الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: فَحَمَلَتْ. قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لَا يَطْرُقُهَا طُرُوقًا، فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ، وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى! قَالَ: تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا، قَالَ: وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ، لَا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ! قُلْتُ: نَعَمْ. فَوَضَعَ الْمِيسَمَ، قَالَ: وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلَاكَهَا فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ! قَالَ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ.»
(000)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ - وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ.
بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ بِلَالٍ رضي الله عنه
(2458)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ: يَا بِلَالُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْفَعَةً، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ بِلَالٌ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا فِي الْإِسْلَامِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً مِنْ أَنِّي لَا أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كَتَبَ اللهُ لِي أَنْ أُصَلِّيَ» .
بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّهِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
= رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يطرقها طروقًا) أي لا يدخلها ليلًا (فضربها المخاض) أي وجع الولادة (ما أجد الذي كنت أجد) أي إن المخاض ذهب عنها ولا تحس به، وذلك ببركة دعاء أبي طلحة (فانطلقنا) يعني فدخلا المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ضربها المخاض بعد القدوم إلى البيت (ومعه ميسم) هي الآلة التي يكوى بها الحيوان. من الوسم، وهو العلامة (يتلمظها) أي يمصها ويتتبع أجزاءها بلسانه، والتلمظ أن يتتبع بلسانه بقية الطعام في فمه، وأن يخرج لسانه فيمسح به شفتيه (وسماه عبد الله) وكان من بركة دعائه صلى الله عليه وسلم أنه كان من خير أهل زمانه، وقال علي بن المديني ولد لعبد الله بن أبي طلحة عشرة من الذكور كلهم قرؤوا القرآن وروى أكثرهم العلم. [أسد الغابة، ترجمة 3025 (3/ 181)].
108 -
قوله: (فإني سمعت الليلة) أي في المنام (خشف نعليك) بفتح الخاء وسكون الشين: الحركة الخفيفة والسير اللين، أي صوت نعليك (طهورًا تامًّا) أي وضوءًا كاملًا، والظاهر أنه لا مفهوم له، ويمكن أن يكون المراد إخراج الوضوء اللغوي، فقد يفعل ذلك لطرد النوم ونحوه (ما كتب الله لي) أي ما قدره من فريضة أو نافلة. وفي الحديث إشارة إلى بقاء بلال في الآخرة على ما كان عليه في حال حياته، واستمراره على قرب منزلته من النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه منقبة عظيمة لبلال.
(2459)
حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ الْحَضْرَمِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، قَالَ سَهْلٌ وَمِنْجَابٌ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ:«لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قِيلَ لِي: أَنْتَ مِنْهُمْ» .
(2460)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ)، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:«قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ، فَكُنَّا حِينًا وَمَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ» .
(000)
حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ الْأَسْوَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ - فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
(000)
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:«أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُرَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ - أَوْ مَا ذَكَرَ مِنْ نَحْوِ هَذَا» .
(2461)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ قَالَ: «شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ حِينَ مَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟ فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنْ كَانَ لَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا» .
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا قُطْبَةُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: «كُنَّا فِي دَارِ أَبِي مُوسَى مَعَ
نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ فِي مُصْحَفٍ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: مَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ بَعْدَهُ أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ هَذَا الْقَائِمِ! فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا
109 - قوله: (أنت منهم) هذا خطاب من النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود، لبيان ما قيل له فيه.
110 -
قوله: (فكنا حينًا) أي مكثنا زمانًا (وما نرى) بضم النون، بالبناء للمفعول، أي وما نظن (دخولهم ولزومهم) المراد بضمير الجمع المجرور عبد الله بن مسعود وأمه، وهما اثنان، فهو من إطلاق الجمع على اثنين. وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم دليل على فضله.
112 -
قوله: (إن قلت ذاك) لم يذكر جزاء هذا الشرط، ولكنه ذكر ما يدل على الجزاء، أي إن قلت ذاك فهو حق أو قريب من الحق، فإنه كان يؤذن له على رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
إلخ.
113 -
قوله: (فقام عبد الله فقال أبو مسعود
…
إلخ) معنى هذا أن هذا الحوار جرى بين أبي مسعود وأبي موسى=
لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ لَقَدْ كَانَ يَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا وَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا».
(000)
وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ:«أَتَيْتُ أَبَا مُوسَى فَوَجَدْتُ عَبْدَ اللهِ وَأَبَا مُوسَى.» (ح)
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ:«كُنْتُ جَالِسًا مَعَ حُذَيْفَةَ وَأَبِي مُوسَى» - وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَحَدِيثُ قُطْبَةَ أَتَمُّ وَأَكْثَرُ.
(2462)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ:«{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا يَعِيبُهُ» .
(2463)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا قُطْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ:«وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا مِنْ كِتَابِ اللهِ سُورَةٌ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ» .
= في حال حياة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وفي الحديث السابق أنه جرى بعد وفاته، والجمع بينهما أنه جرى في الحالتين. ففضل أصحاب الفضل يكثر ذكره ويتكرر. وبمثل هذا يجمع بين هذا الطريق وبين الطريق التالي أنه كان جالسًا مع حذيفة وأبي موسى. أي إن هذا الحوار جرى بين أبي مسعود وأبي موسى مرة، وبين حذيفة وأبي موسى مرة أخرى، على أن قول الإمام مسلم:"وحديث قطبة أتم وأكثر" إشارة إلى أن ذكر حذيفة بدل أبي مسعود وهم.
114 -
قوله: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] الأصل في الغلول: الخيانة في الغنيمة وكتمان شيء منها، ثم أطلق على مطلق الخيانة، وسبب قول ابن مسعود هذا لأصحابه وتلاميذه أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما كتب المصاحف وأرسلها إلى الآفاق أمر الناس أن يتمسكوا بمصحفه، ويرسلوا إليه بقية المصاحف التي كانت عندهم، فأحرقها، ولم يرسل ابن مسعود مصحفه، بدليل أنه قرأ كذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذه منه. وقال لأصحابه وتلاميذه: غلوا مصاحفكم، أي اكتموها، لأن من غل شيئًا يأت بما غل يوم القيامة، فتأتون أنتم بالمصاحف، وكفى به شرفًا، ومما يؤخذ على ابن مسعود على جلالة شأنه أن ترتيب مصحفه لم يكن هو الترتيب الأخير الذي حصل في عرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم العرض الأخير، فكان بينه وبين بقية المصاحف اختلاف في الترتيب. وأنه لم يثبت بعض السور ظنًّا منه أنه ليس من القرآن، مثل المعوذتين، وأن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ على لغة هذيل، وكان أصل نزول القرآن بلغة قريش، وإنما كانت القراءة على اللغات الأخرى توسعًا في القراءة لا أصلًا في النزول. وكذلك ثبتت زيادة بعض الكلمات في بعض الآيات، ولم تكن تلك الزيادة عند ابن مسعود، وعسى أن تكون تلك الزيادة نزلت فيما بعد نزول أصل الآية، فكان الصواب في ذلك مع عثمان بن عفان رضي الله عنه، وإنما يعذر ابن مسعود أنه لم يطلع عليه (فجلست في حلق) بفتح الحاء واللام، ويجوز كسر الحاء جمع حلقة، وهي الجماعة الجالسة في الدائرة، ثم أطلق على مطلق اجتماع الناس على أحد.