الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبُو الْجَوَّابِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ جَمِيعًا عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ» فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ
بَابُ إِذَا أُثْنِيَ عَلَى الصَّالِحِ فَهِيَ بُشْرَى وَلَا تَضُرُّهُ
(2642)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:«قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ.»
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ وَكِيعٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ. (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ بِإِسْنَادِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِمِثْلِ حَدِيثِهِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ عَنْ شُعْبَةَ غَيْرَ عَبْدِ الصَّمَدِ: وَيُحِبُّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ: وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ كَمَا قَالَ حَمَّادٌ
بَابُ كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ
166 - قوله: (تلك عاجل بشرى المؤمن) أي من جملة البشرى التي تحصل للمؤمن عاجلًا في هذه الحياة الدنبا، وللمؤمن بشارات في الدنيا وبشارات في الآخرة. قال تعالى:{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 64] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت: 31، 30].
(كتاب القدر) بفتحتين، وقد تسكن داله، هو ما قرره الله سبحانه وتعالى في الأزل من إيجاد هذا الكون، وإيجاد كل ما فيه من صغير وكبير من السماوات والأرض إلى الذرة والنملة، ومن إيجاد نظام لكل مما في هذا الكون، فالكون يمشي وفق هذا النظام ولا يحيد عنه، فالقدر في الحقيقة بمنزلة تخطيط إلهي دقيق تام لهذا الكون ولنظامه ولما يترتب عليه ولكل ما يقع فيه. وهذا لا إشكال فيه ولا غرابة في الجملة، وإنما الذي استغربوه وأنكروا لأجله القدر هو أن الإنسان ما دام يعمل ما يعمل من خير أو شر تحت قدر الله وقضائه ولا يستطيع أن يحيد عنه فلماذا العقاب =
(2643)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ قَالُوا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ «: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا.»
= والثواب؟ ومن هنا أنكر بعضهم القدر بتاتًا، وقالوا: إن الإنسان خالق أفعاله، واستسلم بعضهم للقدر تمامًا، وبرؤوا الإنسان من عهدة ما يعمل، وقالوا إن أفعال الإنسان بمنزلة حركات النبات، ويكفي للقضاء على هذا الأخير أن الأفعال التي تقوم بالإنسان وتنسب إليه منها ما هو في خيار الإنسان ومنها ما ليس في خياره، ومثال الذي ليس في خيار الإنسان ولادته ووفاته، وطوله وقصره، ولونه وجنسه وحسنه وقبحه وغير ذلك، أما الذي هو في خياره فهو كمشيه وجلوسه وكلامه وسكوته، وجهده في الكسب والمعاش وقيامه بأعمال البر والخير أو بأعمال الشر والفساد، فهذه الأعمال مما يشعر به كل أحد بفطرته وطبيعته أنه مخير في فعله وتركه، فإن فعله فعله بخياره، وإن تركه تركه بخياره، ولذلك اتفقت أنظمة الحكومات كلها والمجتمعات بأسرها مسلمها وكافرها على مؤاخذة المجرم وعقابه، لأن فطرتهم متفقة على أن ما صدر منه في هذا الباب فهو في قدرته وخياره وعلى عهدته ومسئوليته، وأما الذي يقضي على قول من يقول: إن أفعال الإنسان مخلوقة له وليست مخلوقة لله، فهو أن الأعضاء والجوارح والقدرة والاستطاعة التي يرتكب بها الإنسان فعلًا من أفعاله الاختيارية هي مما أعطاه الله وخلقه في الإنسان وكذلك الأسباب والشروط التي لا يمكن ارتكاب فعل إلا معها هي أيضًا مما خلقه الله وهيأه له، والقانون الكوني الذي يتبعه في ارتكاب ذلك الفعل هو أيضًا مما أوجده الله، حتى إن الإنسان إذا تكلم بكلمة الكفر من لسانه فإنه لا يتكلم بها إلا بتحريك اللسان حسب الطريقة التي قررها الله للتكلم، ومع كل هذا لا يمكن لشيء ما وجوده إذا لم يأذن به الله، إذن ماذا بقي في كون فعل العبد مخلوقًا لله؟ وإنما يؤخذ به العبد لأن فعله لم يكن ليوجد لولا أنه بذل له جهده وكسبه، وارتكبه بخياره الذي يشعر به كل أحد. وإنما السر الذي يحتار فيه الإنسان هو الربط بين قضاء الله وخلقه، وبين خيار الإنسان وكسبه، وما دام الطرفان، وهما قضاء الله وخيار الإنسان، معلومين بالفطرة والبرهان فإنه لا يجوز إنكار واحد من الطرفين لعدم معرفة الربط الذي يربطه بالطرف الآخر، ويسوغ الجمع بينهما، إذ المعلوم لا ينكر لأجل المجهول. ومن هنا قال العلماء: إن القدر سر من أسرار الله تعالى اختص به العليم الخبير، وضرب دونه الأستار، وحجبه عن العقول، وأن من خاض فيه تاه في بحار الحيرة، ولم يبلغ ما يطمئن به القلب.
