الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
(2388)
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ! فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ - تَعَجُّبًا وَفَزَعًا - أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي! فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ - بِهَذَا الْإِسْنَادِ قِصَّةَ الشَّاةِ وَالذِّئْبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْبَقَرَةِ.
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ - كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَفِي حَدِيثِهِمَا ذِكْرُ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ مَعًا، وَقَالَا فِي حَدِيثِهِمَا:«فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ» .
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ - كِلَاهُمَا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
13 - أورد البخاري هذا الحديث في ذكر بني إسرائيل، وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام (قد حمل عليها) في صحيح البخاري في الحرث والمزارعة [ح 2324] "بينما رجل راكب على بقرة التفتت إليه" (يوم السبع) قيل: هو بفتح السين وضم الباء بمعنى الحيوان المفترس. يعني يوم تغفلون أنتم عن أغنامكم وتتركونها، وتشتغلون بالحروب والفتن ومفاجأة هجوم العدو والفرار منه، فتتمكن السباع من تلك الأغنام غاية التمكن، وأكون لانفرادي بها وسيطرتي عليها كأنني أنا راعيها، وضبط السبع بسكون الباء، واختلف في معناه، وأرجح ما قيل فيه أنه بمعنى الفزع أو بمعنى الإهمال، أو بمعنى الشدة، وكلها متقاربة، أي يوم تفزعون، فتتركون أغنامكم لشدة ما أنتم فيه من الهول والفزع، كأنه يشير إلى بداية يوم القيامة، أو إلى يوم آخر يكون مثله في الشدة.
( .. ) قوله: (وما هما ثم) أي وما كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما موجودين في ذلك المكان الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم حكاية البقرة والشاة والذئب، وإنما أخبر صلى الله عليه وسلم عن إيمانهما لما اطلع عليه من صدق إيمانهما وقوة يقينهما. وفيه منقبة ظاهرة لهما.
(2389)
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ وَأَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ، قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «وُضِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُثْنُونَ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ
قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ. قَالَ: فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِي مِنْ وَرَائِي، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتُ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَذَاكَ أَنِّي كُنْتُ أُكْثِرُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَوْ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللهُ مَعَهُمَا».
(000)
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ - فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ.
(2390)
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ. (ح) وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (وَاللَّفْظُ لَهُمْ)، قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ، قَالُوا: مَاذَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الدِّينَ» .
(2391)
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ قَدَحًا أُتِيتُ بِهِ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَجْرِي فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ
14 - قوله: (وضع عمر بن الخطاب على سريره) أي لما مات (فتكنفه الناس) أي أحاطوا به (ويصلون عليه) أي يدعون له، ويترحمون عليه (قبل أن يرفع) للصلاة عليه أو لدفنه (فلم يرعني) أي لم يفزعني، ومعناه أن رجلًا أخذ منكبه بغتة (فترحم على عمر) في صحيح البخاري في مناقب أبي بكر:"فقال: يرحمك الله"(أحب) يجوز نصبه ورفعه، وفيه أن عليًّا رضي الله عنه كان لا يعتقد أن لأحد عملًا في ذلك الوقت أفضل من عمل عمر (مع صاحبيك) أي النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، والمراد بالمعية معيتهما في دخول الجنة أو ما وقع من دفنه عندهما.
15 -
قوله: (منها ما يبلغ الثدي) بضم المثلثة وكسر الدال وتشديد الياء جمع ثدي بفتح فسكون، والمعنى أن القميص كان قصيرًا جدًّا، لم يبلغ إلا إلى موضع الثدي (ومنها ما يبلغ دون ذلك) يحتمل أن يكون المعنى دونه من جهة العلو، فيكون أقصر من السابق، أو دونه من جهة السفل فيكون أطول منه (قميص يجره) لطوله حتى جاوز القدمين (الدين) ويقول أهل التعبير: إن طول القميص يدل مع الدين على بقاء آثار صاحبه من بعده.
16 -
قوله: (الري) بكسر الراء، وبفتحها مصدرًا، والياء مشددة، بمعنى ما ارتوى به من اللبن (العلم) وجه =
أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الْعِلْمَ».
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ - بِإِسْنَادِ يُونُسَ نَحْوَ حَدِيثِهِ.
(2392)
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ - وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ - ضَعْفٌ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ - بِإِسْنَادِ يُونُسَ نَحْوَ حَدِيثِهِ.
(000)
حَدَّثَنَا الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: قَالَ الْأَعْرَجُ وَغَيْرُهُ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ يَنْزِعُ» - بِنَحْوِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ.
= التعبير به أن العلم واللبن يشتركان في كثرة النفع وكونهما سببًا للصلاح، فاللبن للغذاء البدني والعلم للغذاء المعنوي.
