المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[فصل فِي أحكام الجنائز] فِي وَجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ، ولَوْ بِزَمْزَمَ، - مختصر خليل - ومعه شفاء الغليل في حل مقفل خليل - جـ ١

[ابن غازي - خليل بن إسحاق الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌[باب يُرْفَعُ الْحَدَثُ وحُكْمُ الْخَبَثِ]

- ‌فصل [الأعيان الطاهرة]

- ‌فصل [حكم إزالة النجاسة]

- ‌فصل [فرائض الوضوء، وسننه، وفضائله]

- ‌[باب الاستنجاء]

- ‌فَصْل [نواقض الوضوء]

- ‌[موجبات الغسل]

- ‌[المسح عَلَى الخفين]

- ‌[فصل في التيمم]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل] [

- ‌[باب الصلاة]

- ‌فصل [الأذان والإقامة]

- ‌[شروط صحة الصلاة]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل: فَرَائِضُ الصَّلاةِ]

- ‌[سنن الصلاة ومكروهاتها]

- ‌فصل [القيام وبدله]

- ‌فصل [قضاء الفوائت]

- ‌[فصل فِي أحكام السهو]

- ‌[سجود التلاوة]

- ‌[فصل فِي صلاة النافلة]

- ‌[فصل فِي صلاة الجماعة]

- ‌فصل [فِي استخلاف الإمام]

- ‌[فصل فِي صلاة المسافر]

- ‌[فصل فِي صلاة الجمعة]

- ‌[فصل فِي صلاة الخوف]

- ‌[فصل فِي صلاة العيد]

- ‌[فصل فِي صلاة الكسوف]

- ‌[فصل فِي صلاة الاستسقاء]

- ‌[فصل فِي أحكام الجنائز]

- ‌[صلاة الجنازة]

- ‌[باب فِي الزكاة]

- ‌[زكاة الحرث]

- ‌[زكاة النقود]

- ‌[زكاة الدين]

- ‌[زكاة العروض]

- ‌[زكاة المعادن]

- ‌[فصل فِي مصارف الزكاة]

- ‌[فصل زكاة الفطر]

- ‌[باب الصيام]

- ‌[باب الاعتكاف]

- ‌[باب الحجّ]

- ‌فصل [محظورات الإحرام]

- ‌[موانع الحج]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الأطعمة والأشربة]

- ‌[باب الضحية والعقيقة]

- ‌[باب الأيمان والنذور]

- ‌[فصل في النذر]

- ‌[باب الجهاد]

- ‌[الجزية]

- ‌[المسابقة]

- ‌[باب النكاح]

- ‌[خصائص النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أحكام النكاح]

- ‌[فصل فِي الخيار]

- ‌[فصل]

- ‌[الصداق]

- ‌[نكاح التفويض]

- ‌[التنازع في الزوجية]

- ‌[الوليمة]

- ‌[القسم للزوجات]

- ‌فصل النشوز

- ‌[باب الطلاق]

- ‌[طلاق السنة]

- ‌[باب التخيير والتمليك]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌[باب الإيلاء]

- ‌[باب الظهار]

- ‌[باب اللعان]

- ‌[باب العدة]

- ‌[أحكام زوجة المفقود]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌[تداخل العدة والاستبراء]

- ‌[باب الرضاع]

- ‌[باب النفقة والحضانة]

- ‌[فصل في الحضانة]

الفصل: ‌ ‌[فصل فِي أحكام الجنائز] فِي وَجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ، ولَوْ بِزَمْزَمَ،

[فصل فِي أحكام الجنائز]

