الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَ شِئْتَ. فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ. فَقَالَ لِلْمَلِكِ:
إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي. فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ. فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ. فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ، قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ. فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ، اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ.»
بَابُ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ وَقِصَّةِ أَبِي الْيَسَرِ
(3006)
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، (وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَالسِّيَاقُ لِهَارُونَ)، قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِينَا أَبَا الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ مَعَهُ ضِمَامَةٌ مِنْ
= بضم القافين وسكون ما بعدهما: السفينة الصغيرة، وقيل: الكبيرة (فانكفأت بهم السفينة) أي انقلبت (في صعيد واحد) أي في أرض بارزة وميدان فسيح (وتصلبني) من الصلب، وهو شد الإنسان على الصليب (على جذع) بكسر الجيم، وهو ساق النخل والشجر (كنانتي) بكسر الكاف، جعبة توضع فيها السهام (في كبد القوس) أي وسط وتر القوس، وهو مقبضها عند الرمي (في صدغه) بضم الصاد وسكون الدال، هو ما بين العين والأذن (نزل بك حذرك) أي ما كنت تخشاه وتخافه (بالأخدود) بضم الهمزة وسكون الخاء: الحفرة الطويلة تحفر في الأرض مثل الخندق (بأفواه السكك) أفواه جمع فوهة، بضم الفاء وتشديد الواو، والسكك بكسر ففتح جمع سكة وهي الطريق، وأفواه السكك أبواب الطرق (فخدت) أي حفرت وشقت (وأضرم النيران) أي أوقدها (فأحموه فيها) بهمزة قطع، أي أدخلوه وأحرقوه فيها (فتقاعست) أي توقفت وتكاسلت عن الدخول والوقوع فيها.
74 -
قوله: (خرجت أنا وأبي) كان جده عبادة بن الصامت قد أرسله عمر إلى فلسطين ليعلم أهلها القرآن، فأقام =
صُحُفٍ، وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيَّ، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيَّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا عَمِّ، إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ؟ قَالَ: أَجَلْ، كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ: ثَمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا. فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَبُوكَ؟ قَالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي. فَقُلْتُ: اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ. فَخَرَجَ فَقُلْتُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَنَا وَاللهِ أُحَدِّثُكَ، ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ، خَشِيتُ وَاللهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ
صلى الله عليه وسلم، وَكُنْتُ وَاللهِ مُعْسِرًا. قَالَ قُلْتُ: آللهِ؟ قَالَ: اللهِ. قُلْتُ: آللهِ؟ قَالَ: اللهِ. قُلْتُ: آللهِ؟ قَالَ: اللهِ. قَالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا أَنْتَ فِي حِلٍّ. فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ، (وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ) وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا، (وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ) رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ.
(3007)
قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَنَا: يَا عَمِّ، لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ. فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، يَا ابْنَ أَخِي، بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ، وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا، (وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ) رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ. وَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
(3008)
ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مَسْجِدِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ، فَتَخَطَّيْتُ الْقَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا:
= بها حتى توفي بالرملة سنة أربع وثلاثين، وهو ابن 72 سنة، فكانت ذريته هناك حتى خرج حفيده عبادة مع والده الوليد في طلب العلم، فقصد الأنصار (قبل أن يهلكوا) أي يذهبوا من هذه الدنيا موتًا (أبا اليسر) كعب بن عمرو، شهد العقبة وبدرًا، آخر من توفي من أهل بدر، وذلك بالمدينة سنة خمس وخمسين (ضمامة من صحف) أي مجموعة من الصحف، قد ضم بعضها إلى بعض، والضمامة لغة في الإضمامة، والمشهور هو هذا الأخير أي بالهمزة (بردة) أي رداء مخطط أو كساء مربع (ومعافري) نوع من الثياب منسوب إلى معافر، قرية باليمن أو قبيلة نزلت بتلك القرية، يصنع بها هذا الثوب (سفعة من غضب) بفتح السين وضمها، أي تغيرًا وعلامة منه (الحرامي) نسبة إلى أحد أجداده الذي اسمه حرام، وليست إلى فعل الحرام (جفر) هو الذي غلظ وتقوى على الجري، أي غلام يكون في حدود أربع سنين وخمس سنين (أريكة) سرير مزين مرتفع يكون في قبة أو بيت (قلت: آلله. قال: الله) الأول بمد الهمزة، والثاني بغير مد، وهما مجروران لحرف القسم المحذوف (فإن وجدت قضاء) أي مالا تقضي به ديني فاقضني (وإلا، أنت في حل) أي وإلا فقد عفوت عنك، ولا مطالبة عليك (بصر عيني هاتين)"بصر" مصدر مضاف إلى عيني، وهي تثنية في حالة الجر، مضافة إلى ياء المتكلم، وكذا قوله:"سمع أذني هاتين"(ووعاه قلبي هذا) أي حفظه (مناط قلبه) المناط ما نيط به القلب، أي موضع قلبه، عبر عنه بالمناط لأنه معلق بعرق.