17 -
قوله: (على قليب) أي بئر غير مطوية (فنزعت منها) أي استخرجت منها الماء (ذنوبًا أو ذنوبين) بفتح المعجمة: الدلو الممتلىء (وفي نزعه ضعف) والضعف في النزع إنما يظهر باضطراب الحبل وتراجع الدلو إلى الداخل، أو صعوبته وتثاقله على النازع، وقد ارتد ناس كثيرون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يعني في عهد أبي بكر - وتراجعوا إلى ما كانوا عليه قبل الإسلام، أو إلى مثله من الضلال، فاضطرب لذلك حبل النظام، وصعب الأخذ بالزمام إلا أن أبا بكر نجح في نزع الدلو، يعني في إعادة الظروف إلى ما كانت عليه حتى استقر الأمر، ويظهر بذلك أن لا عتاب على أبي بكر رضي الله عنه في هذا الضعف، فإنه أمر طرأ على الأمة من غير خيار منه، وإنما الذي فعله هو كبت جماح ثورة الارتداد، وإعادة الأمور إلى نصابها، وهو مما يمدح عليه، ويجزيه الله أعظم الجزاء وأحسنه (ثم استحالت) أي تحولت (غربًا) بفتح فسكون: الدلو العظيمة المتخذة من جلود البقر أو الجاموس ونحوهما. وفيه إشارة إلى توسع رقعة الإسلام في عهد عمر رضي الله عنه (فلم أر عبقريًا) بفتح فسكون ففتح ثم راء مكسورة وياء مشدودة، نسبة إلى موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن، ثم نسبوا إليه كل شيء تعجبوا من حذقه أو جودة صنعته وقوته، فهو يطلق على سيد القوم وكبيرهم وقويهم، وعلى كل فاخر وفائق ونفيس من حيوان وجوهر وغيرهما بحيث لا يكون شيء فوقه، ومنه قوله تعالى:{وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76] وهي بسط أهل الجنة وفرشهم (حتى ضرب الناس بعطن) بفتح العين والطاء، هو ما يعد للشرب حول البئر من مبارك الإبل، وقوله:"ضرب الناس" من ضربت الإبل بعطن، أي بركت به، والعطن للإبل كالوطن للناس، ولكن غلب على مبركها حول الحوض، يعني أن الناس أوردوا إبلهم على الماء ثم آووها إلى عطنها، ومعلوم أن الإبل إنما تبرك به حين تفرغ من الرعي والشرب وتطمئن فتستريح، ففيه إشارة إلى أن الناس بلغوا حوائجهم واطمأنوا واستراحوا في عهده رضي الله عنه.
(000)
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنِّي أَنْزِعُ عَلَى حَوْضِي أَسْقِي النَّاسَ، فَجَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِي لِيُرَوِّحَنِي، فَنَزَعَ دَلْوَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَجَاءَ ابْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ مِنْهُ فَلَمْ أَرَ نَزْعَ رَجُلٍ قَطُّ أَقْوَى مِنْهُ، حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ وَالْحَوْضُ مَلْآنُ يَتَفَجَّرُ» .
(2393)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ)، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُرِيتُ كَأَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ فَنَزَعَ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللهُ تبارك وتعالى يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَاسْتَقَى فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ
يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ، وَضَرَبُوا الْعَطَنَ».
(000)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَا جَابِرًا يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. (ح)
(2394)
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا دَارًا أَوْ قَصْرًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ، فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، أَوَعَلَيْكَ يُغَارُ.؟ »
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ.
18 - قوله: (ليروحني) أي ليريحني من نصب الدنيا وتعبها، وإن كان ذلك التعب والنصب في سبيل الله ونشر دينه، ففيه إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يتوفى ويستريح، ويقوم أبو بكر بعده بتدبير أمر الأمة ومعاناة أحوالهم (فنزع دلوين) كأنه إشارة إلى مدة خلافته، فيكون ما سبق من قوله:"ذنوبًا أو ذنوبين" شكًّا من الراوي. (حتى تولى الناس) أي رجعوا عن الحوض بعد شربهم واستقائهم.
19 -
قوله: (بدلو بكرة) بكرة البئر بفتحتين: الدولاب الذي يستقى عليه، وهو الخشبة المستديرة التي تكون فوق البئر، ويوضع عليها الحبل عند إدلاء الدلو في البئر. ويجوز أن تكون "بكرة" بفتح فسكون على أن المراد نسبة الدلو إلى الأنثى من الإبل، وهي الشابة، أي الدلو التي يسقى بها بالبعير (يفري فريه) ضط فريه بفتح فسكون فتخفيف ياء وروي بفتح فكسر فياء مشددة، منصوب على المصدر، أي يعمل عمله البالغ ويقطع قطعه، أي لم أر أحدًا يعمل بإحكام وقوة مثل ما يعمل هو (روي الناس) روي بفتح فكسر، أي شربوا من الماء إلى الحد المطلوب.
20 -
قوله: (فرأيت فيها دارًا أو قصرًا) في حديث أنس عند الترمذي: "قصرًا من ذهب".
