإجارة تناول عمله قبل البناء وبعده، وإن أراد لفسخ النكاح فإنما يتناول عمله قبل البناء فقط؛ لأن هذا النكاح لا يفسخ بعد البناء، وقد حصّل فِيهِ ابن عرفة خمسة أقوال:
الأول: الكراهة، فيمضي بالعقد، والثاني: المنع، فيفسخ قبل البناء ويمضي (4) بعده
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:277.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 3).
(3)
في (ن 1): (ثلث).
(4)
في (ن 3): (ويثبت).
بمهر المثل. والثالث: إن كان مع المنافع نقد جاز، وإِلا فالثاني. والرابع: إن لَمْ يكن نقد فالثاني، وإِلا فسخ قبل البناء ومضى بعده بالنقد وقيمة العمل. والخامس: بالنقد والعمل.
تحرير:
هذا فِي الإجارة، وأما كون المهر منافع عَلَى وَجه الجعل فلا يجوز، ففي سماع عيسى: من سقط ابنه فِي جبٍّ، فقال لرجلٍ: أخرجه، وقد زوجتك ابنتي، فأخرجه لا نكاح له، وله أجر إخراجه؛ لا يكون النكاح جعلاً. ابن رشد: اتفاقاً؛ لأن النكاح به نكاح فِيهِ خيار، لأن للمجعول له الترك متى شاء. ابن عرفة: إجراؤه عَلَى الخيار يوجب دخول خلافه (1) فِيهِ.
وكَرَاهَتِهِ كَالْمُغَالاةِ فِيهِ، والأَجَلِ قَوْلانِ وإِنْ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ عَيَّنَهَا أَوَّلاً فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ، فَإِنْ [34 / ب] دَخَلَ فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفاً إِنْ تَعَدَّى بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ.
قوله: (وَكَرَاهَتِهِ كَالْمُغَالاةِ فِيهِ، [والأَجَلِ]) أما المغالاة فِيهِ ففي " المقدمات ": المياسرة فِي الصداق عند أهل العلم أحبّ إليهم من المغالاة فيه] (2)، ثم جلب الأحاديث، وأما الأجل فظاهر كلام مالك كراهته مطلقاً، وقد صرّح فِي " المدونة " بكراهته فِي بعض الصداق، ولو إلي سنة، ووجهه ما ذكره من مخالفة أنكحة الماضين؛ ولأنه (3) ذريعة إلى الإسقاط، وأخذه الباجي من حديث:" التمس ولو خاتماً من حديد "(4) فقال [هذا](5)
(1) في (ن 1): (الخلاف).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3)، وانظر: ما ساقه المؤلف عن ابن رشد في: البيان والتحصيل: 4/ 423: 425، والمقدمات الممهدات، لابن رشد: 1/ 245، وله في ذلك تفصيل عظيم فقف على تمامه. أهـ
(3)
في الأصل: (وكأنه).
(4)
أخرجه مالك في الموطأ برقم (1101) كتاب النكاح، باب مَا جَاءَ فِى الصَّدَاقِ والْحِبَاءِ، والبخاري في صحيحه برقم (4741) كتاب فضائل القرآن، باب خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وعَلَّمَهُ، ومسلم في صحيحه برقم (1425) كتاب النكاح، باب الصَّدَاقِ وجَوَازِ كَوْنِهِ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ وخَاتَمَ حَدِيدٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ. ولفظ المؤلف هو للموطأ.
(5)
في (ن 2)، و (ن 3):(إن هذا).
يقتضي أن حكم الصداق التعجيل، وإِلا كان يزوجها إياه بشيء مؤخر صلى الله عليه وسلم، (1) زاد ابن رشد: وقد ذكر الله تعالى فِي كتابه التعجيل فِي البيوع ولَمْ يذكره فِي النكاح.
وإِلا فَتَحْلُفُهُ هِيَ إِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ، وفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ إِنْ نَكَلَ وغَرِمَ الأَلْفَ الثَّانِيَةَ قَوْلانِ، وإِنْ لَمْ يَدْخُلْ ورَضِيَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الآخَرَ، لا إِنِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الأَلْفَ.
