الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنْكَبُهَا، أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا» قَالَ مُسْلِمٌ: هُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.
(2575)
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ أَوْ أُمِّ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيِّبِ تُزَفْزِفِينَ؟ قَالَتِ: الْحُمَّى لَا بَارَكَ اللهُ فِيهَا فَقَالَ: لَا تَسُبِّي الْحُمَّى فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ.»
(2576)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَا: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ:«قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ لِي قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ قَالَتْ: أَصْبِرُ قَالَتْ: فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا.»
بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ
(2577)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامَ
الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيَّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تبارك وتعالى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ
= المسلم كفارة) فليس معنى قوله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] أنه يجزى به في الآخرة، بل إن ما يصيب المؤمن في الدنيا فهو أيضًا جزاؤه، وربما لا يبقى له بعده جزاء في الآخرة على سوء عمله (حتى النكبة) بفتح فسكون، هي ما يصيب الإنسان من جرح وضرب ونحوهما، مثل أن يسقط أو تصطدم رجله بشيء فيصيبه جرح ما، وأصل معنى الكلمة الميل والعدول عن الطريق.
53 -
قوله: (تزفزفين) بضم التاء على أنها من الرباعي المجرد، وبفتح التاء على أنها من الرباعي المزيد، وأصلها تتزفزفين، فحذفت إحدى التائين لاجتماعهما في المضارع، ومعناه ترتعدين وتتحركين حركة شديدة.
54 -
قولها: (إنى أصرع) بالبناء للمفعول من الصرع، وهو مرض معروف، ينشأ لانحباس ريح غليظة في منافذ الدماغ أو لارتفاع بخار رديء إليه من بعض الأعضاء، ويقع لأجل ذلك أحيانا تشنج في الأعضاء فلا يستطيع المريض أن يبقى منتصبًا، بل يسقط ويضرب الرجلين واليدين، وينقلب ظهرًا لبطن، ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجن، ولا يثبته الأطباء (أتكشف) من التكشف أي تظهر عورتي عند الإصابة بالصرع وأنا لا أشعر (إن شئت صبرت) على هذا المرض (ولك الجنة) مضمونة، أو بغير حساب، جزاء على هذا الصبر مع ما بك من الإيمان والإسلام والأعمال الصالحة (وإن شئت دعوت الله أن يعافيك) يعني وتحاسبين يوم القيامة، ولا يكون لك ضمان الجنة، وإنما يكون لك رجاؤها كما يرجوها المؤمنون. وقد ذكرت هذه المرأة في صحيح البخاري في المرضى بأنها أم زفر، وذكر الحافظ أن اسمها سعيرة أو سقيرة أو سكيرة.
55 -
قوله: (فلا تظالموا) أصله تتظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضًا (كلكم ضال) لا يعرف طريق الحق والصواب (إلا من هديته) أي بينت له ذلك ثم وفقته له وأثبته في قلبه، مع كونه على خياره الذي ولد عليه =
فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ». قَالَ سَعِيدٌ: كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ.
(000)
حَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّ مَرْوَانَ أَتَمُّهُمَا حَدِيثًا.
(000)
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْنَا بِشْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ فَذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
(000)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تبارك وتعالى: «إِنِّي حَرَّمْتُ عَلَى نَفْسِي الظُّلْمَ وَعَلَى عِبَادِي فَلَا تَظَالَمُوا» وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ، وَحَدِيثُ أَبِي إِدْرِيسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَتَمُّ مِنْ هَذَا.
(2578)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ.»