فِي وَجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ، ولَوْ بِزَمْزَمَ، والصَّلاةِ عَلَيْهِ كَدَفْنِهِ وكَفْنِهِ، وسُنِّيَّتِهِمَا خِلافٌ، وتَلازَمَا، وغُسْلَ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّداً بِلا نِيَّةٍ، وقُدِّمَ الزَّوْجَانِ إِنْ صَحَّ النِّكَاحُ، إِلا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ بِالْقَضَاءِ وإِنْ رَقِيقاً أَذِنَ سَيِّدُهُ، أَوْ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ، أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، والأَحَبُّ نَفْيُهُ، إِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا، أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لا رَجْعِيَّةٌ وكِتَابِيَّةٌ إِلا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ، وإِبَاحَةُ الْوَطْءِ لِمَوْتِ بِرِقٍّ تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ، ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ، ثُمَّ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ وهَلْ تَسْتُرُهُ، أَوْ عَوْرَتُهُ؟ تَأْوِيلانِ، ثُمَّ يُمِّمَ لِمِرْفَقَيْهِ كَعَدَمِ الْمَاءِ، وتَقْطِيعِ الْجَسَدِ، وتَزْلِيعِهِ (1)، وصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ مَاءٌ كَمَجْدُورٍ (2) إِنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ، والْمَرْأَةُ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ، ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ، ولُفَّ شَعْرُهَا، ولا يُضْفرُ، ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ، ثُمَّ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا، وسُتِرَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتَيْهِ، وإِنْ زَوْجاً. [14 / أ].

قوله: (أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) أشار به لقول ابن يونس: أحبّ إليّ ألا تغسله؛ لأنه قد حرم عَلَيْهِ تزويجها أن لو كان ذلك طلاقاً، وكان حيّاً.

[صلاة الجنازة]

ورُكْنُهَا النِّيَّةُ وأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ، وإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ، والدُّعَاءُ، ودَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وإِنْ وَالاهُ، أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ الثَّلاثِ أَعَادَ، وإِنْ دُفِنَ، فَعَلَى الْقَبْرِ، وتَسْلِيمَةٌ خَفِيَّةٌ (3)، وسَمَّعَ الإِمَامَ مَنْ يَلِيهِ، وصَبَرَ الْمَسْبُوقُ لِلتَّكْبِيرِ، ودَعَا إِنْ تُرِكَتْ، وإِلا وَالَى.

وَكُفِّنَ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ، وقُدِّمَ كَمَؤُونَةِ الدَّفْنِ عَلَى دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ ولَوْ سُرِقَ، ثُمَّ إِنْ وجِدَ وعُوِّضَ وَرِثَ، إِنْ فُقِدَ الدَّيْنُ كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ.

قوله: (كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ) نقله المازري عن ابن (4) العلاء البصري وزاد - وكأنه عن القابسي -: ولو خيف نبشه كانت حراسته من رأس المال، وقد أغفل ابن عرفة هذين الفرعين.

(1) المُزَلَّع الذي قد انقشر جلد قدمه عن اللحم، ومعناه أيضا التشقق، والمراد في كلام الشارح التسلخ. انظر: لسان العرب، لابن منظور، ص: 2/ 309.

(2)

أي: مصاب بالجدري.

(3)

في المطبوعة: (خفيفة)

(4)

في (ن 1)، و (ن 2):(أبي).

ص: 249

هُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لا زَوْجِيَّةٍ، والْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وإِلا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ونُدِبَ تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاللهِ، وتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إِحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ، ثُمَّ ظَهْرٍ، وتَجَنُّبُ حَائِضٍ وجُنُبٍ لَهُ.

قوله: (لا زَوْجِيَّةٍ) هو بياء النسب عطفاً عَلَى قرابة أو رقّ.

وتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ، وتَغْمِيضُهُ، وشَدُّ لَحْيَيْهِ، إِذَا قَضَى، وتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ، ورَفْعُهُ عَنِ الأَرْضِ، وسَتْرُهُ بِثَوْبٍ.

قوله: (وَشَدُّ لَحْيَيْهِ) نقله ابن عبد السلام عن غير المذهب فقال ابن عرفة: قد ذكره سند، ولَمْ يعزه لغير المذهب، وتعليل ابن شعبان إغماضه خوف دخول الماء عينيه يؤكد شدّ لحيته (1).

ووضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ، وإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إِلا الْغَرَقَ. ولِلْغُسْلِ سِدْرٌ، وتَجْرِيدُهُ، ووَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفَعٍ، وإِيثَارُهُ كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ، ولَمْ يُعَدْ كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ وغُسِلَتْ، وعَصْرُ بَطْنِهِ بِرِفْقٍ، وصَبُّ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ بِخِرْقَةٍ، ولَهُ الإِفْضَاءُ إِنِ اضْطُرَّ، وتَوْضِئَتُهُ، وتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ وأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ، وإِمَالَةُ رَأْسِهِ [بِرِفْقٍ](2) لِمَضْمَضَةٍ، وعَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وكَافُورٌ فِي الأَخِيرَةِ، ونُشِّفَ، واغْتِسَالُ غَاسِلِهِ، وبَيَاضُ الْكَفَنِ، وتَجْمِيرُهُ، وعَدَمُ تَأَخُّرِهِ عَنِ الْغُسْلِ. وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ، [وَلا](3) يُقْضَى بِالزَّائِدِ إِنْ شَحَّ الْوَارِثُ، إِلا أَنْ يُوصِيَ، فَفِي ثُلُثِهِ.

قوله: (ووَ ضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ) ابن عبد السلام: وقع فِي المذهب تجعل حديدة عَلَى بطنه، ونصّ الشافعية عَلَى معناه قالوا: لئلا يسرع انتفاخ بطنه. فقال ابن عرفة: لا أعرفه فِي المذهب بل نقل ابن المنذر إباحته عن الشعبي والشافعي (4).

(1) في (ن 1)، و (ن 2):(لحييه) وهو كذلك في كثير من شروح المختصر.

(2)

زيادة من المطبوعة.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.

(4)

وضع الثقيل على بطنه منصوص في كتب الشافعية، انظر: الأم، للشافعي: 1/ 280، قال:(ويضع على بطنه شيئاً من طين أو لبنة أو حديدة سيف أو غيره؛ فإن بعض أهل التجربة يزعمون أن ذلك يمنع بطنه أن تربو) وانظر: والمهذب، للشيرازي: 1/ 127.

ص: 250

وهَلِ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ، أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ والْبَاقِي سُنَّةٌ؟ خِلافٌ. ووِتْرُهُ، والاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ، والثَّلاثَةُ عَلَى الأَرْبَعَةِ، وتَقْمِيصُهُ، وتَعْمِيمُهُ، وعَذَبَةٌ فِيهَا، وأُزْرَةٌ، ولِفَافَتَانِ، والسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ، وحُنُوطٌ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ، وعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ، والْكَافُورُ فِيهِ وفِي مَسَاجِدِهِ وحَوَاسِّهِ ومَرَاقِّهِ، وإِنْ مُحْرِماً ومُعْتَدَّةً، ولا يَتَوَلَّيَاهُ، ومَشْيُ مُشَيِّعٍ، وإِسْرَاعُهُ، وتَقَدُّمُهُ وتَأَخُّرُ رَاكِبٍ وامْرَأَةٍ، وسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ، ورَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ، وابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وصَلاةٍ [عَلَيْهِ](1) عَلَى نَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام، وإِسْرَارُ دُعَاءٍ، ورَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى الْكَفِّ، ووُقُوفُ إِمَامٍ بِالْوَسَطِ ومَنْكَبَيِ الْمَرْأَةِ رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ، ورَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّماً، وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً عَلَى كَرَاهَتِهِ، فَيُسَطَّحُ، وحَثْوُ قَرِيبٍ فِيهِ ثَلاثاً، وتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لأَهْلِهِ وتَعْزِيَةٌ، وعَدَمُ عُمْقِهِ، واللَّحْدُ، وضَجْعٌ فِيهِ عَلَى أَيْمَنَ مُقَبَّلاً، وتُدُورِكَ إِنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ، [14 / ب] وكَتَرْكِ الْغُسْلِ، ودَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ، إِنْ لَمْ يُخَفِ التَّغَيُّرُ، وسَدُّهُ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ، ثُمَّ قَرْمُودٍ، ثُمَّ آجُرٍّ (2)، ثُمَّ قَصَبٍ، وسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنَ التَّابُوتِ، وجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ ابْنَ كَسَبْعٍ، ورَجُلٍ كَرَضِيعَةٍ.