(ح)
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا. (ح)
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرٍ.
(2395)
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَةَ عُمَرَ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ وَنَحْنُ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَعَلَيْكَ أَغَارُ.؟ »
(000)
وَحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو النَّاقِدُ وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ - بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
(2396)
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي،
وَقَالَ حَسَنٌ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدًا قَالَ:«اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ.! قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ! ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» .
21 - قوله: (توضأ) أصله تتوضأ، ثم الظاهر أنه محمول على ظاهره، والجنة وإن لم تكن دار تكليف، ولكن لا مانع من عمل الخير أو تحصيل مزيد الحسن فيها لمن شاء على سبيل الخيار، ثم الذي رآه صلى الله عليه وسلم كان في الرؤيا، والرؤيا قد تأتي كما رئيت، وقد يكون لها تأويل، فلا غرابة لرؤية التوضي في الجنة (فذكرت غيرة عمر فوليت مدبرًا) فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من مراعاة الصحبة.
22 -
قوله: (وعنده نساء من قريش) هن أزواجه صلى الله عليه وسلم (يستكثرنه) أي يطلبن منه أكثر مما يعطيهن (عالية أصواتهن) على صوته صلى الله عليه وسلم، كما هو عند البخاري في مناقب عمر، وذلك لأنهن كن في حال المخاصمة فلم يتعمدن ذلك، ولأنهن كن معه صلى الله عليه وسلم في الخلوة، ويحتمل فيها ما لا يحتمل في غيرها. وقوله:"عالية" بالنصب على الحال، ويجوز بالرفع على الصفة (يبتدرن الحجاب) أي يسبقن إليه (يهبن) أي يخفن ويوقرن (أنت أغلظ وأفظ) أفعل تفضيل من الغلظة والفظاظة، وهما عبارتان عن شدة الخلق وخشونة الجانب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدًا بما يكره إلا في حق من حقوق الله، وكان عمر يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقًا، وطلب المندوبات، فلذلك وصفنه بأنه أفظ وأغلظ (فجًّا) أي طريقًا واسعًا (إلا سلك فجًّا غير فجك) قال النووي: هذا الحديث محمول على ظاهره، وأن الشيطان متى =
(2397)
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ قَدْ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ -» فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ.
(2398)
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهُمْ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: تَفْسِيرُ مُحَدَّثُونَ مُلْهَمُونَ.
(000)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
(2399)
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أَخْبَرَنَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ؛ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي الْحِجَابِ، وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ.»
= رأى عمر سالكًا فجًّا هرب هيبة من عمر. انتهى. وقيل: هذا على سبيل ضرب المثل ومعناه أن عمر فارق سبيل الشيطان، وسلك طريق السداد، فخالف كل ما يحبه الشيطان. وفيه فضيلة عمر وصلابته في الدين، وليس معنى فرار الشيطان منه أنه معصوم، فالعصمة واجبة في حق الأنبياء، ممكنة في حق غيره.
23 -
قوله: (عن أبي سلمة عن عائشة) روى أصحاب إبراهيم بن سعد هذا الحديث بهذا الطريق عن أبي سلمة عن أبي هريرة، كذلك أخرجه البخاري في مناقب عمر، وخالفهم ابن وهب فقال عن عائشة، وتابعه ابن عجلان، كما في الطريق التالي فكأن أبا سلمة سمع عن أبي هريرة وعن عائشة كليهما (محدثون) بفتح الدال المشددة جمع محدث، وهو من يلقى الحق في قلبه فيكون كالذي حدثه به غيره، أو من يكلمه الملائكة في نفسه وإن لم ير مكلمًا في الحقيقة وكلا المعنيين قريب من الإلهام الذي فسره به ابن وهب، والإلهام الإصابة بغير نبوة، فمعنى المحدث الملهم بالصواب الذي يلقى على فيه، ويقرب من هذا ما رواه الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعًا: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه.
24 -
قوله: (وافقت ربي في ثلاث) أي في ثلاث وقائع، والمراد وافقني ربي فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، ولكنه رعاية للأدب أسند الموافقة إلى نفسه (في مقام إبراهيم) أي إنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (وفي الحجاب) وهو أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت نساءك يحتجبن، فأنزل الله آية الحجاب (وفي أسارى بدر) وهو أنه أشار بقتلهم، وأشار أبو بكر رضي الله عنه بأخذ الفدية منهم، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قال عمر. ثم أنزل الله العتاب على أخذ الفدية وعدم الإثخان. ولم تقتصر موافقة عمر على الثلاث المذكورة، بل حصلت في أشياء غير هذه، منها قوله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين ضيقن عليه:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5] ومنها قصة الصلاة على المنافقين، وهما في الصحيح، وروى الترمذي من حديث ابن عمر أنه قال:"ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر إلا نزل القرآن فيه على نحو ما قال عمر". وهذا دال على كثرة =