الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الضحية والعقيقة]
سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى ضَحِيَّةٌ لا تُجْحِفُ، وإِنْ يَتِيماً بِجَذَعِ ضَأْنٍ، وثَنِيِّ مَعْزٍ وبَقَرٍ وإِبِلٍ ذِي سَنَةٍ، وثَلاثٍ، وخَمْسٍ، بِلا شِرْكٍ، إِلا فِي الأَجْرِ، وإِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، إِنْ سَكَنَ مَعَهُ وقَرُبَ لَهُ، وأَنْفَقَ عَلَيْهِ وإِنْ تَبَرُّعاً. وإِنْ جَمَّاءَ ومُقْعَدَةً لِشَحْمٍ، ومَكْسُورَةَ قَرْنٍ، لا إِنْ أَدْمَى كَبَيِّنِ مَرَضٍ، وجَرَبٍ، وبَشَمٍ، وجُنُونٍ، وهُزَالٍ، وعَرَجٍ، وعَوَرٍ، وفَائِتِ جُزْءٍ غَيْرِ خُصْيَةٍ وصَمْعَاءَ جِدَّا، وذِي أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ، وبَتْرَاءَ، وبَكْمَاءَ وبَخْرَاءَ، ويَابِسَةِ ضَرْعٍ، ومَشْقُوقَةِ أُذُنٍ، ومَكْسُورَةِ [25 / ب] سِنٍّ، لِغَيْرِ إِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ، وذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ، لا أُذُنٍ - مِنْ ذَبْحِ الإِمَامِ لآخِرِ الثَّالِثِ - وهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ. أَوْ إِمَامُ الصَّلاةِ؟ قَوْلانِ، ولا يُرَاعَى قَدْرُهُ فِي غَيْرِ الأَوَّلِ وأَعَادَ سَابِقَهُ، إِلا الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إِمَامٍ كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا.
قوله: (وهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ، أَوْ إِمَامُ الصَّلاةِ؟ قَوْلانِ) قال ابن عبد السلام: في قول ابن الحاجب: والإمام [اليوم](1) العباسي أو من يقيمه (2)، يعني حيث ذلك؛ ولذلك قيّده بقوله اليوم، وهذا لا إشكال فيه إذا كان هو متولّي الصلاة، وكذلك من يقيمه، وهو الأمير إذا كان أَيْضاً يتولى الصلاة بنفسه، فإن كان يتولى الصلاة غير الأمير، فظاهر كلام ابن رشد أن المعتبر هو إمام الصلاة وهو الظاهر؛ لأن الولاية على الصلاة تستلزم الولاية على تابعها كسائر الولايات.
قال اللخمي ما معناه: وأمّا المتغلبون فلا يعتبرونهم ولا من يقيمونه في الذبح، ويكون من في بلدهم كمن لا إمام لهم، فيتحرون ذبح أقرب الأئمة الذين أقامهم أمير المؤمنين إليهم، وفيه نظر؛ لأن المنصوص في المذهب نفوذ أحكامهم وأحكام قضاتهم. وقيل لعثمان رضي الله تعالى عنه وهو محصور: إنه يصلّي للناس [إمام](3) فتنة، وأنت إمام العامة فقال: إن الصلاة من أحسن ما يفعله الإنسان، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم.
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(2)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:231.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 4).
وقال ابن عرفة في كون المعتبر إمام الصلاة أو إمام الطاعة: طريقان لابن رشد (1) واللخمي، ثمّ ردّ اعتراض ابن عبد السلام على اللخمي بنفوذ أحكام المتغلبين وقضاتهم بعدم إمكان غير ذلك، وإمكان تحرّي وقت الإمام غير المتغلب، كما لو كان وأخّر ذبحه اختياراً قال: واستدلاله بقول عثمان ينتج عكس ما ادعاه؛ لأن البغي إساءة إجماعاً، ولا سيما البغاة على عثمان، فوجب اجتناب الاقتداء بالبغاة لإساءتهم. انتهى. وهذا تعسّف.