قوله: (وهَلِ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ، أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ (3) والْبَاقِي سُنَّةٌ؟ خِلافٌ) سلّم فِي " التوضيح " أن الأول ظاهر كلامهم ونسب الثاني لـ: " التقييد " و " التقسيم "، ومقتضي كلامه هنا: أن الخلاف فِي التشهير، وقال ابن عرفة: قال أبو عمر وابن رشد: الفرض من الكفن ساتر العورة (4)، والزائد لستر غيرها سنة، وقال ابن بشير: أقلّه ثوب يستره كله. انتهى. وصرّح ابن بشير بنفي الخلاف منه (5)، وأنه بخلاف الحيّ.

(1) كذا في الأصل، وما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.

(2)

القرمود والآجر قال فيهما صاحب منح الجليل: (القرمود: بِفَتْحِ الْقَافِ وسُكُونِ الرَّاءِ أي: طِينٍ مَصْنُوعٍ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ، والآجُرٍّ: بِمَدِّ الْهَمْزِ وضَمِّ الْجِيمِ وشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ طُوبٍ) انظر: منح الجليل، للشيخ عليش: 1/ 502.

(3)

في (ن 1): (عورته).

(4)

قال ابن عبد البر: (وكلهم (أي الفقهاء) لا يرون في الكفن شيئاً واجباً ولا يتعدى وما ستر العورة أجزأ) انظر: الاستذكار: 3/ 16، وقال ابن رشد:(الذي يتعين منه تعين الفرض ستر العورة) انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 108.

(5)

أي: الميت.

ص: 251

والْمَاءُ الْمُسَخَّنُ، وعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى، وتَكْفُينٌ بِمَلْبُوسٍ، أَوْ مُزَعْفَرٍ، ومُوَرَّسٍ، وحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ، وبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ.

قوله: (والْمَاءُ الْمُسَخَّنُ) هو كقول ابن الجلاب (1): لا بأس أن يغسله بالماء السخن. ابن عرفة: وهو ظاهر المذهب. انتهى. وفِي " الزاهي ": ويغسل بالماء السخن إن احتاجوا إِلَى ذلك. وقال المازري: قال أشهب: واسع غسله بالماء سخناً أو بارداً.

قلت: فعزو ابن عرفة التخيير لابن شاس، قصور.

والْمُعَيِّنُ مُبْتَدُعٌ، وخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ (2)، أَوْ إِنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي كَأَبٍ، وزَوْجٍ، وابْنٍ وأَخٍ، وسَبْقُهَا، وجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا.

قوله: (والْمُعَيِّنُ مُبْتَدُعٌ) هو كقوله فِي " المدوّنة "، وقول من قال: يبدأ باليمين بدعة (3). وإن كان أشهب وابن حبيب لا يسلّمان ذلك.

ونَقْلٌ وإِنْ مِنْ بَدْوٍ، وبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ وبَعْدَهُ بِلا رَفْعِ صَوْتٍ وقَوْلٍ قَبِيحٍ، وجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ، ووَلِيَ الْقِبْلَةَ الأَفْضَلُ، أَوْ بِصَلاةٍ يَلِي الإِمَامَ رَجُلٌ، فَطِفْلٌ، فَعَبْدٌ، فَخَصِيٌّ، فَخُنْثَى كَذَلِكَ، وفِي الصِّنْفِ أَيْضاً الصَّفُّ، وزِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلا حَدٍّ. وكُرِهَ حَلْقُ شَعْرِهِ، وقَلْمُ ظُفْرِهِ، وهُوَ بِدْعَةٌ، وضُمَّ مَعَهُ إِنْ فُعِلَ.

قوله: (ونَقْلٌ وإِنْ مِنْ بَدْوٍ) حاصل ما فِي " النوادر " فِي ذلك عن ابن حبيب: لا بأس بحمله من البادية للحاضرة، ومن موضع لآخر؛ مات سعيد بن زيد وسعد بن أبي وقّاص بالعقيق فحملا للمدينة. (4) ورواه ابن وهب، وروى علي: لا بأس به للمصر إن قرب. انتهى، ولَمْ يزد ابن عرفة عَلَيْهِ فتأمل معه الأغياء [19 / ب] فِي عبارة المصنف.

(1) في الأصل، و (ن 3):(الحاجب) وما نقله الشارح لم أقف عليه عند ابن الحاجب؛ وإنما هو لابن الجلاب، انظر: التفريع، لابن الجلاب: 1/ 268.

