المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[باب الاعتكاف] الاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ، وصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، ولَوْ نَذْراً - مختصر خليل - ومعه شفاء الغليل في حل مقفل خليل - جـ ١

[ابن غازي - خليل بن إسحاق الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌[باب يُرْفَعُ الْحَدَثُ وحُكْمُ الْخَبَثِ]

- ‌فصل [الأعيان الطاهرة]

- ‌فصل [حكم إزالة النجاسة]

- ‌فصل [فرائض الوضوء، وسننه، وفضائله]

- ‌[باب الاستنجاء]

- ‌فَصْل [نواقض الوضوء]

- ‌[موجبات الغسل]

- ‌[المسح عَلَى الخفين]

- ‌[فصل في التيمم]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل] [

- ‌[باب الصلاة]

- ‌فصل [الأذان والإقامة]

- ‌[شروط صحة الصلاة]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل: فَرَائِضُ الصَّلاةِ]

- ‌[سنن الصلاة ومكروهاتها]

- ‌فصل [القيام وبدله]

- ‌فصل [قضاء الفوائت]

- ‌[فصل فِي أحكام السهو]

- ‌[سجود التلاوة]

- ‌[فصل فِي صلاة النافلة]

- ‌[فصل فِي صلاة الجماعة]

- ‌فصل [فِي استخلاف الإمام]

- ‌[فصل فِي صلاة المسافر]

- ‌[فصل فِي صلاة الجمعة]

- ‌[فصل فِي صلاة الخوف]

- ‌[فصل فِي صلاة العيد]

- ‌[فصل فِي صلاة الكسوف]

- ‌[فصل فِي صلاة الاستسقاء]

- ‌[فصل فِي أحكام الجنائز]

- ‌[صلاة الجنازة]

- ‌[باب فِي الزكاة]

- ‌[زكاة الحرث]

- ‌[زكاة النقود]

- ‌[زكاة الدين]

- ‌[زكاة العروض]

- ‌[زكاة المعادن]

- ‌[فصل فِي مصارف الزكاة]

- ‌[فصل زكاة الفطر]

- ‌[باب الصيام]

- ‌[باب الاعتكاف]

- ‌[باب الحجّ]

- ‌فصل [محظورات الإحرام]

- ‌[موانع الحج]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الأطعمة والأشربة]

- ‌[باب الضحية والعقيقة]

- ‌[باب الأيمان والنذور]

- ‌[فصل في النذر]

- ‌[باب الجهاد]

- ‌[الجزية]

- ‌[المسابقة]

- ‌[باب النكاح]

- ‌[خصائص النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أحكام النكاح]

- ‌[فصل فِي الخيار]

- ‌[فصل]

- ‌[الصداق]

- ‌[نكاح التفويض]

- ‌[التنازع في الزوجية]

- ‌[الوليمة]

- ‌[القسم للزوجات]

- ‌فصل النشوز

- ‌[باب الطلاق]

- ‌[طلاق السنة]

- ‌[باب التخيير والتمليك]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌[باب الإيلاء]

- ‌[باب الظهار]

- ‌[باب اللعان]

- ‌[باب العدة]

- ‌[أحكام زوجة المفقود]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌[تداخل العدة والاستبراء]

- ‌[باب الرضاع]

- ‌[باب النفقة والحضانة]

- ‌[فصل في الحضانة]

الفصل: ‌ ‌[باب الاعتكاف] الاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ، وصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، ولَوْ نَذْراً

[باب الاعتكاف]

الاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ، وصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، ولَوْ نَذْراً ومَسْجِدٍ.

قوله: (ومَسْجِدٍ) معطوف عَلَى صوم لا عَلَى مطلق؛ ولذا لَمْ يعد الباء أي: وصحته بمطلق مسجد، جامعاً كان أو غير جامع، بدليل الاستثناء بعده.

إِلا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ، وتَجِبُ بِهِ، فَالْجَامِعُ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ وإِلا خَرَجَ.

قوله: (إِلا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ، وتَجِبُ بِهِ) أي: وهي تجب فِي زمان الاعتكاف، فالباء ظرفية ومجرورها للاعتكاف بحذف المضاف، والجملة حالية ذات واو ينوي بعدها المبتدأ كأنه قال: والحالة هذه.

