الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا، مع التقرير اللازم الذي يجب على المؤمن أن يؤمن به أن الله سبحانه وتعالى متصف بصفة الكلام الأزلية الأبدية القديمة مثل صفات السمع والبصر وغيرها. وأنه يراعي الضابط القرآني الوارد في آية سورة الشورى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.
والكلام الذي يمكن أن يسمعه بشر لا يمكن أن يكون إلا بطريقة كلام وسمع البشر أي أصوات تخرج من شفتين وتتموج في الهواء حتى تصل إلى أداة سمع في إنسان آخر فيفهمها. وكل هذا متسم بصفة الحدوث التي تتنزه صفة كلام الله القديمة عنها. واستلهاما من ذلك كلّه يمكن أن يقال والله أعلم إن جملة كَلامَ اللَّهِ في الآية التي نحن في صددها وتأتي مكانها في القرآن تعني أحكامه وتبليغاته وتنزيلاته.
وقد يرد في القرآن جمل تفيد أن الله كلّم موسى كما جاء في آية سورة الأعراف وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي [143] .
وكما جاء في آية سورة النساء: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً (164) . فيمكن أن يقال والله أعلم إن موسى مخلوق بشر ولا يسمع إلا أصواتا تأتي إلى أذنه بطريقة التصويت البشري وهذا متسم بالحدوث الذي تتنزه صفة كلام الله عنها ويمكن أن يقال إن الله سبحانه وتعالى قذف في قلبه ما أراد تبليغه له وعبّر عن ذلك في القرآن بالجمل المذكورة والله أعلم. ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.
[سورة التوبة (9) : الآيات 7 الى 12]
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَاّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (9) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)
وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)
.
(1)
إن يظهروا عليكم: إن يتفوقوا عليكم ويغلبوكم.
(2)
لا يرقبوا: لا يراعوا.
(3)
إلّا: عهدا.
(4)
اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا: بمعنى فضّلوا الثمن القليل أي متاع الدنيا وزينتها على آيات الله ودينه.
في الآيات:
(1)
تساؤل يتضمن معنى النفي عما إذا كان يصحّ أن يكون للمشركين عهد محترم عند الله وعند رسوله.
(2)
واستثناء وجه الخطاب فيه للمسلمين بالنسبة للذين عاهدوهم عند المسجد الحرام. وأمر بأن يستقيموا على عهدهم معهم ما استقاموا هم عليه. فإن في هذا تقوى الله والله يحبّ المتقين.
(3)
وتساؤل آخر وجّه الخطاب فيه كذلك للمسلمين يتضمن أيضا معنى النفي ثم تقريرا لواقع المشركين وتعليلا لعدم استحقاق عهودهم للاحترام، فإنهم إذا ظهروا عليهم وانتصروا لا يرعون فيهم عهدا ولا ذمة ويعاملونهم معاملة العدوّ اللدود. وإنهم إنما يحاولون إرضاءهم بالكلام وقلوبهم غير صادقة ولا مخلصة.
وإن أكثرهم فاسقون متمردون على الله تعالى خبثاء الطوية. وإنهم لا يرقبون في مؤمن عهدا ولا ذمة. وإنهم معتدون متجاوزون على كل حق في جميع مواقفهم.
(4)
وخطاب موجّه إلى المسلمين كذلك بشأنهم: فإذا تابوا عن شركهم وأسلموا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإنهم يصبحون إخوانا لهم في الدين. وفي