(2)

أي كبيرة السن، وفسّرها الخرشي بأنها التي قعدت عن المحيض. انظر: شرح الخرشي: 2/ 362.

(3)

انظر: المدوّنة: 1/ 176 قال فيها: (قلت لمالك من أي جوانب السرير أحمل الميت، وبأي ذلك أبدأ؟ قال: ليس في ذلك شيء موقت احمل من حيث شئت، إن شئت من قدام، وإن شئت من وراء، وإن شئت احمل بعض الجوانب ودع بعضها وإن شئت فأحمل، وإن شئت فدع، ورأيته يرى أن الذي يذكر الناس فيه يبدأ باليمين بدعة).

(4)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 573.

ص: 252

وَلا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ، ويُؤْخَذُ عَفْوُهَا.

قوله: (وَلا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ، ويُؤْخَذُ عَفْوُهَا) مثله للجلاب (1) قال الشارمساحي أي: أزيل ما عَلَيْهَا من الدم، والقيح مما تسهل إزالته. انتهى.

والعفو فِي اللغة: الفضل، ومنه قوله تعالى:" خذ العفو "[الأعراف: 199] أي: ما سهل من أموال الناس، وعفا أي: فضل، وزاد من قولهم: عفا النبت والشعر. قاله ابن عطية، وأنشد قول حاتم الطائي:

خذ العفو مني تستديمي مودتي

ولا تنطقي فِي سورتي حين أغضب (2)

وقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ كَتَجْمِيرِ الدَّارِ.

قوله: (وقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ كَتَجْمِيرِ الدَّارِ) كراهة القراءة والتجمير عند احتضاره (3) هو قول مالك فِي سماع أشهب، قال ابن رشد: واستحبهما ابن حبيب (4)، زاد ابن يونس عنه استحباب الروائح الطيبة.

وبَعْدَهُ، وعَلَى قَبْرِهِ، وصِيَاحٌ خَلْفَهَا، وقَوْلُ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا، وانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلا صَلاةٍ، أَوْ بِلا إِذْنٍ، إِنْ لَمْ يُطَوِّلُوا.

قوله: (وَبَعْدَهُ، وعَلَى قَبْرِهِ) ابن عرفة، وقبل عياض: استحباب بعض العلماء القراءة عَلَى القبر؛ لحديث الجريدتين (5) وقاله الشافعي (6). انتهى، وفِي " الإحياء ": لا بأس بالقراءة عَلَى القبور (7). وفي " مسالك " ابن العربي: يستحبّ تلقينه بعد الدفن.

(1) انظر: التفريع، لابن الجلاب: 1/ 268.

(2)

البيت نسبه صاحب الأغاني لأسماء بن خارجه لا حاتم الطائي. انظر: الأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني: 20/ 367.

(3)

في (ن 1): (إحضاره).

(4)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 234، ونص سماع أشهب:(قال أشهب: وسُئل مالك عن قراءة القرآن عند رأس الميت بـ: {يس}، فقال: ما سمعت بهذا، وما هو من عمل الناس، قيل له: أفرأيت الإجمار عند رأسه - وهو في الموت يجود بنفسه؟ فقال أيضًا: ما سمعت شيئًا من هذا، وما هذا من عمل الناس).

(5)

حديث الجريدتين أخرجه البخاري في صحيحه برقم (216)، كتاب الوضوء، بَاب مِنْ الْكَبَائِرِ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ، ومسلم في صحيحه برقم (703) كتاب الطهارة، باب الدَّلِيلِ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ ووُجُوبِ الاِسْتِبْرَاءِ مِنْه، وهي جريدة واحدة، وليست جريدتين كما عبّر المؤلف؛ غير أنها شقت نصفين كما ورد في نص الحديث.

(6)

في (ن 1): (الشعبي)، وهو مستحب عند الشافعية لحصول الثواب. انظر: روضة الطالبين، للنووي: 6/ 203.

(7)

انظر: إحياء علوم الدين، للغزالي: 4/ 492.

ص: 253

وحَمْلُهَا بِلا وَضُوءٍ، وإِدْخَالُهُ بِمَسْجِدٍ، والصَّلاةُ عَلَيْهِ فِيهِ، وتِكْرَارُهَا، وتَغْسِيلُ جُنُبٍ.