= فكم من الناس لا يعرفون الحق ولا يهمهم ذلك، وكم منهم يعرفونه ثم ينكرونه، مثل اليهود، فمعرفة الحق، والإيمان به، والخضوع له، وإن كان بخيار الإنسان، ولكنه تابع لمشيئة الله وتوفيقه (كما ينقص المخيط) بكسر الميم وسكون الخاء بعدها ياء مفتوحة، هو الإبرة، ومعلوم أن الإبرة لا تنقص من البحر شيئًا (أحصيها لكم) أي أعدها وأحفظها لكم (ثم أوفيكم إياها) أي أعطيكم جزاءها وافيًا، أي كاملًا تامًّا (جثا على ركبتيه) أي جلس معتمدًا على ركبتيه.
(
…
) قوله: (قال أبو إسحاق) إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري تلميذ الإمام مسلم وراوي صحيحه عنه، والمقصود من إيراده هذا الطريق أنه حصل له علو في هذا الطريق بدرجة، لأن بينه وبين أبي مسهر واسطة واحدة، أما عن طريق مسلم فواسطتان، وهما الإمام مسلم وأبو بكر بن إسحاق، كما في الطريق السابق.
56 -
قوله: (ظلمات يوم القيامة) فلا يجد الظالم سبيلًا، بل تكتنفه ظلمات الظلم حين يسعى نور المؤمنين بين =
(2579)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.»
(2580)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.»
(2581)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ، وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ.»
(2582)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
= أيديهم وبأيمانهم، وإنما يصير الظلم ظلمات لأن المعصية فيه أشد من غيرها، لأنه لا يقع غالبًا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، فتظلم أمام عينيه الدنيا، ولا يجد سبيلًا للخروج من ظلم الظالم، فيجازى الظالم بمثل ذلك، فتكون المجازاة من جنس العمل، قيل: ويحتمل أن تكون الظلمات بمعنى الشدائد، وهذا المعنى لازم للظلمات وناتج عنها (الشح) بضم فتشديد، هو الحرص مع البخل. وقوله: (حملهم على أن سفكوا دماءهم
…
إلخ) بيان للهلاك الذي أوقع فيه الشح.
58 -
قوله: (لا يظلمه) خبر بمعنى الأمر، فإن ظلم المسلم للمسلم حرام (ولا يسلمه) بضم الياء، يقال: أسلم فلان فلانًا، إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه، فالمعنى أنه لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم (ومن فرج) بتشديد الراء، أي كشف وأزال (كربة) بضم فسكون، أي غمة، والكرب بفتح فسكون هو الغم الذي يأخذ النفس، وكرب بضم ففتح جمع كربة، وكشف الكربة قد يكون بالمال، وقد يكون بالجاه، وقد يكون بالمشورة، وقد يكون بالتأييد والمساعدة، وقد يكون باستعمال القوة، فهو يختلف باختلاف الظروف والأحوال (ومن ستر مسلمًا) بأن رآه على قبيح فلم يظهره على الناس، بل أنكر عليه على سبيل النصح فيما بينه وبينه، أما المصر المجاهر فيجوز بيان حاله، بل ربما يجب، وقاية للناس من شره، كما أنه يرفعه إلى الحاكم للقضاء عليه.
59 -
قوله: (المفلس) من الإفلاس، وهو من لا فلوس له، ففيه معنى سلب المادة، وهو من خاصية باب الإفعال، وقد انتقل النبي صلى الله عليه وسلم من معناه المعروف إلى معنى آخر مجازي أقوى وأروع من معناه الحقيقي لجامع المناسبة، وهي إعدام المتاع عندما يكون صاحبه في أشد حاجة إليه، وترتب الخسران والهلاك على هذا الإعدام، وحيث إن هذا المعنى أقوى وأشد في مفلس الآخرة، فقد جعل هو المفلس الحقيقي، وجعل مفلس الدنيا بمنزلة المجاز، وهذا من قلب التشبيه، وهو من التعبيرات البديعة النادرة، وأروع وأوقع في النفوس (طرحت) أي ألقيت.
60 -
قوله: (يوم القيامة) أي إن لم تؤدوها في الدنيا (حتى يقاد) أي يؤخذ القود، وهو القصاص (للشاة الجلحاء) =