ثم قال ابن عرفة: وصريح نصّ " المدوّنة " مع سائر الروايات بأقرب الأئمة، وكون المعتبر إمام بلد من ذبح عن مسافر لا إمام بلد المسافر، ظاهر في كونه إمام الصلاة لامتناع تعدد إمام الطاعة؛ وعليه لا يعتبر ذبح إمام صلاتها إذا أخرج السلطان أضحيته للذبح بالمصلى كما عندنا؛ لأن إخراجه (2) دليل على عدم استنابته إياه في الاقتداء بذبحه خلافاً لبعضهم. انتهى.
وما احتجّ به من امتناع تعدد إمام الطاعة سبقه إليه أبو الفضل راشد، وانفصل عنه تلميذه أبو الحسن الصغير بتعدد عماله، وما نسبوا لابن رشد وقع له في رسم شك من سماع ابن القاسم ونصّه:" والمراعى في ذلك الإمام الذي يصلي صلاة العيد بالناس إذا كان مستخلفاً على ذلك "(3).
وتَوَانَى بِلا عُذْرٍ قَدْرَهُ.
قوله: (وتَوَانَى بِلا عُذْرٍ قَدْرَهُ) فاعل (تَوَانَى): ضمير الإمام، و (قَدْرَهُ): ظرف لتوانى أي: وتوانى الإمام بلا عذر قدر زمان الذبح المعتاد حتى انصرم.
وَبِهِ انْتُظِرَ لِلزَّوَالِ. والنَّهَارُ شَرْطٌ، ونُدِبَ إِبْرَازُهَا، وجَيِّدٌ، وسَالِمٌ، وغَيْرُ خَرْقَاءَ وشَرْقَاءَ، ومُقَابَلَةٌ، ومُدَابَرَةٌ، وسَمِينٌ، وذَكَرٌ، وأَقْرَنُ، وأَبْيَضُ، وفَحْلٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ، وضَأْنٌ مُطْلَقاً، ثُمَّ مَعْزٌ.
قوله: (وبِهِ انْتُظِرَ لِلزَّوَالِ) ظاهره استمرار الانتظار لحصول الزوال، ولفظ ابن رشد
(1) في (ن 1): (بشير) وهو غير صحيح فطريقة ابن بشير كطريقة اللخمي، والمثبت عن ابن رشد في البيان والتحصيل: 3/ 339، 340.
(2)
في (ن 2)، و (ن 3):(إخراجها).
(3)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 3/ 340.
في رسم شك من سماع ابن القاسم، فإن أخّر الذبح لعذر من اشتغال بقتال عدو أو غيره انتظروه ما لَمْ يذهب وقت الصلاة بزوال الشمس، واختصره ابن عرفة كلفظ المصنف فتأمله (1). انتهى.
ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وهُوَ الأَظْهَرُ، أَوْ إِبِلٌ؟ خِلافٌ وتَرْكُ حَلْقٌ، وقَلْمٌ لِمُضَحٍّ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ، وضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ وعِتْقٍ، وذَبْحُهَا بِيَدِهِ، ولِلْوَارِثِ إِنْفَاذُهَا، وجَمْعُ أَكْلٍ وصَدَقَةٍ وإِعْطَاءٍ بِلا حَدٍّ، والْيَوْمُ الأَوَّلُ، [أَفْضَلُ](2) وهَلْ جَمِيعُهُ أَوْ إِلَى الزَّوَالِ؟ قَوْلانِ. وفِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي، تَرَدُّدٌ، وذَبْحُ وَلَدٍ خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ وبَعْدَهُ جُزْءٌ.
قوله: (ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ [وَهُوَ الأَظْهَرُ] (3) أَوْ إِبِلٌ؟ خِلافٌ) صوّب ابن رشد في " المقدمات " تقديم البقر على الإبل، وإليه أشار بالأظهر (4). ووجه عكسه في رسم مرض من سماع ابن القاسم: بأن الإبل أعلى ثمناً وأكثر لحماً (5). إلّا أن تفضيل الغنم خرج بدليل السنة اتباعاً لفداء الذبيح عليه السلام بذبحٍ عظيم، وصرّح ابن عرفة بمشهورية الأول، ولا أعلم من شهر الثاني.
وكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ، إِنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ.
قوله: (وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ، إِنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ) لو قال: وكره جزّ صوفها قبل الذبح إن لَمْ ينبت له؛ لكان أفصح (6).
