الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
فصل فِي بَيَان محاسبة النَّفس على الْأَعْمَال السالفة والمستأنفة
أجمع الْعلمَاء على وجوب محاسبة النُّفُوس فِي مَا سلف فِي الْأَعْمَال وَفِيمَا يسْتَقْبل مِنْهَا فالكيس من دَان نَفسه وَعمل لما بعد الْمَوْت وَالْعَاجِز من أتبع نَفسه هَواهَا وَتمنى على الله سبحانه وتعالى
فَأَما المحاسبة فِي الْمَاضِي فبأن ينظر فِي التَّقْوَى الْمُتَعَلّقَة بِالْقَلْبِ والجوارح والأعضاء فيعتبرها عضوا عضوا وَطَاعَة طَاعَة فَإِن سلم جَمِيع ذَلِك بأركانه وشرائطه وأوقاته وأسبابه فليحمد الله سبحانه وتعالى على ذَلِك فَإِنَّهُ من أكمل نعْمَة الله تَعَالَى على عباده
وَالْأولَى بِهِ أَن يُحَاسب نَفسه من ليل إِلَى ليل فَمَا رَآهُ من تَقْصِير فِي يَوْمه ذَلِك فليتداركه بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار وَكَذَلِكَ كَانَ يصنع أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
وَإِن وجد فِي أَعمال يَوْمه ظلامه فليردها من وقته على أَهلهَا إِن أمكن ذَلِك وَإِلَّا فليعزم على ردهَا على حسب إِمْكَانه
وَأما المحاسبة فِي المستأنف فَلْينْظر إِذا خطر لَهُ إقدام على فعل أَو إحجام عَنهُ فَإِن كَانَ ذَلِك الْفِعْل سَيِّئَة أحجم عَنهُ وَعَن الْعَزْم عَلَيْهِ وليغيبه عَن خاطره مَا اسْتَطَاعَ
فَإِن مَالَتْ إِلَيْهِ نَفسه واشتدت شَهْوَته فليجاهدها بصرفها عَنهُ وخلاصها مِنْهُ
فَإِن غلبته وعزمت عَلَيْهِ فليجاهدها فِي الإقلاع عَن عزيمتها وَالِاسْتِغْفَار مِنْهَا
فَإِن غلبته نَفسه العاصية الأمارة بالسوء فَفعل ذَلِك فليبادر إِلَى التَّوْبَة وَهِي النَّدَم على مَا فَاتَهُ من طَاعَة الله تَعَالَى والعزم على أَن لَا يعود إِلَى مثل ذَلِك فِي الْمُسْتَقْبل والإقلاع عَن الْمعْصِيَة إِن كَانَ ملابسها فِي الْحَال
فَإِن أخر التَّوْبَة أَثم بتأخيرها عَن كل وَقت يَتَّسِع لإيقاعها فِيهِ
فَإِن أَبَت نَفسه عَن الإقلاع فليحذرها بِمَا يفوتها من ثَوَاب الله سبحانه وتعالى وَبِمَا تعرضت لَهُ من عِقَاب الله تَعَالَى وَيسْتَمر على تخويفها بذلك إِلَى أَن يحصل الْخَوْف الْمُوجب للتَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار من الحوبة