الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْمُقدمَة)
وَهِي مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا المباحث الْآتِيَة الْمَقْصُودَة، ومقدمة كل علم مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا ذَلِك الْعلم، وَاخْتلفُوا فِي الْفرق بَين الْمُقدمَة والمبادئ فَقيل لَا فرق بَينهمَا، وَقيل بَينهمَا مباينة كُلية؛ لِأَن الْمُقدمَة مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا الشُّرُوع فِي ذَلِك الْعلم، والمبادئ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا الْبَحْث عَن ذَلِك الْعلم، وَقيل: الْمُقدمَة أَعم من المبادئ مُطلقًا، وعرفوها بِأَن الْمُقدمَة مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا الْمسَائِل مُطلقًا سَوَاء (3 / ب) كَانَ بِوَاسِطَة أم لَا. والمبادئ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهَا الْمسَائِل بِلَا وَاسِطَة، وَقيل: بَينهمَا عُمُوم وخصوص من وَجه.
اعْلَم أَن معرف الشَّيْء هُوَ مَا يُوجب مَعْرفَته مَعْرفَته، والحقائق إِمَّا أَن تكون بسيطة أَو مركبة، وكل مِنْهُمَا إِمَّا أَن يتركب عَنهُ غَيره أَو لَا يتركب؛ فالبسيط الَّذِي لَا يتركب عَنهُ غَيره؛ لَا يحد، وَلَا يحد بِهِ كالواجب، وَالَّذِي يتركب عَنهُ غَيره يحد بِهِ وَلَا يحد، كالجوهري، والمركب الَّذِي لَا يتركب عَنهُ غَيره يحد وَلَا يحد بِهِ كالإنسان، وَالَّذِي يتركب عَنهُ غَيره يحد وَيحد بِهِ كالحيوان؟ فالحد للمركب، وَكَذَا الرَّسْم التَّام، وَأما الرَّسْم النَّاقِص فيشملهما.
الْحَد: هُوَ القَوْل الدَّال على مَاهِيَّة الشَّيْء، وَقيل: إِنَّه قَول دَال على مَا بِهِ الشَّيْء هُوَ مَا هُوَ، وَقيل: هُوَ قَول يقوم مقَام الِاسْم فِي الدّلَالَة على الْمَاهِيّة.
الْحَد التَّام: تَعْرِيف الْمَاهِيّة بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا الدَّاخِلَة.
الْحَد النَّاقِص: تَعْرِيفهَا بِبَعْض أَجْزَائِهَا اللَّازِمَة.
الرَّسْم التَّام: أَن يذكر الْجُزْء الجنسي، ثمَّ يذكر الْخَاصَّة الْخَارِجَة عَن الْمَاهِيّة مقَام الْفَصْل الْمُقدم لَهَا.
الرَّسْم النَّاقِص: تَعْرِيفهَا بِأُمُور خَارِجَة عَنْهَا.
قيل: لَو كَانَ للحد حد لَكَانَ لحد الْحَد حد آخر، وَهَكَذَا إِلَى أَن يتسلسل فَيلْزم الْمحَال.
وَأجِيب بِأَنَّهُ إِذا حد الْحَد الْمُطلق فقد علم أَن الْحَد بِمَا هُوَ. فَمَتَى قيل بعده: مَا حد الْحَد؟ كَانَ جَوَابه أَن يذكر حد الْحَد، ويضاف إِلَى الْحَد، مَتى ذكرنَا مثلا النّصْف لم نحتج أَن نذْكر لنصف النّصْف حدا آخر، وَهَكَذَا إِلَّا مَا لَا نِهَايَة لَهُ؛ لأَنا إِذا عرفنَا أَن النّصْف مَا هُوَ، علمنَا أَن نصف النّصْف عبارَة عَن النّصْف بِشَرْط إِضَافَته إِلَى النّصْف. وَالله أعلم.