ولَمْ يَنْوِهِ حِينَ أَخَذَهَا، وبَيْعُهُ، وشُرْبُ لَبَنٍ، وإِطْعَامُ كَافِرٍ، وهَلْ إِنْ بُعِثَ لَهُ أَو ولَوْ فِي عِيَالِهِ؟ تَرَدُّدٌ.
قوله: (ولَمْ يَنْوِهِ حِينَ أَخَذَهَا) مفهومه أنه لو نوى حين أخذ الشاة أن يجزّ صوفها قبل
(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 3/ 339، 340.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر لدينا.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).
(4)
في (ن 1): (الضمير).
(5)
انظر: ما أشار إليه المؤلف من اختلاف كلام ابن رشد في كتابيه في: البيان والتحصيل: 3/ 346، والمقدمات الممهدات: 1/ 225.
(6)
نقل الحطاب قول المؤلف هنا في مواهب الجليل كالمستحسن والمستصوب له. انظر: مواهب الجليل: 4/ 375.
الذبح جاز، [35 / ب] وكأنه مسلّم، وأما لو نوى حين أخذها أن يجز بعد الذبح، قال ابن عرفة: إنه شرط مناقض لحكمها ونصّه: وفي قبول ابن عبد السلام ما وقع في بعض أجوبة عبد الحميد: من اشترى شاة ونيته جزّ صوفها لينتفع به ببيع وغيره جاز له، ولو جزّه بعد ذبحها نظر؛ لأنه إن شرطه قبل ذبحها فذبحها يفيته، وبعده مناقض لحكمها، فيبطل على أصل المذهب في الشرط المنافي للعقد.
والتَّغَالِي فِيهَا، وفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ.
قوله: (وَالتَّغَالِي فِيهَا) كذا في سماع القرينين. ابن رشد: لأنه يؤدي إلى المباهاة. اللخمي: [استحبّ استفراهها](1) لقوله تعالى: {بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]، وبالقياس على قوله صلى الله عليه وسلم:" أفضل الرقاب أعلاها ثمناً "(2). ابن عرفة: ظاهره خلاف الأول إلّا أن يحمل على التغالي بمجرد المباهاة.
كَعَتِيرَةٍ، وإِبْدَالُهَا بِدُونِ، وإِنْ لاخْتِلاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ.
قوله: (كعتيرة) ابن يونس: العتيرة الطعام الذي يبعث لأهل الميت. قال مالك: أكره أن يُرْسِل للمناحة طعاماً. انتهى، والكراهة في سماع أشهب من الجنائز. [قال ابن رشد: ويستحبّ لغير مناحة لقوله عليه السلام: " اصنعوا لآل جعفر طعاماً "؛ ولذا جعله المصنف في الجنائز] (3) مندوباً.
وفي " مختصر العين ": العتيرة شاة كانت الجاهلية يذبحونها لأصنامهم. زاد الجوهري: في رجب وليس ذلك بمراد هاهنا.
(1) ما بين المعكوفتين في (ن 3): (يستحب استقراره).
(2)
أخرجه مالك في الموطأ برقم (1480) كتاب العتق والولاء، باب فَضْلِ عِتْقِ الرِّقَابِ وعِتْقِ الزَّانِيَةِ وابْنِ الزِّنَا، والبخاري برقم (2518)، كتاب العتق، باب أي الرقاب أفضل، ومسلم في صحيحه برقم (260)، كتاب الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، وانظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 228، غير أنه قال عن مالك:(إني أكره المناحة، فإن كان هذا ليس منها فليبعث)، وانظر الحديث في: سنن أبي داود برقم (3132)، كتاب الجنائز، باب صنعة الطعام لأهل الميت، وسنن الترمذي برقم (998) كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم في المستدرك برقم (1377) كتاب الجنائز، من حديث عبد الله بن جعفر.
وجَازَ أَخْذُ الْعَوَضِ إِنِ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الأَحْسَنِ، وصَحَّ إِنَابَةٌ بِلَفْظٍ إِنْ أَسْلَمَ، ولَوْ لَمْ يُصَلِّ، أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ، وإِلا فَتَرَدُّدٌ، لا إِنْ غَلِطَ، فَلا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدِهِمَا، ومُنِعَ الْبَيْعُ وإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الإِمَامِ، أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةُ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ ذَبَحَ مَعِيباً جَهْلاً والإِجَارَةُ، والْبَدَلُ، إِلا لِمُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ، وفُسِخَتْ، وتُصُدِّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ، إِنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ بِلا إِذْنٍ، وصَرْفٍ فِيمَا لا يَلْزَمُهُ.
