الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المقدّمة: وهي تشتمل على تنبيهين]
المقدّمة: وهي تشتمل على تنبيهين
[التّنبيه الأوّل: في معنى لفظ الشّمائل]
التّنبيه الأوّل: في معنى لفظ الشّمائل هي في الأصل: الأخلاق والطّبائع.
قال في «القاموس» : (الشّمال: الطّبع، والجمع: شمائل) اهـ وقال في «لسان العرب» : (مفردها: شمال؛ بكسر الشّين.
قال جرير:
(المقدّمة) - بكسر الدّال- أي: المقدّمة نفسها، لأنّها اشتملت على أمور تقتضي تقديمها، وقد سبق فيما قرّرناه أنها مقدّمة علم؛ لأنها ينتفع بها في هذا الكتاب وفي غيره من كلّ ما ألّف في فنّ الشمائل، وهي مقدّمة كتاب أيضا؛ لأن هذا الكتاب مؤلّف في ذلك الفنّ الذي جعلت مقدّمة له.
(وهي) - أي: هذه المقدّمة- (تشتمل) أي: تحتوي (على تنبيهين:
التّنبيه الأوّل: في معنى لفظ الشّمائل) في اللغة، (هي في الأصل) أي:
أصل معنى الشمائل- لغة-: (الأخلاق) ؛ جمع: خلق- بسكون اللام وضمّها- (والطّبائع) جمع: طبيعة، وهي الخليقة والسجية التي جبل عليها الإنسان.
(قال) أي: المجد الفيروز آبادي (في) كتاب ( «القاموس) المحيط» شاهدا على ما قاله المصنف: (الشّمال) - بكسر الشين-: (الطّبع) والخلق، (والجمع شمائل. انتهى.) كلام «القاموس» . وقال الراغب: قيل للخليقة شمال لكونه مشتملا على الإنسان اشتمال الشمال على البدن. ومن سجعات «الأساس» : ليس من شمائلي وشمالي أن أعمل بشمالي.
(وقال) ؛ أي: ابن منظور (في) كتاب ( «لسان العرب» ) في مادة (شمل) شاهدا لما قاله المصنف: (مفردها) - أي: مفرد الشّمائل- (شمال- بكسر الشّين) المعجمة-: (قال جرير) بن عطيّة بن حذيفة الخطفى بن بدر الكلبي
..
وما لومي أخي من شماليا
وقال صخر أخو الخنساء:
اليربوعي؛ من تميم. أشعر أهل عصره.
ولد سنة: - 28- ثمان وعشرين، ومات سنة: - 110- مائة وعشر في اليمامة، وعاش عمره كلّه يناضل شعراء زمنه ويساجلهم، وكان هجّاء مرّا؛ فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل، وكان عفيفا، وهو من أغزل الناس شعرا، وقد جمعت نقائضه مع الفرزدق وطبعت في ثلاثة أجزاء. وديوان شعره مطبوع في جزأين. وأخباره مع الشعراء وغيرهم كثيرة جدّا، وكان يكنى ب «أبي حزرة» . انتهى.
وقد نسب هذا البيت في «شرح القاموس» لعبد يغوث بن وقّاص الحارثي؛ تبعا لابن برّي وغيره وهو:
ألم تعلما أنّ الملامة نفعها
…
قليل (وما لومي أخي من شماليا)
يجوز أن يكون واحدا؛ أي: من طبعي، وأن يكون جمعا؛ من باب «هجان «1» ودلاص» ؛ أي: يستوي فيه المذكّر والمؤنّث؛ والجمع والواحد، أو تقديره: من شمائلي فقلب.
(وقال صخر) بن عمرو بن الشرّيد السّلمي: قتل في الجاهلية؛ وهو (أخو الخنساء:) الصحابيّة الشاعرة، واسمها: تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد الرياحية السّلمية، من بني سليم من قيس عيلان؛ من مضر، أجمعوا على أنه لم تكن امرأة أشعر منها على الإطلاق من أهل نجد، عاشت أكثر عمرها في العهد الجاهلي، وأدركت الإسلام فأسلمت، ووفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها بني سليم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنشدها ويعجبه شعرها، فكانت تنشد؛ وهو يقول:«هيه يا خنساء» . أكثر شعرها وأجوده رثاؤها لأخويها صخر ومعاوية، وكانا قد قتلا في الجاهلية. لها ديوان شعر طبع فيه ما بقي محفوظا من شعرها.
روي أنها شهدت حرب القادسية سنة ستّ عشرة ومعها أربعة بنين لها؛ فلم تزل
(1) ورد في هامش (اللحجي) : هجان ككتاب: الخيار من كل شيء. ودلاص ككتاب أيضا: ملساء لينة. يستوي فيه الواحد والجمع.