قوله: (وحَمْلُهَا بِلا وَضُوءٍ) كذا فِي سماع ابن القاسم. ابن رشد: إنما كرهه لأنه يحمل ولا يصلّي، ولو علم أنه يجد فِي موضع الجنازة ما يتوضأ به لَمْ يكره له حملها عَلَى غير وضوء (1).

كَسِقْطٍ، وتَحْنِيطُهُ، وتَسْمِيَتُه، وصَلاةٌ عَلَيْهِ، ودَفْنُهُ بِدَارٍ، ولَيْسَ عَيْباً بِخِلافِ الْكَبِيرِ لا حَائِضٍ، وصَلاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ والإِمَامِ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِقَوْدٍ أَوْ حَدٍّ، وإِنْ تَوَلاهُ النَّاسُ دُوْنَهُ، وإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدُّدٌ.

قوله: (ولَيْسَ عَيْباً) أي: ليس دفن السقط فِي الدار عيباً فِيهَا، وكذا نصّ عَلَيْهِ ابن يونس عن ابن سحنون عن مالكٍ، قال: لأن السقط ليس له حرمة الموتى؛ إذ لا يصلي عَلَيْهِ، ولا يورث، ألا ترى أنه قد أبيح دفنه فِي الدور. قيل له: أفيجوز الانتفاع بموضع قبر السقط؟ قال: أكره ذلك. قال ابن سحنون: والقياس جواز الانتفاع به لجواز بيعه.

وفي " التوضيح ": القَوْلانِ فِي كونه عيباً حكاهما ابن بشير، والمنصوص لمالك: ليس بعيب. انتهى. وهو صحيح، ولم ينقل ابن عرفة القولين إلا من طريق ابن بشير، وكذلك هما فِي كتاب " التنبيه " لابن بشير، من غير تنبيه عَلَى نصّ ولا تخريج، إلاّ أنه [قال] (2): وهما منزّلان عَلَى الخلاف الذي فِي جواز دفنه فِي الدور، ففي قول بعضهم: فِي كلام المصنف نظر، [نظر](3).

وتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ، ونَجِسٍ، كَأَخْضَرَ، ومُعَصْفَرٍ أَمْكَنَ غَيْرُهُ.

قوله: (وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ) اللخمي: وجنسه الكتان والقطن، وفِي " النوادر " عن ابن حبيب: ما جاز فِي حياته (4). ابن عرفة: فيدخل الصوف.

(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 210 ونص المسألة: (سُئل مالك عن رجل مرت به جنازة وهو على غير وضوء، فأراد أن يحمل لموضع الأجر ولا يصلي، قال: ليس هذا من العمل أن يحمل رجل ولا يصلي، ولم يعجبه ذلك، وقال: ليس هذا من عمل الناس أن يحملوا على غير وضوء).

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3)

(4)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 563.

ص: 254

وزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ، واجْتِمَاعُ النِّسَاءِ لِبُكَاءٍ وإِنْ سِرَّاً، أَوْ تَكْبِيرُ نَعْشٍ، وفَرْشُهُ بِحَرِيرٍ، وإِتْبَاعُهُ بِنَارٍ ونِدَاؤُهُ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ، لا بِكَحِلْقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ.

قوله: (وزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ) لَمْ أر من صرّح بكراهته، وأخذ من قول ابن حبيب: أحب إِلَى مالك خمسة أثواب (1). لا يلزم.

وقِيَامٌ لها، وتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ، وبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ، وإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ، وجَازَ لِلتَّمْيِيزِ كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ بِلا نَقْشٍ، ولا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ، ولَوْ بِبَلَدِ الإِسْلامِ. أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، وإِنْ أَجْنَبَ عَلَى الأَحْسَنِ، لا إِنْ رُفِعَ حَيَّاً وإِنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ إِلا الْمَغْمُورَ، ودُفِنَ بِثِيَابِهِ إِنْ سَتَرَتْهُ، وإِلا زِيدَ بِخُفٍّ وقَلَنْسُوَةٍ ومِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا، وخَاتَمٍ قَلَّ فَصُّهُ، لا دِرْعٍ وسِلاحٍ، ولا دُونَ الْجُلِّ، ولا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ، وإِنْ صَغِيراً ارْتَدَّ، أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ الإِسْلامَ، إِلا أَنْ يُسْلِمَ كَأَنْ أَسْلَمَ ونَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ. وَإِنِ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا وكُفِّنُوا، ومُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلاةِ، ولا سَقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ.

