الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 -
فصل فِي بَيَان الْمنَازل فِي رِعَايَة التَّقْوَى
وَالتَّقوى تتَعَلَّق بالقلوب والجوارح فنبدأ بِمَا يتَعَلَّق بِالْقَلْبِ إِذا خطرت خطرة يكرهها الله تَعَالَى من أَعمال الْقُلُوب كالكبر والرياء والحسد وَالْعجب فَأول الْمنَازل فِي رِعَايَة التَّقْوَى أَن يقطع اسْتِمْرَار خطورها عَن الْقلب على الْفَوْر
الثَّانِيَة أَن يَدعهَا حَتَّى تتمكن من قلبه وتغلب على لبه وتميل إِلَيْهَا نَفسه ويحثه عَلَيْهَا شَيْطَانه وَلَا يعزم عَلَيْهَا حَتَّى يحضرهُ خوف من الله تَعَالَى أَو حَيَاء أَو إجلال فيقطعها وَلَا يُحَقّق الْعَزْم عَلَيْهَا
الثَّالِثَة أَن يعزم عَلَيْهَا ثمَّ يقطع الْعَزْم عَلَيْهَا قبل ملابستها
الرَّابِعَة أَن يسْتَمر عزمه عَلَيْهَا فيلابسها فيشرع فِيهَا ثمَّ يوفق للتَّوْبَة عَنْهَا فيقطعها خوفًا أَو حَيَاء أَو إجلالا
وَأما أَعمال الْبدن فأقسام أَيْضا
أَحدهَا أَن يقطع الخطرة على الْفَوْر من خطورها
الثَّانِي أَن يَدعهَا حَتَّى تستمكن من قلبه وتستحكم فِي لبه ويميل طبعه إِلَيْهَا فتحثه النَّفس والشيطان عَلَيْهَا ثمَّ يقطعهَا
الثَّالِث أَن يقصدها ويعزم عَلَيْهَا ثمَّ يقطع الْعَزْم عَلَيْهَا
الرَّابِع أَن يسْتَمر الْعَزْم عَلَيْهَا إِلَى أَن يشرع فِيهَا فَيقطع الشُّرُوع فِيهَا
الْخَامِس أَن يرجع عَنْهَا قبل إكمالها وإتمامها أَو بعد الشُّرُوع فِيهَا كمن نظر إِلَى محرم أَو اسْتمع إِلَى محرم أَو تكلم بِمحرم أَو أصغى إِلَى محرم أَو بَطش بِمحرم أَو سعى إِلَى محرم ثمَّ حَضَره خوف أَو حَيَاء أَو إجلال فَترك إتْمَام مَا شرع فِيهِ قبل بُلُوغ مقْصده مِنْهُ
السَّادِس أَن يكمل الْفِعْل الْمحرم الَّذِي عزم عَلَيْهِ ثمَّ أدْركهُ النَّدَم على فعله وَمُخَالفَة أَمر ربه فَتَابَ وَعقد عزمه أَن لَا يعود إِلَيْهِ وَقد يبلغ بِهِ بِحَيْثُ يَتُوب من جَمِيع الذُّنُوب لفرط خَوفه أَو حيائه أَو إجلاله
السَّابِع أَن يَتُوب من الْبَعْض دون الْبَعْض إِمَّا لفرط شَهْوَته لَهُ أَو لشدَّة مشقة تَركه أَو لِأَنَّهُ يعْتَقد أَنه من الصَّغَائِر وَخير من هَؤُلَاءِ كلهم من طهر الله تَعَالَى قلبه من هَذِه الخطرات إِلَّا فِي أنذر الْأَوْقَات
والمذنبون أَقسَام
أحدهم من يسْعَى فِي التخويف الْحَامِل على التَّوْبَة مَعَ شدَّة مشقة التخويف عَلَيْهِ وَهُوَ مستشعر الأسى والبكاء والحزن على مَا فَاتَ فَهُوَ يخوف نَفسه فِي كثير من الْأَوْقَات بِحَيْثُ لَا يَنْتَهِي إِلَى الْخَوْف الناجع الْمُفِيد
الثَّانِي من يكره ذنُوبه ويحزنه تَقْصِيره وَلَا يسْعَى فِي التخويف الْحَامِل للتَّوْبَة وَلكنه يسوف بِهِ من وَقت إِلَى وَقت وَمن زمَان إِلَى زمَان
الثَّالِث الْمصر على الذُّنُوب غير مكترث بهَا وَلَا عازم على الإقلاع عَنْهَا وَلَا على التخويف لَهَا لِأَنَّهُ يحتقرها وَلَا يَرَاهَا عَظِيمَة عِنْد الله {وتحسبونه هينا وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم} النُّور أَو لاعْتِقَاده أَن تَوْبَة مثله لَا تقبل أَو لاعْتِقَاده أَن التخويف لَا ينجع فِي مثله
وَطَرِيق الْقسمَيْنِ الْأَوَّلين أَن يذكرَا شَيْئَيْنِ
أَحدهمَا مباغتة الْمَوْت ومعالجته قبل التَّوْبَة فيلقيا ربهما وَهُوَ عَلَيْهِمَا ساخط غَضْبَان
وَالثَّانِي التخويف من أَن يؤديهما الْإِصْرَار على الذُّنُوب إِلَى الرين والطبع على الْقُلُوب فَيُقَال للَّذي يسوف بِالتَّوْبَةِ ويؤخرها أَنْت لَا تَخْلُو من ثَلَاثَة أَحْوَال
إِمَّا أَن تَمُوت قبل التَّوْبَة فتتعرض لسخط الله تَعَالَى
أَو أَن يران على قَلْبك فَلَا يُؤمن عَلَيْك سوء الخاتمة