الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجِسٍ، صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ وزِيَادَةِ إِنَاءٍ. ونُدِبَ غَسْلُ إِنَاءِ مَاءٍ ويُرَاقُ لا طَعَامٍ وحَوْضٍ تَعَبُّداً سَبْعاً بِوُلُوغِ كَلْبٍ مُطْلَقاً، لا غَيْرِهِ عِنْدَ قَصْدِ الاسْتِعْمَالِ بِلا نِيَّةٍ ولا تَتْرِيبٍ (1)، ولا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلابٍ.
قوله: (وإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ، أَو نَجِسٍ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ وزِيَادَةِ إنَاءٍ) فهم الشارح هنا، وفِي " الشامل ": أن هذا القول مغاير للقول: بأنه يتوضأ ويصلي حتى تفرغ، وهو وهم اغترّ فيه بكلام ابن عبد السلام، وقد تعقبه ابن عرفة وقال فِي " التوضيح ": إنما ينبغي أن يكون محل الأقوال التي ذكر ابن الحاجب إِذَا لَمْ يتحقق (2) عدد النجس من الطاهر أو تعدد النجس واتحد الطاهر (3).
فصل [فرائض الوضوء، وسننه، وفضائله]
فَرَائِضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الأُذُنَيْنِ ومَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ، والذَّقْنِ، وظَاهِرِ اللِّحْيَةِ، فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ، وأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ، وظَاهِرَ شَفَتَيْهِ، بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ، لا جُرْحاً بَرِئَ، أَوْ خُلِقَ غَائِراً، ويَدَيْهِ بِمِرْفَقَيْهِ وبَقِيَّةُ مِعْصَمٍ إِنْ قُطِعَ، كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ لَا إجَالَةُ خَاتَمِهِ ونَقضَ غَيْرُهُ ومَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ مَعَ الْمُسْتَرْخِي، ولا يَنْقُضُ ظَفْرَهُ رَجُلٌ ولا امْرَأَةٌ ويُدْخِلانِ يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ، وغَسْلُهُ مُجْزِئٌ، وغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ بِمِفْصَلَي السَّاقَيْنِ، ونُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا، ولا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، وفِي لِحْيَتِهِ قَوْلانِ، والدَّلْكُ، وهَلِ الْمُوَالاةُ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وقَدَرَ؟ وبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا، وإِنْ عَجَزَ بَنَى مَا لَمْ يَطُلْ بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلا أَوْ سُنَّةٌ؟ خِلافٌ.
(1) يعني عدم تتريب الآنية بولوغ الكلب كما ورد بذلك الحديث في صحيح مسلم برقم (279)، كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، ونص الرواية:(عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) ورواية الموطأ برقم (65)، كتاب الطهارة، باب جامع الوضوء، بغير التراب ونصها:(عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثم إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " والغسل ثمّ المالكية للتعبد لا لنجاسة الكلب قال الباجي: (وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ عِبَادَةٌ لَا لِنَجَاسَةٍ)، انظر: المنتقى، للباجي: 1/ 352.
(2)
في (ن 1): (يتحققون).
(3)
انظر حكم الماء المشكوك فيه في: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 91، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 41، 42، والتوضيح، لخليل بن إسحاق: 1/ 311.
قوله: (لا إجَالَةُ خَاتَمِهِ ونَقض غَيْرُهُ)(نَقضَ) بالضاد المعجمة فعل مبني للفاعل أو للنائب وهذا أمثل ما يضبط به وأبعد من التكلّف، والضمير فِي قوله (غَيْرُهُ) للخاتم، وهو من صيغ العموم، إذ هو اسم جنس أضيف أي: ونقض ونزع غير الخاتم من كلِّ حائل فِي يد أو غيرها، فيندرج فيه ما يجعله الرماة. وغيرهم فِي أصابعهم من عظمٍ ونحوه، وما يزين به النساء وجوههن [وأصابعهن](1) من النقط الذي له تجسّد، وما يكثّرن به شعورهن من الخيوط، وما يكون فِي شعر الرأس من حناء وحلتيت (2) أو غيرهما، مما له تجسّد، أو ما يلصق بالظفر أو الذراع أو غيرهما من عجين، أو زفت أو شمع أو نحوها.
