الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاؤُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ.»
بَابُ: تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ
(2898)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيُّ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ. قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ، وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ» .
(000)
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ: أَنَّ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ: «أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ الْقُرَشِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ
فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْكَ أَنَّكَ تَقُولُهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ: قُلْتُ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَجْبَرُ النَّاسِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَخَيْرُ النَّاسِ لِمَسَاكِينِهِمْ وَضُعَفَائِهِمْ.»
بَابُ إِقْبَالِ الرُّومِ فِي كَثْرَةِ الْقَتْلِ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ
= سيوفهم بالزيتون) إشارة إلى غاية اطمئنانهم، ووضع سلاحهم إلى جانب (إذ صاح فيهم الشيطان) تعبير لطيف لما ينشر من الراديو والإذاعات الكاذبة إذ ذاك (وذلك باطل) أي خبر خروج الدجال المنشور بصياح الشيطان (فأمهم) ظاهر معناه أن عيسى عليه السلام يؤم المسلمين في حلاتهم هذه، فإذا كان هذا هو المراد فهو وهم، فإن المهدي هو الذي يؤم المسلمين دون عيسى عليه السلام. ويمكن أن يكون معنى "أمهم" أي قصدهم يعني العدو، وهذا المعنى يوافق ما بعده، ولكن لا يوافق ما قبله (فإذا رآه عدو الله) أي المسيح الدجال (في حربته) بفتح فسكون، هي الرمح القصير، ويمكن أن تكون هي الشفرة التي تكون على فوهة البندقية، والحاصل أنه يقتله بسنان الرمح ونصله لا برصاص البندقية.
35 -
قوله: (موسى بن علي) بضم العين بالتصغير، وهو أصلًا مكبر، ولكن صغروه للتفريق بينه وبين موسى بن علي آخر، وكان موسى يكره تصغير اسم أبيه، ويغضب على ذلك (لأحلم الناس) من الحلم، وهو الصبر وعدم الطيش، وهو ينقذ كثيرًا من سفك الدماء والوقوع في مخاطر الفتنة (وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة) فلا يقون على توترهم إلى أمد طويل، مثل أقوام أخرى، بل سرعان ما يعودون إلى حالتهم الطبيعية، وهو عامل كبير في نمو الأقوام وازدهارهم (وأوشكهم) أي أقربهم (كرة) رجوعًا (بعد فرة) أي بعد الفرار، فلا يغلبهم غيرهم غلبة يقضون بها عليهم، والرابعة والخامسة من أحسن أوصاف الناس التي تثبت دعائم المجتمع، ولا يجتنى من الظلم إلَّا الإبادة والدمار.
36 -
قوله: (وأجبر الناس عند مصيبة) أفعل من الجبر، وهو ضد الكسر، أي ضم المكسور، والجبر عند المصيبة هو العون والمواساة والطمأنة وتوفير ما يذهب بالهم والغم من الأمور المادية والمعنوية.
(2899)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ حُجْرٍ)، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: «هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتِ السَّاعَةُ. قَالَ: فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ. فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ. قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رِدَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيُقْتَلُونَ مَقْتَلَةً إِمَّا قَالَ: لَا يُرَى مِثْلُهَا، وَإِمَّا قَالَ: لَمْ يُرَ مِثْلُهَا حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيِّتًا، فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ كَانُوا مِائَةً، فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ، أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ
يُقَاسَمُ؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ»
37 - قوله: (هجيري) بكسر الهاء وتشديد الجيم المكسورة بعدها ياء ساكنة وفي الأخير ياء مقصورة، أي لَمْ يكن له كلام ولا شأن إلَّا ذلك (ونحاها نحو الشأم) أي مدها وأشار بها قبل الشأم (عدو يجمعون) عددهم وعدتهم عند بلاد الشأم (لأهل الإسلام) أي لقتالهم (ردة شديدة) أي ارتداد شديد عن الإسلام، إما ظاهرًا بالخروج عن الإسلام والدخول في الكفر، وإما معنى باختيار عقائد وأمور توجب الكفر مع بقائهم على ظاهر الإسلام (فيشترط المسلمون شرطة) أي تخرج منهم طائفة تتقدم عليهم (للموت، لا ترجع إلَّا غالبة) أي إنها تتعهد على نفسها أنَّها إما أن تموت وإما أن تغلب، فلا ترجع من غير غلبة (فيفيء هؤلاء وهؤلاء) أي فيرجع المسلمون إلى معسكرهم والكفار إلى معسكرهم (وتفنى الشرطة) أي تقتل أثناء القتال، فلا ترجع، كما تعهدت على نفسها (ثم يشترط المسلمون
…
إلخ) أي حين تدور المعركة مرّة ثانية، وكذا حين تدور مرّة ثالثة (فإذا كان يوم الرابع) أي من القتال، وكأنه أراد المرحلة الرابعة منه، وكل مرحلة من القتال يسمى عند العرب باليوم ولو طالت مدته، مثل يوم الخندق، ويوم قريظة ويوم خيبر، وغير ذلك فإن كلّ يوم منها دام أيامًا وأسابيع، ويحمل على هذا المعنى ما سبق من أيام القتال الثلاثة قبل هذا اليوم الرابع (نهد) أي قام (إليهم بقية أهل الإسلام) ظاهر معناه أن المسلمين يقومون لنصرتهم من كلّ بلاد الإسلام نظرًا لما قد أحاط بهم من حرب الإبادة (الدائرة عليهم) وفي نسخة:(الدبرة عليهم) النسخ بالباء الموحّدة، أي الهزيمة على أعداء الإسلام (بجنباتهم) أي بأطرافهم ونواحيهم (فما يخلفهم) من التخليف، أي فما يتركهم خلفه ولا يجاوزهم (حتى يخر) أي يسقط ميتًا لطول ما طار من المسافة وبُعدِها (فيتعاد بنو الأب) أي يعد بعضهم بعضًا (فيرفضون ما في أيديهم) من الغنيمة التي حصلوا عليها من العدو بعد الفتح.