الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
وحكاية لما سوف يكون من الأعراب المعتذرين والقاعدين حينما يعود النبي والمسلمون. حيث يسارعون إلى الاعتذار واليمين بالله لتوكيد أعذارهم ويطلبون الإغضاء والإعراض عن تعنيفهم وتقريعهم والرضاء عنهم.
4-
وأوامر تقريرية لما يجب أن يقابلوا به: فعلى النبي والمخلصين أن يعلنوهم بأنهم لن يركنوا إليهم ولن يصدقوهم بعد الآن. وأن الله قد كشف لهم عن حقيقة أمرهم وكذب أخبارهم. وأنه هو ورسوله مراقبوهم وشاهدون عليهم. وأن الله سيحاسبهم حينما يقفون بين يديه ويردون إليه بما يستحقون وهو عالم الشهادة والغيب والعلن والسرّ. وعلى النبي والمخلصين أن يعرضوا عنهم إعراض تحقير ومقاطعة ونبذ فإنهم رجس ومأواهم النار. ولا يجوز لمؤمن أن يرضى عنهم. فإن فعلوا فإنما يفعلون خلاف ما يرضي الله. لأن الله لا يمكن أن يرضى عن القوم الفاسقين.
تعليق على الآية لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ
…
والآيات الخمس التي بعدها وما فيها من صور وتلقين
روى المفسرون أن قسما من الآية [91] نزل في حقّ ابن أم كلثوم الضرير.
وقسما آخر نزل في حقّ فقير اسمه أبو معقل لم يجد ما يساعده على الاشتراك في غزوة تبوك. وأن الآية [92] نزلت في جماعة التمسوا من النبي أن يدبر لهم ما يحملهم حتى يشتركوا في الغزو. فقال لهم لا أستطيع فحزنوا وبكوا حتى سمّوا البكائين لحرمانهم من الجهاد.
والآيتان منسجمتان مع السياق. وروحهما ونصّهما ونصّ الآيات التي تأتي بعدهما يلهم بقوة أنهما جاءتا بمثابة تمهيد للتنديد بالقادرين بدنا ومالا على الاشتراك في الغزوة. ثم استأذنوا النبي بالقعود معتذرين بالأعذار الكاذبة. وهذا لا يمنع أن يكون ما انطوى فيهما من صور ومشاهد هي واقعية لبعض المخلصين من
فقراء ومرضى ذوي عاهات فالتبس الأمر على الرواة وحسبوا أنهما نزلتا في شأنهم خصيصا.
ومعظم الروايات التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل «1» تصرف ما جاء في الآيات [93- 96] إلى المنافقين المتخلّفين في المدينة الذين يروون أن عددهم كان بضعة وثمانين. وبعضها يصرفها إلى المتخلفين بأعذار كاذبة أو بغير أعذار من أهل المدينة والأعراب عامة. ويأتي بعد هذه الآيات آيات فيها عودة إلى ذكر الأعراب حيث يلهم هذا أن الفصل جميعه من الآية [90] إلى الآية [99] في صدد المعتذرين والقاعدين من الأعراب خاصة وأن الآيات [93- 96] هي بالتبعية في صددهم أيضا.
على أن الإطلاق في هذه الآيات يجعل اعتبارها شاملة لجميع المتخلفين بأعذار كاذبة أو بدون أعذار سائغا أيضا. وعلى كل حال فالآيات [91- 96] مع الآية السابقة لها ليست منفصلة عن السياق والكلام على المتخلفين والقاعدين.
وتعبير إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ وتعبير إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ صريحا الدلالة على أن هذه الآيات نزلت أثناء سفرة تبوك. وهذه الصراحة منطوية في الآية [83] من الآيات السابقة حيث تتلاحق الدلالة على أن السلسلة جميعها قد نزلت في أثناء السفر دفعة واحدة أو متلاحقة.
والآية الثالثة احتوت مشهدا رائعا من مشاهد إخلاص الفئة المخلصة وشدة رغبتها في الجهاد في سبيل الله. وإذا لوحظ بعد شقة الغزوة وضعف الأمل في الغنيمة ورجحان الخطر وشدة الحرّ تضاعفت روعة المشهد. ولقد روى الطبري وغيره روايات عديدة في أصحاب هذا المشهد منها أنهم نفر من بني مقرن من مزينة. ومنها أنهم سبعة من قبائل شتى. ومنها أنهم خليط من أعراب وأنصار. وقد أورد المفسرون سبعة أسماء ورووا أنها أسماؤهم. وقد عرفوا في روايات السيرة
(1) انظر كتب تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والطبرسي
…
إلخ.