وبَطَلَ كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ، لا جَنَازَتِهِمَا مَعاً.

قوله: (كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ، لا جَنَازَتِهِمَا مَعاً) فِي سماع ابن القاسم: يخرج لمرض [أحد](1) أبويه، وفِي " الموطأ ": لا يخرج لجنازتهما. وفرّق الباجي بأنهما إِذَا كانا حيين لزمه طلب مرضاتهما واجتناب سخطهما فيجمع بين الأمرين بر أبويه بالخروج إليهما والإتيان باعتكافه بأن يبتدأه، ولا يلزم عَلَى ذلك ترك حضور جنازتهما؛ إذ لا يعرفان حضوره فيرضيهما ذلك، ولا [يعلمان](2) بتخلّفه فيسخطهما، فاعترض بأن ذلك من حقوقهما، وألزم عَلَيْهِ الخروج إِذَا مات أحدهما، فإن عدم خروجه له يسخط الآخر. كذا فِي " التوضيح "(3).

وغايته أنه إلزام لا نصّ فالتزم هنا ذلك فقال: " لا جنازتهما معاً " ولَمْ يقل ذلك فِي مرضهما إذ لا فرق بين مرضهما معاً ومرض أحدهما، ولَمْ يعرج ابن عرفة عَلَى الإلزام فضلاً عن الالتزام (4).

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن 3): (يعلمون).

(3)

انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: 2/ 274.

(4)

انظر: الموطأ برقم (888)، كتاب الصيام، باب الاعتكاف، والمنتقى، للباجي: 3/ 110، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 321، 322.

ص: 308

كَشَهَادَةٍ (1) وإِنْ وَجَبَتْ، ولْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ، أَوْ تُنْقَلُ عَنْهُ، وكَرَدَّةٍ، وكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ وكَسُكْرِهِ لَيْلاً، وفِي إِلْحَاقِ الْكَبَائِرِ بِهِ تَأْوِيلانِ وبِعَدَمِ وَطْءٍ، وقُبْلَةِ شَهْوَةٍ، ولَمْسٍ، ومُبَاشَرَةٍ وإِنْ لِحَائِضٍ أَوْ نَائِمَةٍ (2)، وإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوِ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلا مَنْعَ كَغَيْرِهِ، إِنْ دَخَلا وأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ، أَوْ عِدَّةٍ.

قوله: (كَشَهَادَةٍ) كذا هو بإسقاط الواو راجع للمنفي (3) فِي قوله: (لا جنازتهما) أي: لا يخرج لجنازتهما كما لا يخرج للشهادة، يدلّ عَلَيْهِ: ولتؤد بالمسجد.

إِلا أَنْ تُحْرِمَ، وإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ، ويَبْطُلُ (4)، وإِنْ مَنَعَ عَبْدَهُ نَذْراً، فعَلَيْهِ إِنْ عَتَقَ ولا يُمْنَعُ مُكَاتِبٌ يَسِيرَهُ، ولَزِمَ يَوْمٌ إِنْ نَذَرَ لَيْلَةً، لا بَعْضَ يَوْمٍ وتَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ.

قوله: (إِلا أَنْ تُحْرِمَ، وإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ، ويَبْطُلُ) الفاعل (بتحرم) ضمير يعود عَلَى المعتدة المدلول عَلَيْهَا بقوله: (أو عدة) وإنما غيّاها بعدة الموت؛ لأنها أشد من عدة الطلاق لما يلزم فِيهَا من الإحداد، [والفاعل بينفذ يعود عَلَى الإحرام](5)، والفاعل بـ (يبطل) يعود عَلَى لفظ ما من قوله:(وأتمّت ما سبق منه أو عدة) و (ما) واقعة عَلَى العدة؛ لأنها السابقة فِي هذه الصورة فظاهره أن العدة تبطل برمتها، وليس هذا بمراد؛ وإنما يبطل منها مبيتها فِي بيتها، فالكلام بحذف مضاف. أي: يبطل مبيت ما سبق وهو العدة - هذا عَلَى النسخ التي فِيهَا يبطل بالياء المثناة من أسفل.

