الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتجنب الْخَوْض مَعَ أَرْبَاب الْأَسْوَاق فِيمَا يَخُوضُونَ فِيهِ وَلَا تشتغل بدنياك عَن طَاعَة مَوْلَاك وتستعمل مثل هَذَا فِي جَمِيع الْعُقُود والمعاملات وَالْقَضَاء والاقتضاء
وَإِن غَدَوْت طَالبا للْعلم فاقصد بِطَلَبِهِ وتعلمه أَن تستقيم فِي نَفسك وتأمر بالاستقامة بِمُقْتَضَاهُ وان تعلمه النَّاس ابْتِغَاء وَجه الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ يكون قصدك فِي جَمِيع أقوالك وأعمالك كعيادة المرضى وتشييع الْجَنَائِز وإطعام الجيعان وَكِسْوَة الْعُرْيَان وقرى الضيفان وإغاثة اللهفان فَإِن الله تَعَالَى لَا يقبل من الْأَعْمَال إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجهه
91 -
فَائِدَة فِي حسد الشَّيْطَان من استقام على رِعَايَة حُقُوق الله تَعَالَى
فَمن استقام على رِعَايَة حُقُوق الله تَعَالَى فِي ظَاهره وباطنه كَمَا ذَكرْنَاهُ حسده الشَّيْطَان على ذَلِك فَأَرَادَ أَن يُخرجهُ عَن حيّز الرِّعَايَة إِلَى حيّز الْمعْصِيَة بِأَن
زين لَهُ طَاعَة من الطَّاعَات تَسْتَلْزِم كثيرا من الْمعاصِي والمخالفات فَيَقُول لَهُ انْظُر إِلَى عباد الله قد فَسدتْ قُلُوبهم واعرضوا عَن رَبهم وَأَقْبلُوا على دنياهم وَتركُوا أَمر مَوْلَاهُم فَاخْرُج إِلَى عباد الله وانصحهم فِي دين الله بدلالتهم عَلَيْهِ وإرشادهم إِلَيْهِ فَلِأَن يهدي الله بك رجلا وَاحِدًا خير مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس فتحثه نَفسه على ذَلِك لعلمها بِمَا يحصل لَهَا من الرِّئَاسَة والتعظيم والإجلال والخدمة ونفوذ الْكَلِمَة واعتقاد الْولَايَة فَيخرج إِلَى النَّاس لِيَدْعُوهُمْ إِلَى ذَلِك فيعظموه ويوقروه ويبذلوا لَهُ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ ويبجلونه غَايَة التبجيل ويعظمونه أقْصَى التَّعْظِيم وتستشعر النَّفس بلذة لم تستشعرها قطّ فترائي فِي بعض المواطن لِئَلَّا تَزُول تِلْكَ الْمنزلَة
وَإِذا رد عَلَيْهِ شَيْء من كَلَامه غضب كَيفَ يرد على مثله وَرُبمَا قَابل الرَّاد بالشتم والسب مَعَ كَونه محقا فِي رده وَرُبمَا اغتابه ونال مِنْهُ وَنسبه إِلَى الْجَهْل وَسُوء الْأَدَب وَرُبمَا وَقعت مِنْهُ زلَّة أَو ركُوب أَمر مُبَاح لَا يَلِيق بأمثاله فيخشى من نقص مَنْزِلَته عِنْد أَصْحَابه فَيَأْتِي من الرِّيَاء والتصنع والتسميع مَا يمحو بِهِ ذَلِك من قُلُوب أَصْحَابه فَيصير معرضًا عَن الله تَعَالَى بعد أَن كَانَ مُقبلا عَلَيْهِ وظاعنا عَنهُ بعد أَن كَانَ سائرا إِلَيْهِ ومتباعدا مِنْهُ بعد أَن كَانَ متقربا إِلَيْهِ وَلَو لم يخرج إِلَى النَّاس ليسلم من هَذَا كُله وَإِنَّمَا يخرج إِلَى النَّاس من رسخت قدمه فِي التَّقْوَى ووثق بالسلامة من هَذِه الْمَفَاسِد فِي غَالب الْأَمر وَإِنَّمَا يحصل
لَهُ ذَلِك بعد تجربة نَفسه فِي الْوَعْظ والتذكير وَالدُّعَاء إِلَى الله تَعَالَى مَعَ غَلَبَة السَّلامَة عَلَيْهِ فِي ذَلِك