الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
82 -
فصل فِي ترك الْكبر على الْفُسَّاق وَالْتِبَاس الْكبر بالبغض لله سُبْحَانَهُ وَالْغَضَب لله سبحانه وتعالى
النَّاس بِالنِّسْبَةِ إِلَيْك أَقسَام
أَحدهَا من لَا تعرفه وَلَا تعرف أَنَّك فضلت عَلَيْهِ
الثَّانِي من تعرفه بذنوب أقل من ذنوبك فَلَا يمكنك أَن تتكبر على هَذَا وَلَا على الْقسم الأول
الثَّالِث من عرفت أَن ذنُوبه أَكثر من ذنوبك وعيوبه أكبر من عيوبك مَعَ أَنَّك من عيوبك على يَقِين وَمن عيوبه على ظن
فَإِن كنت تخَاف على نَفسك من الْعقُوبَة أَكثر مِمَّا تخَاف عَلَيْهِ فلست بمتكبر عَلَيْهِ وَإِن خفت عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا تخَاف على نَفسك فَأَنت متكبر عَلَيْهِ فَإِن سَبَب الْخَوْف الْعِصْيَان
فَلَو كَانَ خوفك لأجل مَعْصِيَته مَعَ قلتهَا لَكَانَ خوفك على نَفسك مَعَ كَثْرَة مَعَاصِيك أَكثر وَإِن كَانَت مَعَاصيه أَكثر من مَعَاصِيك فالطريق فِي ترك الْكبر عَلَيْهِ بِأَن تعرف نعْمَة الله عَلَيْك بعصمته إياك من مثل عمله وَأَن تغْضب عَلَيْهِ وتجانبه غضب الله تَعَالَى مَعَ خوفك على نَفسك بِحَيْثُ لَا ترى أَنَّك نَاجٍ وَهُوَ هَالك إِذْ لَا تَدْرِي بِمَا يخْتم لَهُ وَبِمَا يخْتم لَك
وَأَنَّك أمرت بالخوف على نَفسك دون الْخَوْف عَلَيْهِ إِلَّا من طَرِيق الإشفاق مَعَ ملازمتك الْخَوْف من سوء الخاتمة وَمِمَّا اقْترن بأعمالك الصَّالِحَة من المفسدات كالرياء وَالْعجب وَغَيرهمَا
فكم من عَاص ختم الله أَعماله بِأَحْسَن الْأَعْمَال وَكم
من مُطِيع ختم الله أَعماله بسيء الْأَعْمَال {لَا يسخر قوم من قوم عَسى أَن يَكُونُوا خيرا مِنْهُم}
وَكَذَلِكَ أهل الْبدع المضلون للنَّاس يجب عَلَيْك أَن تبغضهم فِي الله وَأَن لَا تنكر عَلَيْهِم بِحَيْثُ تظن أَنَّك عِنْد الله خير مِنْهُم فَإِن الْأَعْمَال بالخواتيم وَلَا تَدْرِي بِمَاذَا يخْتم لَك من الْأَعْمَال وبماذا يخْتم لَهُم
وَكَذَلِكَ الْكفَّار تبغضهم فِي الله وتعاديهم فِيهِ وَلَا تتكبر عَلَيْهِم بِنَاء على أَن عاقبتك عِنْد الله خير من عاقبتهم إِذْ لَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا
وَلَا يدْرِي أحد بِمَاذَا تختم أَعماله فقد ارْتَدَّ جمَاعَة من الصَّحَابَة وماتوا على الرِّدَّة
وَكم من كَافِر احتقره الْمُؤْمِنُونَ وَكَانَ عِنْد الله خيرا مِنْهُم
أَلا ترى أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه تَأَخّر إِسْلَامه عَن إِسْلَام جمَاعَة من الصَّحَابَة رضي الله عنهم ولعلهم كَانُوا ينظرُونَ إِلَيْهِ قبل إِسْلَامه بِعَين الإزراء وَلَا يَدْرُونَ أَنه عِنْد الله تَعَالَى أفضل مِنْهُم