وفِي بعض النسخ تبطل بالمثناة من فوق، فالضمير للعدة وهو أَيْضاً بحذف مضاف أي: ويبطل مبيت العدة، وسبك كلامه: إلّا أن تحرم المعتدة وإن كانت فِي عدة موت فينفذ إحرامها بعد وقوعه، وإن كانت عاصية فِي إنشائه بعد العدة فتخرج فيه ويبطل مبيت عدتها، فهو مطابق لقوله فِي باب: العدة: (أو أحرمت وعصت)، وهذا معنى ما لأبي عمران

(1) في أصل المختصر، والمطبوعة:(وكشهادة).

(2)

في المطبوعة: (ناسية).

(3)

في (ن 3): (للنفي).

(4)

في النسخة المطبوعة: (تبطل).

(5)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

ص: 309

الفاسي، وقد اعتمده أبو الحسن الصغير فقال فِي قوله فِي كتاب العدة وطلاق السنة:(وأما إِذَا أحرمت فلتنفذ قربت أم بعدت): ظاهره وجبت (1) العدة قبل الإحرام أو بعد ما أحرمت.

والجواب فيهما واحد، إلّا أنها إن أحرمت وهي معتدة تكون عاصية، قاله أبو عمران قال: وتعتد بقية عدتها بعد الرجوع إن بقي منها شئ، وأما المعتكفة تحرم بالحجّ فيلزمها (2) ما أحرمت له من الحجّ؛ ولكن لا تخرج إلى (3) الحجّ حتى ينقضي اعتكافها.

قال أبو عمران: والفرق بين المعتدة والمعتكفة: أنّ المعتدة لا تبطل بالحجّ عدتها كلها، ولا تخل بجميع شروطها، [27 / أ] وإنما تخلّ بوجه منها وهو المقام فِي الموضع الذي تعتدّ به فقط، والمعتكفة يخلّ الحجّ بجميع شروط (4) اعتكافها، إذ لا يصحّ الاعتكاف إلّا فِي المساجد، فإِذَا خرجت إِلَى الحجّ زال عنها حكم الاعتكاف وهي فِي الحجّ تبتدئ عدتها، ولا يخلّ حجها بعدتها كإخلال حجّ المعتكفة باعتكافها؛ لما وصفناه. انتهى.

فإن قلت: لَمْ يعرج هنا عَلَى أن المعتكفة إِذَا أنشأت الإحرام بعد الاعتكاف تتم اعتكافها.

قلت: إِذَا كان معنى كلامه: إلّا [أن](5) تحرم المعتدة فمفهوم الصفة أن المعتكفة إِذَا أحدثت الإحرام بخلاف ذلك.

فإن قلت: ظاهر ما اعتمده أبو الحسن الصغير من قول أبي عمران أنه مخالف لقول ابن رشد فِي رسم مرض من سماع ابن القاسم إِذَا سبق الطلاق أو الموت [الاعتكاف أو الإحرام لَمْ يصح لها أن تحرم ولا أن تعتكف حتى تنقضي العدة لأنها قد لزمتها فليس لها أن تنقضها (6).

(1) في (ن 1): (وحيث).

(2)

في (ن 3): (قيل منها) وهو تصحيف للمثبت.

(3)

في (ن 1): (لأن).

(4)

في (ن 1)، و (ن 3):(شروطه).

(5)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.

(6)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 324، وله بدل (أو)(و).

ص: 310

قلت: إنما قال لَمْ يصح لها أن تحرم، أي تبتدئ الإحرام] (1)، ولَمْ يتكلم عَلَى ما إِذَا خالفت، ووقع منها الإحرام، وهو الذي زاده أبو عمران، وإِلَى هذا يرجع قوله فِي " التوضيح " ويحمل قوله فِي البيان: لا يصح. عَلَى معنى: لا يجوز. والله تعالى أعلم.

ومَنْوَيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ، لا النَّهَارِ فَقَطْ فَبِاللَّفْظِ ولا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ صَوْمٌ، وفِي يَوْمِ دُخُولِهِ تَأْوِيلانِ، وإِتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَاذِرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقاً، والْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ فَقَطْ لِنَاذِرِ عُكُوفٍ بِهَا وإِلا فَبِمَوْضِعِهِ وكُرِهَ أَكْلُهُ خَارِجَ [19 / ب] الْمَسْجِدِ واعْتِكَافُهُ غَيْرَ مَكْفِيٍّ، ودُخُولُهُ مَنْزِلَهُ وإِنْ لِغَائِطٍ، واشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ وكِتَابَتُهُ وإِنْ مُصْحَفاً إِنْ كَثُرَ، وفِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ وصَلاةٍ وتِلاوَةٍ كَعِيَادَةٍ وجَنَازَةٍ، ولَوْ لاصَقَتْ.

قوله: (وَمَنْوَيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ، لا النَّهَارِ فَقَطْ [فَبِاللَّفْظِ] (2)، ولا يَلْزَمُ فِيهِ [حِينَئِذٍ] (3) صَوْمٌ) [أي: ولزمه الاعتكاف المنوي الذي ليس بمنذور وقت دخوله فيه، كما يلزمه مطلق الجوار بالدخول أَيْضاً بخلاف الجوار المقيّد بالنهار فقط، فإنه لا يلزم إلّا باللفظ، ولا يلزم [حينئذ](4) فيه صوم، قال فِي " المدوّنة ": والذي يجب به الاعتكاف أن يدخل معتكفه وينوي أيّاماً، فما نوى من ذلك لزمه، وإن نذر أيّاماً يعتكفها لزمته، والجوار كالاعتكاف إلّا من جاور نهاراً بمكة، وانقلب ليلاً إِلَى أهله فلا يصوم فيه، ولا يلزمه بدخوله، ونيته إلّا [أن](5) ينذره بلفظه (6).

عياض: الجوار بالكسر والضم، من المجاورة. ابن يونس: وإنما كان يلزمه ما نوى من الاعتكاف بالدخول فيه بخلاف من نوى صوماً متتابعاً فلا يلزمه بالدخول فيه إلّا اليوم الأول منه؛ لأن الاعتكاف ليله ونهاره سواء، فهو كاليوم الواحد وصوم الأيام المتتابعة

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 4).

(4)

ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 3).

(5)

ما بين المعكوفتين زيادة من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).

(6)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 384، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 1/ 232.

ص: 311

يتخللها الليل، فصار فاصلاً بين ذلك، وإنما يشبه الصوم جوار مكة الذي ينقلب فيه فِي الليل إِلَى منزله؛ لكون الليل فاصلاً.

وَصُعُودُهُ لأذَانٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ.

قوله: (وَصُعُودُهُ لأذَانٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ) ظاهره جواز إِذَان المعتكف بلا صعود، ومثله استقراء عياض من " المدوّنة " والمصنف من كلام ابن الحاجب، وقال ابن عرفة فِي إِذَانه [في المسجد] (1) طريقان:

الأول للخمي: أنه جائز. الثانية لعياض: إن كان يرصد الأوقات أو يؤذن بغير معتكفه من رحاب المسجد فيخرج إِلَى بابه كره وإلّا فظاهر " المدوّنة " جوازه وكرهه فِي " العتبية "، وقال فضل بن مسلمة: اختلف قول مالك فيه. عياض: وهذا يشعر (2) بالخلاف فِي مجرد الإِذَان. وقال اللخمي: لا بأس أن يقيم فِي مكانه، ويختلف فِي سعيه وتماديه بالإقامة إِلَى موضع الإمام فكره ذلك فِي " المدوّنة "، ويجوز عَلَى أحد قوليه فِي " المدوّنة " فِي إباحة صعود المنار، ثم قال: فِي سعيه فِي الإقامة: واسع؛ لأن له أن يطلب فضيلة الصفّ الأول فلا يضره أن يكون حينئذ فِي إقامة (3).

