الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: عند اللخمي أن الزبيب كالحبّ، وعند ابن بشير أنه كالتمر فقبلهما ابن عرفة معاً، ويدل عَلَى الأول رواية ابن نافع: أما الزرع والزبيب فمنه، وقاله عبد الملك (1) كذا نقل ابن يونس (2) وغيره.
[زكاة النقود]
وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَاراً فَأَكْثَرَ، ومُجْتَمِعٍ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وإِنْ لِطِفْلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ نَقَصَتْ، أَوْ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ، أَوْ إِضَافَةٍ.
قوله: (وفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَاراً) هذا الدرهم هو المسمى درهم الكيل؛ لأنه تقدّر به مكاييل الشرع من أوقية ورطل [21 / ب] ومدّ وصاع، حكاه ابن راشد القفصي عن بعضهم، وقد ذكر المصنّف قدره قبل هذا إذ قال:" كلّ درهم خمسون وخمساً حبّة من مطلق [الشعير] (3)، ومنه يعلم أن الدينار اثنتان وسبعون حبّة، إذ الدينار مثل الدرهم، وثلاثة أسباع مثله، والدرهم سبعة أعشار الدينار؛ فإن الدرهم من وزن سبعة كما فِي " الرسالة " (4).
قال ابن عرفة: وقول العزفي: قول ابن حزم: " وزن الدرهم الشرعي سبعٌ وخمسون حبّة وستة أعشار وعشر العشر، ووزن الدينار اثنتان وثمانون حبّة وثلاثة أعشار حبّة "(5)، خلاف الإجماع - صواب، واتباع عبد الحقّ يعني: الأزدي صاحب " الأحكام "، وابن شاس وابن الحاجب له وهم (6)، ومعرفة نصاب كلّ درهم أو دينار غيرهما، يقسّم مسطح عدد النصاب المعلوم وحبّات درهمه أو ديناره عَلَى حبّات المجهول نصابه والخارج النصاب. انتهى.
(1) في (ن 1)(الحقّ).
(2)
في (ن 2)، و (ن 3):(بشير).
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 3).
(4)
انظر: الرسالة، لابن أبي زيد، ص:66.
(5)
انظر: المحلى، لابن حزم: 5/ 246.
(6)
نص ابن الحاجب: (والدرهم سبعة أعشار المثقال، والمثقال اثنتان وثمانون حبّة وثلاثة أعشار حبّة من الشعير المطلق) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:161.
قلت: فالدرهم الجاري الآن بمدينة فاس، وعملها الذي هو من ضرب ثمانين فِي الأوقية، من الأواقي الفضة الجارية بها، وزنه سبع حبّات من الشعير الوسط وهو نصف سدس مثقال الذهب الجاري بها، فالمثقال إِذاً أربع وثمانون حبّه، فإِذَا أخذ المسطّح القائم من ضرب نصاب الفضة المعلوم فِي حبّاتٍ درهمه، وهو عشرة الألف وثمانون فقسّم عَلَى حبات الدرهم، وهي سبع، كان الخارج ألفاً وأربع مائة وأربعين، وهي مبلغ النصاب بالدرهم الثمانيني المذكور، فإِذَا قسّم عَلَى الثمانين كان الخارج ثماني عشرة أوقية فضية فاسية، فهو النصاب بهذه الأواقي.
وإِذَا أخذ المسطّح القائم من ضرب نصاب الذهب المعلوم فِي حبوب ديناره، وذلك ألف وأربع مائة وأربعين فقسّم عَلَى حبوب المثقال الفاسي، وهي أربع وثمانون، كان الخارج سبعة عشر مثقالاً وسُبع المثقال، وهو نصاب الذهب بالمثاقيل الفاسية.
وكذا أخذنا هذا كلّه عن شيخنا الفقيه الحافظ الحجّة أبي عبد الله القوري، ثم امتحناه فوجدناه صحيحاً. وبالله سبحانه أستعين.
ورَاجَتْ (1) كَكَامِلَةٍ، وإِلا حُسِبَ الْخَالِصُ إِنْ تَمَّ الْمِلْكُ، وحَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ، وتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعَةٍ ومُتَّجَرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ لا مَغْصُوبَةٍ، ومَدْفُونَةٍ، وضَائِعَةٍ، ومَدْفُوعَةٍ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلا ضَمَانٍ.