قوله: (وجَازَ أَخْذُ الْعَوَضِ إِنِ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الأَحْسَنِ) أشار بالأحسن لقول ابن عبد السلام: والجواز أقرب؛ لأن مثل هذا لا يقصد به المعاوضة، لأنها شركة ضرورية كشركة الورثة في لحم أضحية موروثهم، وقال ابن عرفة: ولو اختلطت ضحيتا رجلين بعد ذبحهما أجزأتهما، وفي لزوم صدقتهما بهما وجواز أكلهما إياهما قول يحيي بن عمر، وتخريج (1) اللخمي. ولَمْ يحك المازري غير الأول، وكذا (2) عبد الحقّ، واعترضه فقال: لا أرى المنع من أكلها، وهي شركة ضرورية كالورثة في أضحية موروثهم.
ابن بشير: لو اختلطت [أضحية](3) أو جزء منها بغيرها ففي إباحة أخذ العوض قَوْلانِ، فظاهره أنهما منصوصان. انتهى كلام ابن عرفة مختصراً. وبالأول قطع ابن يونس، وفرق بينهما وبين مسألة الورثة بأن كل واحد منهم ورث جزءاً معلوماً فيأخذه منها وهو تمييز حقّ.
كَأَرْشِ عَيْبٍ لا يَمْنَعُ الإِجْزَاءَ، وإِنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ والذَّبْحِ، فَلا تُجْزِئُ إِنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ، وصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إِلا أَنَّ هَذَا آثِمٌ، ولِلْوَارِثِ الْقَسْمُ، ولَوْ ذُبِحَتْ، لا بَيْعٌ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ.
قوله: (كَأَرْشِ عَيْبٍ لا يَمْنَعُ الإِجْزَاءَ) كذا هو فيما وقفنا عليه من النسخ بإثبات " لا "(4)؛ فيكون المعنى: وتصدّق بالعوض في الفوت كالتصدّق بأرش عيب لا يمنع الإجزاء، ويظهر من كلام المصنف أنه عنده بإسقاط (لا) راجعاً لمفهوم قوله: (إِنْ لَمْ يَتَوَلَّ
…
) إلى آخره.
(1) في ن 2: (تحريم). .
(2)
في (ن 3): (وكذا عبّر).
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(4)
قلت أسقط الحطاب (لا) في شرحه وقال: " الَّذِي فِي غَالِبِ النُّسَخِ، وشَرَحَ عَلَيْهِ بَهْرَامُ والْبِسَاطِيُّ بِإِسْقَاطِ (لَا) " ونقل كلام المؤلف هنا واستحسنه. انظر: مواهب الجليل: 1/ 388.
وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فِي سَابِعِ الْوِلادَةِ نَهَاراً، وأُلْغِيَ يَوْمُهَا، إِنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ.
قوله: (وأُلْغِيَ يَوْمُهَا، إِنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ) الضمير النائب في سبق يعود على المولود المدلول عليه بالولادة، وأغفل المصنّف حكم الختان والخفاض والتسمية، وذكر في الجنائز كراهة تسمية السقط.
فائدة:
قال في " الإكمال ": فقهاء الأمصار على جواز التسمية والتكنية بأبي القاسم، والنهي عنه منسوخ. ابن عرفة: دخل الشيخ الفقيه القاضي أبو القاسم بن زيتون على سلطان بلده أمير إفريقية المستنصر بالله أبي عبد الله بن الأمير أبي زكريا فقال له: لَمْ تسميت بأبي القاسم، وقد صحّ عنه عليه السلام:" تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي "(1)؟ فقال: إنما تسميت [بكنيته](2) صلى الله عليه وسلم ولَمْ أتكن بها، فاستحسن بعض شيوخنا هذا الجواب. انتهى
وعند الأُبّي: فيه نظر. وفي رسم نذر من سماع ابن القاسم من الجامع قال مالك: لا بأس بتكنية الصبي. قيل له: لَمَ كنّيت [ابنك](3) بأبي القاسم؟ قال: ما فعلته بل أهل البيت، ولا بأس به. ابن رشد: قوله: لا بأس بتكنية الصبي، يدل [على](4) أن تركه أحسن؛ لما يوهم ظاهره من الإخبار بالكذب، إذ لا ولد للصبي وليس فيه إثم؛ لأن القصد ترفيعه بذلك دون الإخبار (5). انتهى، وجوازه مستفاد من قوله عليه السلام:" أبا عمير ما فعل النغير "(6).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (110) كتاب بدء الوحي، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم برقم (2131)، كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء.