1 -
قوله: (الصادق) في أقواله وأفعاله وأحواله (المصدوق) في جميع ما أتاه من الوحي، يقال: صدقه أي قال له الصدق، فالذي قيل له الصدق هو مصدوق (يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا) أي تتخمر النطفة إلى هذه المدة وتتدرج شيئًا فشيئًا حتى تتهيأ للخلق فيصير (علقة) وهي الدم الغليظ الجامد (مثل ذلك) الزمان، وهو أربعون يومًا (مضغة) أي قطعة لحم كأنها مضغت بالأسنان (ثم يرسل الملك) في نهاية الطور الثالث، وبداية الطور الرابع، وحيث إن هذا الخلق يتدرج شيئًا فشيئًا في كل مرحلة فإنه مع نهاية الطور الثالث يتكامل بنيانه، ويتشكل أعضاؤه، وهذه الأطوار مذكورة في قوله تعالى مع ذكر بداية خلق الإنسان وما ينتهي إليه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ =
(000)
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ. (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. (ح) وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. (ح) وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ: أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَمَّا فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ وَعِيسَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
(2644)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَمَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ فَيُكْتَبَانِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ فَيُكْتَبَانِ، وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ، وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ، ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ فَلَا يُزَادُ فِيهَا، وَلَا يُنْقَصُ.»
(2645)
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: «الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، فَأَتَى رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ، فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا، فَصَوَّرَهَا، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا
= لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14](إلا ذراع) تمثيل لغاية قربه منها (فيسبق عليه الكتاب) الذي كتب فيه سعادته أو شقاوته قبل المولد (فيعمل بعمل أهل النار) ولكن لا يكون ذلك على سبيل الإكراه والإجبار، بل هو يعمل بخياره الذي يشعر به كل أحد، وإنما لا يمكن أن يقع الخطأ في الكتاب لأن الله الذي أوحى إلى الملك بكتابته يعلم كل شيء، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، فكان يعلم أن هذا الرجل ينقلب بخياره من الخير إلى الشر، ويستحق النار، فأمره بكتابة ذلك ليس بإجبار له عليه، والحديث صريح في إثبات القدر، وأن التوبة تهدم الذنوب، وأن من مات على شيء حكم له بذلك من خير أو شر إلا أن أصحاب المعاصي غير الكفر تحت المشيئة.
2 -
هذا الحديث بظاهره يعارض الحديث السابق في وقت الكتابة، وقد تكلف الشراح في الجمع بينهما بأنواع من التكلف فقيل: هذه كتابة غير الكتابة المذكورة في الحديث السابق، وقيل: العطف بثم في الحديث السابق في قوله: "ثم يرسل الملك
…
إلخ ليس للترتيب الزمني، وإنما هو لمجرد ترتيب البيان، وقيل غير ذلك، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك من تصرف الرواة برواياتهم بالمعنى الذي يفهمونه، ويؤيد هذا أن الإمام البخاري رحمه الله أعرض عن حديث حذيفة بن أسيد هذا، فلم يروه في هذا الباب، وإنما روى حديث ابن مسعود السابق فقط.
3 -
قوله (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة) هذا يختلف عن الحديث السابق بزيادة يومين أو بنقص ثلاثة أيام، وكلاهما من حديث حذيفة بن أسيد، فهو يدل على عدم ضبط الراوي لمدة هذا الزمان ضبطًا جيدًا، ثم المذكور في هذا الحديث خلق السمع والبصر والجلد واللحم والعظم كلها بعد ثنتين وأربعين ليلة، وهو يخالف الترتيب الذي =
وَعِظَامَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَجَلُهُ؟ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ رِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ، وَلَا يَنْقُصُ».