وكونه لَمْ يذكر شيئاً من هذه الأمور بعينه فِي هذا المختصر دليل عَلَى صحة هذا الضبط، وإرادة هذا العموم أو بعضه؛ ولا سيما الحناء فإنه سكت عن تعيينه مع كونه فِي " المدوّنة " و " مختصر " ابن الحاجب، ومشاهير الكتب، وما كان هكذا لا يسكت عنه غالباً إلاّ إِذَا أدرجه فِي عموم.
فإن قلت: لما تحدّث ابن رشد عَلَى الخاتم فِي رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم - ذكر فِي من توضأ، وقد لصق بظفره أو بذراعه الشيء اليسير من العجين أو القير أو الزفت قولين، وقال: الأظهر منهما تخفيف ذلك عَلَى ما قاله أبو زيد بن أبي أمية فِي بعض روايات " العتبية " ومحمد بن دينار فِي المدوّنة [المدنية](3) خلاف قول ابن القاسم فِي " المدوّنة "، وظاهر قول أشهب فِي بعض روايات " العتبية "
قلت: لا خفاء أن هذا فِي اليسير بعد الوقوع، وأما ابتداءً فلابد من إزالته، وكون ابن رشد ذكر هذا الفرع عند كلامه عَلَى الخاتم مما يؤيد ما حملنا عليه لفظ المؤلف، وأما المداد (4)
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(2)
الحلتيت: نبات يَسْلَنْطِحُ، والحِلْتِيتُ: صمغ، وله بقلة تطبخ. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 2/ 25.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).
وكتاب " المدنية ": لعبد الرحمن بن دينار، المتوفى سنة 201 هـ وهو الذي أدخل الكتب المعروفة بالمدنية، سمعها منه أخوه عيسى، ثم خرج بها عيسى فعرضها على ابن القاسم. انظر: اصطلاح المذهب عند المالكية، ص:85.
(4)
في (ن 1)، و (ن 2):(المدارك).
فقال أبو محمد (1) عن ابن القاسم: من توضأ عَلَى مداد بيده أجزأه، وعزاه فِي " الطراز " لرواية محمد، وقال أبو القاسم بن الكاتب: قيّده بعض شيوخنا برقّته، وعدم تجسّده إذ هو مداد من مضى، وأجاز فِي سماع أشهب وابن نافع اختضاب الحائض والمرأة الجنب.
ابن رشد: لأن الخضاب لا يمنع رفع غسلهما حدثهما، وفِي " الطراز ": إن كان الحناء بباطن الشعر لَمْ يمنع المسح كالتلبيد، وقبله ابن عرفة (2).
ونِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ وَجْهِهِ أَوِ الْفَرْضِ أَوِ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ وإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ أَوْ نَسِيَ حَدَثًا لا [إِنْ](3) أَخْرَجَهُ أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ أَوِ اسْتِبَاحَةَ (4) مَا نُدِبَتْ لَهُ.
قوله: (أَوْ نَوى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ)، يعني: أن من نوى بفعله الطهارة المطلقة، [مثل أن يتطهر وينوي الطهارة، ولَمْ ينوي أي الطهارة هي، أصغرى أو الكبرى أو طهارة الماء أو الترابية يعني](5) فإن ذلك لا يرفع عنه الحدث؛ لأن الطهارة قسمان: طهارة نجس، وطهارة حدث، فإِذَا قصد قصداً مطلقاً وأمكن انصرافه للنجس لَمْ يرتفع حدثه أي:[لأن النية لَمْ تتعلق جزماً بالعرف المقصود](6)، قاله المازري وقبله ابن عرفة، والمؤلف فِي " التوضيح "(7).
(1) من هنا ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(2)
انظر: المدوّنة، لابن القاسم: 1/ 16، ونصها في الحناء:(قال لي مالك في الحناء، تكون على الرأس، فأراد صاحبه أن يمسح على رأسه في الوضوء، قال: لا يجزئه أن يمسح على الحناء حتى ينزعها فيمسح على شعره)، والبيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 87، 88، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 49، ونصه:(ولا تمسح على حناءٍ ولا غيره).
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
(4)
في أصل المختصر لدينا: (استباحة ممنوع).
(5)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 4).
(6)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 4).