وَتَرَتُّبُهُ لِلإِمَامَةِ. وإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ إِنْ لَمْ يَلِدَّ بِهِ، وجَازَ إِقْرَاءُ قُرْآنٍ، وسَلامُهُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ وتَطَيُّبُهُ، وأَنْ يَنْكِحَ ويُنْكِحَ بِمَجْلِسِهِ، وأَخْذُهُ إِذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفُراً، أَوْ شَارِباً، وانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ أَوْ تَجْفِيفِهِ، ونُدِبَ إِعْدَادُ ثَوْبٍ، ومَكْثُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ، ودُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ. وصَحَّ إِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ، واعْتِكَافُ عَشَرَةٍ، وبِآخِرِ الْمَسْجِدِ وبِرَمَضَانَ، وبِالْعَشْرِ الآخِرِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ بِهِ، وفِي كَوْنِهَا بِالْعَامِ أَوْ بِرَمَضَانَ خِلافٌ، وانْتَقَلَتْ.

قوله: (وتَرَتُّبُهُ لِلإِمَامَةِ) مفهومه أن الإمامة بلا ترتب لا تكره، والذي فِي " الرسالة ": ولا بأس أن يكون إمام المسجد (4). ظاهره مُطْلَقاً ومثله للخمي، وزاد: اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3) وفي (ن 2): (بالمسجد).

(2)

في (ن 3): (أشعر).

(3)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 1/ 230، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:180.

(4)

انظر الرسالة، لابن أبي زيد، ص:64.

ص: 312

لَمْ يستخلف فِي حين اعتكافه. وفِي " التنبيهات " عن مُطرِّف: له أن يؤم، وعن ابن وضّاح عن سحنون: لا يجوز [أن يؤم](1) فِي فرض لا نفل. ثم قال: إن كان لا يمشي مَعَ المؤذنين فلا بأس. وفِي " الإكمال ": منع سحنون فِي أحد قوليه إمامته فِي فرض أو نفل، والكافة عَلَى خلافه.

والْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ مَا بَقِيَ.

قوله: (والْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ مَا بَقِيَ) فِي هذا ثلاث طرق؛

الطريقة الأولى لابن عطية: قال: هي مستديرة فِي أوتار العشر الأواخر من رمضان، هذا هو الصحيح المعمول (2) عَلَيْهِ، وهي فِي الأوتار بحسب الكمال (3) والنقصان فِي الشهر، فينبغي لمرتقبها [أن يرتقبها](4) من ليلة عشرين فِي كلّ ليلة إِلَى آخر الشهر؛ لأن الأوتار مَعَ كمال الشهر ليست [27 / ب] الأوتار مَعَ نقصانه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " [لثلاثةٍ] (5) تبقى لخامسةٍ تبقى لسابعةٍ تبقى " وقال:" التمسوها فِي الثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة "(6).

قال مالك: يريد بالتاسعة ليلة إحدى وعشرين. قال ابن حبيب: يريد مالك إِذَا كان الشهر ناقصاً. فظاهر هذا أنه عليه السلام احتاط فِي كمال الشهر ونقصانه، وهذا لا (7) تتحصّل معه الليلة إلّا بعمارة العشر (8) كله.

الطريقة الثانية لابن رشد: فِي " المقدمات " قال: اختلف فِي قول النبي صلى الله عليه وسلم: " فالتمسوها فِي التاسعة والسابعة والخامسة " قيل: إنها معدودة من أول العشر، وأن المراد

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).

(2)

في (ن 3)، و (ن 4):(المعول).

(3)

في (ن 3): (الإكمال).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(5)

في (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3):(لثالثة).

(6)

لم أقف على نص هذا الحديث، والذي في البخاري وغيره أن النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَواخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِى سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِى خَامِسَةٍ تَبْقَى ". أخرجه البخاري برقم (1917)، كتاب الصيام، باب تَحَرِّى لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِى الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَواخِرِ.

(7)

في (ن 1)، و (ن 3):(إلا).

(8)

في الأصل: (العشرين).

