الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 -
فصل فِي مَرَاتِب نفي الرِّيَاء للشَّيْطَان
فِي الرِّيَاء ثَلَاثَة أَحْوَال إحداهم أَن يخْطر الرِّيَاء بقلب العَبْد
الثَّانِيَة أَن يزينه ويحببه إِلَى العَبْد
الثَّالِثَة أَن يَدعُوهُ إِلَيْهِ ويحثه عَلَيْهِ بعد أَن حببه إِلَيْهِ
فأسعد النَّاس من يدْفع الخطرة ويصرفها عَن قلبه ويليه الَّذِي يَدْفَعهُ بعد تحسينه وتزيينه ويليه الَّذِي لَا يتعاطاه بعد حث الشَّيْطَان عَلَيْهِ ودعائه إِلَيْهِ وَهَذَا جَار فِي جَمِيع الْمعاصِي ويندفع دُعَاء الشَّيْطَان إِلَى الرِّيَاء وَإِلَى جَمِيع أَنْوَاع الْعِصْيَان بشيئين
أَحدهمَا كَرَاهِيَة الْمعْصِيَة والرياء
وَالثَّانِي الِامْتِنَاع مِمَّا كرهه
وَإِنَّمَا تحصل الْكَرَاهَة بتذكر مَا فِي تِلْكَ الْمعْصِيَة أَو الرِّيَاء من سخط الله تَعَالَى وغضبه وعقابه وَبِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ مِمَّا ذَكرْنَاهُ من مضار الدَّاريْنِ
فَإِن الله تَعَالَى جبل الْإِنْسَان على محبَّة مَا يَنْفَعهُ وَكَرَاهَة مَا يضرّهُ وَخلق النَّفس ميالة إِلَى مَا ينفعها نافرة عَمَّا يَضرهَا
والشيطان عون لَهَا على ذَلِك
وَخلق
الْعقل ليدفع أعظم الضررين بأدناهما وَيقدم أَعلَى النفعين على أدناهما وَالشَّرْع هُوَ الْمُعَرّف للنفع والضر
وَالْعقل كالبصر لَا يرى النَّفْع والضر إِلَّا فِي نور الشَّرْع كَمَا أَن الْبَصَر لَا يرى الْحسن والقبيح إِلَّا فِي نور الْعقل
وَإِذا زين الشَّيْطَان الْمعْصِيَة وحببها إِلَى النَّفس امْتَلَأَ الْقلب بحبها فنسي العَبْد مَا كَانَ عزم عَلَيْهِ من الطَّاعَة وَالْإِخْلَاص فيغفل عَمَّا فِي الْفِعْل من مضرته فِي دينه ودنياه وَإِنَّمَا يقطع ذَلِك باستجلاب التَّذَكُّر لما فِي الذَّنب من الْمَفَاسِد الَّتِي تربى على مَا فِي الشَّهْوَة من الْمصَالح
فَإِذا علم مَا فِي طَاعَة الشَّهْوَة من الضَّرَر الْعَظِيم كرهتها النَّفس حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا مجبولة على دفع أعظم الضررين بِالْتِزَام أخفهما