(7)
انظر في الكلام على النية: المنتقى، للباجي: 1/ 307، والنوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 1/ 45: 48، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:44.
أَوْ قَالَ إِنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَلَهُ، أَو جَدَّدَ فَتَبَيَّنَ حَدَثَهُ، أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الأَعْضَاءِ، والأَظْهَرُ فِي الأَخِيرِ الصِّحَّةُ وعُزُوبُهَا بَعْدَهُ ورَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ، وفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ؛ خِلافٌ.
وسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلاً ثَلاثًا تَعَبُّدًا بِمُطْلَقٍ ونِيَّةٍ ولَوْ نَظِيفَتَيْنِ أَو أحدثَ فِي أَثْنَائِهِ مُفْتَرِقَتَيْنِ ومَضْمَضَةٌ واسْتِنْشَاقٌ وبَالَغَ مُفْطِرٌ وفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ، وجَازَا أَو احدهُمَا بِغَرْفَةٍ، واسْتِنْثَارٌ ومَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ، وتَجْدِيدُ مَائِهِمَا ورَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ، وتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ، فَيُعَادُ الْمُنَكَّسُ وَحْدَهُ إِنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ، وإِلا مَعَ [3 / ب] تَابِعِهِ ومَنْ تَرَكَ فَرْضاً أَتَى بِهِ، وبِالصَّلاةِ وسُنَّةً فَعَلَهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ وفَضَائِلُهُ مَوْضِعٌ طَاهِرٌ، وقِلَّةُ مَاءٍ بِلا حَدٍّ كَالْغُسْلِ، وتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ، وإِنَاءٍ إنْ فُتِحَ وبَدْءٌ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وشَفْعُ غَسْلِهِ، وتَثْلِيثُهُ، وهَلِ الرِّجْلانِ كَذَلِكَ أَوِ الْمَطْلُوبُ الإِنْقَاءُ؟ وهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ؟ خِلافٌ.
وتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ وسِوَاكٌ وإِنْ بِأَصْبُعٍ كَصَلاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ، وتَسْمِيَةٌ، وتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ وتَيَمُّمٍ، وأَكْلٍ وشُرْبٍ وذَكَاةٍ ورُكُوبِ دَابَّةٍ وسَفِينَةٍ، ودُخُولٍ وضِدِّهُ لِمَنْزِلٍ، ومَسْجِدٍ ولُبْسٍ وغَلْقِ بَابٍ وإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ ووَطْءٍ، وصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَراً، وتَغْمِيضِ مَيْتٍ ولَحْدِهِ، ولا تُنْدَبُ إِطَالَةُ الْغُرَّةِ ومَسْحُ الرَّقَبَةِ وتَرْكُ مَسْحِ الأَعْضَاءِ، وإِنْ شَكَّ فِي ثَالِثَةٍ فَفِي كَرَاهَتِهَا قَوْلانِ، قَالَ: كَشَكِّهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ هَلْ هُوَ الْعِيدُ.
قوله: (أَوْ قَالَ إِنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَلَهُ) يعني: أن من تطّهر وقال: إن كنت أحدثت فهذا الطهر لذلك الحدث، ثم تبين أنه كان محدثاً فإنه لا يجزيه. رواه عيسى عن ابن القاسم، وقال عيسى من رأيه: يجزيه. فقال الباجي: أما عَلَى القول بوجوب غسل الشاكّ فيجزيه اتفاقاً، وأما عَلَى استحبابه فالقَوْلانِ، ونحوه لأبي إسحاق التونسي وعبد الحق. وقال ابن عرفة: لعلّ سماع عيسى فِي الوهم لا الشكّ، والظنّ باقٍ فِي الأول لا الثاني؛ ولذا قال اللخمي: من شكّ هل أجنب أم لا؟ اغتسل. ويختلف: هل ذلك واجب أو استحباب؟ كمن أيقن بالوضوء وشكّ فِي الحدث فإن اغتسل ثم ذكر أنه كان جنباً أجزأه غسله ذلك، وهو بمنزلة من شكّ هل أحدث أم لا فتوضأ ثم ذكر أنه كان محدثاً، وبمنزلة من شكّ فِي الظهر فصلاها ثم ذكر أنه لَمْ يكن صلاها فإن صلاته تلك تجزيه، وإن قال: أنا