قوله: (ورَاجَتْ كَكَامِلَةٍ) أي: وجازت كجواز الكاملة. الجوهري: " راج الشئ يروج (2) نفق " انتهى، ومنه قول الحريري:
بلدَةٌ يوجَدُ فِيهَا
…
كُلُّ شئ ويَروجُ
وأطلق الكاملة عَلَى الوازنة الخالصة من الغش، فهو شرط فِي الناقصة وزناً والمضافة لا فِي الرديئة من أصل المعدن، إذ لا يشترط مسواتها فِي النفاق للجيدة الأصل، وهذا من الإجمال الذي يفرقه ذهن السامع كما أن قوله:(وإِلا حُسِبَ الْخَالِصُ) قاصر عَلَى المضافة.
(1) في أصل المختصر: (وجازت).
(2)
في (ن 1): (أي) ولعلها إدراج من الناسخ.
ولا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ، إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ لَمْ تُوْقَفْ إِلا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا أَوْ قَبْضِهَا، ولا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا.
قوله: (إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ لَمْ تُوْقَفْ) مفهومه مخالف للمدونة إذ قال: فِيهَا: وإِذَا باع القاضي داراً لقوم ورثوها، وأوقف الثمن حتى يقسم بينهم، ثم قبضوه بعد أعوام فلا زكاة عليهم فيه إلاّ بعد حولٍ من يوم قبضوه (1).
اللخمي: أسقط الزكاة لمّا كانوا مغلوبين عَلَى تنمية ذلك المال، وإن كانوا عالمين به، وكان موقوفاً بإيقاف القاضي، ثم قال فِيهَا: وكذلك من ورث مالاً بمكانٍ بعيد فقبضه بعد سنين فلستقبل به حولاً بعد قبضه، وإن بعث فِي طلبه رسولاً بإجارة أو بغير إجارة فليحسب له حولاً من يوم قبضه رسوله، فيزكّيه، وإن كان لَمْ يصل إليه بعد (2).
ابن عرفة: فقوله فِيهَا: إن قبضه رسوله بعد أعوام فحوله من يوم قبضه يدل عَلَى إلغاء علمه به. انتهى.
فقول صاحب " الشامل (3) ": ولو أقام أعواماً، أو علم به، أو وقف له عَلَى المشهور؛ أحسن من عبارة المصنّف.
ولا مَالِ رَقِيقٍ ومَدِينٍ، وسَكَّةٍ، وصِيَاغَةٍ، وجودةٍ، وحُلِّيَ وإِنْ تَكَسَّرَ إِنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ، ولَمْ يَنْوِ عَدَمَ إِصْلاحِهِ، أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ، أَوْ كِرَاءٍ إِلا مُحَرَّماً، أَوْ مُعَدًّى لِعَاقِبَةٍ، أَوْ صَدَاقٍ، أَوْ مَنْوِيَّاً بِهِ التِّجَارَةُ، وإِنْ رُصِّعَ بِجَوْهَرٍ، وزَكَّى الزِّنَةَ، إِنْ نُزِعَ بِلا ضَرَرٍ، وإِلا تَحَرَّى،، وضُمَّ الرِّبْحُ لأَصْلِهِ كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ ولَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ.
قوله: (وَسَكَّةٍ، وصِيَاغَةٍ، وجودةٍ (4)) أمّا السّكة والجودة والصياغة المحرّمة فملغاة باتفاق، وأمّا الصياغة الجائزة فعلى المشهور.
(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 419، وانظر: والمدونة، لابن القاسم: 2/ 269، 270.
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 419، وانظر: والمدونة، لابن القاسم: 2/ 269، 270.
(3)
هو كتاب " الشامل في فروع المالكية " لبهرام بن عبد الله، الدميرى، المالكي، المتوفى سنة 805 هـ. انظر: كشف الظنون: 2/ 1025.
(4)
قوله: (وسَكَّةٍ، وصِيَاغَةٍ، وجودةٍ) معطوفات على قوله: (ولا زكاة
…
ولِمُنْفِقٍ بَعْدَ حَوْلِهِ مَعَ أَصْلِهِ [16 / ب] وقت الشِّرَاءِ، واسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ، لا عَنْ مَالٍ كَعَطِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى كَثَمَنِ مُقْتَنًى.
قوله: (وَلِمُنْفِقٍ بَعْدَ حَوْلِهِ مَعَ أَصْلِهِ وقت الشِّرَاءِ) أي: بعد الشراء، كما عبّر به فِي " المدوّنة "(1) وهو متعلّق بمنفق؛ إذ هو اسم مفعول.
وتُضَمُّ نَاقِصَةٌ وإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ لِثَانِيَةٍ أَوْ لِثَالِثَةٍ.
