الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكة الذي كان بعد ذلك الصلح بسنتين. وهذا ما جعلنا نخالف روايات الترتيب فيها كما فعلنا في بعض السور ونؤخرها إلى ما بعد سورة الفتح التي نزلت عقب ذلك الصلح مباشرة ثم إلى ما بعد سورة المائدة التي نزل فصلها الأول كذلك عقبه على ما شرحناه في سياق تفسير السورتين. وبذلك يتم التساوق في ترتيب النزول في نطاق ما هو معروف من صحيح الوقائع. والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة الممتحنة (60) : الآيات 1 الى 6]
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)
رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)
. (1) إن يثقفوكم: هنا بمعنى إن يلقوكم ويظفروا بكم.
عبارة الآيات واضحة. وقد تضمنت:
(1)
نداء للمؤمنين فيه نهي عن اتخاذ الكفار أولياء ونصراء وعن فعل ما فيه مودة ومحبة وفائدة لهم. وتعليلا لهذا النهي: فهم أعداء الله تعالى وأعداؤهم.
كفروا بما جاءهم من عند الله من الحقّ وآذوهم وآذوا رسول الله واضطروهم إلى الخروج من وطنهم بدون ذنب بسبب إيمانهم بالله وحده.
(2)
وتنبيها لهم بأن فعل ما فيه مودة للكفار وبخاصة بصورة سرّية متناقض مع الإخلاص في الإيمان إذا كانوا حقّا مخلصين فيه وإذا كانوا حقّا قد هاجروا من وطنهم ابتغاء وجه الله وجهادا في سبيله.
(3)
وإنذارا بأن الله يعلم ما يخفون وما يعلنون وبأن من يوادّ الكفار منهم يكون قد ضلّ عن السبيل الحقّ وانحرف عن واجب الإخلاص.
(4)
وتذكيرا لهم بشدة حقد الكفار عليهم: فهم لو لقوهم وظفروا بهم لعاملوهم معاملة الأعداء الألداء ولبسطوا إليهم أيديهم وألسنتهم بالشرّ والأذى.
وإنهم ليودّون أن يكفروا بعد إيمانهم.
(5)
وتقريرا بأنه لن تكون أية فائدة ونفع للأرحام والأولاد يوم القيامة وبأن الله تعالى سوف يفصل بينهم فيه حسب أعمالهم وهو البصير الرقيب على كل ما يفعلونه.
(6)
وضرب مثل لهم بموقف إبراهيم والذين آمنوا معه من قومهم: فقد أعلنوا جهرا ومواجهة براءتهم من قومهم وما يعبدونه من دون الله. وعالنوهم العداء والبغضاء إلى الأبد ما داموا كفارا، مقررين إيمانهم بالله وحده وإسلام النفس إليه واعتمادهم عليه. معترفين بأنه هو مرجعهم. طالبين منه المعونة. ملتمسين منه أن لا يجعلهم موضع فتنة الكفار وأذاهم. وأن يغفر لهم هفواتهم وذنوبهم. وفي هذا الأسوة الحسنة للمؤمنين المخلصين حقّا الذين يرجون رضاء الله وحسن العاقبة في اليوم الآخر. أما الذين ينحرفون عنه فهم وشأنهم والله غني عنهم حميد للمخلصين الصادقين.
وقد احتوت الآية الرابعة استدراكا فيه حكاية لما وعد إبراهيم به أباه من استغفار الله له مع إعلانه أنه لا يملك له من الله شيئا.