(3007)
قوله: (وأخذت) بمعنى أو أخذت، لأنه أراد أن يكون على أحدهما بردتان وعلى الآخر معافريان (فكانت عليك حلة) بضم الحاء وتشديد اللام: ثوبان من جنس واحد يكونان إزارًا ورداء.
(3008)
قوله: (مشتملًا به) أي ملتحفًا به، ولم يكن باشتمال الصماء المنهي عنه (وقوسها) بتشديد الواو، أي =
أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الْأَحْمَقُ مِثْلُكَ فَيَرَانِي كَيْفَ أَصْنَعُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ. أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ . قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ . قُلْنَا: لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللهَ تبارك وتعالى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. فَقَالَ:
أَرُونِي عَبِيرًا. فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ. فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.
(3009)
سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ فَقَالَ لَهُ: شَأْ، لَعَنَكَ اللهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ؟ . قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: انْزِلْ عَنْهُ، فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ.
(3010)
سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَتْ عُشَيْشِيَةٌ، وَدَنَوْنَا مَاءً مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ الْحَوْضَ، فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا؟ . قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ؟ . فَقَامَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، فَانْطَلَقْنَا
= جعلها مثل القوس، أي لواها إلى نصف الدائرة (الأحمق) أي الجاهل (عرجون) بضم فسكون فضم فسكون: أصل العذق الذي يقطع منه الشماريخ التي فيها التمر فيبقى ذلك الأصل يابسًا، فهذا الأصل هو العرجون (ابن طاب) تقدم أنه نوع من التمر، منسوب إلى رجل من أهل المدينة (فخشعنا) أي خفنا وتذللنا (فإن عجلت به بادرة) أي سبقت بصقة أو نخامة وخرجت دون خياره (ثم طوى ثوبه) أي لفه (أروني عبيرًا) أي ايتوني به، والعبير أخلاط من الطيب تجمع بالزعفران (يشتد) أي يجري بسرعة (فجاء بخلوق) بفتح الخاء، طيب مخلوط من الزعفران وغيره (في راحته) أي كفه.
(3009)
قوله: (في غزوة بطن بواط) هي ثاني غزوة خرج لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في شهر ربيع الأول سنة 2 هـ ولم يلق فيها العدو، وبواط بضم الباء وتخفيف الواو: جبل من جبال جهينة في ناحية رضوى، بل رضوى وبواط فرعان من أصل واحد، يقع في طريق مكة إلى الشام الذي يمر بالساحل (وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني) الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم خرج في طلب عير لقريش ولم يلقها، ولم يكن تعرض له صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الوقت أحد عير قريش حتى يخرج في طلبه (وكان الناضح) أي البعير، وهو في الأصل البعير الذي يستقى عليه (يعقبه) بضم القاف، أي يركبه الخمسة أو الستة أو السبعة واحدًا بعد واحد (عقبة رجل) أي نوبة ركوبه (فتلدن عليه بعض التلدن) أي توقف عليه بعض التوقف (شأ) كلمة زجر للبعير لينهض ويمشي.