قوله: (وتُضَمُّ نَاقِصَةٌ وإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ) أي: وإن نقصت بعد تمام النصاب قبل حولها (2).
إِلا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً فَعَلَى حَوْلِهَا.
قوله: (إِلا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً) أي: إلّا أن تنقص بعد حولها كاملة وفِيهَا مَعَ ما بعدها نصاب
كَالْكَامِلَةِ أَوَّلاً.
قوله: (كَالْكَامِلَةِ أَوَّلاً) أي: كالكاملة لأوّل وهلة بقطع النظر عن غيّرها.
وَإِنْ نَقَصَتَا، فَرَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إِحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ عِنْدَ حَوْلِ الأُولَى، أَوْ قَبْلَهُ، فَعَلَى حَوْلِهِمَا. قوله:(وإِنْ نَقَصَتَا) أي: رجعتا بعد التمام إِلَى ما لا زكاة فيه كما فِي " المدوّنة "(3).
(1) انظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 243، ونص التهذيب:(قال ابن القاسم: وإذا مضى لعشرة دنانير عنده حول وأنفق خمسة، ثم اشترى بالخمسة الأخرى سلعة فباعها بخمسة عشر فلا شيء عليه حتى يبيعها بعشرين، وإن كانت النفقة بعد الشراء وباع السلعة بعد ذلك بستة أو أقل أو أكثر بخمسة عشر زكى عن عشرين). انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 397.
(2)
قال في تهذيب المدونة: (ومن أفاد خمسة دنانير ثم أفاد قبل تمام حولها بيوم من غير ربحها ما فيه الزكاة، أو ما يكون مع الأول فيه الزكاة، فحول المالين من يوم أفاد آخر الفائدتين، فإن كان الأول فيه الزكاة والثاني مما فيه الزكاة أم لا، فكل مال على حوله ما دام في جملتها ما تجب فيه الزكاة، فإن رجعا إلى ما لا زكاة فيه إذا جمعا بطل وقتاهما ورجعا كمال واحد لا زكاة فيه) انظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 1/ 413.
(3)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 260.
وَفُضَّ رِبْحُهُمَا، وبَعْدَ شَهْرٍ فَمِنْهُ، والثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا وعِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ.
قوله: (وَفُضَّ رِبْحُهُمَا) يريد: إِذَا خلطا، فإن لَمْ يخلطا زكّى كلّ واحد بربح كما قال ابن رشد (1).
أَوْ شَكَّ فِيهِ لأَيِّهِمَا، فَمِنْهُ.
قوله: (أَوْ [شَكَّ فِيهِ لأَيِّهِمَا] (2)) إنما يتصور هذا والله [22 / أ] تعالى أعلم - فِي الناقصتين من أصلهما لا فِي الراجعتين للنقص بعد التمام، ففي كتاب محمد بن سحنون: من أفاد خمسة عشر ديناراً، ثم بعد ستة أشهر أفاد ثلاثة دنانير فخلط المالين، ثم أخذ من جملتهما ثلاثة دنانير فتجر فِيهَا، فربح ستة دنانير، وقسم الربح عَلَى المالين، فناب المال الأول خمسة، فصار ربحه إِلَى ما فيه الزكاة فليزكّه لحوله، والثاني لحوله إن كان هذا الربح قبل أن يضمهما حول أخرهما، ولو ضمهما حول أخرهما قبل الربح لَمْ يرجعا إِلَى حولين، ويبقى حولهما واحداً، ولو تجر فِي أحد المالين، فربح فيه ستة دنانير ثم لَمْ يدر أيهما هو، فليزكهما عَلَى حول آخرهما، ولا يفضّه بالشكّ؛ فقد يزكي الأول قبل حوله.
كَبَعْدَهُ، وإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا، ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً، فَلا زَكَاةَ، وبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلا بَيْعٍ كَغَلَّةِ عَبْدٍ وكِتَابَتِهِ وثَمَرَةِ مُشْتَرًى، إِلا الْمَأْبُورَةَ، والصُّوفَ التَّامَّ. وإِنِ اكْتَرَى وزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى، وهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ لَهَا تَرَدُّدٌ لا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ، وإِنْ وجبتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى، ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ.
قوله: (كَبَعْدَهُ) أي: فينتقل إِلَى حين الربح. والمسألة مبسوطة فِي رسم الثمرة من سماع عيسى (3).
(1) انظر المقدمات الممهدات، لابن رشد: 1/ 159.
(2)
في الأصل، و (ن 4):(بشكٍ لأيهما).
(3)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 2/ 385: 387.