الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكم من نَاظر إِلَى مَا لَا يحل النّظر إِلَيْهِ ومغتاب لمن لَا تجوز غيبته ومزدر لمن لَا يحل ازدراؤه ظنا أَن ذَلِك من الجائزات وغفلة عَن كَونه من الْمُحرمَات
وَالتَّقوى قِسْمَانِ أَحدهمَا مُتَعَلق بالقلوب وَهُوَ ضَرْبَان
أَحدهمَا وَاجِب كإخلاص الْأَعْمَال وَالْإِيمَان
وَالثَّانِي محرم كالرياء وتعظيم الْأَوْثَان
وَالثَّانِي يتَعَلَّق بالأعضاء الظَّاهِرَة كنظر الْأَعْين وبطش الْأَيْدِي ومشي الأرجل ونطق اللِّسَان
4 -
فَائِدَة
إِذا صحت التَّقْوَى أثمرت الْوَرع والورع ترك مَا لَا بَأْس بِهِ خوفًا من الْوُقُوع فِيمَا بِهِ بَأْس
5 -
فصل فِي تَعْرِيف الْجَاهِل الْمَغْرُور غرته
قد تقدم أَن التَّقْوَى مُتَعَلقَة بالجنان وبالأركان فنبدأ بتعرف اختلال التَّقْوَى فِي الْأَركان
وَطَرِيق ذَلِك أَن يعرض أَعمال جوارحه الظَّاهِرَة من حِين
بلغ إِلَى وقته ذَلِك على كتاب الله سُبْحَانَهُ وَسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِن وجد نَفسه على حفظ حُدُود الله تَعَالَى بِجَمِيعِ جوارحه فليعدل بعد ذَلِك إِلَى تقوى قلبه فَإِن وجد قلبه مُسْتَقِيمًا من حِين بُلُوغه إِلَى حِين عرضه فَهَذَا ولي من أَوْلِيَاء الله سبحانه وتعالى وَقل أَن يُوجد ذَلِك فِي هَذَا الزَّمَان
وَكَيْفِيَّة عرض ذَلِك أَن ينظر إِلَى مَا يتَعَلَّق بِكُل عُضْو من أَعْضَائِهِ من أَمر الله تَعَالَى وَنَهْيه فيعرضهما عضوا عضوا فَيعرض اللِّسَان مثلا هَل ترك مَا أَمر الله سبحانه وتعالى بقوله كالأمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَإِن تحقق أَنه قَامَ بِجَمِيعِ مَا أمره الله تَعَالَى وَمَا أعز ذَلِك فَليرْجع إِلَى مَا نهى عَنهُ فَإِن عرف أَن لِسَانه مَحْفُوظ عَن ذَلِك من حِين بلغ إِلَى حِين عرضه وَمَا اعز ذَلِك فليعدل إِلَى تقوى الْعين بِفعل مأموراتها وَاجْتنَاب منهياتها فَإِن استقامت على الْأَمر وَالنَّهْي فِي جَمِيع ذَلِك وَلنْ يسلم لَهُ ذَلِك فليعدل إِلَى منهيات سَمعه ومأموراته فَإِن علم أَنه قَائِم بوظائفها وَمَا أندر ذَلِك فليعدل إِلَى بَطش يَده فليعتبر استقامتها على الْأَمر وَالنَّهْي فِي بطشها فَإِن علم أَنه قد أدّى مَا عَلَيْهِ فِي جَمِيع ذَلِك وَمَا أغرب ذَلِك
فليعدل إِلَى مشي رجله فليعتبره بِالْأَمر وَالنَّهْي كَذَلِك ثمَّ إِلَى بَطْنه وفرجه كَذَلِك فَإِن ظن الاسْتقَامَة فِي ذَلِك جَمِيعه أَو بعضه فَلَا يغترن بذلك ولينظر إِلَى قَصده بِجَمِيعِ طَاعَته هَل أَرَادَ بِكُل وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَجه الله سبحانه وتعالى أم لَا فَإِن صفى لَهُ ذَلِك وَمَا أعز صفاءه فَلْينْظر هَل أعجب بِنَفسِهِ فَرَأى أَنه لأجل طَاعَته خير من غَيره أم لَا فَإِن لم ير نَفسه خيرا من غَيره فِي شَيْء من طَاعَته فَلْينْظر هَل تكبر على عباد الله بِسَبَب ذَلِك أم لَا فَإِن صفا لَهُ ذَلِك وَمَا أعز أَن يصفو فَلْينْظر هَل أسْند استقامته إِلَى عزمه وحزمه أم نسب ذَلِك إِلَى ربه سبحانه وتعالى فَإِن صفا لَهُ ذَلِك مَعَ عزته وندرته فَلْينْظر هَل أَعْجَبته نَفسه بذلك أم لَا صفا لَهُ ذَلِك مَعَ غرابته فَلْينْظر هَل أدل على الله سبحانه وتعالى بِهَذِهِ الاسْتقَامَة أم لَا فَإِن صفت لَهُ هَذِه الْأَحْوَال الْمُتَعَلّقَة بالطاعات فَلْينْظر فِي معاصي أُخْرَى هَل تطهر مِنْهَا قلبه أم لَا كالحسد والشماتة وَإِرَادَة الْعُلُوّ فِي الأَرْض
فَإِذا اعْتبر ذَلِك جَمِيعه وأنصف من نَفسه عرف أَنه كَانَ هَارِبا عَن الله سبحانه وتعالى وَهُوَ يعْتَقد أَنه هارب إِلَيْهِ ومعرض عَن الله سبحانه وتعالى وَهُوَ يعْتَقد أَنه مقبل عَلَيْهِ ومعتمد على خلقه وَهُوَ يعْتَقد أَنه مُعْتَمد عَلَيْهِ ومفوض إِلَيْهِ