(3010)
قوله: (عشيشية) تصغير عشية، أصلها بضم العين وفتح الشين وتشديد الياء، فأبدلت إحدى اليائين شينًا فصارت عشيشية، والعشية الوقت من بعد الزوال إلى غروب الشمس (فيمدر الحوض) أي يصلحه بالمدر، وهو =
إِلَى الْبِئْرِ فَنَزَعْنَا فِي الْحَوْضِ سَجْلًا أَوْ سَجْلَيْنِ، ثُمَّ مَدَرْنَاهُ، ثُمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أَفْهَقْنَاهُ، فَكَانَ أَوَّلَ طَالِعٍ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَتَأْذَنَانِ؟ . قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَأَشْرَعَ نَاقَتَهُ فَشَرِبَتْ شَنَقَ لَهَا، فَشَجَتْ فَبَالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ بِهَا فَأَنَاخَهَا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحَوْضِ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّأِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ ذَهَبْتُ أَنْ أُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي، وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا، ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْنَا جَمِيعًا، فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمُقُنِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ، ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ، فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، يَعْنِي شُدَّ وَسَطَكَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا جَابِرُ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ.
(3011)
سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً، فَكَانَ يَمَصُّهَا ثُمَّ يَصُرُّهَا فِي ثَوْبِهِ، وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنَا وَنَأْكُلُ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا، فَأُقْسِمُ أُخْطِئَهَا رَجُلٌ مِنَّا يَوْمًا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ نَنْعَشُهُ، فَشَهِدْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطَهَا فَأُعْطِيَهَا، فَقَامَ فَأَخَذَهَا.
(3012)
سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ، فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ. فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ
= الطين (سجلا) بفتح فسكون: الدلو المملوءة ماء (أفهقناه) أي ملأناه (فأشرع ناقته) أي أدخل رأسها في الماء لتشرب (فشنق لها) أي جذب زمامها إليه حتى رفعت رأسها وقارب الرحل (فشجت) قيل: الفاء أصليه والجيم مخففة، ويجوز تشديد الشين وتخفيفها، ومعنى فشج البعير: فرج بين رجليه للبول. وقيل: الفاء زائدة للعطف، ومعنى شجت - بتشديد الجيم - قطعت الشرب (وكانت لها ذباذب) جمع ذبذب بكسر الذالين، وهي الأهداب والأطراف، سميت بذلك لتذبذبها، أي تحركها عند المشي (فنكستها) بتخفيف الكاف وتشديدها، أي قلبتها (ثم خالفت بين طرفيها) وذلك بأن يجعل الطرف الأيمن على العاتق الأيسر، والطرف الأيسر على العاتق الأيمن، ويتم ذلك بشدهما وراء العنق، وهو معنى قوله:(ثم تواقصت عليها) أي أمسكتها بشد طرفيها وراء العنق (يرمقني) أي ينظر إليَّ نظرًا متتابعًا (على حقوك) بفتح الحاء وكسرها، أي على وسطك، وهو معقد الإزار، أي إذا كان الثوب ضيقًا بحيث إنك إذا خالفت بين طرفيه تخشى أن تنكشف العورة فاكتف بشده على وسطك.
(3011)
قوله: (ثم يصرها في ثوبه) أي يشدها فيه ليتعلل بها مرة أخرى عند شدة الجوع (نختبط بقسينا) قسي بكسرتين وتشديد الياء جمع قوس، أي نضرب الأشجار بأقواسنا حتى تسقط أوراقها (ونأكل) أي تلك الأوراق الساقطة (حتى قرحت) أي تجرحت (أشداقنا) جمع شدق، وهو جانب الفم (أخطئها رجل) الفعل مبني للمفعول، أي فاتت التمرة عنه، وذلك أن الذي كان يقسم التمرة لم يعطه ذلك اليوم خطأ، وظن أنه أعطاه (ننعشه) أي نرفعه ونقيمه لشدة ضعفه وجهده.
