الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَشَارَ أَبُو عَامِرٍ إِلَى أَبِي مُوسَى فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ قَاتِلِي، تُرَاهُ ذَلِكَ الَّذِي رَمَانِي؟ قَالَ أَبُو مُوسَى: فَقَصَدْتُ لَهُ فَاعْتَمَدْتُهُ فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى عَنِّي ذَاهِبًا فَاتَّبَعْتُهُ، وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ: أَلَا تَسْتَحْيِي؟ أَلَسْتَ عَرَبِيًّا؟ أَلَا تَثْبُتُ؟ فَكَفَّ، فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَهُوَ، فَاخْتَلَفْنَا أَنَا وَهُوَ ضَرْبَتَيْنِ فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَامِرٍ فَقُلْتُ: إِنَّ اللهَ قَدْ قَتَلَ صَاحِبَكَ. قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ. فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ أَبُو عَامِرٍ اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: وَاسْتَعْمَلَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ وَمَكَثَ يَسِيرًا، ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ، وَقَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ، وَقُلْتُ لَهُ: قَالَ قُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي. فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ - حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ
مِنْ خَلْقِكَ أَوْ مِنَ النَّاسِ. فَقُلْتُ: وَلِي يَا رَسُولَ اللهِ فَاسْتَغْفِرْ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا».
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: إِحْدَاهُمَا لِأَبِي عَامِرٍ، وَالْأُخْرَى لِأَبِي مُوسَى.
بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ الْأَشْعَرِيِّينَ رضي الله عنهم
(2499)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الْأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا لَقِيَ الْخَيْلَ - أَوْ قَالَ الْعَدُوَّ - قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ.»
(2500)
حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ
= منسوبة إلى جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن (فنزا منه الماء) أي جرى منه الماء بدل الدم (وهو في بيت) أي في خيمة (مرمل) براء مهملة ثم ميم ثقيلة، أي معمول بالرمال، وهي بضم الراء وكسرها، حبال الحصر التي يضفر بها السرير.
166 -
قوله: (رفقة الأشعريين) الرفقة: الجماعة المترافقون. والراء مثلثة، والأشهر ضمها (بالقرآن) يتعلق بأصوات، وهو دليل على استحسان رفع الصوت بالقرآن بالليل إذا أمن الرياء والإيذاء (حين يدخلون بالليل) أي حين يدخلون بيوتهم ومنازلهم بعد رجوعهم من أشغالهم وأعمالهم (ومنهم حكيم) قيل: هو علم، وقيل: صفة، وهو الأظهر (إذا لقي الخيل - أو قال: العدو -) شك من الراوي (أن تنظروهم) أي تنتظروهم، معناه أنه كان يواجه العدو قبل أن يحضر جميع أصحابه، فإن أراد بالعدو أن ينصرف وينسحب قال له ذلك، هذا على تقدير أن يكون المحفوظ لفظ العدو، وإن كان المحفوظ لفظ الخيل فإنه يحتمل هذا المعنى على أن يكون المراد بالخيل خيل العدو، ويحتمل أن يكون المراد خيل أصحابه، يريد أنه يقول لفرسان المسلمين أن ينتظروا الرجالة من أصحابه حتى يقاتلوا جميعًا، وذلك لحبه ولحب أصحابه القتال في سبيل الله.
167 -
قوله: (إذا أرملوا في الغزو) أي قرب زادهم من النهاية، وفي الحديث فضيلة خلط الأزواد وجمعها =