قوله: (وقِيَامٌ لها) تصريح بكراهة القيام للجنازة وظاهره مُطْلَقاً، والذي لابن رشد فِي سماع موسى: أن القيام كان مأموراً به للجنائز فِي ثلاثة مواضع:

أحدها: من كان جالساً فمرّت به أن يقوم حتى تخلفه.

والثاني: من اتبع جنازة أن لا يجلس حتى توضع.

والثالث: من سبق الجنازة إِلَى المقبرة فقعد ينتظرها أن يقوم إِذَا رآها حتى توضع [ثم](2) نسخ ذلك كله بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم فِي [الجنازة](3) ثم جلس وأمرهم بالجلوس. وروي أنه فعل ذلك مرة، وكان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نهي انتهى، وأما القيام عَلَى الجنازة حتى تُدفن فلا بأس به، والقول بنسخه ليس بصحيح، وقد فعله

(1) انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 558.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

ص: 255

علي بن أبي طالب، وقال: قليل لأخينا قيامنا عَلَى قبره (1) وقال ابن حبيب: إنما نسخ من القيام فِي الجنائز الوجوب، فمن جلس ففي [سعة](2)، ومن قام فمأجور. انتهى (3).

ففهم هنا ابن عرفة فِي حكم القيام قولين: أحدهما أن وجوبه، نسخ للإباحة، وهو ظاهر المذهب. والثاني: أنه نسخ للندب، وهو قول ابن حبيب، وعَلَى هذا فلا كراهة، وهو ظاهر كلام غير واحد، ولعلّ المصنف استروح الكراهة من قوله: فلما نهى عنه عليه السلام انتهى، أو مما فِي " النوادر " عن علي ابن أبي (4) زياد: أن الذي أخذ به مالك أن يجلس ولا يقوم، وهو أحبّ إليّ (5).

فرع:

كره فِي سماع ابن القاسم أن يتبع الرجل الجنازة حاسراً بغير رداء، ابن رشد: ومن هذا المعنى ما يفعل عندنا من تبيض الولي عَلَى وليّه (6). ابن عرفة: ونحوه عندنا (7) تسويده.

(1) انظر في القيام للجنازة: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، وباب مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ، فَإِنْ قَعَدَ أُمِرَ بِالْقِيَامِ، وصحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ. وفي نَسْخِ القيام انظر: صحيح مسلم، كتاب الجنائز باب نَسْخِ الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 3).

(3)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 274، 275.

(4)

زيادة من: (ن 2).

(5)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 580.

(6)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 203، 204، وعندنا في كلامه تعني الأندلس العامرة.

(7)

أي: في تونس.

ص: 256

وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَالَ، [15 / أ] أَوْ رَضَعَ، إِلا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ، وغُسِلَ دَمُهُ، ولُفَّ بِخِرْقَةٍ، ووُرِيَ ولا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ، إِلا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا، ولا غَائِبٍ، ولا تُكَرَّرُ، والأَوْلَى بِالصَّلاةِ وَصِيٌّ رُجِيَ خَيْرُهُ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ، لا فَرْعُهُ، إِلا مَعَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، وأَفْضَلُ وَلِيٍّ، ولَوْ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ وصَلَّى النِّسَاءُ دُفْعَةً، وصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ، والْقَبْرُ حبسٌ لا يُمْشَى عَلَيْهِ، ولا يُنْبَشُ (1) مَا دَامَ بِهِ، إِلا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ، أَوْ قَبْرٍ بِمِلْكِهِ أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ، وإِنْ كَانَ بِمَا يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ بُقِّيَ وعَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ، وأَقَلُّهُ مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ، وحَرَسَهُ، وبُقِرَ عَنْ مَالٍ كَثُرَ، ولَوْ بِشَاهِدٍ ويَمِينٍ، لا عَنْ جَنِينٍ، وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً عَلَى الْبَقْرِ إِنْ رُجِيَ، وإِنْ قُدِرَ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ فُعِلَ، والنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ، وصُحِّحَ أَكْلُهُ [أَيْضاً](2).