قوله: (وَإِلا فَتَحْلُفُهُ (2) هِيَ إِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ) هكذا فِي النسخ الجيدة، فالضمير المفعول بـ (تحلّفه)(3) عائد عَلَى الوكيل، والمعنى: وإن لَمْ يثبت تعدي الوكيل بإقراره أو ببينة فإن الزوجة تحلّف الوكيل إن حلف الزوج، وكذا ذكر ابن يونس عن ابن المَوَّاز ونصّه: فإن حلف الزوج أولاً فلها أن تحلّف الرسول أنه أمره بألفين، فإن نكل غرم الألف. انتهى.
وفِي بعض النسخ: (وإِلا فتحلف هي إن نكل الزوج)، فلفظ تحلف ثلاثياً غير متعدٍ فيكون إشارة لقول ابن يونس عن ابن المَوَّاز أَيْضاً، وإن لَمْ يكن عَلَى أصلّ النكاح بألفين ببينة غير (4) قول الرسول حلف الزوج؛ إِلا أنه (5) إِذَا نكل ها هنا لَمْ يغرم حتى تحلف المرأة؛ عَلَى أن أصل النكاح كان بألفين لا عَلَى أن الزوج أمر الرسول بألفين. انتهى، وما خالف النسختين المذكورتين لا معنى له (6). والله تعالى أعلم.
ولِكُلٍّ تَحْلِيفُ الآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ (7) إِقْرَارُهُ، إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ولا تُرَدُّ إِنِ اتَّهَمَهُ، ورُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إِلا بِأَلْفٍ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِالأَلْفَيْنِ، وإِلا فَكَالاخْتِلافِ فِي الصَّدَاقِ، وإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّعَدِّي فَأَلْفٌ، وبِالْعَكْسِ فَأَلْفَانِ، وإِنْ عَلِمَ كُلٌّ، وعَلِمَ بِعِلْمِ الآخَرِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَأَلْفَانِ، وإِنْ عَلِمَ
(1) انظر: المنتقى، للباجي: 5/ 29.
(2)
في (ن 3): (فتحلف).
(3)
في (ن 3): (بتحليفه).
(4)
في (ن 1): (علي).
(5)
في (ن 3): (لأنه).
(6)
شرح الخرشي رحمه الله على لفظ: (تحلّف) ثلاثي مضعف، وقال:(وَمَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وهُنَاكَ نُسَخٌ عِدَّةٌ فَانْظُرْهَا) وقال العدوي في تعيين هذه النسخ: (في نسخة: (وإلا فتحلفه) وفي نسخة: (فتحلف) على الثاني من شرح المؤلف ابن غازي، ونسخة:(وإلا فتحلف). انظر: شرح الخرشي: 4/ 320، 321.
(7)
في أصل المختصر: (فيها يعيد).
بِعِلْمِهَا فَقَطْ فَأَلْفٌ، وبِالْعَكْسِ فَأَلْفَانِ، ولَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وعُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ إِذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ، وحَلَّفَتْهُ إِنِ ادَّعَتِ الرُّجُوعَ عَنْهُ، إِلا بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُعْلَنَ لا أَصْلَ لَهُ، وإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلاثِينَ عَشَرَةٍ نَقْداً وعَشَرَةٍ إِلَى أَجَلٍ وسَكَتَا عَنْ عَشَرَةٍ سَقَطَتْ، ونَقَدَهَا كَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ.