(000)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ
أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ
(000)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَطَاءٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ حَدَّثَهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَقُولُ: «إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَتَصَوَّرُ عَلَيْهَا الْمَلَكُ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَسِبْتُهُ قَالَ الَّذِي يَخْلُقُهَا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ فَيَجْعَلُهُ اللهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَسَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ سَوِيٍّ؟ فَيَجْعَلُهُ اللهُ سَوِيًّا أَوْ غَيْرَ سَوِيٍّ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ مَا رِزْقُهُ؟ مَا أَجَلُهُ؟ مَا خَلْقُهُ؟ ثُمَّ يَجْعَلُهُ اللهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا.»
(000)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، حَدَّثَنِي أَبِي كُلْثُومٌ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ مَلَكًا مُوَكَّلًا بِالرَّحِمِ إِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا بِإِذْنِ اللهِ لِبِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
(2646)
حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَرَفَعَ الْحَدِيثَ أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقًا قَالَ: قَالَ الْمَلَكُ: أَيْ رَبِّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا الْأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.»
= ورد في القرآن في خلق هذه الأشياء في قوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14]، فإن هذا الترتيب يدل على أن لكل منها طورًا غير الطور الذي للسابق، وهذا الحديث يقتضي وجود كل شيء حتى اللحم والعظام في نهاية الطور الأول، فمتى تكون العلقة والمضغة. فالذي يترجح أن الخلل وقع في ضبط الأطوار وتعيين مدتها. والله أعلم.
4 -
قوله (ثم يتصور عليها الملك) قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا "يتصور" بالصاد، وذكر القاضي "يتسور" بالسين، قال: والمراد بـ "يتسور" ينزل، وهو استعارة من تسورت الدار، إذا نزلت فيها من أعلاها، ولا يكون التسور إلا من فوق، فيحتمل أن تكون الصاد الواقعة في نسخ بلادنا مبدلة من السين. والله أعلم. انتهى (أسوي) بهمزة الاستفهام، وسوي على وزن فعيل بمعنى تام الخلقة، كامل الأعضاء.
(2647)
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ) قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كُنَّا فِي جِنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ
مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، إِلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ فَقَالَ: مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ. فَقَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .»
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَعْنَاهُ، وَقَالَ: فَأَخَذَ عُودًا، وَلَمْ يَقُلْ: مِخْصَرَةً وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ. (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسًا، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ، إِلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَلِمَ نَعْمَلُ؟ أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: لَا اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} إِلَى قَوْلِهِ
6 - قوله (بقيع الغرقد) مقبرة أهل المدينة، وهي الآن بجوار المسجد النبوي، ومعنى البقيع موضع فيه أروم من الشجر من أنواع شتى، والغرقد نوع من الشجر كان فيه فنسب إليه (مخصرة) بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الصاد، هي عصا أو قضيب يمسكه الرئيس، سميت بذلك لأنها تحمل تحت الخصر غالبًا للاتكاء عليها (فنكس) بتخفيف الكاف وتشديدها، أي أطرف (ينكت) أي يخط في الأرض قليلًا قليلًا، ويفعل ذلك من يكون في هم أو تفكير (نفس منفوسة) أي مولودة (أفلا نمكث) أي نعتمد ونتكل (على كتابنا) المقدر لنا في الأزل (وناع العمل) أي نتركه، يعني إذا سبق القضاء لكل أحد منا بالجنة أو النار فأي فائدة من السعي في العمل، فإنه لا يرد قضاء الله وقدره (من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة
…
إلخ) حاصل الجواب أن القدر غير معلوم، والأعمال هي العلامة عليه، والله تعالى جعلها طريقًا إلى نيل ما قدره من جنة أو نار، فلابد من المشي في الطريق، وبواسطة التقدير السابق يتيسر ذلك المشي ويسهل، لكل في طريقه. ونظيره أن الرزق مقسوم، ولكن يحصل بعد الجهد والكسب، والشفاء من المرض مقدر في كثير من الأحيان، ولكن يحصل بالتداوي والعلاج الطبي، فكذلك الجنة والنار مقدرتان، ولكن العبد يدخل في إحداهما حسب عمله، فعليه أن يعمل لا أن يقعد {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} الآية [الليل: 5] أي من كان متصفًا بهذه الصفات في علمنا وقدرنا فسنيسره لتلك الأعمال في الخارج، وبهذا التوجيه ينطبق عليه الحديث.
{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .»
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ: أَنَّهُمَا سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.