(2)
في (ن 1): (بكنيتي).
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 2).
(5)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 17/ 59.
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه برقم (5778)، كتاب الأدب، باب الانبساط إلى الناس، ومسلم برقم (2149) كتاب الأدب، باب استحباب تحنيك المولود ثم ولادته وحمله إلى صالح يحنكه، وجواز تسميته يوم ولادته.
وفي رسم شك من السماع المذكور: كره مالك أن يسمى الرجل بجبريل ولَمْ يعجبه وتلى: {إِن أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} الآية [آل عمران: 68]. ابن رشد: لأنه سبب لأن يقول جاءني البارحة جبريل ورأيت جبريل، وأشار علىّ جبريل بكذا، وهذا من الكلام المستشنع.
وفي الحديث: " لا تسم غلامك رباحاً ولا أفلح ولا يساراً، أو قال بشيراً (1) ": يقال (2): ثم فلان؟ فيقال: لا، فأحرى هذا وليس شيء من ذلك حراماً، ولكن تركه أحسن، وجاء بالآية حضّاً على الاقتداء بهم في ترك التسمية بذلك. انتهى. فقول ابن عرفة: روى الباجي: لا ينبغي بجبريل (3)، قصور. وفي سماع أشهب لا ينبغي بياسين.
ابن رشد: للخلاف في كونه اسماً لله تعالى أو للقرآن، أو هو بمعنى إنسان.
ابن عرفة: مقتضى هذا التعليل الحرمة.
وفي " الإكمال ": [36 / أ] كرهها الحارث بن مسكين بأسماء الملائكة. وفي " المدارك ": تقدم رجل لخصومة عند الحارث بن مسكين (4)، فناداه رجل باسمه إسرافيل. فقال له الحارث: لَمْ تسميت بهذا الاسم وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا تسموا بأسماء الملائكة "(5) فقال: ولَمْ سمي مالك بن أنس بمالك؟ وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] ثم قال: لقد تسمى الناس بأسماء الشياطين فما عيب ذلك - يعني الحارث اسمه؛ فإنه يقال هو اسم إبليس -.
ابن عرفة: يرحم الله الحارث في سكوته والصواب معه؛ لأن محمل النهي في الاسم
(1) أخرجه مسلم برقم (2136)، كتاب الأدب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه.
(2)
في (ن 3): (فقال).
(3)
انظر: المنتقى، للباجي: 9/ 455.
(4)
الحارث بن مسكين، رأى الليث وسأله، وتفقه بابن وهب، وابن القاسم، أثنى عليه أحمد، وقال ابن معين: لا بأس به، توفي سنة 205 هـ. انظر: الثقات، لابن حبان: 8/ 182، وتذكرة الحفاظ، لابن طاهر القيسراني: 2/ 514، وسير أعلام النبلاء، للذهبي: 12/ 54، طبقات الحفاظ، للسيوطي: 1/ 228.
(5)
أخرجه البيهقي في سننه برقم (8638) باب في حقوق الأولاد والأهلين.
الخاص [بالوضع](1) أو الغلبة كإسرافيل وجبريل وإبليس والشياطين، وأما مالك والحارث فليسا منه؛ لصحة كونهما من نقل النكرات للأشخاص المعينة أعلاماً من اسم فاعل، مالك وحارث كقاسم. انتهى. والعمدة في الفرق الاتباع، فقد تسمّى كثير من الصحابة بمالك والحارث ولَمْ ينكره صلى الله عليه وسلم
وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ وجَازَ كَسْرُ عَظْمِهَا، وكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً، ولَطْخُهُ بِدَمِهَا، وخِتَانُهُ يَوْمَهَا.
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).