أبا الشّتم إنّي قد أصابوا كريمتي
…
وأن ليس إهداء الخنا من شماليا
وقال آخر:
هم قومي وقد أنكرت منهم
…
شمائل بدّلوها من شمالي
تحضّهم على القتال وتذكر لهم الجنّة بكلام فصيح؛ فأبلوا يومئذ بلاء حسنا واستشهدوا. فكان عمر رضي الله تعالى عنه يعطيها أرزاقهم.
(أبا الشّتم) - في «شرح القاموس» : أبا الفخر- (إنّي قد أصابوا كريمتي) ؛ أي: فجعوني بها. وعنى بقوله «كريمتي» أخاه معاوية بن عمرو؛ إذ قتله الأعداء. يريد أنه حسيب، لأن من معاني الكريمة: الحسيب، يقال: هو كريمة قومه. قال الشاعر:
وأرى كريمك لا كريمة دونه
…
وأرى بلادك منقع الأجواد
وفي الحديث: «إذا أتاكم كريمة قوم فأكرموه» أي: كريم قوم.
(وأن) - مخفّفة من الثقيلة- واسمها: ضمير الشأن محذوف؛ أي: أنّه (ليس إهداء) - أي: إرسال- (الخنا) - بفتح الخاء المعجمة-: فاحش الكلام (من شماليا)، أي: من أخلاقي وطباعي.
(وقال) شاعر (آخر) - بفتح الخاء المعجمة- بمعنى مغاير. أمّا بكسر الخاء؛ فهو مقابل الأول. وقد نظم ذلك بعضهم فقال:
وآخر بكسر خاء معجمه
…
مقابل لأوّل فلتفهمه
وآخر بفتحها ما قابلا
…
للغير فاعلم وادع للّذي جلا
وسيأتي عزو هذا البيت ل (لبيد)، وهو قوله:(هم قومي وقد أنكرت منهم شمائل) كذا في «لسان العرب» ك «التهذيب» ، أي: أنكرت أخلاقهم. كما سيأتي للمصنف. وفي رواية: وهم أنكرن منّي شمائل (بدّلوها) - بضمّ أوّله؛ مبنيّا للمفعول؛ كما ضبطه في «التهذيب» على كلا الروايتين (من شمالي.
أي: أنكرت أخلاقهم) .
ثمّ قال في مادّتها أيضا: (والشّمال: خليقة الرّجل، وجمعها: شمائل. وإنّها لحسنة الشّمائل، ورجل كريم الشّمائل؛ أي: في أخلاقه ومخالطته) اهـ وقد استعمل علماء الحديث الشّمائل في أخلاقه الشّريفة صلى الله عليه وسلم على أصلها، وفي أوصاف صورته الظّاهرة أيضا
…
أي: أنكرت أخلاقهم) المقتبسة من أخلاقي. وهذا على الرواية التي في المصنف.
وعلى الرواية الأخرى معناه: أنّهم أنكروا مني أخلاقي المعروفة عندهم.
(ثمّ قال) ؛ أي: ابن منظور (في)«لسان العرب» في (مادّتها) - أي: مادّة شمل- (أيضا) بعد نحو ثلاث صفحات (والشّمال) - بالكسر- (خليفة الرّجل) ؛ أي: طبيعته وسجيّته (وجمعها: شمائل) . وقال لبيد:
هم قومي وهم أنكرن منّي
…
شمائل بدّلوها من شمالي
وقال الراغب: قيل للخليفة شمال!! لكونه مشتملا على الإنسان اشتمال الشمال على البدن. (وإنّها لحسنة الشّمائل، ورجل كريم الشّمائل؛ أي: في أخلاقه ومخالطته)، ويقال فلان مشمول الخلائق؛ أي: كريم الأخلاق، أخذ من الماء الذي هبّت به الشّمال فبرّدته. ورجل مشمول: مرضيّ الأخلاق، طيّبها. قال ابن سيده: أراه من الشّمول. (انتهى) أي: كلام ابن منظور في «لسان العرب» .
(وقد استعمل علماء الحديث الشّمائل) ؛ أي: لفظة «الشمائل» (في) معنييها الحقيقي والمجازي فجعلوها اسما ل (أخلاقه الشّريفة صلى الله عليه وسلم ؛ أي: صورته الباطنة (على أصلها) ؛ أي: أجروا هذه اللفظة على حقيقتها اللّغوية حيث استعملوها في صورته الباطنة؛ وهي نفسه وأوصافها ومعانيها الخاصّة بها، (و) استعملوها (في أوصاف صورته الظّاهرة) ؛ وهي نفسه وأوصافها ومعانيها (أيضا