ص: 313

بذلك فِي الخامسة والسابعة والتاسعة؛ لأن الواو لا ترتب، فالتاسعة ليلة تسعٍ وعشرين، والسابعة ليلة سبع وعشرين، والخامسة ليلة خمسٍ وعشرين، وقيل إنها معدودة من آخر [العشر](1)، وأن التاسعة ليلة إحدى وعشرين والسابعة ليلة ثلاث وعشرين، والخامسة ليلة خمس وعشرين، وإِلَى هذا ذهب مالك فِي " المدوّنة " ودليله أن الأظهر فِي الواو الترتيب، ولا يختلف نقصان الشهر وكماله؛ لأن من حسب ذلك عَلَى نقصان الشهر عدّ التاسعة والسابعة والخامسة، ومن حسب ذلك عَلَى كمال الشهر لَمْ يعد التاسعة والسابعة والخامسة وقال: معنى ذلك " لتاسعة تبقى ولسابعةٍ [تبقى] (2) ولخامسة تبقى ". وحسابه عَلَى نقصان الشهر أظهر؛ لأن الشهر تسعة وعشرون يوماً، واليوم الثلاثون ليس من الشهر بتيقن، قد يكون وقد لا يكون، ولا يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يحسب ذلك عَلَى كمال الشهر، ولا عَلَى ما ينكشف من نقصانه أو كماله؛ لأنه لو أراد أن يحسب عَلَى كماله لكان ذلك منه حضاً (3) عَلَى التماسها فِي غير الأوتار، وإنما هو حضٌّ (4) عَلَى تحرّيها فِي كلّ وتر عَلَى ما جاء فِي غير هذا الحديث، ولو أراد أن يحسب عَلَى ما ينكشف عَلَيْهِ الشهر من نقصانه وتمامه لكان قد أمر بما لا يصحّ (5) الامتثال به إلّا بعد فواته، فلم يبق إلّا أنّه أراد أن يحسب ذلك عَلَى نقصانه إلّا أن يقال إنه صلى الله عليه وسلم أبهم مراده من ذلك لتلتمس الليلة فِي جميع ليالي العشر وهو بعيد، إذ لابد أن يكون لقوله صلى الله عليه وسلم:" التمسوها فِي التاسعة والسابعة والخامسة " زيادة فائدة عَلَى قوله: " التمسوها فِي العشر الأواخر "(6).

على أنّ ابن حبيب ذهب إِلَى تحرّيها فِي جميع ليالي العشر عَلَى نقصان الشهر وكماله، وروي ذلك عن ابن عبّاس أنه كان يحيي ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين. وقال

(1) في (ن 3): (الشهر).

(2)

ما بين المعكوفتين زيادة من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).

(3)

في (ن 1)، و (ن 2):(حظاً)، و (ن 3):(حظه).

(4)

في (ن 3): (حظه).

(5)

في (ن 3): (يصلح).

(6)

انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 1/ 128، 129.

ص: 314

أَيْضاً: إنها لسبع بقين تماماً، [يريد لسبعٍ بقين](1) عَلَى تمام الشهر وهي ليلة أربع وعشرين التي كان يحييها.

الطريقة الثالثة: أنّها فِي أشفاع هذه الأفراد قال ابن العربي فِي " القبس ": ادعت ذلك الأنصار فِي تفسير قوله: " اطلبوها (2) فِي تاسعةٍ تبقي " قالوا هي ليلة اثنتين وعشرين، وقالوا نحن أعلم بالعدد منكم.

وبَنَى بِزَوَالِ إِغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ كَأَنْ مُنِعَ مِنَ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ أَوْ عِيدٍ وخَرَجَ وعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ وإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ، إِلا لَيْلَةَ الْعِيدِ ويَوْمِهِ، وإِنِ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضَاءِ لَمْ يُعِدْهُ.

قوله: (كَأَنْ مُنِعَ مِنَ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ) عن هذا عبّر ابن الحاجب بقوله: ولو (3) طرأ ما يمنعه الصيام فقط دون المسجد كالمريض إن قدر، والحائض تخرج ثم تطهر (4). وبه تفهم صورة المسألة. وبالله تعالى التوفيق.

(1) في (ن 1)(فيريد لسبع). .

(2)

في (ن 1): (التمسوها).

(3)

زيادة من (ن 1).

(4)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 181، وليس في نصّه (الصيام).

ص: 315