قوله: (وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إِقْرَارُهُ، إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) هذا نصّ ابن الحاجب بعينه (1)[46 / ب] ولَمْ يقنع به حتى زاد بعده ما يداخله من كلام ابن يونس فقال: (وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إِلا بِأَلْفٍ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِالأَلْفَيْنِ، وإِلا فَكَالاخْتِلافِ فِي الصَّدَاقِ)، والمقصود الأهم من كلام ابن يونس قوله: وإِلا فكالاختلاف فِي الصداق؛ لما فِيهِ من زيادة البيان، وإن كان (2) كلام ابن الحاجب لا يأباه، ولا ينافيه كما قاله فِي " التوضيح " بعدما (3) ذكر الصور الأربع فقال فِي الرابعة: وأما إن لَمْ تقم لواحد منهما بينة فنصّ ابن يونس وغيره عَلَى أن الحكم فيها (4) كاختلاف الزوجين فِي الصداق قبل البناء، فتحلف الزوجة أن العقد كان بألفين، ثم يقال للزوج: ارض بذلك أو احلف (5) أنك ما أمرته إِلا بألف، وينفسخ النكاح إِلا أن ترضى الزوجة بالألف.
وكلام ابن الحاجب لا ينافيه؛ لأن قوله: (ولكلٍ تحليف الآخر [فيما يفيده إقراره] (6)) لا دلالة فِيهِ أن لمن شاء منهما أن يحلّف صاحبه أولا ، انتهى، زاد ابن عبد السلام: لأن قصارى الأمر إِذَا لَمْ تقم بينة لكلّ واحد من الزوجين أن يصير كالزوجين إِذَا اختلفا فِي قدر الصداق قبل البناء، وقد علمت أن المبدأ (7) هناك الزوجة، فكذلك هنا. انتهى.
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:278.
(2)
في (ن 3): (وإلا أن).
(3)
في (ن 3): (بعض).
(4)
في الأصل، و (ن 1):(فيه).
(5)
في الأصل، و (ن 3):(فاحلف)، وفي (ن 1):(ما حلف).
(6)
زيادة من (ن 4).
(7)
في (ن 3): (المبتدأ).
فإن قلت: فما المراد بالبداية فِي قول المصنف: (وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ)؟
قلت: تبدية يمين الزوج عَلَى تخيير المرأة يظهر ذلك بالوقوف عَلَى كلام ابن يونس، وذلك (1) أنه قال: ومن " المدونة ": ومن قال لرجلٍ: زوّجني فلانة بألف، فذهب المأمور فزوجه إياها بألفين، فعلم بذلك قبل البناء قيل للزوج: إن رضيت بألفين وإِلا فرق بينكما، إِلا أن ترضى المرأة بألف فيثبت النكاح (2). ثم قال ابن يونس: أراه يريد إنما هذا بعد أن يحلف الزوج أنه إنما أمر الرسول أن يزوجه بألف فإذا حلف قيل للمرأة: إن رضيت بألف وإِلا فرق بينكما، وإن نكل الزوج عن اليمين لزمه النكاح بألفين، وهذا إِذَا كان عَلَى عقد الرسول بألفين بينة، وإن لَمْ يكن عَلَى عقده بينة بألفين إِلا قول الرسول، فهاهنا يكون الحكم فِي هَا كاختلاف الزوجين فِي الصداق قبل البناء، تحلف الزوجة أن العقد كان بألفين، ثم يقال للزوج: إما أن ترضى بذلك أو فاحلف بالله أنك إنما أمرته بألف، وينفسخ النكاح، إِلا أن ترضى الزوجة بألف. انتهى نصّه برمته.
وإنما طوّلنا بنصّه لنريك تداخله مع نصّ ابن الحاجب السابق، وبالجملة فقد يتشوش الذهن فِي فهم كلام المصنف من وجهين، أحدهما ما يتبادر لباديء الرأي أن طريقة ابن يونس مخالفة لما قبلها، إذ لَمْ تجر للمصنف عادة بالجمع بين النقول المتداخلة، وقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ هُنَا تَنَفَّسَ، وَخَالَفَ عَادَتَهُ.
وثَانِيهِمَا مَا نُسِبَ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ بدَاءَةِ حَلِفِ الزَّوْجِ، وقد علمت معناه وبالله تعالى التوفيق.
(1) في (ن 3): (وكذا).
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 2/ 149، 150، وانظر المدونة، لابن القاسم: 4/ 174.