قوله: (ولَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَالَ، أَوْ رَضَعَ) فِي " التوضيح ": المشهور عن مالك أنه إِذَا تحرّك أو عطس أو رضع لا يحكم له بالحياة. ابن حبيب: ولو أقام يتنفس يوماً، ويفتح عينيه ما لَمْ يسمع له صوت، وفيه نظر، وأشكل من ذلك قول يحيي بن عمر: إِذَا قام عشرين يوماً [20 / أ] أو أكثر، ولَمْ يصرخ ثم مات فلا يغسّل ولا يصلى عَلَيْهِ؛ لأن الميت يتغير فِي أقل من ذلك، ويسير الحركة لا يعتبر اتفاقاً، وكثير الرضاع يعتبر اتفاقاً. وقطع المازري بأن الرضاع لا يكون إلاّ من حيّ، وأنكره غيره. ابن الماجشون: والبول لا يدل عَلَى حياة؛ لاحتمال أن يكون من استرخاء. انتهى.

وقال ابن عبد السلام: ينبغي أن لا يلحق العطاس (3) بالرضاع اليسير؛ لأن العطاس يرجع إِلَى حركة، وهو خروج هواء محتقن. والرضاع وإن قلّ معه ضربٌ من التمييز، وذلك مستلزم قطعاً للحياة، وكذا قبل ابن عرفة قول المازري، وإلغاء الرضاع تشكيك فِي الضروريات، وقطع بأن البول لغو، وزاد عن اللخمي وعبد الحقّ عن عبد الوهّاب: أن طول المكث كالاستهلال: خلاف ما حكى ابن حارث عن يحيي ابن عمر.

(1) كلام المصنف عن نبش القبر بعد الدفن ومتى يجوز.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.

(3)

في (ن 1): (العاطس).

ص: 257

ودُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ، ولا تَسْتَقْبِلُ قِبْلَتَنَا ولا قِبْلَتَهُمْ، ورُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّناً إِنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، ولا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ، ولا يُتْرَكُ مُسْلِمٍ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ، ولا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَباً كَافِراً ولا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إِلا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ، والصَّلاةُ أَحَبُّ مِنَ النَّفْلِ إِذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إِنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحاً.

قوله: (ودُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ) مراده بالمشركة: الكافرة. سواءً كانت مباحة الوطء، وهي الكتابية، أو كانت غير مباحة الوطء، كالوثنية إِذَا أسلم واطئها بعدما أحبلها، فلو قال: كافرة لحرر العبارة. قال ابن عرفة: ونقل ابن غلاب (1) عن المذهب: تدفن بطرف مقبرة المسلمين، وهْمٌ. انتهى.

فإن قلت: إنما يلي دفنها أهل دينها بمقبرتهم، كما صرّح به فِي " النوادر " (2) وغيرها فما فائدة قول المصنف:(ولا تستقبل قبلتنا ولا قبلتهم)؟ وإنما وقع هذا فِي " المدوّنة " عن ربيعة فِي المسلم يواري أباه الكافر (3).

قلت: كأنه احترز به من قول بعض العلماء: يجعل ظهرها إِلَى القبلة؛ لأن وجه الجنين إِلَى ظهرها، عَلَى أن فِي التعبير (4) عن هذا المقصد بهذه العبارة بعد. والله تعالى أعلم.

(1) في (ن 1)، و (ن 2):(غالب) وفي التاج والإكليل، ومنح الجليل:(غلاب) كما هو مثبت.

(2)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 597، 598.

(3)

انظر: المدونة: 1/ 187، ونصّها:(وقال مالك لا يغسل المسلم والده إذا مات الوالد كافراً، ولا يتبعه، ولا يدخله قبره، إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه). وقال في تهذيب المدونة: (قال ربيعة: ولا يستقبل به قبلتنا ولا قبلتهم) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 344.

(4)

في (ن 1): (التغير).

ص: 258