(2648)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ. (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا كَأَنَّا خُلِقْنَا الْآنَ فِيمَا الْعَمَلُ الْيَوْمَ؟ أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ؟ قَالَ: لَا بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، قَالَ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ زُهَيْرٌ: ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو الزُّبَيْرِ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ فَسَأَلْتُ: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ.؟ »
(000)
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْمَعْنَى، وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ عَامِلٍ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ» .
(2649)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ الضُّبَعِيِّ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ:«قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قِيلَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ.»
(000)
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ. (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ كُلُّهُمْ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ حَمَّادٍ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ.
(2650)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ: «أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرِ
8 - قوله (بل فيما جفت به الأقلام) جفاف القلم كناية عن فراغه من الكتابة بعد جريانه بها، يريد أن العمل الذي نعمله اليوم هل هو بتقدير سابق من الله في الأزل لا يمكن فيه التغير والتبدل؟ (أم فيما نستقبل) أي أم هو شيء لم يقدر في الأزل، بل يجري علينا كل فعل في الوقت الذي نستقبله ونقصده من غير أن يجري عليه التقدير؟ وحاصل السؤال أن ما نفعله من الشر والخير أهو مقدر ومقضي سابقًا في الأزل، أم هو أمر مستأنف ليس مبنيًّا على قدر وقضاء سابق، وإنما هو كائن في الزمان الذي نستقبله؟
10 -
قوله: (ويكدحون فيه) أي يسعون في تحصيله بجهد وكد، يقال: كدح في العمل، أي جهد نفسه فيه وكد =
مَا سَبَقَ؟ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ قَالَ فَقَالَ: أَفَلَا يَكُونُ ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: كُلُّ شَيْءٍ خَلْقُ اللهِ وَمِلْكُ يَدِهِ فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. فَقَالَ لِي:
يَرْحَمُكَ اللهُ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ، وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى فِيهِمْ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} .»
(2651)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.»
(112)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.»
= حتى يؤثر فيه (قضي عليهم) بصيغة المجهول، أي قدر فعله عليهم (ومضى عليهم) بصيغة المعلوم، أي نفذ في حقهم (من قدر ما سبق) في الأزل، و "من" بيان لقوله:"شيء"(أو فيما يستقبلون به) بصيغة المجهول، ومعناه ما سبق، أي إنه كائن في الزمان الذي يستقبلونه، وليس بمقدر في الأزل (مما أتاهم به نبيهم) بيان لما في قوله "ما يعمل الناس"(وثبتت الحجة عليهم) بظهور صدق النبي بالمعجزات، أي إن الذي جاء به النبي من دين الله وأمره ونهيه، ويعمل به الناس أو يخالفونه هل هذا كان مقدرًا في الأزل، أم هو شيء مستأنف يحدث حين يقدم عليه الإنسان دون أن يكون له قضاء وقدر سابق؟ (أفلا يكون ظلمًا؟ ) أن يؤاخد الإنسان ويعاقب على عمل قدر له في الأزل (لأحزر عقلك) أي لأقدر عقلك، فأعرف كم عندك من عقل وفهم ومعرفة {وَنَفْسٍ} أي وكل نفس {وَمَا سَوَّاهَا} ما مصدرية أو موصوله، ومعنى سواها خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] أي بين لها طريق الخير والشر، وهداها إلى ما قدر لها في الأزل. ووجه الاستدلال من الآية أن "ألهمها" بلفظ الماضي يدل على أن ما يعملونه من الخير والشر قد جرى إلهامهما قبل قيامهم بهما. ثم السياق يفيد أن هذا الفجور أو التقوى كانا مقررين لهم قبل هذا الإلهام. والفطرة تشعر بوجود هذا الإلهام في النفس.
11 -
قوله: (ثم يختم له عمله بعمل أهل النار) وقد دلت التجارب على أن هذا يحصل فيمن يكمن في نفسه رغبة باطلة أو طمعًا خبيثًا يغطي عليهما بأعماله الصالحة الظاهرة، فتغلب عليه تلك الرغبة أو الطمع في آخر أوقاته، حتى يقوم بتنفيذهما ويموت على ذلك، وبعكس هذا فيمن يموت على عمل أهل الجنة، إلا أن هذا ليس بمطرد في انقلاب المرء من الخير إلى الشر أو عكسه، فليكن الإنسان على حذر، ولا يقع في غرور النفس إذا وجد منها صلاحًا وميلًا إلى الخير، وليطلب من الله التوفيق والسداد الدائم وحسن الخاتمة.