(3012)
قوله: (واديًا أفيح) بوزن أفضل، أي واسعًا (بإداوة) بكسر الهمزة: إناء صغير من جلد يتخذ للوضوء ونحوه (بشاطىء الوادي) أي على جانبه (كالبعير المخشوش) الذي جعل في أنفه خشاس - بكسر الخاء - وهو عود =
مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ. فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا، لَأَمَ بَيْنَهُمَا، يَعْنِي جَمَعَهُمَا، فَقَالَ: الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ. فَالْتَأَمَتَا. قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ: فَيَتَبَعَّدَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلًا، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ وَقْفَةً، فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا
وَشِمَالًا ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: يَا جَابِرُ، هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟ . قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، فَأَقْبِلْ بِهِمَا حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي، فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ. قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ فَانْذَلَقَ لِي، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا، مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ.
(3013)
قَالَ: فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا جَابِرُ، نَادِ بِوَضُوءٍ. فَقُلْتُ: أَلَا وَضُوءَ، أَلَا وَضُوءَ، أَلَا وَضُوءَ. قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ. وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَاءَ فِي أَشْجَابٍ لَهُ عَلَى حِمَارَةٍ مِنْ جَرِيدٍ، قَالَ فَقَالَ لِيَ: انْطَلِقْ إِلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا، فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ. قَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ. فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ،
= يجعل في أنف البعير إذا كان صعب الانقياد، ويشد فيه حبل، فإذا تمانع البعير يشده صاحبه فينقاد (يصانع قائده) أي يداريه، والقائد من يأخذ بزمام البعير ويمشي أمامه (بالمنصف) أي في نصف المسافة (لأم) بصيغة الماضي المجرد، ويجوز بالمزيد، أي "لاءم" من باب المفاعلة (التئما) أي اجتمعا والتفا (أحضر) بضم الهمزة، صيغة مضارع للمتكلم من باب الإفعال، أي أعدو وأسعى سعيًا شديدًا (فحانت مني لفتة) أي فوقعت مني نظرة والتفات (وحسرته) أي أحددته، وأزلت عنه ما يمنع حدته، حتى أمكن لي أن أقطع به الأغصان (فانذلق) بالذال المعجمة، أي صار حادًّا (أن يرفه ذاك عنهما) مبني للمفعول من الترفيه، أي يخفف عنهما العذاب، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم علم بعذابهما فشفع لهما، فقبلت شفاعته فيهما لمدة، وجعلت رطوبة الغصنين علامة لتلك المدة، وكل هذه من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله أو إلا من أخبره الله، فليس لأحد أن يقدم إلى القبور غصنًا أو شيئًا لأجل هذا المعنى.
(3013)
قوله: (ناد بوضوء) بفتح الواو: ماء يتوضأ به، ومعنى "ناد بالوضوء" ناد في الناس أن من عنده ماء للوضوء فليأت به (في أشجاب له) جمع شجب - بفتح فسكون - وهو السقاء الذي بلي وأخلق وصار شنًّا، وأصل الشجب الهلاك، سمي السقاء البالي شجبا لقربه من الهلاك أي الفناء (على حمارة من جريد) حمارة بكسر الحاء وتخفيف الميم والراء: أعواد تعلق عليها أسقية الماء، والجريد: خوص النخل، سمي جريدًا لأنه يجرد من الأوراق (في عزلاء شجب منها) أي في فم سقاء من أسقيته، والعزلاء الفم الكبير الذي يكون في إحدى جهتي القربة (أفرغه) أي أكفأه وأخرجه من القربة إلى إناء آخر (لشربه يابسه) أي لانجذب الماء في الجزء اليابس من تلك القربة، ولم=