الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحدهمَا أَن يسْتَمر على عمله مرائيا بِهِ من غير زِيَادَة فِيهِ
الثَّانِيَة أَن يزِيد فِي تَحْسِين الْعَمَل وتكميل نوافله لأجل الرِّيَاء
الثَّانِي من الْحَالَتَيْنِ الْأَوَّلين أَن تخطر لَهُ رِيَاء الشّرك فيزيد فِي الْعَمَل رِيَاء أَو يسْتَمر عَلَيْهِ فَهَذِهِ خطرات الْمرَائِي
وَأما المسمع فَلهُ أَحْوَال
إِحْدَاهُنَّ أَن يحدث بِهِ صَرِيحًا ليَكُون على ثِقَة من حُصُول أغراض الرِّيَاء
الثَّانِيَة أَن يعرض بِهِ تعريضا مَخَافَة أَن يفطنوا بتسميعه فَلَا يحصل غَرَضه ورجاء أَن يفهم بَعضهم ذَلِك فَيحصل على غَرَضه وَقد يخْطر لَهُ ذَلِك فَيُحِبهُ ويؤثره وَلَا يعرض بِهِ وَلَا يُصَرح اكْتِفَاء بِمَا ظهر عَلَيْهِ من الدلالات كاصفرار لَونه ونحول جِسْمه وغور عَيْنَيْهِ وذبول شَفَتَيْه
35 -
فصل فِي دركات الرِّيَاء والتسميع
شَرّ دركات الرِّيَاء الرِّيَاء بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَان وَذَلِكَ رِيَاء الْمُنَافِقين
ويليه الرِّيَاء بالفرائض كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَالْحج وَالْعمْرَة وَالْجهَاد وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَغير ذَلِك مِمَّا فَرْضه الله عز وجل على عباده فَيَأْتِي بِهِ العَبْد لأجل الرِّيَاء تصنعا للنَّاس وَكَرَاهَة للذم وحبا للحمد
وَلَو تمكن من ذَلِك جَمِيعه لما فعل شَيْئا وَقد يسمع بِعبَادة لم يَفْعَلهَا وَطَاعَة لم يأتها فَيكون جَامعا بَين ذنبين أَحدهمَا التسميع
وَالثَّانِي الْكَذِب
ويليه الرِّيَاء بِمَا تَأَكد فِي الشَّرْع كَصَلَاة جمَاعَة وقرى الضَّيْف وعيادة المرضى وتشييع الْجَنَائِز يَأْتِي ذَلِك لأجل النَّاس كي لَا يذم بترك مَا سنه الله تَعَالَى وأكده وَإِرَادَة حمدهم وَلَو أمكنه أَن يتْرك ذَلِك كُله لتَركه
وَقد يرائي أحدهم بالورع وَإِظْهَار النّسك فيطيل الصمت وَيتْرك الاغتياب وَينْهى عَنهُ وَيُؤَدِّي الْأَمَانَة ويجتنب الْخِيَانَة وَإِذا ظَهرت مِنْهُ زلَّة أظهر التوجع والتندم والحزن والكآبة ويستحل مِمَّن ظلمه وَالله تَعَالَى يعلم أَنه لَو تمكن من ترك ذَلِك كُله أَو من ترك بعضه لتَركه غير مبال بِتَرْكِهِ
ويليه الَّذِي يكمل الْفَرَائِض بسننها كإطالة الرُّكُوع وَالسُّجُود والاعتدال وَالْقعُود يَفْعَله إِذا رَآهُ النَّاس ويتركه إِذا لم يروه وَكَذَلِكَ يُؤَدِّي الزَّكَاة من أَجود أَمْوَاله وَلَوْلَا النَّاس لاقتصر على الْقدر المجزئ
وَكَذَلِكَ يصمت فِي الصَّوْم عَن الْغَيْبَة وَالْكذب ويمسك عَن النّظر إِلَى مَا لَا يحل وَلَوْلَا الرِّيَاء لما فعل شَيْئا من ذَلِك
ويليه الْمُبَادرَة إِلَى التَّكْبِيرَة الأولى وَرفع الْيَدَيْنِ وَأخذ شِمَاله بِيَمِينِهِ وتسكين أَعْضَائِهِ لَا يفعل ذَلِك إِلَّا رِيَاء وَلَو خلا بِصَلَاتِهِ لم يفعل شَيْئا من ذَلِك
ويليه الْمُبَادرَة إِلَى الصَّفّ الأول عَن يَمِين الإِمَام وإكرام الضَّيْف فَوق مَا يسْتَحق
ويليه من يرائي بالتطوع والتورع وَغير ذَلِك من طلب الْعلم والتخشع ومجالسة الصَّالِحين وإتيان مجَالِس المذكرين والواعظين ليصل بذلك إِلَى مَعْصِيّة من معاصي الله تَعَالَى كإتيان الغلمان والنسوان وَأَن يُولى أَمَانَة أَو مَعْصِيّة أَو قَضَاء أَو شَهَادَة فيخون فِي ذَلِك كُله
ويليه من يصر على الْمعْصِيَة ويخشى أَن تشاع عَنهُ فَيظْهر من النَّوَافِل والتطوعات والخضوع والخشوع والبكاء مَا يُوجب تَكْذِيب من يخبر عَنهُ بالمعصية الَّتِي هُوَ مصر عَلَيْهَا فقد جعل الله تَعَالَى وقاية لعرضه
ويليه من يَأْتِي بِكَثِير من الطَّاعَات لينال بِهِ شَيْئا من الْمُبَاحَات مثل أَن يتصنع لقوم يرغب فِي النِّكَاح إِلَيْهِم فَيكون كمهاجر أم قيس
ويليه من يطلع مِنْهُ على نقيصه فَيظْهر من الطَّاعَة مَا يجبرها ويمحوها من قُلُوب النَّاس كمن يمشي منبسطا فِي مَشْيه فَإِذا اطلع على من يتنقصه مَشى بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار ونكس رَأسه وأسبل يَدَيْهِ وأرخى عَيْنَيْهِ وَكَذَلِكَ الضاحك المنبسط فِي حَدِيثه يطلع عَلَيْهِ فيخشى أَن ينْسب إِلَى قلَّة الْأَدَب وَترك التخلق بآداب الصَّالِحين والاستكانة لرب الْعَالمين فَيتْرك ذَلِك وَيظْهر النَّدَم عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَار مِنْهُ خوفًا من تغير اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