الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ماتوا والثاني بالنسبة للذين ظلوا أحياء في عهد النبي والثالث للزمن المقبل.
وفي كل هذه الأقوال وجاهة. ولقد انطوت الآية على رفع الحرج عن المؤمنين في زمن النبي عمّا فعلوه ولم يكن محرّما عند فعله. كما انطوت على تلقين مستمر المدى بكون المهم عند الله تعالى هو الإيمان والتصديق والاجتهاد في اتقاء حرمات الله ومحرماته واتباع أوامره واجتناب نواهيه والعمل الصالح والإحسان فيه ثم يتسامح الله عز وجل فيما يتناوله المؤمنون من مشروب ومطعوم بحسن نية وبغير قصد الإثم وبغير العلم بالإثم ولو كان في حقيقته فيه شبهة أو تهمة. وهذا متسق مع تلقينات القرآن العامة. ومتسق مع طبائع الأمور، ومن مرشحات الشريعة الإسلامية للخلود.
وواضح من هذا أن التسامح لا يشمل الذين يتناولون المحرمات من مطعوم ومشروب عن علم خلافا لما يقوله ويفعله بعض الفسّاق والمجّان.
ويظهر أن هذا قديم حيث رأينا الرازي يتصدى له ويفنده تفنيدا سديدا على ما جاء في تفسير رشيد رضا مسهبا مع تفنيده بدوره تفنيدا سديدا.
ومقام الآية ونصّها لا يمكن أن يتحملا ذلك. فهي في صدد الذين تناولوا ما تناولوه قبل تحريمه وهي تشترط لرفع الجناح عنهم أن يتقوا حرمات الله بعد تحريمه ويؤمنوا ويحسنوا ويعملوا الصالحات.
واستحلال ذلك بعد نزول الآيات المحرّمة كفر وتناول المحرمات مع الاعتراف بحرمتها دون استحلالها كبيرة. وكل ما يمكن أن يقال في الحالة الثانية هو أن باب التوبة مفتوح أمام المؤمن في نطاق شروطها من ندم واستغفار وعزم على عدم العودة وفي حالة الصحة. والله تعالى أعلم.
[سورة المائدة (5) : الآيات 94 الى 96]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (94) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)
.
(1)
النعم: مرادفة للأنعام.
(2)
ذوا عدل: معروفين بالعدل والاستقامة.
(3)
السيارة: بمعنى القافلة والمسافرين.
في الآيات:
(1)
تنبيه للمسلمين بأن الله قد يختبرهم فيجعل في متناول أيديهم ورماحهم شيئا من الصيد حتى يظهر فعلا المؤمن المخلص الذي يخاف الله ويؤمن به بالغيب ولو لم يره ويقف عند أوامره.
(2)
وإنذار للذين ينحرفون عند الاختبار ويتعدون حدود حرمات الله فإن لهم عنده عذابا أليما.
(3)
ونهي عن قتل الصيد في حالة الإحرام وتشريع الكفارة لمن يفعل ذلك.
وهو تقريب قربان عند الكعبة من الأنعام معادل لما قتل أو إطعام بعض مساكين أو صيام بعض أيام تعادل ذلك ليشعر بهذا قاتل الصيد أنه اقترف محظورا وكفّر عنه.
(4)
وإيذان بأن الله قد عفا عما سلف من ذلك وأن من عاد إليه فإنه يكون قد عرض نفسه لانتقام الله العزيز.
(5)
وخطاب تشريعي للمسلمين بأن الله تعالى قد أحلّ لهم صيد البحر وأكله على أن يتمتع بهذه الرخصة المسلمون على السواء المقيم منهم والمسافر وبأنه قد حرّم عليهم صيد البرّ ما داموا حرما. وموعظة لهم فعليهم بتقوى الله الذي سيحشرون إليه ويقفون بين يديه.